جريدة الرؤية العمانية:
2025-08-12@08:41:15 GMT

الحروب.. واستنزاف الدول

تاريخ النشر: 25th, June 2025 GMT

الحروب.. واستنزاف الدول

 

 

 

فايزة بنت سويلم الكلبانية

[email protected]

 

 

السلام والتنمية يشكلان الركيزة الأساسية التي تنطلق منها الشعوب نحو مستقبل مزدهر ومستقر، ومع ذلك، فإن منطقتنا العربية لا تزال تعاني من واقع مرير يحول دون تحقيق هذه الغاية، الحروب المشتعلة في اليمن وسوريا والعراق وفلسطين، إضافة إلى التوترات المستمرة في إيران وأماكن أخرى، تضع المنطقة في حالة دائمة من الاستنزاف تمنعها من استغلال مواردها وتحقيق تطلعات شعوبها.

هذه الحروب ليست مجرد أزمات عابرة، بل هي نتيجة مخططات متعمدة تهدف إلى إبقاء العالم العربي في حالة من الفوضى والضعف، الدور الوظيفي الذي تؤديه إسرائيل في هذا السياق يعد من أبرز العوامل التي تؤجج هذه الصراعات، فمنذ قيامها، لم تكن إسرائيل مجرد كيان يحتل الأراضي الفلسطينية ويمارس العدوان على شعبها، بل أصبحت أداة استراتيجية تعمل لصالح القوى الغربية لتحقيق أهدافها في المنطقة.

في كل عدوان تشنه إسرائيل، سواء على غزة أو الضفة الغربية، يتضح جليًا الهدف الأكبر في استنزاف العالم العربي وإبقاؤه منشغلًا بصراعاته الداخلية، والحصار المستمر على غزة، وتدمير البنية الأساسية، وتهجير الفلسطينيين، ليست سوى ممارسات تهدف إلى تعميق الجراح وتشتيت الجهود العربية نحو قضايا التنمية والبناء.

وعلى الجانب الآخر، نجد أن التدخلات الغربية في دول مثل العراق وسوريا واليمن تزيد الوضع تعقيدًا، الغزو الأمريكي للعراق في 2003، بحجج واهية، أدى إلى تدمير البلاد وإشعال الفتنة الطائفية التي لا تزال آثارها قائمة حتى اليوم، الحرب في سوريا، التي بدأت كحراك شعبي، تحولت إلى ساحة صراع دولي، حيث تدخلت قوى إقليمية وعالمية لتأجيج الصراع وتحقيق مصالحها على حساب الشعب السوري.

اليمن هو الآخر يعاني من حرب مدمرة أكلت الأخضر واليابس، حيث يواجه الملايين خطر المجاعة والأمراض، في حين تتفاقم الكارثة الإنسانية يومًا بعد يوم، هذه الحروب المستمرة، إلى جانب الحصار الاقتصادي المفروض على إيران والتوترات المتصاعدة في المنطقة، تشكل منظومة متكاملة تهدف إلى إبقاء الدول العربية والإسلامية في حالة عجز دائم.

في ظل هذا الواقع المؤلم، تبدو التنمية وكأنها حلم بعيد المنال، فكيف يمكن لدول تعيش في حالة حرب دائمة أن تبني اقتصادًا قويًا أو تحقق استقرارًا اجتماعيًا؟ الحروب لا تقتل فقط الأرواح، بل تدمر البنية الأساسية، وتستنزف الموارد، وتخلق أجيالًا تعاني من الفقر والجهل، السلام هو الشرط الأساسي لتحقيق أي شكل من أشكال التنمية المستدامة.

لكن السلام لا يُمكن أن يتحقق بوجود هذه السياسات التي تهدف إلى إبقاء منطقتنا في حالة ضعف دائم. إنهاء الحروب يتطلب وعيًا جماعيًا بالمخاطر الحقيقية التي تواجهنا، وإرادة سياسية قوية تتجاوز المصالح الفردية وتضع مصلحة الشعوب فوق كل اعتبار.

إعادة بناء العالم العربي تبدأ من تجاوز الخلافات الداخلية، وتوحيد الصفوف في مواجهة التحديات المشتركة، الشعوب العربية أثبتت مرارًا قدرتها على التحدي والصمود، ولكنها بحاجة إلى قيادة رشيدة قادرة على توجيه هذه الطاقات نحو البناء والتنمية.

فقدنا في صراعاتنا الممتدة قيادات وعلماء ومفكرين كانوا يتمتعون بعقول نيرة ومهارات استثنائية قادرة على بناء الأوطان وخدمة الأمة، نيران الحروب حرمتنا من عطائهم، وأضاعت فرصًا ثمينة لتغيير مجرى التاريخ.

هذا الاستنزاف للعقول لا يخدم سوى الأجندات الخارجية التي تبقي منطقتنا في ضعف دائم، إن إدراك هذه الخسائر يحتم علينا العمل لوقف الحروب، وإعادة بناء مجتمعاتنا على أسس السلام والعدالة، لاستعادة العقول المهاجرة وتوجيهها نحو مستقبل أفضل.

إنَّ السلام ليس مجرد غياب الحروب، بل هو عملية شاملة تتطلب تحقيق العدالة الاجتماعية، ورفع مستوى التعليم والصحة، وتمكين الأفراد من المساهمة في بناء مُستقبلهم، هذا لا يمكن أن يتحقق إلا إذا نجحنا في تجاوز الأجندات المفروضة علينا، ورفضنا التدخلات التي تهدف إلى إبقاء منطقتنا ساحة لصراعات الآخرين.

الحروب المشتعلة في منطقتنا ليست قدَرًا محتومًا؛ بل هي نتيجة سياسات يُمكن تغييرها إذا توفرت الإرادة، علينا أن ندرك أنَّ السلام والتنمية هما حق مشروع لكل شعوب المنطقة، وأن طريقنا لتحقيق هذا الهدف يبدأ بوحدتنا وإيماننا بقدرتنا على تجاوز المحن وبناء مستقبل أفضل.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ما أبرز اللقاءات التي جمعت بين ترامب وبوتين منذ 2017؟

يلتقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 15 آب/ أغسطس الجاري، وذلك في ألاسكا لبحث مستقبل الحرب في أوكرانيا، وهو اللقاء السادس الذي سيجمع الطرفين منذ 2017.

وأعلن ترامب عن الاجتماع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن يؤكد المتحدث باسم الكرملين الموعد، مشيرًا إلى أن اختيار ألاسكا "منطقي" نظرًا لقربها النسبي من روسيا.



اللقاء الأول
كان أول لقاء بين الطرفين في 28 كانون الثاني/ يناير 2017 هاتفيًا؛ ,أجرى ترامب أول اتصال مع بوتين منذ توليه الحكم، حيث تناول الطرفان حينها الأزمة السورية ومعركة القضاء على تنظيم الدولة.

وجاء الاتصال قبيل موعد قمة حلف الناتو في بروكسل، وأشارت الإدارة الأمريكية إلى أن الطرفين عبّرا خلاله عن أملهما في "إصلاح العلاقات ومواصلة التعاون في مكافحة الإرهاب".

وفي 7 تموز/ يوليو 2017 من العام ذاته، في هامبورغ الألمانية ضمن قمة العشرين، التقى ترامب وبوتين لأول مرة وجهًا لوجه بحضور وزيرَي خارجيتي البلدين، وقال ترامب قبل اللقاء إنه يتطلع إلى "أمور إيجابية جدًا" بين الولايات المتحدة وروسيا.


ولاحقًا أبلغ وزير الخارجية الأمريكي حينها ريكس تيلرسون الصحافة أن الرئيسين ناقشا الملف السوري، واتفقا، بالاشتراك مع الأردن، على إقامة "منطقة تخفيف تصعيد" في جنوب غرب سوريا لتعزيز وقف إطلاق النار.

وتطرقت المحادثات وقتها إلى الأمن السيبراني، واتفق الزعيمان على استكشاف آلية لـ"منع التدخل الإلكتروني في الانتخابات".

ولم يصدر بعد اللقاء بيان مشترك رسمي، لكن المراقبين لاحظوا أن ترامب لم يجب على أسئلة الصحافة حول التدخل الروسي في الانتخابات، وهو ما انتقده بعض النواب الأمريكيين الذين رأوا أنه تجنّب مواجهةً علنية، بحسب ما نقلت صحيفة "الغارديان" حينها.

اللقاء الثاني
في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، وفي فيتنام ضمن منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (APEC)، عقد الرئيسان عدة لقاءات غير رسمية على هامش القمة، وأصدرا بعدها بيانًا مشتركًا أكدا فيه عزمهما "هزيمة داعش في سوريا" وأعلنا أنه "لا يوجد حل عسكري للصراع السوري".
وشدد البيان على الحفاظ على قنوات اتصال عسكرية مفتوحة لتفادي حوادث خطرة في سوريا. وخلال اللقاءات الجانبية أبلغ ترامب الصحافيين أنه سأل بوتين مباشرة عن الاتهامات بالتدخل الانتخابي، فرد الأخير بالنفي "أنا لم أتدخّل"، فتوقف عن السؤال بعد ذلك.

وأثارت هذه التصريحات انتقادًا قويًا من معارضي ترامب في واشنطن، وكان أبرزها من النائب آدم شيف، وسط اتهامات بأن ترامب قبل بإنكار بوتين وعدم ردع روسيا.

وفي 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 أيضًا، أجرى الرئيسان مكالمة هاتفية استمرت نحو ساعة، وفق بيان للبيت الأبيض؛ غطى الاتصال مواضيع أمنية واسعة شملت سوريا وأوكرانيا وإيران وكوريا الشمالية وأفغانستان. وذكر البيت الأبيض أن الزعيمين أعربا عن عزمهما مواصلة التعاون لمواجهة الإرهاب والقضايا المشتركة.

وفي 14 كانون الأول/ ديسمبر 2017، أجرى ترامب اتصالًا مع بوتين ركّز على تطورات الوضع في شبه الجزيرة الكورية، وأوضح البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي شكر بوتين على "إشادة روسيا بأداء الاقتصاد الأمريكي القوي"، وتباحثا في سبل التنسيق لاحتواء التهديد النووي الكوري الشمالي.


وفي 11 شباط/ فبراير 2018 بعث ترامب رسائل تعزية لبوتين وروسيا إثر تحطم طائرة ركاب روسية أسفر عن مقتل 71 شخصًا، وأشارت وكالات روسية إلى أن ترامب عبر في المكالمة عن مواساته لبوتين على هذه المأساة.

أما في 20 آذار/مارس 2018، هنأ ترامب بوتين بفوزه بولاية رئاسية جديدة عبر مكالمة هاتفية، وقال مساعدون روس إن ترامب اقترح استضافة أول لقاء رئاسي ثنائي في البيت الأبيض، لكن المتحدثة باسم البيت الأبيض لم تؤكد إرسال دعوة رسمية وقالت إنهما ناقشا مواقع عدة محتملة.

اللقاء الثالث
في 16 تموز/يوليو 2018 في مدينة هلسنكي بفنلندا، جرت قمة ثنائية ولقاء رئاسي خاص لأول مرة بين الطرفين؛ تطرّق الزعيمان إلى ملفات عديدة مثل سوريا والشرق الأوسط واتهامات التدخل الانتخابي.

وجاءت أهم نتيجة إعلامية عندما أعلن ترامب في المؤتمر الصحفي المشترك أنه "لم يرَ سببًا" للاعتقاد بتدخل روسي في الانتخابات، مشيرًا إلى قبول إنكار بوتين لذلك.

ومرة أخرى، أثارت هذه المواقف جدلاً كبيرًا في الداخل الأمريكي، ووصفت أوساط المعارضة وأعضاء في مجلس الشيوخ مثل جون ماكين كلام ترامب بأنه "خطأ كارثي". وجاء ذلك وسط انتقاداتٍ من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، ولم يُعلن عن أي اتفاق رسمي في القمة، واكتفى الطرفان بالتأكيد على مواصلة الاتصالات مستقبلاً.

اللقاء المفترض
30 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، في مدينة بوينس آيرس بالأرجنتين، وأيضًا على هامش قمة العشرين، كان ترامب وبوتين من المقرر أن يجتمعا، إلا أن الاجتماع أُلغي رسميًا في اللحظة الأخيرة. علّق ترامب أن الإلغاء جاء بسبب "حادث أُجريت فيه استفزازات على سفن أوكرانية" قبالة القرم، بعد أن احتجزت روسيا تلك السفن في ذلك الوقت.

اللقاء الخامس
28 حزيران/يونيو 2019 وفي مدينة أوساكا باليابان، ومرة أخرى ضمن قمة العشرين، التقى ترامب وبوتين على هامش القمة في لقاءٍ استمر نحو 90 دقيقة، وعند سؤال ترامب عن التدخل الانتخابي قال مبتسمًا "لا تتدخلوا في الانتخابات، أرجوكم"، وهو ما أثار سخرية وانتقادات من نواب أمريكيين.

وأطلق ترامب حينها نكتة عن "الأخبار المزيفة" فاعتبرها البعض غير مناسبة في حضرة الصحافة. ولم ينتج عن اللقاء أي تفاهم جديد مهم، واكتفى الطرفان بوصفه "شرفًا كبيرًا" للعمل المشترك.


وفي 31 تموز/يوليو 2019 هاتف ترامب بوتين مجددًا لمتابعة تطورات حرائق الغابات في سيبيريا، وعرض ترامب مساعدة أمريكية لإخماد الحرائق، فأعرب بوتين عن امتنانه.

وأشارت تقارير إلى أن الزعيمين اتفقا أيضًا على مواصلة التنسيق بشأن قضايا أخرى مثل التجارة الثنائية، بحسب ما نقلت وكالة "رويترز" حينها.

منذ تلك المقابلات الأخيرة عام 2019 وحتى نهاية ولاية ترامب في 20 كانون الثاني/يناير 2021 لم ترد تقارير عن لقاءات رئاسية مباشرة معلنة بين ترامب وبوتين، وهو الأمر نفسه خلال فترة عمله خارج البيت الأبيض.

ومن المتوقع أن يركز اللقاء المرتقب، وهو الثاني من نوعه الذي يُعقد رسميًا وليس على هامش قمة أو محفل دولي، على وقف إطلاق النار في أوكرانيا، وقد تشمل المقترحات ما وصفته التقارير بـ"تبادل جزئي للأراضي" بين روسيا وأوكرانيا في مقابل وقف شامل للقتال.

وشدّد ترامب في تصريح لاحق على أن انعقاد اللقاء "لن يعتمد" على موافقة بوتين على لقاء مماثل مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وهو الذي حذر من أن أي قرار يُتخذ حول أوكرانيا "دون وجود أوكرانيا" سيكون قرارًا ضارًا بالسلام.

مقالات مشابهة

  • دولة حزب الله في لبنان التي انتهى زمنها
  • إمام أوغلو: غياب تركيا عن طاولة المفاوضات “تراجع دبلوماسي”
  • أنس.. الكلمة التي أرعبت الرصاصة
  • إعلام تحت القصف.. صالون الشئون العربية بالصحفيين يناقش أثر الحروب على مهنية الفضائيات الإخبارية
  • مبعوثة أممية تعرض ملامح خارطة جديدة للحل السياسي بليبيا
  • وقفة تضامنية امام نقابة الصحفيين تنديدا باغتيال الصحفيين الفلسطينيين في غزة
  • كاتبة إسرائيلية: هكذا تغذي المساعدات الإنسانية الحروب
  • مختص: تحديثات وزارة السياحة تهدف إلى تقديم تجربة نموذجية
  • عبدالمنعم سعيد: الاتفاقيات الاقتصادية بين الدول تُعد جزءًا من عملية السلام
  • ما أبرز اللقاءات التي جمعت بين ترامب وبوتين منذ 2017؟