لم تكن ثورة 30 يونيو مجرد احتجاج شعبي، بل لحظة هامة  في تاريخ الدولة المصرية الحديث، حين خرج ملايين المواطنين رافضين استمرار حكم جماعة الإخوان، بعد عام من التخبط السياسي والانقسام المجتمعي.

ومع إعلان الجيش بقيادة الرئيس السيسي انحيازه لإرادة الشعب، بدأت مرحلة جديدة من القرارات السيادية الحاسمة، التي أعادت للدولة هيبتها، ووضعت نهاية لواحد من أخطر الجماعات الإرهابية.

عزل مرسي

في الثالث من يوليو 2013، أعلن الفريق أول عبد الفتاح السيسي، القائد العام للقوات المسلحة وقتها، عزل محمد مرسي من رئاسة الجمهورية، وتكليف رئيس المحكمة الدستورية بتولي إدارة شؤون البلاد خلال مرحلة انتقالية.
جاء القرار بعد مهلة 48 ساعة منحتها المؤسسة العسكرية لإيجاد مخرج سياسي يرضي الجماهير، دون استجابة حقيقية من الرئاسة، ما دفع القوات المسلحة لإعلان خارطة طريق.

دستور جديد وانتخابات رئاسية

في إطار استعادة مؤسسات الدولة، أطلقت القيادة المصرية خارطة طريق شملت تعديل دستور 2012 الذي صيغ في عهد الإخوان، تمهيدًا لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة.
وبالفعل، تم تكليف المستشار عدلي منصور بتولي رئاسة الجمهورية مؤقتًا، بينما شكلت لجنة الخمسين لإعداد دستور جديد يعبر عن تطلعات الدولة المدنية الحديثة. وفي عام 2014، أقر الدستور الجديد بأغلبية ساحقة، ليشكل أول خطوة في بناء دولة ما بعد الجماعة.

تفويض شعبي لمكافحة الإرهاب
في 26 يوليو 2013، وجه السيسي نداء إلى الشعب المصري طالبًا منحه تفويضًا شعبيًا لمواجهة الإرهاب المحتمل والعنف المسلح.
استجاب الملايين لهذا النداء واحتشدوا في الميادين،
مثّل هذا التفويض غطاءً سياسيًا وأمنيًا لبدء المواجهة الشاملة مع الجماعة الإرهابية خاصة في سيناء، وتفكيك شبكات التمويل والتحريض التي خرجت للعلن عقب سقوط حكم الجماعة.
تصنيف الإخوان كتنظيم إرهابي

في ديسمبر 2013، أعلنت الحكومة المصرية رسميًا جماعة الإخوان المسلمين تنظيمًا إرهابيًا، القرار لم يكن رمزيًا، بل تضمن تبعات قانونية شملت تجميد أموال الجماعة، وملاحقة أعضائها، واعتبار أي دعم مباشر أو غير مباشر لها جريمة يعاقب عليها.
كان هذا التصنيف بداية مواجهة قانونية مع التنظيم، وقطعًا واضحًا لأي إمكانية للعودة إلى المجال السياسي تحت عباءة الجماعة.

تعديل الدستور.
أبرز التحولات السياسية بعد الثورة تمثلت في تعديل الدستور عامي 2014 و2019، حيث حذفت المواد التي كانت تمنح غطاءً شرعيًا لخطاب الجماعة داخل مؤسسات الدولة.
تم تثبيت مدنية الدولة كمبدأ دستوري، وتحصين دور الجيش في حماية الشرعية الدستورية، وضمان استقلال القضاء.
كما أضيفت مواد تعزز دور المرأة والشباب، وتمنع تسلل أي تيار ديني إلى السلطة.

حل الجمعيات المرتبطة بالإخوان

في ضوء تصنيف الجماعة تنظيمًا إرهابيًا، بدأت الدولة حملة لحل الجمعيات الأهلية التي ثبت ارتباطها بالتنظيم.
شملت الحملة أكثر من 1000 جمعية ومؤسسة، جرى التحفظ على أموالها ومقراتها، وإحالة إدارتها إلى جهات حكومية مختصة.
وكان الهدف منها قطع التمويل المحلي والدولي الذي كانت تتلقاه الجماعة.

تطهير مؤسسات الدولة

بدأت الدولة المصرية بعد الثورة خطوات إدارية وأمنية تهدف إلى تطهير مؤسسات الدولة من عناصر الجماعة ، خاصة في الوزارات والمحليات وقطاع التعليم.
جاءت تلك الإجراءات بعد تقارير رقابية وأمنية أثبتت وجود شبكات تنظيمية داخل مفاصل الدولة، كانت تمكن الجماعة من فرض أجنداتها حتى بعد سقوطها من الحكم.
قانون الكيانات الإرهابية.

في عام 2015، أقر البرلمان قانون الكيانات الإرهابية، الذي منح الدولة أداة قانونية صارمة لمواجهة الإرهاب والتنظيمات غير الشرعية.
عرف القانون الكيان الإرهابي بشكل دقيق، وسمح بإدراج الأفراد والكيانات على قوائم الإرهاب، مع ما يترتب على ذلك من تجميد الأموال والمنع من السفر وتوقيع العقوبات.
إستراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب

لم تكتف الدولة بالمواجهة الأمنية، بل أطلقت استراتيجية شاملة لمكافحة التطرف، شملت:
    •    إنشاء المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف.
    •    تطوير الخطاب الديني بالتعاون مع الأزهر والأوقاف.
    •    دعم التعليم والإعلام لمواجهة الفكر المتشدد.
كما نجحت القوات المسلحة في تطهير مناطق واسعة من شمال سيناء، وتدمير بنية التنظيمات الإرهابية التي استخدمت الفراغ الأمني ما بعد 2011.

إغلاق المنابر الإعلامية للتنظيم

اتخذت الدولة أيضًا قرارات لإغلاق القنوات والمواقع التابعة للجماعة، التي كانت تبث خطابًا تحريضيًا.
شملت الإجراءات مراقبة التمويل الخارجي، وضبط ترددات البث، ومخاطبة المنصات الدولية لمنع بث قنوات التحريض من الخارج.

دولة استعادت هيبتها

بفضل مجموعة من القرارات السيادية المدروسة، استطاعت الدولة المصرية بعد ثورة 30 يونيو أن تنهي تمدد جماعة الإخوان، وتعيد بناء المؤسسات على أسس وطنية.
وقد قرر الشعب ان لا يسمح باختطاف الوطن، وأعادت مصر تعريف نفسها كدولة ذات سيادة وهيبة.

طباعة شارك ثورة 30 يونيو تاريخ الدولة المصرية الحديث جماعة الإخوان الرئيس السيسي الجماعات الإرهابية

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ثورة 30 يونيو تاريخ الدولة المصرية الحديث جماعة الإخوان الرئيس السيسي الجماعات الإرهابية الدولة المصریة جماعة الإخوان مؤسسات الدولة

إقرأ أيضاً:

النائب محمد رزق: مصر تعيد بناء نفسها برؤية جديدة.. ودور رجال الأعمال يتجاوز المكسب إلى صناعة مستقبل الوطن

أكد النائب محمد رزق، عضو مجلس الشيوخ، أن الدولة المصرية تعيش مرحلة إعادة بناء حقيقية وشاملة، لا تقف عند حدود إنشاء الطرق والمحاور والمشروعات القومية، بل تمتد إلى إعادة تشكيل وعي الشباب ورواد الأعمال نحو مفهوم أوسع للتنمية والمسؤولية.

وقال «رزق» إن كل مشروع يُفتتح، وكل مصنع يبدأ الإنتاج، وكل فرصة عمل تُخلق، ليست مجرد نجاح اقتصادي، بل خطوة جديدة في مسار نهضة وطنية تسعى مصر من خلالها لامتلاك مستقبل أقوى وأكثر استقرارًا.

وأضاف أن ما يشهده الاقتصاد المصري اليوم من توسّع في المشروعات الإنتاجية واللوجستية والصناعات المختلفة يعكس إرادة حقيقية لخلق واقع تنموي مختلف يضع مصر على خريطة المنافسة العالمية.

وشدد عضو مجلس الشيوخ على أن دور رجال الأعمال لم يعد مقتصرًا على إدارة مشاريعهم وتحقيق الأرباح، بل أصبح دورًا وطنيًا قائمًا على المشاركة في بناء المجتمع، وخلق فرص العمل، ودعم الطاقات الشابة، وتوجيه الاستثمارات بما يخدم أولويات الدولة.

وقال: «دوري كرجل أعمال مش إني أنجح بس.. لكن إني أفتح أبواب، وأخلق فرص، وأسيب أثر حقيقي يفضل بعدي. بلدنا تستاهل مننا شغل أكبر، ونية أوضح، ورؤية أبعد.. ومش هنوقف».

وأشار «رزق» إلى أن التغيير الذي تشهده مصر اليوم ليس تغييرًا ماديًا فقط، بل تغيير في طريقة التفكير وثقافة العمل والإصرار على النجاح الجماعي قبل الفردي، مؤكدًا أن «مصر تتغير.. ونحن جزء من هذا التغيير».

واختتم النائب محمد رزق تصريحاته بالتأكيد على أن المرحلة المقبلة تحتاج إلى مزيد من العمل الجاد، والتحالف بين الدولة والقطاع الخاص، ودعم الشباب باعتبارهم القوة المحركة لمستقبل مصر، داعيًا كل رجل أعمال إلى أن يكون شريكًا حقيقيًا في رحلة البناء لا مجرد مراقب لها.

مقالات مشابهة

  • مكافحة الإرهاب والتهريب وحماية الممرات البحرية.. أولويات زيارة وفد التحالف إلى عدن
  • الخلافات الداخلية والرسائل الخارجية تعيد تشكيل مشهد اختيار رئيس الوزراء
  • عادل نعمان: النجاة من التطرف تتطلب التمسك بمبدأ الدولة المدنية
  • هند الضاوي: القضاء على الديمقراطيين أحد اهداف ترامب بتصنيف الاخوان جماعة إرهابية
  • هند الضاوي: ترامب يعتبر جماعة الإخوان أحد أدوات الحزب الديمقراطي في الشرق الأوسط
  • انقلاب دولي على "الإخوان".. هند الضاوي: ترامب يعتبر الجماعة أداة للديمقراطيين
  • FP: جماعة الإخوان لا تزال غير إرهابية وحظرها سيعزز قمع أنظمة المنطقة
  • النائب محمد رزق: مصر تعيد بناء نفسها برؤية جديدة.. ودور رجال الأعمال يتجاوز المكسب إلى صناعة مستقبل الوطن
  • تصنيف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية.. نهاية للحرب أم تصعيد للصراع في السودان؟
  • جيل زد... هل يكسر ثنائية الإخوان والدولة العميقة؟