"اغتيال الصحفيين" بغزة.. "إسرائيل" تنتقم من خسارتها للعالم بالقتل "دون اكتراث"
تاريخ النشر: 12th, August 2025 GMT
غزة - خاص صفا
تريد "إسرائيل" من اغتيال الصحفيين البارزين ومن يخلفهم، تقليل وجود الصورة بقطاع غزة، لكنها في ذات الوقت لا يعنيها ردة فعل العالم، الذي باتت على قناعة بأنها تخسره، وما حدث بجريمة اغتيال مراسل "الجزيرة" أنس الشريف، يعكس ذلك.
ومهدت "إسرائيل" لاغتيال الصحفي أنس الشريف، الذي خلف في شجاعته وتغطيته الشاملة لحرب الإبادة، الشهيد الصحفي أحمد الغول، وهو مسلسل ستستمر فيه، لثلاثة عوامل رئيسية.
واغتال جيش الاحتلال الإسرائيلي في وقت متأخر من مساء يوم الأحد 10 أغسطس/آب 2025 الصحفي أنس الشريف و5 آخرين، بعدما استهدف خيمة للصحفيين قرب مستشفى الشفاء بغزة.
وقتل جيش الاحتلال 238 صحفيًا، منذ بدء حرب الإبادة على غزة.
مرحلة عدم الإجداء
ويقول المختص بالشأن الإسرائيلي عماد عوّاد لوكالة "صفا"، إن "إسرائيل كانت تمهد لقتل أنس الشريف وزملائه، وليس وحده، كون هناك مجموعة من الشهداء لاشك أبرزهم أنس وفريقه".
ويضيف "هذا التمهيد والقتل على مرأى من العالم، يأتي لعدة أسباب، الأول أن إسرائيل وصلت لمرحلة تعتقد هي فيها أنه لم يعد يجدي بالنسبة لها توضيح وجهة نظرها للعالم".
ولثلاث عوامل أساسية لم تعد تريد توضيح شيء للعالم، الأول أنها-"إسرائيل"- تقر أنها خسرت العالم والشارع العالمي والشعوب العربية.
وفي هذا السياق، يشير عواد إلى أن هناك معطيات ملفتة في أمريكا وأوروبا بهذا الخصوص، مضيفًا "وإذا لاحظتم قبل يومين كان خطاب بنيامين نتنياهو، مُركز حول قضية إسرائيل والإعلام والزعم أنها مظلومة، وبالرغم من هذا هناك حالة من اليأس داخل الكيان بشأن ذلك".
ويرى عواد أن الأمر الثاني لعدم اكتراث الاحتلال بما يرتكبه، هو حالة التطرف في "إسرائيل" وهويتها الجديدة التوراتية القائمة على ما قاله الحاخام "إلياهو مالي"، إنه "يجب قتل كل من يتواجد في قطاع غزة من صغير وكبير، لدرجة أنه اعتبر الجندي الذي لا يقتلهم عاصي يجب ملاحقته.
ومن وجهة نظره أن الأمر الثالث هو المواقف الدولية على مستوى الحكومات، والتي اتسمت بأنها رادعة بالنسبة لها، وبالتالي استمرّت باستهدافهم دون اكتراث.
تقليل الصورة
وأيضًا يعتقد عواد أن"إسرائيل" تقتل الصحفيين، بسبب ما هو قادم في غزة، موضحًا أنها معنية بتقليل وجود الصورة بغزة، وقناة "الجزيرة" بالنسبة لها نصف والعالم نصف آخر فيما يتعلق بالتغطية الإعلامية، وهي الأكثر تأثيراً وحضوراً.
"وبالتالي فإن هذه القضية مزعجة لها، وتحاول ردع من يأتي بعد الشريف، ومن بعده، بإرسال رسالة مفادها حاولها خط آخر ولا تخلد هذا الموقع بالأقل"، يقول عواد.
ولكن المختص السياسي لا يرى أن ما تفعله "إسرائيل" سياسة رادعة بالصورة المطلقة، بل انتقامية، قائلاً "هي اغتالت الغول وجاء الشريف بصورة أقوى، واغتالت أبو عاقلة وزادرت التغطية للجزيرة في الضفة، واغتالوا 200 صحفي والتغطية مستمرة بازدياد".
ويلفت إلى أن قتل الشريف بالتزامن مع قرار السماح للصحافة الأجنبية بالدخول لغزة، يجب الوقوف عندها، مضيفًا "هما يجب التفحص ومعرفة هوية الوكالات المقصودة، فإذا ما كان الاختيار انتقائي، فالأمر في حينها يكون موجهة بشكل أو بآخر لخدمة روايتها".
ويُجزم بأن حتى إذا كانت كل الصحافة الأجنبية ستدخل، فكما قلت لم تعد "إسرائيل" تخشى شيء، فيما يتعلق بهذه القضية، لأن الأمور مفضوحة وحاولت أن تغيب الصورة ولم تستطع ذلك.
ضمن استعدادات
وبالرغم من اتهامات "إسرائيل" للشريف، إلا أنها ليست جديدة، وكان بإمكانها اغتياله منذ فترة، لكن يبدو أنه جاء ضمن استعدادات لشن عملية لاحتلال مدينة غزة، كما يقول المحلل السياسي عادل شديد.
ويؤكد لوكالة "صفا"، أن "إسرائيل" سعت إلى قتل فريق قناة الجزيرة في المدينة، للتأثير على التغطية الصحفية للقناة هناك، في ظل التغطية الواسعة لها منذ بداية الحرب.
ويتفق مع عواد بالقول "إن إسرائيل تقتل دون حسب ولا رقيب، ولا أي قلق من ذلك، ولهذا نراها مستمرة بقتل المجوعين قرب مراكز التوزيع، وتقصف المستشفيات وغيرها، سواء كان ذلك ردعًا أو لا".
وتشير التقارير الدولية إلى استهداف "إسرائيل" مقصود للأطفال، بل شهد بذلك جنود خدموا في غزة، ولذلك فإن سياسة القتل بهدف الضغط والردع والترهيب سياسة قديمة، حسب شديد.
ويستطرد "بل إن هذا نهج ينفذ عسكرياً بتعليمات المستوى السياسي، وفي ظل غطاء ودعم أمريكي مفتوح".
ويلفت إلى أن "إسرائيل لم تسمح بدخول الصحافة الأجنبية إلى غزة بمفهوم الدخول الحر، بل تريد أن تبقى زيارات الصحفيين بمرافقة عسكرية، وتصريحات نتنياهو بهذا الشأن تأتي فقط في هذا السياق".
ويرى أن ادعاء "نتنياهو" بأن المنع كان هدفه حماية الصحفيين الأجانب من الإصابة أو القتل، هو ادعاء كاذب، موضحًا أن هدف منع تعدد المصادر التي تنقل حقيقة ما يحدث في غزة بكافة لغات العالم.
وينتهي بالقول إن اغتيال الصحفيين الستة، كأنه رسالة من نتنياهو للصحفيين الأجانب بأن لا يفكروا بدخول غزة.
ومنذ أكتوبر للعام 2023 ترتكب "إسرائيل" بدعم أمريكي، حرب إبادة جماعية وجريمة تجويع، أدت لاستشهاد ما يزيد عن 61 ألف شهيد، بالإضافة لما يزيد عن 145 ألف إصابة، وما يزيد عن 14 ألف مفقود تحت الأنقاض.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: غزة اسرائيل الصحفيين أنس الشریف
إقرأ أيضاً:
أنس الشريف ومحمد قريقع| إسرائيل تواصل استهداف الصحفيين في غزة.. وهذه لحظاتهما الأخيرة
أفادت وسائل إعلام فلسطينية باستشهاد صحفيين اثنين جراء قصف مباشر شنته قوات الاحتلال الإسرائيلي على خيمة مخصصة للصحفيين أمام مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة، وذلك وفق ما ذكرته “القاهرة الإخبارية”.
وفي وقت لاحق، أعلن ارتفاع حصيلة الشهداء نتيجة هذا الاستهداف إلى ثلاثة، قبل أن يتبين أن عدد الصحفيين الذين ارتقوا في الغارة الجوية الإسرائيلية على خيمة الصحفيين بلغ خمسة، في استمرار واضح لانتهاكات الاحتلال ضد الإعلاميين، بما يشكل خرقا صارخا للقانون الدولي.
وقد نفذ الاحتلال عملية اغتيال مباشرة استهدفت الخيمة التي كان يتواجد فيها الصحفيون بالقرب من مستشفى الشفاء، وأسفرت عن استشهاد خمسة منهم، من بينهم الصحفيان أنس الشريف ومحمد قريقع.
من جانبه، أدان مكتب الإعلام الحكومي في غزة بأشد العبارات هذه الجريمة الوحشية التي ارتكبها جيش الاحتلال بحق الصحفيين، واصفا إياها بأنها عملية اغتيال متعمدة ومقصودة نفذت مع سبق الإصرار والترصد.
وكشف المكتب عن أسماء الصحفيين الذين استشهدوا في القصف، وهم:
- أنس الشريف
- محمد قريقع
- إبراهيم ظاهر
- مؤمن عليوة (مصور صحفي)
- محمد نوفل (مساعد مصور صحفي)
وأشار المكتب إلى أن هذا الاستهداف المتعمد لخيمة الصحفيين أدى أيضا إلى إصابة عدد من الإعلاميين الآخرين.
ارتفع عدد الصحفيين الشهداء لـ 237 صحفياوباستشهاد هؤلاء الزملاء، ارتفع عدد الصحفيين الذين قتلوا على يد الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة منذ بدء العدوان إلى 237 صحفيا، في سياق ما وصفه المكتب بـ"الإبادة الجماعية".
وأكد مكتب الإعلام الحكومي أن استهداف المؤسسات الإعلامية والعاملين فيها يعد جريمة حرب مكتملة الأركان، تهدف إلى إسكات صوت الحقيقة وطمس معالم الجرائم التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني، معتبرا أن هذا التصعيد يندرج ضمن خطة ممنهجة لتغطية المجازر الماضية والاستعداد لارتكاب مجازر جديدة.
وفي بيانه، حمل المكتب الاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب الإدارة الأمريكية وكافة الدول الداعمة له، المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم المنظمة بحق الإعلاميين الفلسطينيين.
وطالب المكتب كلا من الاتحاد الدولي للصحفيين، واتحاد الصحفيين العرب، والمنظمات الحقوقية والإعلامية الدولية، بإدانة هذه الجرائم بشكل واضح، واتخاذ خطوات عاجلة لتوفير الحماية اللازمة للصحفيين في غزة، وضمان ملاحقة قادة الاحتلال قضائيا على جرائمهم بحق الصحافة وحرية التعبير.
وأشار البيان إلى أن الاحتلال يستهدف بشكل مباشر الصحفيين والمراسلين في محاولة منه لإسكات الإعلام، لا سيما أولئك الذين يتمتعون بحضور وتأثير واسع، مثل الصحفي إسماعيل الغول الذي تم اغتياله قبل أشهر.
من جانبه، أقر جيش الاحتلال رسميا بتنفيذ الغارة التي استهدفت خيمة الصحفيين أمام مجمع الشفاء الطبي، والتي أسفرت عن سقوط الشهداء الخمسة.
وفي السياق ذاته، أدان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بشدة الجريمة الإسرائيلية بحق الصحفيين الخمسة، مؤكدا أن هذا الاستهداف يأتي ضمن سياسة إسرائيلية ممنهجة لإسكات شهود الحقيقة، خاصة بعد المؤتمر الصحفي الأخير لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، والذي تضمن تحريضا صريحا على وسائل الإعلام وتأكيدا على نية الاحتلال المضي قدما في مخطط السيطرة الكاملة على غزة.
وشدد المرصد على أن إعلان الاحتلال مسؤوليته المباشرة عن اغتيال الصحفي أنس الشريف يعكس استهتارا فاضحا بالقانون الدولي، ويجسد بوضوح آثار الإفلات من العقاب، في ظل تواطؤ المجتمع الدولي وصمته المستمر تجاه الجرائم المرتكبة بحق الصحفيين والمدنيين الفلسطينيين.
وكتب أنس الشريف في رسالته الأخيرة عبر حسابه الشخصي في فيسبوك: "الاحتلال يلوح باجتياح غزة بجدية، والمدينة تنزف منذ 22 شهرا تحت نيران البر والبحر والجو، شهداؤها بعشرات الآلاف وجرحاها بمئات الآلاف، وإن لم يتوقف هذا الجنون، فلن يبقى من غزة سوى الركام، وستغيب صورة وصوت أهلها، وستسجّلكم ذاكرة التاريخ كشهود صامتين على جريمة إبادة لم يفعل أحد شيئا لوقفها".
من هو أنس الشريف؟يعد أنس الشريف أحد الصحفيين البارزين الذين نقلوا للعالم مشاهد الدمار والمجازر في غزة، حتى اللحظات الأخيرة من حياته، ليسجل استشهاده فصلا جديدا من استهداف الاحتلال للصحفيين.