الجديد برس| نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية تقريرًا يكشف تصاعد النشاط العسكري الأميركي في السعودية عبر قاعدة جديدة أقيمت قرب البحر الأحمر، في إطار التحضيرات لمواجهة محتملة مع إيران، وسط تصعيد متواصل في المنطقة وارتفاع التهديدات ضد القوات الأميركية. وبحسب الصحيفة، فإن القاعدة التي تقع على بعد نحو 20 ميلًا من سواحل السعودية الغربية، والمعروفة باسم منطقة الدعم اللوجستي جينكينز، ظلت مهجورة في الغالب منذ إنشائها، لكنها تحولت خلال العام الماضي إلى مركز إمداد رئيسي في ظل تنامي التوترات العسكرية مع إيران، وخصوصًا بعد الضربات الأميركية الأخيرة ضد المنشآت النووية الإيرانية، والرد الصاروخي الإيراني على القواعد الأميركية في الخليج.

وتشير تحليلات الصحيفة المعتمدة على صور أقمار صناعية ومصادر عسكرية أميركية إلى أن القاعدة شهدت توسعًا متسارعًا في منشآتها، شمل بناء مستودعات للذخيرة، وتوسيع مرافق إيواء القوات، وتعزيز التحصينات الأمنية، إلى جانب إنشاء منشآت جديدة لتخزين المعدات والوقود. وتؤكد الصحيفة أن هذه التوسعات تأتي في سياق سعي الولايات المتحدة لإبعاد بنيتها العسكرية عن مرمى الصواريخ الإيرانية قصيرة المدى، التي تغطي معظم القواعد الأميركية المنتشرة في الخليج وسوريا والعراق. وأوضحت الصحيفة أن مسؤولين أميركيين سعوا منذ سنوات لإنشاء قواعد لوجستية على البحر الأحمر، باعتبارها أكثر أمنًا مقارنة بالقواعد المنتشرة شرق الخليج، حيث يسهل على إيران ووكلائها استهدافها بالصواريخ والطائرات المسيّرة، بينما يتطلب استهداف القواعد الجديدة استخدام صواريخ متوسطة المدى أقل دقة وأضعف من حيث القدرة التدميرية. لكن رغم هذا البُعد الجغرافي عن إيران، تقول نيويورك تايمز إن القاعدة لا تزال في مرمى تهديدات الحوثيين في اليمن، الذين سبق لهم تنفيذ هجمات على سفن أميركية في البحر الأحمر، وتؤكد الحكومة الأميركية أنهم يحصلون على دعم وتسليح من طهران. وكشفت الصحيفة أن صور الأقمار الصناعية منذ بداية 2022 أظهرت القاعدة كموقع بدائي يحتوي على مخابئ ترابية ومنطقتين مرصوفتين دون وجود ملحوظ للأفراد، لكن منذ مطلع 2024، أظهرت الصور تحوّل القاعدة إلى معسكر متكامل، يضم عشرات المباني والخيام والمركبات، بالإضافة إلى مخازن ذخيرة كبيرة، بعضها يحتوي على حاويات يُعتقد أنها مخصصة للصواريخ البحرية. وبحسب التعاقدات الحكومية الأميركية التي حصلت عليها الصحيفة، ارتفع حجم الإنفاق على تجهيزات القاعدة لأكثر من 3 ملايين دولار منذ أوائل العام الجاري، تشمل شراء معدات، مركبات، وخيام، بالإضافة إلى إنشاء منشآت جديدة لتأمين ظروف معيشية ملائمة للقوات. وأشارت الصحيفة إلى أن وحدات من الجيش الأميركي، بينها قيادة الدعم الاستكشافي 364، تشارك حاليًا في تشغيل وإدارة القاعدة، التي استخدمتها القوات الأميركية مؤخرًا لتنفيذ تدريبات تحاكي عمليات نقل الإمدادات العسكرية عبر البحر الأحمر لدعم القوات المنتشرة في المنطقة، في مؤشر واضح على التحضيرات الأميركية لاحتمال اندلاع مواجهة مفتوحة مع إيران أو حلفائها. كما كشفت نيويورك تايمز أن الجيش الأميركي يعمل أيضًا على بناء موقعين لوجستيين آخرين في مطاري الطائف وجدة السعوديين، لكنهما أصغر وأقل نشاطًا من قاعدة جينكينز، ويُستخدمان بشكل أساسي كمخازن للذخيرة والوقود ومواقع دفاع جوي. وتظهر وثائق رسمية أميركية اطلعت عليها الصحيفة، أن هناك خططًا واسعة لتوسيع المنشآت في قاعدة جينكينز، تشمل إنشاء مناطق صيانة للمركبات، مناطق ترفيه ومعنويات للقوات، توسيع مخازن الذخيرة، تطوير البنية التحتية للمطار القريب، بالإضافة إلى أعمال بناء في قواعد أخرى داخل السعودية وبقية أنحاء الشرق الأوسط. ونقلت الصحيفة عن الجنرال الأميركي المتقاعد فرانك ماكنزي، القائد السابق للقيادة المركزية الأميركية، قوله إن إنشاء مثل هذه القواعد يمنح واشنطن أفضلية عسكرية في أي صراع محتمل مع إيران، مشيرًا إلى أنها تُسهّل عمليات الجيش الأميركي وتُصعّب المهمة على خصومه، على حد وصفه. وتأتي هذه التحركات العسكرية الأميركية في ظل تصاعد التوتر الإقليمي، خاصة بعد استهداف القواعد الأميركية في الخليج، وتزايد احتمالات انزلاق المنطقة إلى مواجهة أوسع بين واشنطن وطهران، وهو ما يرى مراقبون أنه سينعكس سلبًا على استقرار المنطقة، ويُهدد بتوسيع دائرة الحرب التي يدفع ثمنها شعوب المنطقة.

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: نیویورک تایمز البحر الأحمر مع إیران

إقرأ أيضاً:

نيويورك تايمز: لماذا ترفض أوكرانيا التنازل عن دونباس رغم ضغوط ترامب؟

تواجه فكرة "تبادل الأراضي" بين أوكرانيا وروسيا، التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بهدف إنهاء الحرب، رفضا واسعا في كييف، خاصة حين يتعلق الأمر بإقليم دونباس شرقي البلاد، وفق ما ورد في تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية.

لكن الصحيفة تقول إنه من غير الواضح ما إذا كانت روسيا على استعداد للتخلي عن أي أراض احتلتها أثناء الحرب في إطار فكرة التبادل هذه.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2وول ستريت جورنال: 7 محطات رئيسية في حرب روسيا وأوكرانياlist 2 of 2فورين أفيرز: لهذا فشلت محادثات السلام في أوكرانيا عبر السنوات الماضيةend of list

وحسب مسؤولين أوروبيين تحدثوا مع نظرائهم في إدارة ترامب حول محادثاتهم مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فإن موسكو تريد من أوكرانيا الانسحاب من كامل إقليم دونباس بشكل أحادي.

وفي الوقت ذاته، يؤكد المسؤولون الأوكرانيون أنهم لن يتخلوا عن أراضيهم مقابل وعود سلام مبهمة، وأنهم لا يثقون بأن روسيا ستلتزم بها.

وترى الصحيفة أن هذا الموقف لا ينبع فقط من مبدأ السيادة الإقليمية، بل من اعتبارات عسكرية وإنسانية وسياسية تجعل فكرة التخلي عن دونباس غير واردة في المخيلة الأوكرانية.

الأهمية العسكرية

وتشير "نيويورك تايمز" إلى أن إقليم دونباس كان مسرحا لبعض أشرس معارك الحرب العالمية الثانية، ولا يزال يمثل في الحرب الحالية جبهة قتال ضارية، خاصة في مدن مثل باخموت وأفدييفكا، حيث صمدت القوات الأوكرانية لسنوات، وأجبرت الروس على دفع ثمن باهظ لكل ميل يتقدمونه.

بيد أن باخموت وأفدييفكا هما المدينتان الوحيدتان اللتان تمكنت روسيا من السيطرة عليهما منذ السنة الأولى للحرب.

أما المدن التي لا تزال تحت السيطرة الأوكرانية فتربط بينها طريق واحدة تمتد من الشمال إلى الجنوب، وتشكّل خطا دفاعيا يحول دون تقدم القوات الروسية غربا عبر البلاد.

ويقول سيرهي كوزان، رئيس مركز الأمن والتعاون الأوكراني في كييف، إن التخلي عن أي من هذه المدن "يعني حرفيا انهيار هذا الخط الدفاعي بأكمله".

كما أن التخلي عن الإقليم سيمنح موسكو -وفقا للصحيفة الأميركية- السيطرة على تحصينات أنفقت أوكرانيا عشرات الملايين من الدولارات على إنشائها، إضافة إلى بنية تحتية حيوية للسكك الحديدية وأراض غنية بالمعادن والفحم.

إقليم دونباس يمثل جبهة قتال ضارية في الحرب الروسية الأوكرانية (غيتي)

وتمتد خلف المدن الصناعية المكتظة بالسكان -حسب تعبير التقرير- مساحات شاسعة تُعد بوابة أساسية إلى قلب أوكرانيا.

إعلان

ويرى "معهد دراسات الحرب" في واشنطن أن تسليم إقليم دونباس لموسكو دون قتال سيتيح لروسيا إعادة تنظيم قواتها والانطلاق مجددا تجاه الغرب.

على الصعيد الإنساني، يحذّر المسؤولون والمنظمات الحقوقية من أن سقوط دونباس تحت السيطرة الروسية قد يطلق شرارة كارثة إنسانية، يُضطر معها مئات الآلاف من الأوكرانيين إلى الفرار أو مواجهة العيش تحت حكم الاحتلال في ظل سجل موسكو الموثق بانتهاكات حقوق الإنسان، من اعتقالات تعسفية إلى التعذيب والإخفاء القسري، حسب تعبير الصحيفة.

وهناك أكثر من 200 ألف مدني يعيشون في منطقة دونيتسك الخاضعة لسيطرة أوكرانيا، وهي جزء من دونباس.

وعلى الصعيد السياسي، يرفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي -مسنودا بدعم شعبي واسع- أي مفاوضات تتضمن التنازل عن أراض، استنادا إلى مبدأ سيادي متجذر في الهوية الأوكرانية، وإلى نصوص الدستور التي تمنع ذلك. ويظهر أن رفض التخلي عن دونباس هو مسألة مبدأ وكرامة وطنية، بالإضافة إلى أنها قضية أمنية وإنسانية.

موقع غارة روسية بطائرة مُسيّرة على سوق في مدينة دروزكيفكا على خط المواجهة في منطقة دونيتسك (الأوروبية)

ورغم أن البيت الأبيض والكرملين لم يطرحا علنا خطة محددة لـ"تبادل الأراضي"، فإن الرفض السريع للفكرة من قبل الرئيس زيلينسكي يعكس واقعا أساسيا غالبا ما يُغفل عنه في الغرب، حسب المؤرخ الأوكراني ياروسلاف هريتساك.

ووفقا لهريتساك، فإن الهوية الأوكرانية تتمحور حول مبدأ سيادي متجذر، وإلى نصوص في الدستور تمنع حل أي قضية وطنية بمعزل عن الأوكرانيين.

ويعتقد المؤرخ أن هذا المبدأ هو الذي يفسر لماذا يحظى زيلينسكي بدعم واسع في الداخل رغم تراجع شعبيته، مشيرا إلى أن الدستور الأوكراني لا يمنحه أي صلاحية للتفاوض على التخلي عن أجزاء من البلاد.

ورغم هذه العراقيل، لا يستبعد هريتساك إمكانية التوصل إلى صفقة كبرى، لكن بشرط أن تتضمن انسحاب روسيا من جنوب أوكرانيا بالكامل. وحتى ذلك قد لا يكون كافيا -برأي الصحيفة الأميركية- لأن الأوكرانيين لا يرون هذه الأراضي مجرد مساحة جغرافية.

مقالات مشابهة

  • نيويورك تايمز: زوكربيرغ يزعج جيرانه
  • “هيئة السوق المالية” تقر قواعد استثمار الأجانب في الأسهم والصناديق وأدوات الدَّيْن
  • نيويورك تايمز: لماذا ترفض أوكرانيا التنازل عن دونباس رغم ضغوط ترامب؟
  • صنعاء تشدد إجراءاتها في البحر الأحمر استعدادًا لمرحلة جديدة من الإسناد لغزة
  • العراق يرفض الضغوط الأميركية ويدافع عن اتفاقه الأمني مع إيران
  • أنس الشريف ضد نيويورك تايمز.. القاتل فقط هو من يملك الحقيقة
  • قبل قمة ألاسكا.. نيويورك تايمز: ترامب يتبنى لهجة مختلفة تجاه بوتين
  • نيويورك تايمز: روسيا مشتبه بها في اختراق نظام ملفات المحكمة الفدرالية الأميركية
  • نشاط: “المعنويات جد مرتفعة لتحقيق الفوز ضد غينيا”
  • مظاهرات أمام مبنى صحيفة نيويورك تايمز للتنديد باغتيال صحفيي الجزيرة