عندما انهمرت قنابل "GBU-57" الأمريكية على منشآت إيران النووية في حزيران/ يونيو 2025، لم تكن سوى الضجيج الأخير في مسرحية كُتبت نهايتها قبل أشهر. فُتحت الجبال المحيطة بفوردو، كانت شاحنات صامتة تنقل 409 كيلوغرامات من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة -قلب البرنامج النووي الإيراني- إلى متاهة من الأنفاق السرية، بينما كان العالم يرقب "القصف التاريخي".

هذه اللعبة ثلاثية الأبعاد (واشنطن-موسكو-طهران) لم تدمر سوى جدران خاوية، لكنها حررت إيران من قيود المراقبة الدولية؛ مهددة بتحويل الشرق الأوسط إلى برميل بارود نووي.

الهزيمة التي احتاجها الجميع

بدأت القصة من تل أبيب، عندما اخترقت صواريخ "خرمشهر" الإيرانية فرط الصوتية سماء الكيان الصهيوني، وسقطت على مقر الموساد وميناء حيفا، تحولت صورة "الجيش الذي لا يُقهر" إلى أسطورة مكسورة. نتنياهو الغارق في فضائح الفساد وجد في الضربة الأمريكية "منفذا للهروب"، فالتنسيق المسبق بين البلدين أعطاه غطاء يمكنه من رفع إغلاق المجال الجوي بعد أيام، معلنا "نصرا استراتيجيا" بينما كانت طائرات "العال" تُجلِي الإسرائيليين الذاهلين من مطار بن غوريون.

الصفقة التي هزت الجبال

ثلاثة أطراف رسمت خريطة الضربة:

- روسيا: حرصت على حماية موطن قدمها في الخليج العربي مفاعل بوشهر (قلب استثماراتها النووية) عبر تحذيرات بوتين من "كارثة تشيرنوبل" تهدد الخليج.

- إيران: أرادت استغلال الأزمة للتخلص من الرقابة الدولية على نشاطها النووي.

- ترامب أراد إسكات اللوبي الصهيوني بفيديو "تدمير فوردو"، وإرضاء غروره قبل الانتخابات بضربة تكلفتها أقل من 0.1 في المئة من الميزانية العسكرية اليومية.

وهكذا، قبل الجميع "ضربة استعراضية" على منشآت فارغة، بينما نُقلت الأجهزة الحساسة مثل أجهزة الطرد المركزي (IR-6) عبر الأنفاق السرية المحفورة منذ 2009، وهي نسخة مطورة من مخبأ فوردو الذي اُكتُشف بالصدفة.

ولادة القنبلة الخفية

في الأيام القليلة قبل الضربة، حدث ما هو أخطر من القنابل:

1- اغتيال العالم النووي فريدون عباسي دواني، وحسين خليل (حارس نصر الله الشخصي) عند الحدود العراقية، وهي إشارة إلى عمليات نقل متسارعة للمعدات والكوادر.
2- اتهام إيران للوكالة الدولية للطاقة الذرية بـ"التواطؤ في الحرب"، تمهيدا لطرد مفتشيها وكسر آخر قيود الرقابة.

3- تحول المخزون النووي إلى شظايا متنقلة: 409 كغم من اليورانيوم عالي التخصيب تختفي في "قلاع جبلية" لا تعرفها سوى دائرة ضيقة من الحرس الثوري.

النتيجة: الطريق إلى القنبلة النووية أصبح مفتوحا.

الكيان الصهيوني.. مرثية القوة الوهمية

لم تكن الضربة سوى مرثية أخيرة لأسطورة "القوة العظمى"، فالصواريخ الإيرانية كشفت أن "القبة الحديدية" والمنظومات الأمريكية التي تساعدها مجرد غطاء هش، بينما فضح الانسحاب غير المعلن عمق الأزمة: اقتصاد يتداعى، وشعب يفرّ عبر المطارات، وقائد يواجه السجن. حتى "النصر المزيف" الذي صنعته الضربة الأمريكية لم ينقذ نتنياهو من سؤال شعبي قاسٍ: كيف صار الكيان -بعد نصف قرن من الترهيب- يرتمي في أحضان واشنطن لتنقذه من صواريخ طهران؟

الشرق الأوسط في عصر الأشباح النووية

اليوم، بينما تحتفي واشنطن وتل أبيب بـ"ضربة القرن"، تبني إيران إمبراطوريتها النووية في سراديب الجبال. الضربة الأمريكية لم تدمر سوى أوهام النظام العالمي القديم:

- روسيا: خرجت بالمالك الحقيقي لمفاعل بوشهر.

- الصين: تلعب من وراء الستار.

- الكيان الصهيوني: لم يعد سوى "عملاق طيني" بلا هيبة.

أما الكابوس الأكبر للكيان الصهيوني، فهو أن القنبلة النووية الإيرانية لم تعد نظرية مؤامرة، بل طفلا شرعيا وُلِد من رحم الاتفاقات السرية. حين تنفجر الشحنة الأولى من اليورانيوم المخصب بنسبة 90 في المئة في الأنفاق الإيرانية، سيعيد الشرق الأوسط اكتشاف معنى "الردع المتبادل".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات إيران النووية ترامب فوردو إيران النووي ترامب فوردو قضايا وآراء مدونات مدونات قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات رياضة سياسة سياسة تكنولوجيا سياسة رياضة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الضربة الأمریکیة

إقرأ أيضاً:

هيغسيث يدافع بشراسة عن ضربات الكاريبي: سنُغرق كل من يجلب المخدرات

كجزء من حملة البنتاغون لمكافحة المخدرات، استهدفت الولايات المتحدة سفنًا في منطقة البحر الكاريبي، حيث ضربت عشرات القوارب وقتلت ما لا يقل عن 87 شخصًا.

دافع وزير الحرب الاميركي بيت هيغسيث، السبت 6 كانون الأول/ديسمبر، عن الضربات التي استهدفت قوارب يشتبه في تهريبها المخدرات في منطقة الكاريبي، مؤكدا أن الرئيس الاميركي دونالد ترامب يستطيع اتخاذ اجراءات عسكرية "كما يراها مناسبة" للدفاع عن البلاد.

وقال هيغسيث خلال كلمته الرئيسية في ملتقى رونالد ريغان للدفاع: "اذا كنت تعمل لصالح منظمة مصنفة ارهابية وتجلب المخدرات الى هذا البلد في قارب، فسنجدك وسنغرقك. لا يوجد اي شك في ذلك".

وتأتي تصريحاته في ظل تصاعد التحقيقات بشأن هجوم وقع في 2 ايلول/سبتمبر، عندما نفذت القوات الاميركية ضربة ثانية قتلت ناجين من الضربة الاولى، رغم ان وزارة الدفاع كانت على علم بوجودهم على متن القارب الذي استهدف باعتباره مشتبها بتهريب المخدرات.

Related هيغسيث يوكد أن الضربات ضد قوارب "تهريب المخدرات" ما زالت في بدايتها.. وترامب يلوّح بعمليات برية واشنطن بوست: هيغسيث يجمع 800 من كبار مسؤولي البنتاغون بشكل طارئالبنتاغون يحقق في حذف محادثات هيغسيث على منصة سيغنال حول الضربات على اليمن

ونفذ الهجوم القيادة الجنوبية المتمركزة في فلوريدا، بناء على توجيهات من هيغسيث.

وطرح مشرعون من الحزبين تساؤلات حول قانونية العملية وآليات الاشراف عليها، فيما دعا عدد من اعضاء الحزب الديموقراطي الى استقالة وزير الحرب.

وقال مسؤولون في ادارة الرئيس ترامب أن هيغسيث لم يصدر امرا بتنفيذ الضربة الاضافية، كما نفى ادميرال يشرف على جزء من العملية انه اصدر او تلقى او نقل تعليمات "لقتل كل من كان على متن القارب"، وهي التعليمات التي نُسبت الى وزير الدفاع في تقارير اعلامية.

وبحسب هيغسيث، فقد شاهد الضربة الاولى لكنه غادر لاجتماع اخر ولم يشاهد الضربة الثانية. ومع ذلك، اكد السبت انه "كان سيتخذ القرار نفسه" لو كان في موقع الامر.

ومنذ بدء العملية، استهدفت 23 سفينة وقُتل عشرات الاشخاص. اما الضربة الاخيرة على قارب يشتبه في تهريب المخدرات قبل ايام قليلة، فقد اسفرت عن مقتل اربعة اشخاص، ما رفع حصيلة القتلى الى 87 شخصا على الاقل.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

مقالات مشابهة

  • إيران: اتفاقية الضمانات النووية أصبحت "غير مناسبة لظروف الحروب"
  • ألكاراز يذهل الجماهير في دورة ميامي الاستعراضية
  • من السيطرة المطلقة إلى القلق.. تحولات في تعامل الكيان الصهيوني مع الأمن السيبراني
  • إيران: ألحقنا أضرارًا جسيمة بالكيان الصهيوني خلال حرب الـ12 يوما
  • الكيان الصهيوني ومشروع تقسيم السودان
  • طبيعة الصراع مع الكيان الصهيوني في ندوة بجامعة الحديدة
  • هيغسيث يدافع بشراسة عن ضربات الكاريبي: سنُغرق كل من يجلب المخدرات
  • كالياري يصدم روما بـ«الضربة الخامسة»!
  • قطر: من الضروري التوصل لطريقة لإعادة إحياء المفاوضات النووية مع إيران
  • محامي الراقصة الاستعراضية شروق قاسم يكشف حقيقة مزاولتها مهنة الطب