شح السيولة في سوريا.. طوابير لا نهاية لها لاستلام رواتب زهيدة
تاريخ النشر: 20th, June 2025 GMT
تعاني سوريا من أزمة شح سيولة حادة تفاقم معاناة المواطنين، حيث يواجه الموظفون صعوبات في استلام رواتبهم بسبب نقص النقد وتعطل الصرافات، فيما يلجأ كثيرون للسوق السوداء لتحويل الأموال بديلاً عن القنوات الرسمية المُقيّدة والمشددة. اعلان
في ظل انهيار اقتصادي مستمر منذ سنوات، تتجلى واحدة من أكثر الأزمات إيلاءً للانتباه في سوريا خلال الآونة الأخيرة: شح السيولة النقدية .
وتشير البيانات المتاحة إلى أن السوق السورية تحتاج يومياً إلى ما يقارب 120 مليار ليرة سورية لتلبية متطلبات التداول، بينما يتم ضخ أقل من عشرة مليارات ليرة فقط. هذا الفارق الكبير يعكس حجم الانهيار الذي تعاني منه الشبكة المالية في البلاد.
يعزو خبراء أسباب الأزمة إلى عوامل متعددة، من بينها انخفاض الكمية اليومية من العملة المتداولة، وتوقف الطباعة داخل البلاد، والاعتماد على استيراد الأوراق النقدية المطبوعة من الخارج وتحديداً روسيا الداعم الأبرز للنظام السوري السابق، وهو ما حدّ من الكميات المتوفرة.
معاناة يوميةلم تعد مشاهد الطوابير أمام الصرافات الآلية أو فروع المصارف الحكومية مجرد حالات استثنائية، بل أصبحت واقعاً يومياً يعيشه الموظفون الحكوميون منذ سقوط النظام، الذين يمثلون نحو مليون و250 ألف شخص وفقاً للتقديرات الرسمية.
ويقول جمال، موظف حكومي من دمشق ليورونيوز: "نصل صباح الباكر ونقف ساعات طويلة، وفي كثير من الأحيان لا نستطيع سحب أي مبلغ بسبب نفاد السيولة وسقف السحب لا يتجاوز 200 ألف. بعضنا يأخذ إجازة ليوم كامل فقط لمحاولة استلام جزء من راتبه".
ولا تقتصر الأزمة على الموظفين فحسب، بل تشمل أيضاً المتقاعدين وأصحاب المعاشات والمستفيدين من المساعدات الاجتماعية، في بلد يعيش 90% من سكانه تحت خط الفقر وفقاً للأمم المتحدة.
الاعتماد على السوق السوداءفي ظل غياب نظام SWIFT العالمي عن الشبكة المصرفية السورية منذ سنوات، وتشديد إجراءات تحويل الأموال عبر القنوات الرسمية، لجأ العديد من المواطنين إلى السوق السوداء كوسيلة رئيسية لاستقبال أو إرسال التحويلات المالية من وإلى الخارج.
وبحسب مصادر مصرفية وشهادات لمواطنين، فإن شركات الصرافة والتحويل المالي المرخصة داخل سوريا لا تتعامل بالعملات الأجنبية بشكل مباشر، بل تُحوّل الأموال إلى الليرة السورية بمعدل سعر يقل عن السعر الرسمي المعلن من قبل مصرف سوريا المركزي. هذا الفارق يمثل خسارة مباشرة للمواطن، خاصةً عند وجود حاجة ملحّة للحصول على العملة الصعبة.
Relatedسوريا تجري أول عملية تحويل مصرفي دولي عبر نظام سويفت منذ اندلاع الحرب الأهليةسوريا.. هل يتبخّر حلم انتعاش السياحة أمام الفوضى الأمنية والقيود على الحريات؟سوريا.. تجارة وصناعة الكبتاغون مستمرة رغم سقوط النظامإضافة إلى ذلك، فرضت المصارف وشركات الصرافة قيودًا صارمة على التحويلات الكبيرة، حيث يُطلب من الشخص تقديم توضيحات مفصلة عن مصدر الأموال وسبب التحويل، وهو ما يجعل الكثيرين يشعرون بأنهم مُعرَّضون للمراجعة الأمنية أو القضائية، مما يدفعهم للتوجه إلى القنوات غير الرسمية.
ويوضح أحد المواطنين، الذي طلب عدم ذكر اسمه، قائلاً: "كلما كان المبلغ كبيراً، بدأت الأسئلة تتزايد، وأشعر أنني أخضع لتحقيق لمجرد أنني استلمت تحويلاً من خارج البلد. لذلك، أصبحت أرسل الأموال عبر السوق السوداء، لأنني أستلمها بالليرة السورية وبسعر قريب من السعر الحقيقي، أو حتى بالدولار إن أردت، دون أي أسئلة".
ويرى خبراء اقتصاد أن هذا الواقع يعكس ضعف الثقة في النظام المصرفي الرسمي، ويؤدي إلى توسيع نفوذ السوق الموازية، التي تتحكم في تحديد أسعار الصرف بعيداً عن أي رقابة أو تنظيم.
أول عملية تحويل سويفتوكان محافظ مصرف سوريا المركزي، عبد القادر حصرية، قد أعلن الخميس أن سوريا قد نجحت هذا الأسبوع في تنفيذ أول تحويل مصرفي دولي عبر نظام "سويفت" للمدفوعات المالية الدولية منذ اندلاع الحرب الأهلية التي عصفت بالبلاد قبل 14 عاماً. ويُعد هذا الإنجاز علامة فارقة في جهود سوريا لإعادة الاندماج في النظام المالي العالمي.
وأوضح حصرية في تصريحات لوكالة "رويترز" من دمشق أن المعاملة تمثلت في تحويل تجاري مباشر من بنك سوري إلى بنك إيطالي يوم الأحد الماضي، مشيراً إلى أن "الباب أصبح الآن مفتوحاً لإجراء المزيد من هذه المعاملات".
ولم يوضح حصرية اسم البنك السوري الذي قام بالتحويل التجاري إلى البنك الإيطالي الذي لم يُعلن عنه أيضا.
آثار اقتصادية واجتماعيةالآثار السلبية لأزمة شح السيولة لا تقتصر على الجانب النقدي فحسب، بل تمتد لتطال الاقتصاد الوطني ككل. فقد أدت حالة العجز في السيولة إلى تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، وتعطيل نشاطات تجارية وصناعية، وزيادة الاعتماد على السوق السوداء، حيث يستغل التجار ندرة العملة لتحقيق مكاسب مالية سريعة.
وأوضح أحد الاقتصاديين السوريين ليورونيوز، أن "نقص السيولة يُشبه جفاف الدم في الجسم. كلما قلت الكمية المتداولة، زادت صعوبة الحركة الاقتصادية، وزادت معدلات الفقر والبطالة. إن السياسة النقدية الحالية ليست موجهة لدعم المواطن، بل هي سياسة تُضعف الاقتصاد بدلاً من إصلاحه".
محاولات الحل: تحديد مواعيد الرواتب وطباعة جديدةفي محاولة لمعالجة الأزمة، أصدرت وزارة المالية تعميمًا يحدد فترة صرف الرواتب بين 23 و28 من كل شهر، بهدف تجنب التكدس والازدحام، وفق تصريحات وزير المالية محمد يسر برنية، الذي أكد أن الوزارة تعمل بالتنسيق مع القطاع المصرفي على تجاوز التحديات المتعلقة بتوزيع السيولة.
على الصعيد النقدي، تم استيراد شحنات محدودة من العملة الجديدة من روسيا، لكن الكميات لا تزال بعيدة عن الحاجة الفعلية للسوق.
وقالت موظفة في أحد البنوك الخاصة في دمشق: "المصرف المركزي وضع سقفاً يومياً لسحب العملة، وهو 200 ألف ليرة، يمكن رفعه إذا توفرت السيولة. المشكلة أن الكمية التي تصلنا محدودة جداً ولا تكفي حاجة الزبائن".
الحلول الممكنةيشير الخبراء إلى أن الحلول المطلوبة تتعدى مجرد إعادة تنظيم مواعيد الصرف، فهي تحتاج إلى سياسة نقدية واضحة توازن بين ضرورة دعم الاقتصاد وتوفير السيولة اللازمة للمواطنين، وبين الحد من التضخم والحفاظ على استقرار العملة.
ويجمع الكثير من الاقتصاديين على أنه من "الضروري زيادة كميات الليرة المتداولة بطريقة مدروسة، دون الإخلال بالتوازنات الكلية، مع السعي الجاد لتطوير البنية التحتية الرقمية وتشجيع التعاملات غير النقدية".
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: إسرائيل النزاع الإيراني الإسرائيلي إيران البرنامج الايراني النووي دونالد ترامب الحرس الثوري الإيراني إسرائيل النزاع الإيراني الإسرائيلي إيران البرنامج الايراني النووي دونالد ترامب الحرس الثوري الإيراني سوريا غسيل أموال السرية المصرفية إسرائيل النزاع الإيراني الإسرائيلي إيران البرنامج الايراني النووي دونالد ترامب الحرس الثوري الإيراني هجمات عسكرية تلفزيون باكستان روسيا الاتحاد الأوروبي هجوم السوق السوداء
إقرأ أيضاً:
بداية من اليوم.. صرف رواتب يونيو وزيادة مفاجئة في المرتبات| اعرف هتزيد كام؟
شهدت محركات البحث ارتفاعا كبيرا في معدلات البحث حول موعد صرف مرتبات شهر يونيو 2025 للموظفين والعاملين في الدولة والهيئات الحكومية، وذلك بعد إعلان وزارة المالية عن تبكير مواعيد الصرف رسميا، والذي يبدأ اليوم الأربعاء 18 يونيو 2025.
كما تصاعدت التساؤلات حول موعد تطبيق الزيادات الجديدة في المرتبات.
بدء صرف مرتبات يونيو 2025أعلنت وزارة المالية، على لسان الوزير أحمد كجوك، أن صرف مرتبات شهر يونيو 2025 بدأ رسميا اليوم، وسيتم إتاحتها للعاملين بالدولة من خلال ماكينات الصراف الآلي (ATM) وفقا للمواعيد المعلنة مسبقا في المنظومة المالية الإلكترونية.
الحد الأدنى للأجور ومرتبات شهر يونيو 2025حددت وزارة المالية قيمة الحد الأدنى للأجور للعاملين بالجهاز الإداري للدولة حسب الدرجات الوظيفية، والتي سيتم تطبيقها خلال شهر يونيو الجاري، كما يلي:
الدرجة الممتازة: 12.200 جنيه
الدرجة العالية: 10.200 جنيه
درجة مدير عام: 9.200 جنيه
الدرجة الأولى: 8.200 جنيه
الدرجة الثانية: 8.000 جنيه
الدرجة الثالثة: 7.500 جنيه
الدرجة الرابعة: 7.000 جنيه
الدرجة الخامسة: 6.500 جنيه
الدرجة السادسة: 6.000 جنيه
وتستمر هذه القيم حتى نهاية شهر يونيو 2025، على أن يتم تعديلها اعتبارا من مرتبات يوليو 2025 ضمن الحزمة الجديدة للزيادات.
أماكن صرف مرتبات يونيو 2025كما يمكن للموظفين والعاملين بالدولة صرف المرتبات من خلال عدد من القنوات الرسمية:
- فروع البنوك المختلفة على مستوى الجمهورية
- مكاتب البريد المصري
- ماكينات الصراف الآلي (ATM) التابعة للبنوك والمكاتب الحكومية
متى تطبق الزيادات الجديدة؟أوضح وزير المالية، أحمد كجوك، أن الزيادات الجديدة في الأجور ستدخل حيز التنفيذ بداية من شهر يوليو 2025، وتشمل:
- زيادة بحد أدنى 1100 جنيه شهريا في إجمالي الأجر للدرجة الوظيفية الأدنى
- رفع الحد الأدنى للأجور إلى 7000 جنيه شهريا
- صرف علاوة دورية 10% للمخاطبين بقانون الخدمة المدنية
- صرف علاوة خاصة 15% لغير المخاطبين، بحد أدنى 150 جنيها
تفاصيل الحافز الإضافي وزيادة الأجورأكد الوزير أيضا على وجود حافز إضافي مقطوع تتراوح قيمته بين 600 و700 جنيه شهريا لجميع العاملين.
كما تم تخصيص:
- 679.1 مليار جنيه لمخصصات الأجور بالموازنة الجديدة
- معدل نمو في بند الأجور بنسبة 18.1% سنويا
- مخصصات مالية لتعيينات جديدة في قطاعي الصحة والتعليم لتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين
موعد صرف مرتبات يوليو 2025تتضمن الخطة أيضا:
- زيادة المعاشات بنسبة 15% اعتبارا من يوليو 2025
- صرف مرتبات يوليو 2025 سيبدأ يوم 23 يوليو المقبل، شاملا تطبيق الزيادات الجديدة.
والجدير بالذكر، أن تأتي هذه الإجراءات ضمن خطة الدولة لتحسين مستويات الدخل والمعيشة، وتخفيف الأعباء الاقتصادية عن كاهل المواطنين، في ظل التحديات الراهنة.
وتشمل الحزمة رفع الحد الأدنى للأجور لجميع العاملين إلى 7000 جنيه، وزيادة المعاشات بنسبة 15%، وتوفير حوافز مالية إضافية لمساندة الموظفين في مواجهة متطلبات الحياة اليومية.