استقالة آيزنكوت من معسكر الدولة تمهد لتحولات في خريطة السياسة الإسرائيلية
تاريخ النشر: 2nd, July 2025 GMT
شهدت الساحة السياسية الإسرائيلية تطورًا بارزًا مع إعلان عضو الكنيست غادي آيزنكوت استقالته من حزب "معسكر الدولة" ومن الكنيست، في خطوة تحمل دلالات سياسية هامة على مشهد المعارضة، وخصوصًا مع ألاقتراب من احتمال التوجه إلى انتخابات جديدة.
وذكرت صحيفة "معاريف" أنه بموجب القانون، سيدخل المدير العام لمعسكر الدولة، إيتان غينزبرغ، إلى الكنيست بديلاً عن آيزنكوت، مشيرة نقلا مصادر مطلعة إلى أن الأخير يعتزم تشكيل حزب جديد ضمن كتلة "يسار وسط"، وسيكون منافسًا مباشرًا لحزبه السابق، ومن المتوقع أن يستقطب من نفس القاعدة الانتخابية التي دعمت زعيم الحزب بيني غانتس.
وجاء في البيان الرسمي الصادر عن "معسكر الدولة": "أبلغ عضو الكنيست الفريق أول (احتياط) غادي آيزنكوت رئيس معسكر الدولة بيني غانتس بنيته مغادرة الحزب".
وأضاف البيان: "الطرفان يؤكدان أن بينهما صداقة طويلة الأمد واحتراما كبيرًا، وأنهما سيواصلان التعاون من أجل الأهداف المشتركة ومن أجل شعب إسرائيل في المستقبل".
ويأتي قرار آيزنكوت في توقيت دراماتيكي، حيث تتصاعد التوترات داخل الائتلاف الحكومي، وسط توقعات متزايدة بحل الكنيست والتوجه إلى انتخابات مبكرة. وبحسب تقرير "القناة 12"، جاءت استقالة آيزنكوت نتيجة خيبة أمله من نتائج الانتخابات التمهيدية داخل الحزب، والتي رأى فيها دليلاً على صعوبة تحقيق تغيير حقيقي في الإطار الحالي للحزب.
من جهته، أشار موقع "واينت" إلى أن زعيم المعارضة يائير لابيد يدرس إمكانية عرض رئاسة الوزراء على آيزنكوت في حال انضمامه إلى "يش عتيد"، ما قد يشير إلى تحالفات جديدة قيد التشكل في معسكر المعارضة.
يُذكر أن آيزنكوت، وهو رئيس أركان سابق، قٌتل نجله خلال حرب الإبادة ضد قطاع غزة بينما كان يشغل منصب عضو في المجلس الوزاري الأمني المصغر، مشاركًا في اتخاذ القرارات المتعلقة بالحرب.
وقد لعب حزب "معسكر الدولة"، الذي أسسه غانتس وآيزنكوت، دورًا مركزيًا في بداية الحرب، وقفزت شعبيته في استطلاعات الرأي، إلا أنه بدأ لاحقًا يفقد الزخم حتى انهار مؤخرًا إلى مستويات دعم متدنية وفق آخر الاستطلاعات.
وفي سياق منفصل، وخلال عطلة نهاية الأسبوع، وقعت حادثة إطلاق نار غير مألوفة في منطقة بنيامين، أصيب خلالها فتى يبلغ من العمر 14 عامًا، خلال اشتباكات بين مستوطنين وقوات من الجيش الإسرائيلي. وعقّب آيزنكوت على الحادث قائلًا: "إن عنف مجموعة من المجرمين اليهود في بنيامين يستحق كل اللوم، لكنه يتطلب قبل كل شيء موقفًا حازمًا في التعامل مع الضرر الذي يلحق بمن يحمون السكان، جنود الجيش الإسرائيلي الذين يمكّنونهم من حياة آمنة. من وزّع الإدارة المدنية على بتسلئيل سموتريتش وعلى بن غفير، غرس بذور الريح في اتفاقيات الائتلاف، واليوم، للأسف، نجني جميعًا العواقب".
وفي أول تعليق له على استقالة شريكه السياسي، قال غانتس: "بعد محادثات مطولة ومعمقة بيننا، أبلغني صديقي غادي آيزنكوت اليوم أنه قرر مغادرة معسكر الدولة والاستقالة من الكنيست. في الأسابيع الأخيرة، برزت فجوات أيديولوجية كبيرة في تصوراتنا حول الطريقة الصحيحة لخدمة دولة إسرائيل. غادي، قبل كل شيء، صديق شخصي. إنه رجل جدير بالتقدير، خدم الدولة لعقود، وأنا متأكد من أنه سيواصل خدمتها بطريقته الخاصة. حتى لو انتهت الشراكة السياسية بيننا الآن، فإن الصداقة والاحترام المتبادل سيظلان قائمين".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الإسرائيلية آيزنكوت إسرائيل الاحتلال المعارضة الإسرائيلية آيزنكوت صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة معسکر الدولة
إقرأ أيضاً:
الحرب على إيران.. نهاية معركة تمهد لجولة قادمة
بادرت إسرائيل بشنّ حرب على إيران للقضاء على المشروع النووي، فردّت الأخيرة باستهداف منشآت حيوية إسرائيلية، لكن لم تكن إسرائيل قادرة على تنفيذ المهمة بنفسها فاستعانت بالولايات المتحدة التي شنّت ضربة جوية على عدة منشآت نووية إيرانية.
وأخيرا، نجحت الوساطة القطرية في تحقيق وقف هذه الحرب لكن دون تسوية كاملة لأسبابها، مما يرجح استئنافها مجددا في فترات قادمة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كيف غيّرت حرب غزة مزاج أوروبا تجاه إسرائيل؟list 2 of 2هل تنجرف الولايات المتحدة نحو حرب ضد الصين بسبب تايوان؟end of listونشر مركز الجزيرة للدراسات "تقدير موقف" بعنوان "الحرب على إيران: نهاية معركة تمهد للجولة القادمة" حاول قراءة هذه الحرب التي لا تشبه أية حرب أخرى سابقة في الشرق الأوسط، وتساءل: لماذا توقفت على هذا التوازن بين الأطراف؟ وهل وضع اتفاق وقف النار نهاية فعلية للحرب، أو مجرد نهاية لمعركة واحدة فقط من حرب قد تستمر بصورة أخرى؟
دخول أميركا.. مفارقة الحرب ونقطة التحوليبدو أن مشاركة الولايات المتحدة المباشرة في الحرب، عبر ضربات مركزة على منشآت نطنز وأصفهان وفوردو النووية الإيرانية في 22 يونيو/حزيران 2025، كانت تهدف إلى ما هو أبعد من مجرد دعم إسرائيل. فالمفارقة أن هذه المشاركة شكلت تمهيدا عمليا نحو وقف إطلاق النار، وأشارت إلى أن الأميركيين لا يسعون إلى حرب شاملة بل إلى ضبط الإيقاع وفق حسابات تفوق إسرائيل الأمنية، وليس بالضرورة مواجهة عسكرية مباشرة مع طهران.
ورغم أن العداء بين إيران وأميركا يعود إلى عام 1979 عقب الثورة الإيرانية، فإن هذه الضربات مثلت أول هجوم أميركي مباشر في عمق إيران، دون أن يستند إلى تهديد حقيقي للمصالح الأميركية، بل كانت بمثابة تعويض عن عجز إسرائيلي عسكري عن تدمير المنشآت النووية الإيرانية المحصنة، ورسالة دعم إستراتيجي لإسرائيل.
رد إيراني محسوب ومخرج مشرفكان الرد الإيراني على قاعدة العديد -التي تشكل أكبر تجمع عسكري أميركي بالشرق الأوسط- رمزيا، إذ جاءت الضربة بعد إخلاء القاعدة بأكثر من أسبوع. ومع نجاح الدفاعات الجوية القطرية في اعتراض معظم الصواريخ، بدت طهران كمن يبحث عن الحفاظ على الكرامة الوطنية، لا التصعيد، والوفاء لشعبها بالرد على الهجوم الأميركي، وفتحت الباب لاتفاق وقف النار في الوقت نفسه.
إعلانورجّحت تحليلات أن تكون المفاوضات حول وقف إطلاق النار قد بدأت بالفعل قبل هذا الرد الإيراني، وأن الضربة كانت "الطلقة الأخيرة" في معركة سمحت لإيران بتأكيد كرامتها، ولواشنطن بالتحرك نحو التهدئة.
حرب "عن بعد"تميزت هذه الحرب عن سابقاتها في الشرق الأوسط بطابعها عن بُعد، واعتمادها على تقنيات متقدمة، ولا سيما في الطائرات المسيّرة والصواريخ الدقيقة. وقد افتتحت إسرائيل المعركة في 13 يونيو/حزيران بسلسلة ضربات استهدفت قادة الحرس الثوري ومراكز القيادة بطهران، وردّت إيران بصواريخ بعيدة المدى استهدفت مواقع إسرائيلية إستراتيجية.
لكن شيئا فشيئا، ومع انخراط الطرفين في قصف متبادل، بدا أن كفاءة الدفاعات الجوية تتآكل. ففي البداية، تصدت إسرائيل لـ80% من الصواريخ، لكن النسبة انخفضت إلى 50% مع توالي الأيام. وفي المقابل، بدأت إيران تفقد مواقع إطلاقها تدريجيا، مما يشير إلى نية خوض معركة طويلة لا الهجوم الكاسح.
الأهداف المعلنة مقابل النتائجأعلنت إسرائيل -في اليوم الأول من الحرب- أن هدفها تدمير البرنامج النووي الإيراني، وتأخير امتلاك طهران للقنبلة النووية، وربما بشكل غير مباشر إضعاف النظام ذاته. أما الولايات المتحدة، فحددت هدف الضربة التي وجهتها لإيران بتدمير المنشآت النووية الرئيسية الثلاث، وقال المسؤولون الأميركيون صراحة إنهم لا يعملون على إسقاط النظام وإنهم يأملون عودة إيران إلى المفاوضات.
وقد ألحقت الضربات الإسرائيلية، مدعومة بالأميركية، ضررا بالغا ببعض المنشآت والعلماء، ولا سيما في أراك، وربما نطنز وأصفهان. لكن المنشآت المنتشرة الأخرى، والعقول العلمية العاملة بالمئات، لا تزال خارج دائرة الدمار. أما فوردو، فظل مصيره محل تباين بين الروايات الإيرانية والأميركية.
وربما تعود الأسباب خلف ما سمي الإنجازات الإسرائيلية إلى:
النجاح -على مدى أكثر من عقدين- في تجنيد وتنظيم شبكات من العملاء في كافة أنحاء إيران، الذين تعدى قيامهم بتزويد إسرائيل بالمعلومات الضرورية حول المواقع وطبيعتها وحول البشر، بل أيضا تنفيذ عمليات باستخدام الصواريخ والمسيّرات. النجاح -باستخدام وسائل مراقبة مختلفة وبالاعتماد على العملاء وبالتعاون مع وكالات الاستخبارات الغربية- في رسم خارطة دقيقة إلى حدّ كبير، وإن لم تكن شاملة، لمختلف المواقع العسكرية والنووية الإيرانية. التفوق الهائل لسلاح الجو الإسرائيلي.وعلى الجانب الآخر، ورغم أن الرد الإيراني كان أقل دمارا من الهجمات الإسرائيلية، فإنه نجح في شل مؤسسات إسرائيلية حساسة مثل معهد وايزمان، فخر البحث العلمي في إسرائيل منذ عقود، ومعهد الأبحاث البيولوجية، ومصفاة حيفا ومطار بن غوريون. كما تسببت الصواريخ في دمار داخل مربعات سكنية في تل أبيب وحيفا وبئر السبع، وأربكت الاقتصاد الإسرائيلي، وأثارت موجة نزوح خارجي.
ويُعد أحد أبرز الأسباب خلف صعوبة تقدير مدى نجاح وفعالية الرد الإيراني هو التكتم الإسرائيلي البالغ حول طبيعة الأهداف التي استهدفتها الصواريخ الإيرانية.
خلاصة المعركة: لا منتصر واضحاوتُظهر الوقائع أن كلا الطرفين خرج من الحرب دون تحقيق أهدافه كاملة.
إسرائيل:لم تستطع القضاء على البرنامج النووي الإيراني، ولا إسقاط النظام، ولا حتى تعطيل قدرات إيران الصاروخية أو المسيّرات بالكامل.
إعلان إيران:لم تمنع الضربات القاصمة، لكنها برهنت على قدرتها على الرد، واستهداف الداخل الإسرائيلي بشكل لم يكن مألوفا من قبل.
أميركا:وجدت نفسها في معادلة دقيقة، حيث نجحت في دعم إسرائيل وفرضت خطوطا حمراء جديدة، لكنها دخلت مواجهة جديدة في الشرق الأوسط وسط معارضة داخلية، خصوصا من أنصار الرئيس دونالد ترامب الذين رفضوا تورطا عسكريا جديدا لحساب حليف لا لأمن قومي.
الهدنة: نهاية مؤقتة أم بداية جولة جديدة؟اتفق على وقف إطلاق النار دون معاهدة مكتوبة، وبدون معالجة أسباب الصراع الأصلية، خاصة البرنامج النووي الإيراني، وما إذا كانت طهران ستوافق على الشروط الأميركية بتسليم اليورانيوم عالي التخصيب أو نقل التخصيب إلى الخارج.
ومن دون ذلك، تبدو العودة إلى المفاوضات بمثابة العودة إلى المربع الأول. ومع كل طرف يراجع ما كسبه وما خسره، ويعيد تقييم أدواته، فإن الجولة التالية، ولو بوسائل مختلفة، قد تكون مسألة وقت لا أكثر.
وفي هذا النزاع، لم تكن المعركة مجرد مواجهة عسكرية، بل تجلّت كحلقة جديدة في حرب طويلة النفس، يجيد فيها الطرفان إدارة الوقت والصبر الإستراتيجي.