وسط تصاعد الجدل في الأوساط السياسية والإعلامية بشأن نتائج الضربات الأمريكية الأخيرة على المنشآت النووية الإيرانية، شنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هجومًا لاذعًا على وسائل الإعلام الأمريكية، متهمًا إياها بتضليل الرأي العام وتعمّد تشويه "نجاح عسكري غير مسبوق".

وتصريحات ترامب جاءت عقب نشر تقارير استخباراتية تشير إلى أن الضربات لم تحقق الأهداف المعلنة بشكل كامل، وهو ما اعتبره البيت الأبيض "مضللًا"، في حين تؤكد الإدارة الأمريكية أن البرنامج النووي الإيراني تلقى "ضربة موجعة".

 ترامب يهاجم cnn

اتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كلًا من شبكة CNN وصحيفة نيويورك تايمز بنشر تقارير "كاذبة" و"فاشلة"، وكتب عبر منصته "تروث سوشيال" قائلًا: "شبكة CNN الكاذبة، بالتعاون مع صحيفة نيويورك تايمز الفاشلة، تضافرت جهودهما لتشويه سمعة إحدى أنجح الضربات العسكرية في التاريخ".


وأكد ترامب أن "المواقع النووية في إيران مدمرة بالكامل!"، مشيرًا إلى أن المؤسستين الإعلاميتين تتعرضان الآن لـ"انتقادات لاذعة من الرأي العام" بسبب ما وصفه بـ"تضليل متعمد يخدم أجندات سياسية داخلية".

هل فشلت الضربات؟

وفي المقابل، أظهر تقييم استخباراتي أمريكي سري -كُشف عنه عبر صحيفة نيويورك تايمز وشبكة CNN– أن الضربات العسكرية الأمريكية التي استهدفت ثلاثة مواقع نووية إيرانية نهاية الأسبوع الماضي لم تُدمّر المكونات الأساسية للبرنامج النووي الإيراني، وإنما تسببت فقط في تأخير تقدمه لعدة أشهر.


ونقل التقرير عن سبعة مصادر مطلعة قولهم إن التقييم الأولي يشير إلى أن إيران لا تزال قادرة على إعادة بناء منشآتها بسرعة نسبية، مما يثير تساؤلات حول فاعلية العملية العسكرية التي قادتها واشنطن.

المخابرات مخطئة والتقييم غير دقيق

في رد مباشر على هذه التقارير، صرّح ستيف ويتكوف، المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط، بأن "القول بأن الضربات لم تدمر المنشآت النووية التي استهدفناها هو أمر سخيف تمامًا"، مؤكدًا أن "التقييمات المتداولة لا تعكس حقيقة ما جرى على الأرض".


كما أعلن الرئيس ترامب أن منشأة "فوردو" النووية تحت الأرض قد "انتهت"، حسب تعبيره، مشيرًا إلى أن صور الأقمار الصناعية أظهرت أضرارًا جسيمة في البنية التحتية للموقع.

الجيش الإسرائيلي يدعم الرواية الأمريكية

من جانبه، أعلن الجيش الإسرائيلي -الذي شارك استخباراتيًا في الضربات- أنه قصف الطرق المؤدية إلى منشأة فوردو النووية الإيرانية، بهدف عرقلة قدرة طهران على الوصول للموقع وإجراء إصلاحات سريعة.

واعتبرت تل أبيب أن ما جرى يشكل "رسالة ردع استراتيجية"، ويُظهر أن المنشآت المحصنة لم تعد بمنأى عن التهديد.

تكشف هذه التطورات عن اشتداد معركة "الرواية الإعلامية" داخل الولايات المتحدة، ليس فقط بشأن مدى نجاح الضربة العسكرية، بل حول الثقة في الاستخبارات والإعلام. ففي حين يسعى البيت الأبيض لترسيخ صورة نجاح مدوٍ، تسعى وسائل إعلام بارزة إلى تقديم صورة أكثر تحفظًا، مدعومة بتقارير من مصادر استخباراتية تشكك في تأثير العملية على المدى البعيد.

تأثير سياسي داخلي وخارجي

يأتي هذا السجال في وقت حساس سياسيًا، إذ يستعد ترامب لحملته الانتخابية المقبلة، ويحتاج إلى دعم داخلي يُعزز صورته كقائد حاسم ضد التهديدات الخارجية. في المقابل، تخشى بعض المؤسسات أن يؤدي تضخيم الإنجازات العسكرية إلى تجاهل الدروس الحقيقية من فشل أو قصور الضربات السابقة ضد برامج مشابهة مثل كوريا الشمالية.

على الصعيد الدولي، تعكس التصريحات الأمريكية رغبة في إرسال رسالة قوية إلى إيران والدول الكبرى بأن "الخيار العسكري لا يزال قائمًا"، بينما تؤكد طهران أنها ستواصل برنامجها النووي ضمن الأطر السلمية، لكنها تحتفظ بحق الرد في حال تكرار الاعتداءات.

وتبدو الساحة الأمريكية اليوم منقسمة بين من يروّج لنجاح الضربات النووية على إيران، ومن يحذر من المبالغة في نتائجها. وبينما يُصعّد ترامب من لهجته ضد الإعلام لتكريس سرديته الخاصة، تبقى الحقيقة مرهونة بكشف تفاصيل أدق حول مدى الضرر الفعلي الذي لحق بالمنشآت الإيرانية، وهو ما سيحدّد طبيعة الجولة المقبلة في الصراع المحتدم بين واشنطن وطهران وربما في السباق الرئاسي الأمريكي نفسه.

ومن جانبه، قال الدكتور عمرو حسين، الباحث في العلاقات الدولية، إن الهدنة جاءت في توقيت شديد الحساسية، وتُمثّل جزءًا من إعادة ترتيب المشهد الإقليمي بعد الضربات الأمريكية على منشآت نووية إيرانية.

وأضاف في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن الجدل المتصاعد داخل الولايات المتحدة بشأن مدى نجاح تلك الضربات، واتهامات ترامب للإعلام الأمريكي بتضليل الرأي العام، يعكس أن الساحة السياسية والأمنية مرشحة لمزيد من التصعيد، وليس التهدئة فقط.

ورأى حسين أن الرئيس دونالد ترامب يسعى حاليًا لتوظيف العملية العسكرية ضد إيران كأداة لتعزيز موقعه في الداخل الأمريكي، ويهدف إلى ترسيخ رواية رسمية مفادها أن الضربة كانت ناجحة ومؤثرة.

ولكن الواقع – بحسب حسين – يكشف أن التقييمات الاستخباراتية المتضاربة تفتح الباب أمام تساؤلات حقيقية حول مدى جدوى هذه الضربات، لا سيما أنها لم توقف البرنامج النووي الإيراني، بل أخّرته لبضعة أشهر فقط.

واعتبر حسين أن هذه الهدنة، وإن بدت تهدئة عسكرية، فإنها تمثل بالأساس هدنة سياسية مؤقتة بين أطراف إقليمية ودولية، وأن استمرارها سيكون مرهونًا بتوازن دقيق بين رغبة واشنطن في استعراض القوة، ورغبة إيران في تفادي صدام مباشر، مشددًا على أن تباين الروايات بشأن نتائج الضربة يعكس ليس فقط انقسام الداخل الأمريكي، بل وأيضًا هشاشة المرحلة المقبلة التي تتأرجح بين التصعيد المدروس والتفاوض المشروط.

طباعة شارك ترامب إيران إسرائيل حرب إيران

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ترامب إيران إسرائيل حرب إيران

إقرأ أيضاً:

ممر زانجيزور.. تركيا تؤيد وإيران تعارض المشروع الأمريكي

أنقرة (زمان التركية)ــ رحّبت تركيا بالاتفاق بشأن ممر زانجيزور، الذي سيربط أذربيجان بنخجوان عبر أرمينيا. من جانبها، تنتقد إيران دور الولايات المتحدة في المشروع.

وقال وزير الخارجية هاكان فيدان: “إذا تم تنفيذ ممر زانجيزور كما نتصوره، فإنه سيكون مرحلة مهمة من ممر النقل الذي سيمتد دون انقطاع من أوروبا إلى أعماق آسيا”.

وفي مؤتمر صحفي مشترك عقب لقائه وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في العلمين، قال فيدان: “سيكون هذا طريقًا متعدد الأغراض، يربط تركيا ليس فقط بآسيا الوسطى عبر القوقاز وبحر قزوين، بل أيضًا بالعالم التركي مباشرةً. سيربط العالم التركي بأوروبا عبر تركيا ، وسيربط أوروبا بأعماق آسيا عبر تركيا”.

وأضاف الوزير فيدان: “أعتقد أن هذا سيكون تطوراً مفيداً للغاية. وآمل أن يتم تنفيذه قريباً”.

إيران غير مرتاحة للمشروع

اعترضت أذربيجان وأرمينيا وإيران، جارة تركيا، على الدور الأمريكي. وصرحت وزارة الخارجية الإيرانية، في بيان، بأن “فتح طرق النقل لن يعود بالنفع على شعوب المنطقة إلا إذا تم في إطار المصالح المشتركة والحقوق السيادية وسلامة الأراضي”، وحذرت من أن “التدخلات الخارجية قد تضر بأمن المنطقة”.

وقال علي أكبر ولايتي، مستشار الزعيم الروحي الإيراني علي خامنئي، إنهم “لن يسمحوا بممر مدعوم من ترامب”.

صرح ولايتي لوكالة تسنيم الإيرانية للأنباء أن تنفيذ الخطة “سيُعرّض أمن جنوب القوقاز للخطر”. وأضاف ولايتي أن المشروع، الذي سيربط أذربيجان بجمهورية نخجوان ذات الحكم الذاتي، ويُطلق عليه اسم “طريق ترامب الدولي للسلام والازدهار”، “فكرة مستحيلة ولن تُنفّذ”.

ويقول الخبراء إن إيران تشعر بالقلق من فقدان الوصول المباشر إلى أرمينيا بسبب الممر، وإن القضاء على الحاجة إلى اتصال بين نخجوان وأذربيجان عبر الحدود الإيرانية في الوضع الحالي يعني خسائر اقتصادية لطهران.

مشروع ترامب

وقّع الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان إعلانًا مشتركًا وُصف بأنه “تاريخي” أمس في البيت الأبيض، باستضافة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب . وتشمل الاتفاقية تطوير الولايات المتحدة لممر زانجيزور، الذي سيربط أذربيجان بنخجوان عبر أرمينيا.

لطالما طالبت أذربيجان، التي تتبع إليها جمهورية نخجوان ذات الحكم الذاتي، بتنفيذ هذا الممر. وتقع نخجوان على الحدود التركية، ولا تربطها بأذربيجان أي صلة برية مباشرة.

بموجب الاتفاق، ستؤول حقوق تطوير ممر زانجيزور، وهي منطقة استراتيجية غنية بالموارد الطبيعية، إلى الولايات المتحدة. وأعلن ترامب أن تشغيل الممر، المسمى “مسار ترامب الدولي للسلام والازدهار”، والذي أعلن أنه سيُطوَّر باستثمارات من شركات أمريكية، قد نُقل إلى الولايات المتحدة لمدة 99 عامًا.

Tags: مشروع ترامبممر زانجيزور

مقالات مشابهة

  • أمريكا والصين تمددان هدنة الرسوم الجمركية
  • العدل الأمريكية تحذر من تحول البلاد لدولة فاشلة بإلغاء رسوم ترامب
  • غياب الثقة في واشنطن مستمر.. إيران ترحب بتقليص أنشطتها النووية مقابل رفع العقوبات
  • إصابات تضرب دفاع النصر قبل موقعة الاتحاد في السوبر
  • احمد موسي يعلق على انتشار الجيش الأمريكي في الشوارع
  • الهند تقدر أن نحو 55% من السلع المصدّرة إلى أمريكا ستخضع لرسوم ترامب الجمركية
  • تسجيلات صوتية لحادث التصادم بين طائرة الركاب الأمريكية والمروحية العسكرية في واشنطن ..فيديو
  • ممر زانجيزور.. تركيا تؤيد وإيران تعارض المشروع الأمريكي
  • معركة تكساس الانتخابية تشتعل.. انسحاب جماعي للديمقراطيين لتعطيل مخطط ترامب
  • عاجل. ضربة للجهود.. الحكومة السورية تدين مؤتمر قسد حول اللامركزية: لن نشارك في اجتماعات باريس