بعد 12 يوماً من النار | إيران تلملم جراحها وسط خسائر فادحة .. ورسائل متبادلة تسبق طاولة التفاوض
تاريخ النشر: 25th, June 2025 GMT
بعد 12 يوماً من التصعيد العنيف بين إيران وإسرائيل، وبعد أن خفت صوت المدافع وبدأ الركام يكشف عن الوجع، بدأت طهران في محاولة لملمة جراحها، بينما تتبادل الأطراف المتصارعة رسائل النصر إعلامياً، في حين أن الحقائق على الأرض تحكي قصة أخرى.. مستشفيات مدمرة، أبنية منهارة، ودماء لم تجف بعد.
حصيلة ثقيلة للدم والدمارفي أول بيان شامل عقب وقف إطلاق النار، أعلن وزير الصحة الإيراني، محمد رضا ظفرقندي، أن الضربات الإسرائيلية أودت بحياة 606 أشخاص، فيما تجاوز عدد المصابين 4700 جريح، معظمهم سقطوا تحت أنقاض المنازل والمباني المستهدفة، والبعض الآخر فارق الحياة بعد وصوله إلى المستشفيات.
وتشير الإحصائيات إلى أن 95% من الضحايا لقوا حتفهم تحت الأنقاض، مما يعكس شدة القصف واستهدافه المباشر للبنية التحتية المدنية. كما لحقت أضرار كبيرة بقطاع الصحة، حيث تضررت سبعة مستشفيات وتسع سيارات إسعاف، مما أعاق جهود الإنقاذ والإغاثة.
خسائر فادحة في القيادة والمنشآتلم تتوقف الخسائر عند المدنيين، بل امتدت إلى الصفوف الأولى من القيادة الإيرانية. فقد فقدت إيران عدداً من القادة العسكريين الكبار، من بينهم رئيس الأركان وقائد الحرس الثوري، إلى جانب عدد من كبار العلماء النوويين، وهو ما شكّل ضربة موجعة لبرنامجها النووي.
وأشارت مصادر إسرائيلية إلى أن الضربات، التي شاركت فيها أيضاً الولايات المتحدة، استهدفت منشآت نووية حساسة أبرزها منشأة "فوردو"، وتحدثت تقارير عن تدمير جزئي أو كلي لتلك المواقع، وهو ما لم تؤكده إيران رسمياً بعد.
جبهة إسرائيل لا تخلو من الخسائرمن الجانب الإسرائيلي، أفادت فرق الإسعاف بمقتل 28 شخصاً، وأكثر من 1300 جريح، ما يعكس أيضاً حجم الرد الإيراني وقدرته على الوصول داخل العمق الإسرائيلي. ورغم أن القبة الحديدية نجحت في اعتراض عدد من الهجمات، إلا أن البعض الآخر أصاب أهدافاً حساسة، محدثاً أضراراً وموجة من القلق داخل المجتمع الإسرائيلي.
قراءة في الموقف الاستراتيجي
من جانبه، علّق اللواء سمير فرج, الخبير الاستراتيجي والعسكري، على المشهد بالقول إن الأطراف المعنية ستجلس أخيراً علي طاولة التفاوض، مما يُعد مؤشراً على إدراك الجميع لخطورة الاستمرار في التصعيد. وأشار إلى غموض الصورة بشأن الطرف الذي خرج منتصراً، فبينما تعلن إيران أنها ردت بقوة، تؤكد إسرائيل أن امريكا ضربت المنشآت النووية في إيران دمرتها.
وأشار فرج إلى أن إسرائيل كانت تعتزم توجيه ضربات جديدة لإيران بعد وقف إطلاق النار، لكن الرئيس الأمريكي تدخل لمنع هذا التطور الخطير، في خطوة عكست حرص واشنطن على تجنب حرب شاملة في المنطقة.
إيران وإسرائيل... رسائل متبادلة
برأي فرج، فإن إيران نجحت في إثبات قدرتها العسكرية وتوسيع رقعة الاشتباك، موجِّهة رسالة قوية بأنها تملك أدوات الردع الإقليمي. أما إسرائيل، فقد أظهرت قدراتها الدفاعية في صد بعض الهجمات، لكنها تلقت ضربات كشفت عن ثغرات في منظومتها، وهو ما يضعها أمام مراجعة أمنية ضرورية.
أميركا المستفيد الأكبر؟
وفي ختام تحليله، أكد فرج أن الولايات المتحدة تُعد الرابح الأكبر، إذ نجحت في لعب دور الوسيط الفعّال الذي أعاد ضبط الإيقاع، ومنع انزلاق المنطقة إلى حرب كارثية كانت ستضر بمصالح واشنطن وحلفائها في الخليج.
رغم توقف القصف، لا تزال آثار الدمار تملأ شوارع إيران، من أحياء طهران وإسرائيل المتصدعة. المشهد في المستشفيات وبين الأنقاض لا يترك مجالاً للشك بأن الثمن كان باهظاً. ومع استمرار الغموض حول مصير البرنامج النووي الإيراني، والنية الإسرائيلية في الرد المستقبلي، تبقى الهدنة هشة، والسلام بعيد المنال.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: النار المستشفيات طهران إسرائيل الولايات المتحدة
إقرأ أيضاً:
من التصعيد إلى التهدئة.. مسار الحرب بين إسرائيل وإيران حتى إعلان وقف إطلاق النار
شهدت منطقة الشرق الأوسط تصعيدًا عسكريًا غير مسبوق بين إسرائيل وإيران بدأ في 13 يونيو الجاري، في تطور حوّل النزاع الطويل بين البلدين من صراع عبر الوكلاء إلى مواجهة عسكرية مباشرة، تخللتها ضربات جوية وصاروخية واسعة النطاق، وأدت إلى خسائر بشرية ومادية جسيمة في الجانبين.
من التوتر إلى الحرب المفتوحة
بدأت المواجهة عقب تنفيذ إسرائيل عملية عسكرية ضخمة حملت اسم "الأسد الصاعد"، استهدفت فيها أكثر من 100 موقع داخل إيران، بينها منشآت نووية في نطنز وأصفهان، ومعسكرات تابعة للحرس الثوري، ما أسفر عن مقتل عشرات القادة والعلماء النوويين الإيرانيين.
وردّت طهران بإطلاق موجات من الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه تل أبيب وحيفا ومدن أخرى، في هجوم وصف بالأوسع منذ حرب 2006. وتمكنت منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية من اعتراض الغالبية، إلا أن بعض الضربات أصابت مواقع مدنية، ما تسبب في وقوع إصابات ودمار في البنى التحتية.
التدخل الأمريكي ونقطة التحول
في 22 يونيو، دخلت الولايات المتحدة على خط المواجهة، وشنت هجمات دقيقة على مواقع نووية إيرانية، أبرزها منشآت "فوردو" و"إصفهان"، في محاولة لمنع طهران من مواصلة تطوير برنامجها النووي خلال فترة التصعيد. وردّت إيران بهجوم صاروخي محدود على قاعدة أمريكية في قطر، دون وقوع خسائر بشرية، قبل أن تعلن تهدئة مؤقتة.
خسائر بشرية ومادية فادحة
إيران تكبّدت خسائر جسيمة، حيث قُتل ما بين 657 و950 شخصًا وأُصيب أكثر من 3،000 آخرين، وفقًا لمنظمات حقوقية. كما تعرضت منشآتها النووية والصناعية والعسكرية لأضرار بالغة، إلى جانب توقف محطات طاقة وبنوك استراتيجية.
في المقابل، سجّلت إسرائيل مقتل 24 شخصًا وإصابة أكثر من 1،000، بالإضافة إلى تدمير مستشفى "صوروكا" في بئر السبع، وتضرر مئات الوحدات السكنية، لا سيما في رمت أفيف ورمت غان. وتُقدّر الخسائر المادية الإسرائيلية المباشرة بما يتراوح بين 150 و200 مليون شيكل.
وقف إطلاق النار: حقيقة أم مراوغة؟
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مساء الأحد عن التوصل إلى اتفاق ثلاثي بين الولايات المتحدة، وإسرائيل، وإيران لوقف إطلاق النار، سيدخل حيز التنفيذ في غضون ست ساعات ويدوم 12 ساعة قابلة للتجديد، على أن تُعلن نهاية الحرب رسميًا بعد ذلك.
غير أن مسؤولًا إيرانيًا كبيرًا نفى عبر شبكة CNN وجود أي اتفاق أو مقترح، مؤكدًا أن "إيران لا ترى أي مبرر لوقف إطلاق النار، والعدوان لا يزال مستمرًا، وستكثف إيران ضرباتها الانتقامية".
آفاق الصراع: تهدئة هشة أم حرب طويلة؟
رغم المبادرات الدبلوماسية، تبقى التهدئة هشة وقابلة للانهيار في أي لحظة، في ظل غياب الثقة بين الأطراف، وتباين التصريحات حول طبيعة الاتفاق. ويرى مراقبون أن تل أبيب تسعى لإنهاء العمليات سريعًا بعد تحقيق أهدافها العسكرية، بينما تراهن طهران على استنزاف الإرادة السياسية الدولية والضغط عبر التصعيد المحدود.
ويُتوقع أن تُحدد الساعات القادمة ملامح المرحلة المقبلة: إما تثبيت التهدئة وتحويلها إلى هدنة دائمة، أو العودة إلى ساحة التصعيد المفتوح.