كيف سيكون موقف موسكو إذا حدث صدام أميركي إيراني مباشر؟
تاريخ النشر: 20th, June 2025 GMT
موسكو- أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده تحافظ على علاقات شراكة مع إيران وتقدم لها الدعم في ظل التصعيد الأخير للصراع مع إسرائيل، ولكن ليس عسكريا.
وأضاف، خلال اجتماع مع ممثلي وكالات أنباء دولية، أن "أصدقاءنا الإيرانيين لا يطلبون منا المساعدة العسكرية"، لكن من دون أن يكشف عن تفاصيل التفاعل الحالي بين البلدين، مكتفيا بالقول إنه لم يتلقَّ أي طلبات ذات صلة من الجانب الإيراني.
وردا على سؤال صحفي بأن طهران تستخدم أنظمة دفاع جوي روسية، أوضح بوتين أنها عمليات تسليم منفصلة وليست إنشاءً لمنظومة دفاع جوي، كاشفا عن أن موسكو عرضت على طهران العمل على تطوير نظام الدفاع الجوي، إلا أنها لم تُبدِ أي اهتمام آنذاك.
علاقات شراكةفي السياق ذاته، أوضح المتحدث الصحفي باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أن روسيا تحافظ على علاقات شراكة مع إيران، موضحا أن "المعاهدة المبرمة مع طهران لا تتضمن أي بند بخصوص التعاون العسكري المتبادل في مثل هذه الحالات. ولكن بشكل عام، الدعم من موسكو واضح".
ولكن في تصريح منفصل، قال بيسكوف إن روسيا تحافظ على علاقات ثقة متينة مع إسرائيل، وإن تل أبيب وعدت بأن الخبراء الروس العاملين في محطة بوشهر النووية الإيرانية لن يكونوا في خطر أو تحت تهديد الضربة.
ومع ذلك، حذر أليكسي ليخاتشيف، الرئيس التنفيذي لشركة الطاقة النووية الروسية "روساتوم"، من أن أي ضربة إسرائيلية على محطة بوشهر النووية الإيرانية قد تؤدي إلى كارثة مماثلة في حجمها لكارثة تشرنوبل، معربا عن أمله أن "تتحلى القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل بالقدر الكافي من الفهم والحكمة لمنع أي ضربة عرضية في منطقة هذه المحطة".
وتُعتبر محطة بوشهر أول محطة طاقة نووية عاملة في إيران، والوحيدة حتى الآن. بدأ بناؤها في سبعينيات القرن الماضي، ولكن تم تعليق المشروع بعد الثورة الإيرانية عام 1979 والحرب مع العراق.
إعلانوفي عام 1995، وقّعت طهران اتفاقية مع شركة "أتوم ستروي إكسبورت" الروسية (التابعة لشركة روساتوم) لاستكمال بناء أول وحدة طاقة.
ولم يقتصر عمل الخبراء الروس على بناء المعدات وتركيبها، بل شمل أيضا تكييف المشروع، إذ بُنيت المحطة في البداية وفقا لتصميم ألماني من شركة "سيمنز". ولاحقا، وقّعت روسيا وإيران اتفاقيات لبناء وحدتي طاقة إضافيتين في موقع المحطة.
موقف محايديثير تصاعد الصراع بين إيران وإسرائيل تساؤلات بخصوص الموقف الروسي تجاه هذه التطورات، وسط تلميحات أميركية بالقيام بعمل عسكري ضد طهران، وإشارات من مراقبين روس إلى أن الكرملين يتخذ موقفا دقيقا، وإن كان يبدو -من حيث الشكل- حياديا.
يرى الخبير في العلاقات الدولية ديمتري كيم أن موسكو لن تشارك في أي عمليات عسكرية إلى جانب إيران، لكنه أقر في الوقت نفسه بإمكانية توسيع نطاق المساعدات العسكرية التقنية لطهران في إطار اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الموقعة معها.
وفي تعليق للجزيرة نت، أوضح أن روسيا، عبر الحفاظ على علاقات متوازنة مع كل من إسرائيل وإيران، تحصل على فرصة فريدة لتعزيز نفوذها في المنطقة من خلال العمل كوسيط مسؤول. وتابع أن معاهدة التعاون الإستراتيجي بين البلدين تشكل أساسا قانونيا وسياسيا يسمح لموسكو بالحفاظ على الحياد والمساهمة في تهدئة الصراع.
ووفقا للخبير كيم، فإنه إذا وافقت الأطراف المعنية على القبول بالوساطة الروسية فإنها ستقوم على ضمان مصالح إيران في مجال الطاقة النووية السلمية، وفي الوقت نفسه تبديد مخاوف الدول الأخرى في المنطقة.
ويرى أن التصعيد بين طهران وتل أبيب قد يصرف انتباه الدول الغربية عن المسار الأوكراني، مما يُتيح مساحة إضافية لمناورات موسكو الدبلوماسية. لكن مع ذلك، يعتبر تدخّل روسيا المباشر في صراع جديد أمرا غير مناسب.
حسابات دقيقةمن جانبه، قال الخبير في الشؤون الإيرانية ألكنسدر شابوفالوف إن دخول الولايات المتحدة في الصراع بين إيران وإسرائيل يهدد بامتداد المواجهة إلى خارج هذه الدول واستهداف أراضي دول أخرى في المنطقة.
لكنه يشير -في حديث للجزيرة نت- إلى أنه حتى اللحظة، يفتقر صناع القرار في واشنطن إلى توافق حول هذه القضية، إذ يستذكر كثيرون منهم الإخفاقات في أفغانستان وليبيا والعراق.
ويتابع شابوفالوف أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، "الذي لا يُحب عادة تحمل المسؤولية"، يشن هجوما نفسيا على إيران، ويحاول أن يظهر نفسه كلاعب بارع في خلق الانطباعات بأنه يضغط عليها، لكن طهران أصبحت الآن مستعدة تماما للرد، و"ستتم معاقبة إسرائيل على كل شي في كل الأحوال".
ولا يرى المتحدث وضعا متوترا لدرجة أن تتدخل أميركا في هذا الصراع وتدعم إسرائيل، وتنظم هجوما بقواتها البحرية وسلاحها الجوي ضد إيران، إذ لا حجج كافية للقيام بذلك.
وبخصوص التحرك الروسي المتوقع إذا اندلعت مواجهة مباشرة بين طهران وواشنطن، أوضح أن ذلك سيتوقف على جملة عوامل:
مستوى التصعيد والحاجة إلى تدخل عسكري أو تقني روسي. حدوث تغيرات سلبية إضافية لدى المنظومة الغربية من وجهة النظر الروسية تجاه الملف الأوكراني. الوصول إلى توافق مع الصين حول تحرك مشترك للتدخل لدعم إيران. القيام بهجوم نووي تكتيكي ضد إيران أو اتخاذ خطوات عسكرية أميركية تهدد بشكل مباشر المصالح الروسية في المنطقة. إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات على علاقات فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
موسكو تحذر واشنطن من أي تدخل عسكري لمصلحة إسرائيل ضد إيران
حذّرت روسيا -اليوم الخميس- الولايات المتحدة من التدخل عسكريا لمصلحة إسرائيل ضد إيران، وذلك بعد مرور 7 أيام على اندلاع حرب واسعة بين الطرفين.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا للصحفيين: "نود أن نحذّر واشنطن خصوصا من التدخل عسكريا في الوضع، إذ سيكون خطوة خطرة للغاية ذات عواقب سلبية لا يمكن توقعها".
ولم يستبعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب دخول بلاده (حليفة إسرائيل) في حرب لتقويض البرنامج النووي لإيران، كما رفض عرض روسيا للتوسط من أجل السلام، قائلا إنه أخبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن عليه حل النزاع في أوكرانيا أولا.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف -اليوم الخميس- إن رفض عرض بوتين ليس من شأن ترامب. وأضاف أن "هذه الخدمات يمكن أن تقبلها الدول التي تشارك حاليا بشكل مباشر في النزاع".
وفي وقت سابق الخميس، كشف الكرملين عن محادثة هاتفية استمرت نحو ساعة بين بوتين ونظيره الصيني شي جين بينغ، دانا فيها الضربات الإسرائيلية في إيران.
وقال يوري أوشاكوف المستشار الدبلوماسي للرئيس الروسي: "ترى كل من موسكو وبكين أنه لا يمكن حل الوضع الحالي بالقوة، وأن هذا الحل يمكن ويجب أن يتحقق حصرا من خلال السبل السياسية والدبلوماسية".
من ناحيته، أكد شي -خلال المكالمة- أن "تشجيع وقف إطلاق النار ووقف الأعمال القتالية هو الأولوية القصوى. القوة المسلحة ليست الطريقة الصحيحة لحل النزاعات الدولية"، حسب ما نقلته عنه وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا).
في حين شدد أوشاكوف على أن "كلا الجانبين يتبنيان مقاربات متطابقة".
وسارع بوتين إلى عرض الوساطة بين إيران وإسرائيل، وقال مستشاره الدبلوماسي إن "رئيسنا أكد استعداد روسيا للقيام بجهود وساطة إذا تطلب الأمر. وأعرب الزعيم الصيني عن تأييده لمثل هذه الوساطة، معتبرا أنها قد تُسهم في تهدئة الوضع الراهن".
إعلانلكن الأميركيين والإسرائيليين لم يرحبوا بقيام روسيا بدور الوسيط في الصراع مع إيران.