تجوع كرامته.. خطيب المسجد النبوي: حين يحرم الإنسان من الطعام لا تجوع معدته
تاريخ النشر: 8th, August 2025 GMT
قال الشيخ الدكتور عبدالباري بن عواض الثبيتي، إمام وخطيب المسجد النبوي، إن نعمة الطعام في زمن الجوع ليست مجرد غذاء، بل هو حياة توهب، ورغيف يقيم صلبًا، وقطرة ماء تنعش روحًا، ودفء يكسو برد الحاجة، وكرامة ترمم كسور الفقر.
تجوع كرامتهوأوضح " الثبيتي" خلال خطبة الجمعة الثاني من صفر اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، أنه حين يحرم الإنسان من ذلك فلا تجوع معدته، بل تجوع كرامته، وتذبل إنسانيته، قال تعالى: (أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ)، منوهًا بأن نعمة الأمن من الخوف هي السكينة التي تغمر الحياة.
وتابع: وطمأنينة الليل التي تهنأ معها النفس، وراحة الأطفال في أحضان الأمهات، والشعور بأن الغد قادم لا يحمل الرعب يبيت المرء فلا خوف يزعجه، ويصحو فلاهم يزعجه، قال تعالى: (وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ)، مشيرًا إلى أن نعمة الأمان من أعظم النعم التي لا يشعر الإنسان بقيمتها ما دامت حاضرة في حياته، ولا يدرك قدرها إلا إذا افتقدها، أو رأى غيره يعيش في فقدانها.
وأردف: فعندما يعمّ الخوف أرضًا، يُسلب الناس راحة النوم، وتفقد الطمأنينة، ويصبح النهار جحيمًا، والليل كابوسًا مستمرًا، مشيرًا إلى أن سر السعادة الحقيقي، ومصدر الهناء الدائم، وراحة البال.
أجل ما يرزق بهونبه إلى أن أجل ما يرزق به الإنسان من النعم لفتة النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله البليغ: (من أصبح منكم آمنا في سربه، مُعافى في جسده عنده قوت يومه، فَكَأَنَّما حيزت له الدنيا) رواه الترمذي وابن ماجه.
واستشهد بقوله تعالى: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ)، فهي دعوة رقيقة وحازمة، للتوجه بالعبادة والخضوع لله وحده، الذي لا تأتي النعم إلا من خزائنه، ولا يرفع الخوف إلا برحمته.
وأضاف أن الله تعالى، هو وحده من أطعم قريشًا بعد جوع، وساق إليهم الرزق من كل صوب، وهو الذي آمنهم بعد خوف، وهيأ لهم أسباب الأمان والاستقرار، وحصنهم بحرمة البيت الحرام.
سورة قريشوبين أن سورة قريش وما تحمله من معانٍ عظيمة، وأنها من السور القصيرة في مبناها، العميقة في معناها، والتي تشرق على القلوب بندائها الخالد ووقعها العميق في النفس والروح.
وأفاد بأن آيات هذه السورة تلهم القلب، وتفتح بصيرته على معنيين عظيمين، رزق الطعام بعد الجوع، ومنح الأمان بعد الخوف، وهما بلا شك دعامتان أساسيتان للحياة الكريمة، فمن ظفر بهما فقد حاز من الدنيا كنزين لا يُقدّران بثمن.
وأشار إلى أن الجزيرة العربية قبل الإسلام كانت تعيش في الفقر الشديد، ويعمّها الخوف الدائم، حيث تقلبت حياتهم بين الحاجة والحرمان، وتحاصرهم الغارات وترهبهم الصراعات.
ونوه بأنه حين جاء الإسلام، تبدلت أحوالهم من شتات إلى وحدة، ومن جوع إلى وفرة، ومن خوف إلى أمن، ومن جزيرة منسية إلى أمة أقامت حضارةً امتد نورها شرقًا وغربًا، وأن هذا التحول العظيم لم يكن إلا بفضل الله تعالى، وهدايته، ونعمته التي نزلت عليهم من حيث لا يحتسبون.
نداء السورةواستطرد: ومن هنا، جاء نداء السورة واضحًا، اعبدوا رب هذا البيت، فهو وحده الذي أطعم، وآمن، وأكرم، وهدى، مشيرًا إلى أن من تمام شكر النعمة أن تُطاع لا أن تُنسى، وأن يُصان الفضل لا أن يغفل.
وأكد أن الشكر الحقيقي لا يختزل في كلمات تقال، بل يبدأ من إقرار في القلب، ويتجلى في نطق صادق باللسان، ويُترجم إلى عمل صالح بالجوارح، فهو صاحب الفضل سبحانه.
وواصل: لايسعنا إلا أن نستحضر بقلوب دامعة حال أهلنا في فلسطين، وحال أمة تختنق بالوجع، شحّ الغذاء، وغاب الأمان، والمشهد ازداد ضيقًا حتى خنق الأنفاس، فالجوع بلغ أقصى مداه، وسلّ سيفه على رقاب وهنت من الألم، وذبلت أجسادها، وجفت حلوقها من الظمأ والحرمان.
تتحرك القلوب الحيةولفت إلى أنه في مقابل هذا الألم، تتحرك القلوب الحية، والنفوس التي لا تزال تعرف معنى العطاء، عبر القنوات الرسمية الموثوقة، فتُمدّ الأيادي الصادقة بالطعام، والدواء، والماء، نصرةً لمن أنهكهم الجوع، ورفقًا بمن سلبوا أدنى مقومات الحياة، فهي لحظة يمتحن فيها الصدق، وتختبر فيها النوايا، فليكن لنا فيها سهم".
وأكّد أنه لايخفى على أحد ما تقوم به قيادة هذه البلاد المباركة -أيدها الله- من دور فاعل ومواقف مشرفة، في نصرة القضية الفلسطينية من خلال دعمها وحضورها المؤثر في المحافل الدولية، ومبادرتها المتواصلة، في المؤتمرات الإقليمية والعالمية، دفاعًا عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ودعمًا لصموده، وعدالة قضيته.
وأوصى المسلمين بالإكثار من الدعاء، فإن الدعاء باب لا يغلق، والنية الصادقة عمل لا يضيع، والكلمة الطيبة أثرها واسع، مستشهدًا بقوله تعالى: (إِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ).
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: خطيب المسجد النبوي إمام وخطيب المسجد النبوي خطبة الجمعة من المسجد النبوي المسجد النبوی إلى أن
إقرأ أيضاً:
معلومات خطيرة تكشف تفاصيل الخيارات الإسرائيلية التي يجري التحضير لها في غزة
تناول السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي حفظه الله في كلمته اليوم الخميس، آخر التطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وبالأخص ما يجري في المسجد الأقصى وقطاع غزة، مؤكدًا على أن ما يحصل من انتهاكات للعدو الإسرائيلي يمثل خطرًا كبيرًا ليس فقط على الفلسطينيين بل على الأمة الإسلامية جمعاء، وجاءت الكلمة في ظل تصاعد الاعتداءات الصهيونية على مدينة القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، وعلى خلفية استمرار الصمت والتخاذل العربي والدولي.
يمانيون / خاص
الاقتحامات والانتهاكات في المسجد الأقصى
أكد السيد القائد يحفظه الله ، أن ما جرى في هذا الأسبوع من اقتحامات للمسجد الأقصى هو الأخطر من نوعه، حيث بلغ عدد المقتحمين في يوم واحد فقط 3969 صهيونيًا، من بينهم كبار المتطرفين، واعتبر ذلك مؤشرًا خطيرًا على مضي العدو في تنفيذ مخططه المعلن لهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم، وشدد السيد القائد على أن السكوت على هذه الانتهاكات يعتبرعارًا على المسلمين، ويمثل تفريطًا بمسؤولية مقدسة، مشيراً إلى أن الاحتلال يسعى لفرض وقائع جديدة، وهو ما اعتبره خطوة خطيرة جدًا ضمن مشروع تهويد القدس.
انتهاكات العدو في القدس والضفة الغربية
استعرض السيد القائد سلسلة من الجرائم والانتهاكات اليومية التي يرتكبها الاحتلال في الضفة والقدس، منها تهويد القدس وهدم المنازل، كما حصل في جبل المكبر، وإبعاد الأئمة والخطباء من المسجد الأقصى، وكذلك الاعتداءات المتكررة من قطعان المغتصبين، تحت حماية مباشرة من جيش العدو ، وتنفيذ أكثر من 1800 اعتداء في الضفة خلال فترة قصيرة، وأكد أن الاحتلال يسعى بشكل مستمر لتقليص الوجود الفلسطيني الأصيل في مدينة القدس.
موقف السلطة الفلسطينية
انتقد السيد القائد يحفظه الله بشدة أداء السلطة الفلسطينية، واصفًا إياها بأنها لا تقدم أي حماية للشعب الفلسطيني، بل إنها تتعاون أمنيًا مع العدو في استهداف المجاهدين، وتروج بشكل غبي لما يسمى بخيار السلام والمفاوضات، الذي أثبت فشله الذريع منذ عقود، وبشأن فشل خيار المفاوضات أكد السيد القائد إن الاحتلال لا يفي بأي اتفاق، وأن الغدر سمة أساسية في ثقافة وفكر الكيان الإسرائيلي.
الأوضاع في قطاع غزة
تطرق السيد القائد إلى الخيارات الإجرامية التي يدرسها العدو بشأن غزة، بين احتلال شامل أو جزئي، وأكد أن أي خيار من هذه الخيارات ستكون تكلفته باهظة جدًا على الاحتلال، مشيرًا إلى هشاشة وضع الجيش الإسرائيلي، الذي يعاني من الضعف بعد خسائر كبيرة، واستحالة حسم المعركة لصالح العدو رغم الدعم الأمريكي والتواطؤ العربي، محذراً من تجاهل مصير الأسرى لدى المقاومة إذا قرر العدو التوغل أكثر،
كما أكد السيد القائد أن التصعيد الإسرائيلي مدعوم بإذن أمريكي مباشر، وهو ما يعكس استمرار الدعم الأمريكي للكيان الصهيوني بكل أشكاله، كما حمل الأنظمة العربية المتواطئة جزءًا من المسؤولية، واصفًا الموقف العربي العام بالمخزي والمتخبط وغير القادر على اتخاذ موقف موحد أو فعّال.
خاتمة
أكد السيد القائد عبد الملك الحوثي يحفظه الله، مجددًا ثبات الموقف اليمني تجاه القضية الفلسطينية ورفض أي مساومة على المقدسات الإسلامية، خصوصًا المسجد الأقصى، كما وجه تحذيرات استراتيجية واضحة، من خطورة ما يُخطط للمسجد الأقصى، وانتقد بقوة غياب الموقف الإسلامي الموحد، محذراً من أن التخاذل الحالي لن تكون تبعاته على فلسطين وحدها، بل على الأمة بأكملها.