في ظل التوترات المتصاعدة في المنطقة، تتجه الأنظار نحو الولايات المتحدة الأميركية وترقب قراراتها بشأن احتمال تنفيذ ضربات عسكرية دقيقة تستهدف منشآت نووية إيرانية. وبينما تقف إسرائيل عاجزة عن التعامل مع بعض هذه المنشآت بسبب تحصينها العميق، يرى محللون أن واشنطن قد تتخذ خطوة حاسمة قريبًا، بانتظار ما ستسفر عنه تقارير الاستخبارات المقدمة لمجلس الأمن القومي الأميركي.

اجتماع أمني حاسم في واشنطن

الدكتور محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، أكد أن الولايات المتحدة حسمت موقفها بشكل مبدئي، وهي تترقب نتائج إفادة استخبارية تُعرض اليوم على المجلس الأعلى للأمن القومي، لبحث مدى إمكانية توجيه ضربات عسكرية مباشرة لمفاعلات نووية إيرانية محصنة، يصعب على إسرائيل وحدها التعامل معها.

مفاعل “فوردو”.. التحدي الأكبر

من بين هذه المواقع المستهدفة، يأتي مفاعل "فوردو" النووي في طليعة الاهتمام، كونه مبنيًا أسفل جبل صخري على عمق يقدَّر بنحو 80 إلى 90 مترًا تحت الأرض، بينما يصل ارتفاع الجبل إلى 90 مترًا فوق السطح. هذا التحصين الطبيعي يجعل من قصف المفاعل مهمة شبه مستحيلة بالنسبة لإسرائيل، التي لا تمتلك لا الطائرات القادرة على حمل القنابل اللازمة لاختراق هذا العمق، ولا القنابل نفسها، مثل قنبلة GBU-57 الخارقة للتحصينات.

الخيار البديل.. إنزال جوي للقوات الخاصة

في ضوء هذه التحديات، يشير أبو النور إلى أن الولايات المتحدة قد تلجأ إلى خيار العمليات الخاصة، عبر إنزال جوي لوحدات كوماندوز قرب هذه المنشآت، بهدف اختراقها من الداخل وتعطيلها من خلال زرع أو إلقاء متفجرات دقيقة. هذا السيناريو، وإن بدا صعب التنفيذ، إلا أنه لا يزال مطروحًا ضمن الخيارات الأميركية، خاصةً إذا تم تحييد الدفاعات الجوية الإيرانية، كما يعتقد أن إسرائيل بدأت بالفعل في تنفيذ هذا الجزء من الخطة.

 

الدكتور/ محمد محسن أبو النورالضربات السطحية لا تكفي

يرى أبو النور أن الضربات التي وجهتها إسرائيل مؤخرًا استهدفت منشآت مثل "خنداب" (مفاعل آراك لإنتاج الماء الثقيل)، ومواقع في "أصفهان" و"نطنز"، لكنها اقتصرت على البنى التحتية السطحية. أما عمليات تخصيب اليورانيوم الفعلية، فهي تُجرى على أعماق كبيرة، تصل وفقًا لتصريحات رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلى نحو 800 متر تحت سطح الأرض في منشأة نطنز، ما يجعل من الاستهداف المباشر أمرًا بالغ التعقيد من الناحية الفنية.

مهمة أميركية بحتة... ولكن ليست مستحيلة

ويختم أبو النور تحليله بالإشارة إلى أن المهمة في حال تقررت، ستكون مهمة أميركية بحتة، بسبب الإمكانيات العسكرية الفريدة التي تمتلكها واشنطن. وبينما تظل خيارات الطائرات القاذفة والقنابل الخارقة قائمة، فإن احتمالات الإنزال الجوي ما زالت مطروحة رغم صعوبتها، مما يعني أن أي تحرك عسكري أميركي سيكون محكومًا بتقدير دقيق للمخاطر والفرص، ولكن هذه المرة، قد تكون الضربة مختلفة وأكثر فاعلية.

العالم على حافة قرارات كبرى

بينما يراقب العالم بصمت ما سيصدر عن واشنطن، يبقى الأمل في تجنّب التصعيد العسكري، مع إدراك أن أي خطأ في الحسابات قد يشعل المنطقة بأسرها. السيناريوهات العسكرية باتت واضحة، ولكن ما يزال القرار السياسي في انتظار لحظة الحسم.

طباعة شارك مجلس الأمن مفاعلات إنزال جوي أميركية

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مجلس الأمن مفاعلات إنزال جوي أميركية أبو النور

إقرأ أيضاً:

أمريكا فقط مع إسرائيل

قلما يتدخل سفراء الدول في الشؤون السياسية للدول المضيفة، وغالباً ما يلتزمون بمهمتهم وهي تحسين العلاقة بين بلدهم والبلد المضيف، وغالباً ما يتحدث السفراء، ان اضطروا للحديث مع الإعلام والصحافة، بما يسمى باللغة الدبلوماسية، أي اللغة التي فيها الكثير من المجاملة والتورية وعدم الإفصاح، وغالباً ما يتجنبون ذلك أصلاً، لدرجة أن بعض السفراء يمكثون في مناصبهم سنينَ طويلة، ومع ذلك لا احد يسمع بأسمائهم او يرى صورة لهم هنا أو هناك.

مع ذلك وفي ظل ظروف خاصة، وربما في «دولة» ليست ككل الدول، في كل شيء، نقصد إسرائيل بالطبع، نجد سفراء بعض الدول، ينخرطون في حديث السياسة المحيطة بإسرائيل، كما لو كانوا وزراء خارجية او حتى رؤساء دول، تتباين مواقفهم بين الدفاع عن سياسة بلادهم تجاه اسرائيل، وما بين الدفاع عن سياسة اسرائيل نفسها، كما لو كانوا اسرائيليين، بل كما لو كانوا اسرائيليين يديرون شؤون سفارة دولتهم في تل أبيب أو القدس.

ويبدو أن حرب الابادة الإسرائيلية كانت ضرورية من زاوية ما لكشف عمق التطرف والوحشية التي يتمتع بها كثير من الاسرائيليين، ممن وصلوا لمواقع المسؤولية الرسمية، بحيث صاروا وزراء ونواباً في الكنيست الخامس والعشرين الحالي، فمنهم من دعا علانية لاستخدام قنبلة يوم القيامة، أي القنبلة النووية التي تمتلكها اسرائيل دون شك، ومنهم من دعا ومارس قطع الدواء والغذاء والهواء عن مليوني مواطن، ومنهم من دافع عن حرق القرى الفلسطينية، ومن دعا الى التهجير القسري، وباختصار معظم وزراء ونواب الائتلاف الحاكم الحالي متورطون في حرب الإبادة الإسرائيلية، التي لم تعد بما تتضمنه من جرائم حرب صريحة ومكتملة الأركان، خافية على أحد، حتى بات يعترف بذلك الكثير من الاسرائيليين انفسهم، ولا ندري بالطبع، ان كانت هذه الحرب هي التي تسببت في كشف ما كان مستوراً من توحش رسمي اسرائيلي، أو ان ذلك التوحش الذي كان مختبئاً خلف رداء التطرف اليميني هو الذي تسبب بالحرب.

أياً يكن، فإن حرب الإبادة الإسرائيلية، باتت بعد عامين تقريباً من مواصلتها، موضع خلاف ليس بين إسرائيل وفلسطين، ولكن بين إسرائيل ومعظم العالم، دولاً وشعوباً، ومن بين هؤلاء من كانوا حتى وقت قريب أصدقاء وحلفاء إسرائيل، بل ان دول غرب أوروبا، التي أقامت دولة إسرائيل قبل ان تتولى أميركا من ضمن ما تولته من قيادة شؤون الغرب الإمبريالي، حماية ورعاية دولة إسرائيل، تلك الدولة التي أنشأتها بريطانيا العظمى، أولاً بقرار وعد بلفور، ثم برعاية الهجرة اليهودية الى فلسطين، ومساعدة أولئك المهاجرين بعد ان وصلوا «أرض الميعاد» على تشكيل المجموعات المسلحة التي سيطرت على ثلاثة ارباع فلسطين عام 48، ومن ثم شكلت الجيش الاسرائيلي، أي ان بريطانيا تولت رعاية مشروع اقامة «دولة اسرائيل» طوال ثلاثة عقود ما بين عامي 1917_1948.

أما فرنسا فإنها كانت من اهم واكثر الدول التي ساعدت إسرائيل عسكريا بعد ذلك، ولم تكن فقط شريك اسرائيل وبريطانيا في العدوان الثلاثي على مصر وغزة عام 1956 وحسب، بل أنها هي التي ساعدت اسرائيل على إنشاء مُفاعل ديمونة وعلى امتلاك القنابل النووية، قبل ان تدخل أميركا على الخط الإسرائيلي، بل ودون علم واشنطن في ستينيات القرن الماضي، وكان سلاح الجو الاسرائيلي الذي تفوّق في حرب عام 1967، وجلب لها الانتصار، في معظمه مستوردا من فرنسا.

وكانت اسرائيل تمتلك في تلك الحرب مائتي طائرة فقط، كانت معظمها ميراج وميستير واوراغان الفرنسية الصنع، كما ان في فرنسا ثالث اكبر تجمع يهودي في العالم بعد يهود اميركا ويهود اسرائيل، يقترب من نصف مليون يهودي يكنّون تأييداً طبيعياً لإسرائيل، وهم مواطنون فرنسيون بالطبع.

وقد ظهر جلياً خلال الأيام الأخيرة، تزايد الفجوة بين الموقف الإسرائيلي ومواقف دول الغرب الأوروبي، ومن بين هذا الغرب دولتا فرنسا وبريطانيا، وفي حقيقة الأمر، لم يكن التحول في موقف بريطانيا وفرنسا فجائياً، أو أنه تأثر بمصلحة هنا أو هناك، بل انبعث كدافع أحلاقي، بعد ان تأكد لكل أعمى وبصير في العالم، بأن اسرائيل بحكومتها الفاشية الحالية، مصرّة على مواصلة حرب الابادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني، كما لم تفعل اية دولة من قبل، حيث تمارس اسرائيل فعل القتل الجماعي العشوائي المباشر للمدنيين بمن فيهم الصحافيون والأطباء والمسعفون، وبأغلبيتهم من الأطفال والنساء، حتى آخر فصل من فصول الجريمة الوحشية بتجويع البشر في غزة، كما يظهر لكل العالم، اي بإصرار على قتل كل الناس، وتدمير كل مظاهر الحياة.

وفي تعبير المسؤولين الدوليين عن غضبهم مما تمارسه اسرائيل من توحش متواصل منذ عامين، ودون اهتمام بكل ما صدر عن القضاء الدولي وعن المنظمات الدولية من قرارات ومواقف، رد المسؤولون الاسرائيليون بكل صفاقة، ومن يستعرض تصريحات المسؤولين الإسرائيليين قد يصدم او على الأقل يتفاجأ من درجة ومستوى الصفاقة التي يتمتع بها هؤلاء، لكن المفاجأة تتبدد بالطبع، حين نستذكر المثل الذي يقول «ليس بعد الكفر ذنب»، وما دام هؤلاء يمارسون الابادة الجماعية وجرائم الحرب، فإنه من الطبيعي جداً بالنسبة لهم ان يكونوا وقحين لا يحترمون احداً.

الغريب ان حرب الابادة الاسرائيلية، لم تجعل من كل فلسطين فقط هدفاً لها، ولا من كل الفلسطينيين عدواً مستهدفاً بالقتل والتهجير والقهر والتجويع، لكنها جعلت من كل العالم تقريباً عدواً للحكومة الإسرائيلية، حتى لا نقول عدواً لإسرائيل، وكل من رفع الصوت ضد هذه الحرب الإجرامية صار معادياً للسامية، وهنا ندلل على اكثر من موقف لجلعاد أردان تجاه أمين عام الأمم المتحدة انطونيو غوتيرس، ومسؤولي ومنظمات المنظمة الدولية، بما فيها الأونروا بالطبع، الذين وصفهم بمعاداة السامية، وطالب بإقالتهم، كذلك لو ألمحنا فقط الى ما قاله الوزير الفاشي ايتمار بن غفير ضد بريطانيا، حين رد على وزير خارجيتها الذي طالب بوقف الحرب قبل فترة، بأن عهد الانتداب قد انتهى، والأكثر وقاحةً كان ما قاله أكثر من مسؤول اسرائيلي بمن فيهم وزير الخارجية جدعون ساعر، بحق الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، خاصةً بعد ان اعلن خلال رئاسة فرنسا مع السعودية للمؤتمر الأممي في نيويورك حول فلسطين، عن نيته الاعتراف بدولة فلسطين بمناسبة انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول القادم.

ورغم كل الوقاحة وانعدام الدبلوماسية الإسرائيلية، أكد السفير الفرنسي في إسرائيل فريدريك جون لإذاعة «كان» العبرية على الصداقة الفرنسية الإسرائيلية حتى وهي تعترف بدولة فلسطين، لأن في ذلك مصلحة إسرائيل، وكصديق لإسرائيل قال بأن افضل الخيارات لها هو السلام، ونصحها بعدم التورط في احتلال قطاع غزة، وكان صريحاً بإعلانه انه ضد حرب إسرائيلية لا نهاية لها، وكان واضحاً وهو يميز بين إسرائيل الدولة التي أقامها الغرب الأوروبي، وبين حكومة اليمين الفاشي الحالية، التي تقود إسرائيل لإقامة إسرائيل الكبرى والسيطرة على الشرق الأوسط.

على النقيض من السفير الفرنسي كان السفير الأميركي، والحقيقة ان اميركا _ترامب وحدها ما زالت تقف مع مجرمي الحرب الاسرائيليين دوناً عن العالم كله، وبعد خروج الغرب الأوروبي، بما في ذلك المانيا وكندا بعد فرنسا وبريطانيا واسبانيا، فستيف ويتكوف يتفاوض مع نتنياهو فقط، وليس وسيطاً أبداً، بل انكر وجود مجاعة في غزة، أما ترامب نفسه فإنه ما زال يمارس الكذب بإطلاقه عبارات «إنسانية» عن «الجوع في غزة»، ويكذب حين يقول بتقديم أميركا لملايين الدولارات لمؤسسة غزة الإنسانية المريبة، بل هو نفسه ما زال يقول بالتهجير، وبوضع اليد على وطن الفلسطينيين في غزة، ولم يكن الإمر ينقص إلا رئيس مجلس النواب الجمهوري ليزور المستوطنات التي تعتبر الذروة الاحتلالية ودليل الخروج على القانون الدولي، حتى دون ان يلجأ ارهابيوها الى كل هذا القتل والتدمير وحرق البيوت والسيارات وتخريب المزروعات، ولكن إيضا ليطلع على «خرائط الضم» الإجرامية.
أما السفير الأميركي في إسرائيل فيواصل الاصطفاف لجانب بن غفير وسموتريتش، كما لو كان مستوطناً، وليس دبلوماسياً، وآخر ما نطق به متهكماً على ماكرون، بوصفه الدولة الفلسطينية بالوهمية، كان تسميته إياها فرانس أون ستاين، وكان من قبل قد طالب الدول الإسلامية بتقديم جزء من أراضيها لإقامة الدولة الفلسطينية.

الأيام الفلسطينية

مقالات مشابهة

  • أمريكا فقط مع إسرائيل
  • الحرب التجارية بين أمريكا والصين عقيمة
  • الذهب يستفيد من تصاعد التوتر التجاري بين أمريكا والهند والأونصة تقترب من 3400 دولار
  • خبير اقتصادي: ضربة أمريكية قاصمة لقطاع الطاقة العراقي
  • في مواجهة محتملة .. ترامب يهدد بضربة عسكرية جديدة لإيران حال مواصلة برنامجها النووي
  • عراقجي يوضح موقف طهران من المفاوضات مع واشنطن
  • احتياطي النقد الأجنبي يسجل أعلى مستوى منذ سنوات| ومصر تطمئن المستثمرين.. خبير يوضح
  • أكثر من 11 ألف ضحية للكراهية في 2024.. من يحمي الفئات المستهدفة في أمريكا؟
  • لطلاب الثانوية.. خبير تربوي يوضح معايير اختيار الكلية
  • أمريكا التي عرفناها.. تنسرب من أيدينا