الاحتياطي اللامع.. البنوك المركزية تتسلح بالذهب
تاريخ النشر: 18th, June 2025 GMT
في ظل اضطرابات اقتصادية عالمية متزايدة، واتساع نطاق التوترات الجيوسياسية، كشف مجلس الذهب العالمي عن تحوّل استراتيجي واضح في توجهات البنوك المركزية حول العالم، يتمثل في زيادة الاعتماد على الذهب كأصل احتياطي، مقابل تقليص الحيازات من الدولار الأمريكي.
ويعكس هذا التوجه المتصاعد إدراكًا متناميًا لدى صناع القرار المالي العالمي لأهمية الذهب كأداة تحوّط فعالة ضد المخاطر المالية، والتضخم، والتحولات السياسية والاقتصادية غير المتوقعة، خاصة في بيئة عالمية باتت أقل يقينًا.
بحسب أحدث استطلاع سنوي أصدره مجلس الذهب العالمي في يونيو 2025، وشمل بنوكًا مركزية من الاقتصادات المتقدمة والناشئة، فإن 95% من المشاركين يتوقعون تعزيز احتياطياتهم من الذهب خلال الـ12 شهرًا المقبلة، وهو أعلى مستوى يُسجل منذ بدء إصدار هذا الاستطلاع قبل ثماني سنوات.
وللمرة الأولى منذ جائحة كوفيد-19، عبّر 7% من البنوك المركزية عن نيتهم زيادة التخزين المحلي للذهب، وهو مؤشر آخر على تصاعد أهمية هذا الأصل في الاستراتيجيات المالية للدول.
وعلى المدى المتوسط، توقعت 76% من البنوك المركزية أن تواصل زيادة احتياطاتها من الذهب خلال السنوات الخمس المقبلة، مقارنة بنسبة 69% فقط في استطلاع 2024. في المقابل، أبدى ما يقرب من ثلاثة أرباع المشاركين نيتهم خفض احتياطياتهم من الدولار الأمريكي، وهو ارتفاع واضح عن نسبة 62% المُسجلة في العام الماضي.
ويؤشر هذا التحوّل إلى إعادة تشكيل في خارطة الثقة العالمية بالعملات الاحتياطية، وتراجع هيمنة الدولار تدريجيًا في ظل ما يعتبره البعض "عصر التعدد القطبي المالي".
دوافع القرار: الفائدة، التضخم، الجيوسياسةأكد 93% من المشاركين أن معدلات أسعار الفائدة تظل العامل الأهم في اتخاذ قرارات إدارة الاحتياطيات، لكن التضخم والتوترات الجيوسياسية باتا يتقدمان بسرعة ضمن قائمة المؤثرات.
• في الأسواق الناشئة، أبدى 84% قلقًا من التضخم، مقابل 67% فقط في الاقتصادات المتقدمة.
• كذلك، اعتبرت 81% من بنوك الأسواق الناشئة أن التوترات الجيوسياسية عنصر حاسم في قراراتها، مقابل 60% من البنوك المتقدمة.
• أما النزاعات التجارية والرسوم الجمركية، فقد رآها 59% من المشاركين عاملاً مؤثرًا، وتفاوتت النسبة بين الأسواق النامية (69%) والاقتصادات المتقدمة (40%).
وأشار التقرير إلى أن البنوك المركزية حول العالم ضاعفت من مشترياتها السنوية للذهب، حيث تجاوزت حاجز 1000 طن متري سنويًا خلال السنوات الثلاث الماضية، مقارنة بمتوسط يتراوح بين 400 و500 طن فقط خلال العقد السابق، وهذا يعكس إدراكًا متزايدًا لضرورة تنويع الأصول الاحتياطية والتحوط من اضطرابات السوق.
مصر في قلب المشهد: نمو كبير في احتياطي الذهبضمن هذا السياق العالمي، سطعت مصر كمثال بارز على تطبيق هذه الاستراتيجية، فقد شهد رصيد الذهب المدرج ضمن الاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي المصري نموًا ملحوظًا خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025.
• ارتفع الرصيد بمقدار 3.04 مليارات دولار، مسجلًا نسبة نمو بلغت 28.5%، ليصل إلى 13.679 مليار دولار بنهاية مايو 2025، مقارنة بـ10.644 مليار دولار في نهاية ديسمبر 2024.
• وعلى أساس شهري، زاد الاحتياطي بنحو 50 مليون دولار خلال مايو، مقارنة بالشهر السابق.
وأظهرت بيانات البنك المركزي أن احتياطي الذهب:
• ارتفع خلال الربع الأول من 2025 بنحو 1.96 مليار دولار (نمو بنسبة 18.4%).
• وصل في فبراير إلى 11.851 مليار دولار، بزيادة 755 مليون دولار عن يناير.
• بينما ارتفع في يناير 772 مليون دولار مقارنة بنهاية 2024.
واللافت أن رصيد الذهب المصري كان قد حقق قفزة بنسبة 26.11% خلال عام 2024، مرتفعًا من 8.440 مليارات دولار في ديسمبر 2023 إلى 10.644 مليارات دولار بنهاية العام نفسه، ما يعكس التزامًا استراتيجيًا طويل الأمد لدى القاهرة بتعزيز استقرارها النقدي.
ما وراء الذهبتُظهر هذه الأرقام والتحليلات أن الذهب بات يتجاوز كونه مجرد ملاذ تقليدي، ليُصبح محورًا رئيسيًا في هندسة السياسات النقدية العالمية، خاصة مع تزايد هشاشة النظام المالي العالمي.
فالتحول من الدولار إلى الذهب في البنوك المركزية لا يُعبّر فقط عن تغيّر في التفضيلات الاستثمارية، بل عن تحوّل جيواقتصادي شامل يُعيد صياغة مفاهيم الأمان المالي، ويفتح الباب أمام نظام احتياطي عالمي متعدد الأقطاب.
ومع استمرار النزاعات التجارية، واضطراب الأسواق، وارتفاع الديون، يبدو أن العصر القادم سيكون ذهبياً بمعناه الحرفي.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الذهب الدهب أسعار الذهب البنوك المركزية البنك المركزي المصري سعر الذهب اليوم البنوک المرکزیة ملیار دولار
إقرأ أيضاً:
شروط بيع الذهب بالتقسيط عبر البنوك.. الإفتاء تكشف عنها
أفتت دار الإفتاء المصرية بجواز بيع الذهب المصوغ بالتقسيط للعاملين في القطاع العام وأصحاب المعاشات، سواء من خلال الشركة مباشرة أو بالتعاون مع محلات صاغة أخرى، بشرط أن يتم البيع عبر التمويل النقدي الفوري المقدم من أحد البنوك، على أن يقوم العميل بسداد الأقساط للبنك لاحقًا.
وأوضحت الإفتاء، عبر موقعها الرسمي، أن هذا النوع من المعاملات لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية، طالما أن الذهب المصوغ لم يعد يُعامل كعملة نقدية، بل كسلعة تخضع لقيمة الصنعة، مما يخرجه من نطاق الربا الممنوع شرعًا عند بيع الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة نسيئة أو بتفاضل.
واستدلت الإفتاء بقول النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن بيع الذهب بالذهب متفاضلًا أو مؤجلًا، لكنها أكدت أن هذا الحكم متعلق بالنقد الخام، وليس المصوغ، حيث تنتفي فيه علة النقدية، ويصبح كأي سلعة من السلع التي تُباع وتُشترى، ما دامت الصياغة فيها ليست محرمة، كالمشغولات الخاصة بالرجال التي لا يجوز لهم شرعًا لبسها.
وشددت الفتوى على أن دخول البنك كوسيط في هذه الحالة، بحيث يدفع الثمن نقدًا للبائع، ثم يسترده بالتقسيط من المشتري مع زيادة مشروعة، لا يدخل في باب الربا، لأن السلعة فصلت بين النقدين، وهي قاعدة فقهية مقررة في باب المعاملات.
هل الزيادة في بيع سلعة بالتقسيط ربا؟
أجاب الدكتور علي فخر، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، عن سؤال يقول سائله "أمتلك محلا لبيع الملابس، ويقوم ببيع البضائع بالتقسيط مع إضافة مبلغ بسيط على السعر الأصلي، فهل هذه الزيادة تعد ربا؟ أم أنها ربح مشروع؟".
وأكد أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الأحد، أن البيع بالتقسيط مع زيادة في السعر لا يعد ربا شرعا، موضحا أن هذه الزيادة تعتبر جزءا من الثمن وليس زيادة ربوية.
وأضاف أمين الفتوى في دار الإفتاء "إذا كان سعر القطعة نقدا 100 جنيه، وسعرها بالتقسيط 120 جنيها، فهذا جائز شرعا ولا حرج فيه، ما دام السعر متفقا عليه من البداية بين البائع والمشتري".
وشدد أمين الفتوى في دار الإفتاء، على أن هذه الزيادة هي فرق في الثمن مقابل الأجل، وهي معروفة ومشروعة في الفقه الإسلامي، ولا علاقة لها بالربا، لأنه لم يكن هناك بيع نقدي ثم طلب زيادة لاحقة على الثمن، وإنما هو تحديد لسعر البيع وفق طريقة السداد منذ البداية.
وتابع أمين الفتوى في دار الإفتاء "هذا يعد من أرباح التجارة المشروعة، وليس من الربا، ما دام الأمر واضحا ومتفقا عليه، ولا يشترط أن تكون السلعة بنفس السعر نقدا وتقسيطا".