جريدة الرؤية العمانية:
2025-08-09@08:10:12 GMT

داء القلق

تاريخ النشر: 22nd, June 2025 GMT

داء القلق

 

د. صالح بن ناصر القاسمي

ماذا عساه أن يواجه الإنسان وهو يبدأ مسيرته على وجه البسيطة؟ فمنذ أن تبدأ صرخته الأولى في فضاء الحياة، وهو يعيش حالة من الترقب والقلق، دائم الالتصاق بأمه التي يشعر معها بالأمان والاطمئنان.  حيث يولد الإنسان وهو محمل بغرائز طبيعية، في مقدمتها حب الحياة، وإلا فما هو تفسير أن يمتلك الطفل ردة فعل مباشرة حين يسمع صوتًا غريبًا بالقرب منه؟ جميعنا لاحظنا ذلك مراراً وتكراراً مع أطفالنا، بل نعايشه بأنفسنا رغم أننا نمتلك رصيدًا من الأعوام، نخشى فيه على ذواتنا من أي تهديد خارجي، ونتفاعل بردة فعل تناسب الموقف المعاش.

ولا زلت أذكر، ونحن في مقاعد الدراسة الجامعية، أن أحد المدرسين ضرب بيده على الطاولة بينما كان يشرح لنا كيف أن الإنسان لديه ردة فعل طبيعية تجاه التهديدات الخارجية. فما كان منَّا إلا أن تحركنا تلقائيًا، وتملكنا الخوف، وكان ذلك مثالًا حيًّا لا تزال تفاصيله حاضرة في ذهني، كأنها حدثت للتو.

 كثيرة هي الأشياء التي تجعل الإنسان يعيش داء القلق: الخوف من المستقبل، القلق بشأن تأمين المعاش، الخوف من تربية الأبناء، وغير ذلك الكثير من الهواجس. بل وأحيانًا يعيش الإنسان حالة من القلق والخوف من أمور لا يستطيع حتى أن يحدد مصدرها، فكثيرًا ما يخبرنا أصدقاؤنا أنهم يمرون بحالة قلق لا يعرفون سببها. وهذا ما يزيد من خطورة هذا الداء، أنه متسلل، لا يأتي من باب واضح، بل يتسلل من النوافذ الصغيرة المهملة في زوايا النفس.

ومع تدرج الإنسان في مراحل حياته، يبدأ الصراع مع العديد من الأدواء، في مقدمتها الأمراض الجسدية. ومع ذلك، فإن تلك الأوجاع غالبًا لا تجعله يعيش حالة من القلق الشديد، لأنه يشعر بأن لكل داء دواء، وأن هناك دائمًا أملًا في الشفاء. أما إذا أصيب الإنسان بداء القلق، وتمكن منه حتى تغلغل في نفسه، وسيطر على روحه وأفكاره، فهنا فقط تبدأ المأساة الحقيقية.

إذ إن أي داء يصيب الجسد، فإن الروح تسنده لتجاوز المرض، أما إذا أصيبت الروح، فإن الجسد حينها لا يقدم عونًا، بل يصبح عاجزًا، ويصيبه الوهن، ويغدو عرضةً للأمراض والانهيار. ولهذا، فإن الكثير من الدراسات الطبية الحديثة أكدت العلاقة الوثيقة بين الصحة النفسية والجسدية، فكل اضطراب في الأولى قد يُترجم في الثانية على شكل أمراض عضوية ملموسة.

ومن الملاحظ أيضًا أن الأمراض النفسية، وعلى رأسها داء القلق، أصبحت أكثر انتشارًا في المجتمعات المعاصرة. ويعود ذلك إلى نمط الحياة المتسارع وضغوطها، وصعوبة التأقلم معها، مما يؤدي إلى تجاوب مباشر وسريع مع كل مثير، فينتقل القلق ويتعمق في النفوس، ويتحول من شعور عابر إلى نمط تفكير مزمن.

ولا شك أن الأمر، في أوله وآخره، مرتبط بالحالة الإيمانية للإنسان. فمتى ما كان الإنسان قوي الإيمان، كان أقل عرضة للإصابة بداء القلق، لأنه موقن أن مصيره بيد الله، وأنه المدير والمسيّر لأحواله، وأن كل ما يصيبه ما هو إلا ابتلاء واختبار. كما قال تعالى:

"قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ" (التوبة: 51)

فالآية الكريمة وصفت حال المؤمنين الحقيقيين الذين تمكن الإيمان من نفوسهم. وهو خط الدفاع الأول الذي يحميهم من داء القلق. وفي الحديث الشريف عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا" (رواه الترمذي).

ولعل من أعظم الشواهد على صدق التوكل، ما وقع لأبي بكر الصديق رضي الله عنه يوم الهجرة، عندما كان مع النبي –صلى الله عليه وسلم- في غار ثور، وكانت قريش تلاحقهم، حتى وصلت إلى باب الغار، واقتربت الخُطى، فهتف أبو بكر: "يا رسول الله، لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا!"، فجاءه الرد الحاسم من النبي عليه الصلاة والسلام:

"يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟" (رواه البخاري ومسلم)

إنها لحظة مفصلية في تاريخ التوكل البشري. فالخطر محدق، والقلق مشروع، لكن اليقين بالله كان أقوى من كل مظاهر الخوف. ذلك الموقف يُعلّمنا أن الطمأنينة ليست في غياب التهديد، بل في حضور الله في قلوبنا، يقينًا لا يهتز، وثقة لا تنكسر.

فإذا كان أكثر ما يقلق الإنسان هو رزقه، وهو يعلم يقينًا أن رزقه بيد الله وحده، فلم القلق؟ يعيش حينها ببساطة، بل بسعادة واطمئنان. ولهذا، علينا أن نوقن أن داء القلق لا يصيب إلا من كان في إيمانه خلل، وعليه أن يراجع نفسه، فالدواء الحقيقي مرهون بها، لا بغيرها.

ومن المهم أن نلتفت إلى ضرورة بناء توازن نفسي، من خلال تهذيب النفس، وترويض الفكر، وتوجيهه نحو ما ينفع. فالعقل إذا تُرك ليتأمل المخاوف وحده، صنع منها وحشًا وهميًا يهابه صاحبه كل يوم. ولكن متى ما تم إشباع الروح بطمأنينة الإيمان، واليقين، والذكر، خمدت نيران القلق، وانزاحت غيوم الخوف.

فيا من أنهكه القلق، وتاه في دروب الهواجس، تذكّر أن الحياة لا تعطي أمانها لمن يركض خلف الظنون، بل لمن وقف بثبات على أرض الإيمان. لا تجعل يومك ساحة معركة بينك وبين ما لم يحدث بعد. فالقلق لا يغير المستقبل، بل يسرق منك الحاضر لحظة بلحظة. قاومه بالتوكل، واجه ظلاله باليقين، وعلّم قلبك أن لا يرتجف إلا من خشية الله، لا من غموض الغد.

ولعل أجمل انتصار تحققه في معركتك مع القلق، هو أن تبتسم وسط ضجيج الخوف، وأن تقول لنفسك بثقة: "أنا لست وحدي، فرب السماء يدبر أمري."

ومن هنا، تبدأ رحلة السلام.

 

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الوجدان الإنساني

 

صالح بن ناصر القاسمي

الإنسان كتلة من المشاعر والأحاسيس، التي تشكل شخصيته بناءً على تراكمات زمنية لتلك المشاعر، وهذه المشاعر إما أن تكون إيجابية أو سلبية، تلك الأحداث المؤثرة التي تختزل في الذاكرة الإنسانية، وهي بمثابة البوصلة العاطفية التي تتحكم بعلاقات الإنسان مع الآخر.

وتلك المشاعر والأحاسيس هي التي نطلق عليها الوجدان، وبناءً عليه تتشكل ميول الإنسان واتجاهاته وتحالفاته، وكذلك تلك الترسبات ينتج عنها مخزون الحب والكره.

وللتوضيح أكثر، فإن الوجدان هو مجموع المشاعر والانفعالات التي تسكن الإنسان، سواء كانت في وعيه أو في لا وعيه، وهو يمثل الجذر العاطفي الذي تتغذى منه مواقفه وعلاقاته وتصوراته.

سؤال مهم دائمًا ما نسأله أنفسنا: لماذا نكره شخصًا بعينه، أو حتى شعبًا بعينه؟ والسؤال ذاته: لماذا نحب شخصًا أو شعبًا؟
الحب والكره لا ينتجان نتيجة موقف معين عابر، وإنما نتيجة مواقف متكررة استطاعت أن تتمكن منا ومن وجداننا بالمعنى الصحيح، وسيطرت على مشاعرنا وعواطفنا حتى أصبحنا لا نملك إلا أن ننجرف معها لنصل إلى اتخاذ موقف يحقق لنا الارتياح النفسي.

وهنا لا بد من العودة إلى الطفولة، حيث نبدأ بتكوين مشاعر الحب والكره، فنحب من يقدم لنا أية خدمة، بل من يسدي إلينا الإحسان، فتجدنا نعشق الأم والأب اللذين يحتوياننا برعايتهما وحنانهما، نحب إخوتنا وأخواتنا الأكبر منا، الذين يقدمون لنا ذلك الحب النقي ويشملوننا بتلك العاطفة الصادقة، وفي تلك المرحلة تتعزز، بل وتنشأ الرابطة الأسرية التي تقوى مع مرور الزمن.

وقد صوّر لنا القرآن الكريم قوة ومتانة تلك العلاقة عند معرض ذكر مشاهد يوم القيامة وانفراط عقد الرابط المتين الذي كان يجمع الأسرة، فقال تعالى: "يوم يفرّ المرء من أخيه، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه، لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه" (عبس: 34–37).
فالقرآن الكريم هنا يصوّر لنا أن كل أفراد الأسرة التي كانت تربطها تلك العلاقة القوية في الدنيا، ينشغل كل واحد من أفرادها بنفسه من هول مشهد يوم القيامة.

وما يهمنا هنا أن نؤكد على مسألة تكوين الوجدان لدى الإنسان، الذي يبدأ معه من بداية ترعرعه ونشأته في كنف الأسرة، لينطلق بعد ذلك ويتوسع نطاق الوجدان، فيتفاعل مع ما حوله من تجارب ومؤثرات.

نعم، فالحياة تزخر بالمواقف والتجارب المتنوعة التي تصقل شخصية الإنسان، وتضعه في مواجهة دائمة مع مشاعره وأحكامه، ليخوض تجاربه الإنسانية بحلوها ومرّها، بخيرها وشرّها، ويبدأ معه الوجدان بممارسة دوره وتأثيره على مجريات الأمور في حياة الإنسان، ويبدأ المخزون النفسي بتأثيره المباشر في حالات الحب والكره.

وينبغي علينا هنا أن نعطي الوجدان درجة أعلى من تلك التي نطلق عليها الحالة المزاجية، فهذه الأخيرة إنما تكون مؤقتة بفترة زمنية محددة، وغالبًا ما تكون قصيرة مقارنة بالحالة الوجدانية التي أصبحت جزءًا من التكوين النفسي، بل العقلي، للإنسان.
فالمزاج يتغير في ساعات، أما الوجدان فهو جزء من بنيان الشخصية وثابت في أعماقها، يؤثر في التفكير والسلوك دون أن نشعر أحيانًا.

إذًا، فإن الوجدان الإنساني بهذا الوصف يرتبط بالروح ارتباطًا وثيقًا، وهو المحرك والمؤثر الأول في تحريك المشاعر، والمنسق مع العمليات العقلية التي تعطي الإنسان الخيارات المتاحة، ليتمكن عندها من اتخاذ القرار الذي يراه مناسبًا ويتفق مع الحالة الشعورية التي يوفرها المخزون الوجداني، ويعتمد على مدى قوة تأثير تلك الحالة.

إن الأحاسيس الوجدانية هي خليط بين الحالة الشعورية الواعية، وبين تلك المختزلة في الشعور اللاواعي، فهي تتفاعل بسرعة ودقة متناهية تجعل الإنسان يقدم على اتخاذ قرار حاسم في لحظة مفصلية وتاريخية، نتيجة تفاعلات فكرية في الوجدان.

في تلك اللحظة المفصلية عند اتخاذ القرار السريع، يكون الإنسان في لحظة إدراك تام لمشاعره الوجدانية، وهنا تتفاوت القدرات الإنسانية بناءً على مدى التفاعل الوجداني لكل إنسان، فهناك فروقات في القدرات لدى البشر، تعتمد على مدى تفاعلهم الوجداني، أو ما نستطيع أن نطلق عليه الذكاء الوجداني، أي قدرة الإنسان على إدراك مشاعره ومشاعر من حوله والتفاعل معها بوعي وفعالية.

ومع امتداد تأثير الوجدان في حياة الفرد، يبرز تساؤل أكبر:
هل هناك وجدان جمعي، أو أممي، أو حتى إنساني؟

لا شك أن الوجدان عام وشامل، فهناك الوجدان الجمعي الذي يمثل المجتمع، وهناك الوجدان الأممي الذي يمثل أمة من الأمم، وهناك وجدان أعم وأشمل يمثل الإنسانية، وهو يمثل هرم الأخلاق في سموّها وتجلياتها.

فالمجتمعات إنما يتولد لديها وجدان عام نتيجة التجارب العامة التي مرّت بها، فالتاريخ الخاص بالمجتمعات إنما هو يمثل وجدانها، لذلك نجدها -أي المجتمعات- تتذكر المناسبات التي كانت لها علامات فارقة في مسيرتها، سواء كانت تلك المناسبات إيجابية أو سلبية، فالألم والفرح إنما يمثلان هنا الوجدان، الذي يعتبر القلب النابض للمجتمع، والذاكرة المرجعية لأفراده.

ولعلنا نلاحظ -على سبيل المثال- كيف أن بعض الشعوب تعيش ذكرى نكبة أو نصر كما لو أنها حدثت بالأمس، لا لأنها لم تنس، بل لأن وجدانها ما زال محتفظًا بأثرها الحي.

وكذلك الأمم لها وجدان، وهو أوسع وأشمل، على اعتبار اتساع الرقعة الجغرافية، وما يصاحبها من أحداث عظيمة، تصنع تاريخها وتمثل مبادئها وقيمها، وعلى اعتبار تنوع تلك الأحداث وما تنتجه من آثار ذات وقع عالٍ في حياة الأمم.

فعلى سبيل المثال -وليس الحصر- لو أخذنا تاريخ الأمة الإسلامية، وما مرّت به من عملية تكوين وتأسيس، وما شملته من تنوع في الأعراق والأجناس، وما مرت به من حروب داخلية وخارجية، وما نتج عن كل ذلك من تاريخ وأحداث تجذّرت في داخلها، وصنعت لها وجدانًا لا زال يؤثر في قراراتها حتى اللحظة، والذي سوف يستمر تأثيره مستقبلًا.

وكم شاهدنا الصراعات الفكرية لمجرد أن المجتمع شعر في لحظة أن أحد ركائزه أو معتقداته مهدد من قبل جهة ما، حينها يصحو الوجدان الذي يمثل الأمة، وينبري مدافعًا عن تلك الثوابت.

ولا نغفل أيضًا عن ذلك الوجدان الذي يمثل الإنسانية، وهو هنا يمثل الأخلاق العالمية، مثل: الحرية، والكرامة، والعدالة، وحرية التعبير، وغيرها من المبادئ والقيم العالمية، التي لا تُختصر أو تُختصّ بمجتمع دون الآخر، فكثيرًا ما نجد العالم -الذي يعد نفسه عالمًا متحضرًا ومدنيًا- يرفع صوته عاليًا عند تعرض تلك القيم إلى التهديد أو الانتهاك، بغضّ النظر عن هوية ذلك المجتمع.

ومن الأمثلة المعاصرة على ذلك: ما حدث من تعاطف عالمي عند رؤية صور أطفال الحروب أو الكوارث البيئية الكبرى، حيث ارتفعت أصوات الشعوب والمنظمات في وجه الظلم أو الإهمال، وهذا بحد ذاته تجلٍّ للوجدان الإنساني المشترك.

ونستطيع أن نطلق على ذلك الوجدان الإنساني العالمي مصطلح الضمير الإنساني، الذي تعدّى حماية الإنسان ليشمل الحيوان، والبحار، والأشجار، والطير، لإيمانه بأن الإنسان معنيّ بحماية العالم الذي يعيش عليه، والذي ميّزه الله وخصّه وكفله بحمايته وعماراته.

وفي الختام، فإننا مطالبون بأن ندرك ونعي أن الوجدان هو مسرح عمليات اتخاذ القرارات، وأن تلك القرارات إنما هي نتاج ذلك المخزون من المشاعر والأحاسيس التي تم تغذية الوجدان بها منذ بداية إدراكه.

فلنتأمل مليًّا: ماذا أودعنا في وجداننا؟ وهل هو اليوم مرشدٌ لنا أم عبءٌ علينا؟ وهل نملك شجاعة إعادة تشكيله بما يليق بإنسانيتنا ووعينا؟

 

مقالات مشابهة

  • عطش تحت الحصار.. هكذا يعيش أهل غزة مع شح الماء
  • تجوع كرامته.. خطيب المسجد النبوي: حين يحرم الإنسان من الطعام لا تجوع معدته
  • امام وخطيب المسجد النبوي: نعمة الأمان من أعظم النعم
  • إمام المسجد النبوي: الجوع في غزة سلّ سيفه على رقاب وهنت من الألم وجفت حلوقها من الظمأ
  • قلة المال تزيد القلق.. إليك كيف تستعد للأزمات المالية التالية؟
  • داريل عيسى من بعبدا: لبنان يعيش فجرًا جديدًا
  • ما فائدة أن يعلمنا الله صفة من صفاته ويظهرها لنا؟ علي جمعة يجيب
  • للوقاية من المخاطر.. اكتشف أعراض مرض سرطان البنكرياس
  • أمين الفتوى يحذر من تحول الأخلاق لسوق نخاسة على السوشيال
  • الوجدان الإنساني