سواليف:
2025-06-29@20:14:21 GMT

المفسدون في الأرض

تاريخ النشر: 29th, June 2025 GMT

#المفسدون_في_الأرض

د. #هاشم_غرايبه

استخلف الله بني آدم في الأرض ليعمروها، وعندما قبلوا الاضطلاع بهذا الأمر (الأمانة)، أخذ عليهم عهدا بحفظ هذه الأمانة، قد يقول قائل إنني لا أذكر أنني أعطيت ذلك العهد، إنه موثق ومسجل في النفس البشرية بصورة فطرة يجدها تقيّم سلوكاته (الضمير)، وتحدد له الصواب من الخطأ، وهذه الأمانة عهد بأن لا يفسدوا النظام الحيوي والبيئي الذي وضعه الله ليكفل توازنات دقيقة لعلاقات الكائنات ببعضها، وأي تغيير لها سيخلُّ بها جميعا، ومن أهمها أن الله هو الذي يودع الحياة في الأجساد (الروح)، فتصبح كائنات حية، وظائفها محددة بدقة، وأعدادها محسوبة بمقدار، وأي تدخل من قبل سيد هذه الكائنات (الإنسان)، بنزع الروح قبل الأجل المحدد من قبل الله يعتبر ظلما كبيرا، لأنه اعتداء على اختصاص الخالق الذي هو وحده من يحيي ويميت.


بدأ الظلم مبكرا، حينما قتل قابيل أخاه هابيل حسدا، لأجل ذلك كتب الله في أول شريعة أنزلها للبشر وهي التوراة تشريع القصاص، وهو قتل القاتل لردع من ينوي ذلك الفعل عن فعله، لأنه من قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا.
ورغم ذلك فقد كان الطمع يغري المجرمين بتنفيذ اجرامهم الشيطاني، وأخطر تلك الجرائم القتل الجماعي كما يحدث في الحروب، لأجل ذلك قدم الله شياطين الإنس على شياطين الجن في كل المواضع التي ورد ذكرهم في القرآن، فشياطين الإنس أبلغ ضررا وأكثر إيذاء.
يتمثل هؤلاء عبر التاريخ بالأباطرة والعسكر المستبدين، فهم الذين يشنون الحروب تلبية لآطماعهم وبحثا عن الأمجاد في الانتصار على الآخرين واخضاعهم.
رغم أن التاريح البشري لم يخلُ في أية حقبة من هؤلاء الذين كانوا يعيثون فسادا في الأرض، إلا أن الأميركيين سجلوا أرقاما قياسية في ذلك المضمار.
فمنذ البداية وحينما هاجر الأوروبيون إلى الأمريكتين طمعا بالثراء السريع، كان قوام هؤلاء المهاجرين مجرمين ذوي أسبقيات ومغامرين، وتشكل المجتمع الأمريكي فيما بعد من سلالة هؤلاء، لذلك ليس مستغربا انتشار هذه الروح الشيطانية التي تسم أفراد المجتمع، وتظهر بشكل ساطع في قادتهم وحكامهم، فقد ماتت ضمائرأجدادهم مبكرا حينما استمرأوا إبادة السكان الأصليين وسلبهم أراضيهم.
في الحرب العالمية الثانية، مارست أمريكا دورها الشيطاني بوضوح، فرغم أن كل المؤشرات كانت تشير الى انهزام اليابانيين، إلا أن الأميركيين لم يرغبوا في انتهاء الحرب قبل أن يجربوا مفعول القنبلة الذرية المدمر في البشر، كانت لديهم آنذاك قنبلتان الأولى من اليورانيوم والثانية من البلوتونيوم، وقد استخدموهما فعليا في هيروشيما ونجازاكي، وبعد استسلام اليابان واحتلالها، شكلوا لجنة لدراسة الآثار التدميرية، وقاموا بابشع عمل لا إنساني، إذ لم يقوموا بمعالجة المصابين من سكان المدينتين حتى لا تتأثر دراساتهم المسحية، بل تركوهم لحالهم ليتعرفوا على تطور حالاتهم وخاصة التحولات السرطانية.
في قصة ثانية تكشف الطبيعة المتوحشة لأمريكا، عندما كانت أميركا تتفاوض مع فيتنام لوقف الحرب عام 1972 في باريس، اصطدم الفيتناميون الشماليون بقيادة “لي دوك ثو” بموقف كيسنجر المتصلّب، الذي لا يريد السلام إلا تحت شرط واحد، وهو أن تكون المرحلة التالية في إدارة فيتنام للعملاء الأميركيين المتمركزين في الجزء الجنوبي منها، أما الثوريون فيتم استثنائهم من أي سلطة قادمة، وهي بالمناسبة الشروط ذاتها التي يصر عليها الإمريكيون في كل حالات انهاء عدوانهم، إذ أنهم حينما تصبح التكلفة عليهم عالية يخرجون من الباب، ليعودوا من الشباك عبر عملائهم المحليين، فعلوا ذلك في افغانستان والعراق والآن في غزة.
ولما رفض الوفد الفيتنامي، اتصل كسينجر بكل هدوء مع الرئيس الأميركي نيكسون ، وطلب منه أن تقوم قاذفات B-52 بعرض لم يسبق له مثيل في التاريخ، وطوال 11 يومًا حولّت الطائرات الأميركية أرض فيتنام لبقعة مشتعلة من شدة القصف، وقتلوا 23 ألف فيتنامي.
اعترف كيسنجر فيما بعد انه يعلم أن أميركا هُزمت في تلك الحرب، وأن فيتنام الثورية ستفرض شروطها وتحكم البلد مهما طال الوقت، وأن القصف الجنوني على المدنيين المسالمين لن يغيّر الأمر، لكن كان مُبرره الانتقام لأجل التأديب، لإعاقة الفيتناميين عن بناء بلدهم من جديد.
هذا هو دأب أمريكا الدائم، فهل يستوعب سياسيونا الدرس، ويعلموا أن الشيطان الأكبر هو العدو وليس الحليف ولا الشريك!.

مقالات ذات صلة كشف الأباطيل 2025/06/28

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: هاشم غرايبه فی الأرض

إقرأ أيضاً:

28 يونيو 1865.. اليوم الذي تم فيه حل الجيش الأميركي

يصادف يوم 28 يونيو/حزيران 2025 الذكرى 160 لحل الجيش الأميركي المعروف بــ"جيش بوتوماك"، الجيش الرئيسي للاتحاد، وقد مثل ذلك الحلقة الأخيرة مما تُعرف بحرب الانفصال أو "الحرب الأهلية" الأميركية.

وجيش بوتوماك هو الاسم الذي أطلق على الجيش الميداني للولايات المتحدة خلال الحرب الأهلية الأميركية، وكان مسؤولا عن منطقة واشنطن العاصمة والدفاع عنها. وكان هذا الجيش في الأصل مجموعة من الوحدات الفدرالية التي تم تجميعها بعد اندلاع الحرب.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أكسيوس: فوز ممداني جعل نبرة كراهية الإسلام عادية في أميركا وبأعلى المستوياتlist 2 of 2سي إن إن: هكذا أحبطت قطر الهجوم الإيراني على قاعدة العديدend of list

وتعدّ الحرب الأهلية الأميركية من أفظع الأحداث الدموية التي عصفت بالاتحاد الفدرالي الأميركي على مدى تاريخه منذ حرب الاستقلال، والتي وقعت أحداثها بين عامي 1861 و1865، وشارك فيها أكثر من 3 ملايين جندي من ولايات الشمال والجنوب.

نشبت هذه الحرب بين ولايات الشمال الأميركي التي يشار إليها بـ"الاتحاد الفدرالي"، وولايات الجنوب التي سمّت نفسها "الكونفدراليين".

وانتهت الحرب باستسلام الكونفدراليين، وإعلان قانون "إلغاء العبودية"، وشمول الاتحاد الفدرالي جميع الولايات الأميركية.

 

اجتماع الجنرالين غرانت (يسار) ولي بنهاية الحرب الأهلية الأميركية، 1865، لوضع شروط استسلام جيش لي (غيتي)

ولا تزال تلك الحرب تعد الصراع الذي أودى بحياة أكبر عدد من الأميركيين في التاريخ، ففي غضون 4 سنوات، لقي أكثر من 650 ألف جندي من كلا الجانبين حتفهم، وهو تقدير منخفض من دون حساب الخسائر المدنية.

وفي التاسع من أبريل/نيسان 1865، شهدت معركة أبوماتوكس النصر النهائي لجيوش يوليسيس إس غرانت الشمالية على جيوش روبرت لي، التي استسلمت في نهاية المطاف.

ولم يتسنَّ للرئيس أبراهام لينكولن جني ثمار انتصار الشمال، إذ اغتيل يوم 14 أبريل/نيسان 1865، وخلفه نائبه أندرو جونسون، الذي بدأ عملية إعادة دمج سريعة للولايات الجنوبية.

إعلان

وبعد إعادة توحيدها، استطاعت الولايات المتحدة الفتية أن تكرّس نفسها لغزو قارتها، التي توقفت لـ4 سنوات، من خلال مواصلة طرد الأميركيين الأصليين من آخر مناطق سكنهم، قبل أن تتجه نحو أهداف توسعية تتجاوز حدودها مع مطلع القرن الـ20، وفقا لتقرير عن الموضوع في مجلة لوبس الفرنسية.

مقالات مشابهة

  • ما الذي يخفيه وقف النار بين طهران وتل أبيب؟
  • منطقتان فقط في العالم قادرتان على النجاة من كارثة نووية
  • 28 يونيو 1865.. اليوم الذي تم فيه حل الجيش الأميركي
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث للغد 2)
  • كشف الأباطيل
  • ما الذي دفع إسرائيل لوقف الحرب دون حسم؟
  • ترامب يريد نزع حق الأرض.. ما الذي نعرفه عن التعديل الـ14 في دستور أمريكا؟
  • لبنان.. غارات إسرائيلية تستهدف مواقع «تحت الأرض» وتوقف محاولات إعادة الإعمار
  • هل المسح بالمناديل المبللة يجزئ عن الوضوء ..المفتي يحسم الخلاف