البوسنة بعد 30 عاما من المجزرة.. أزمة الانقسام تلوح في الأفق
تاريخ النشر: 8th, July 2025 GMT
في الذكرى الثلاثين لمجزرة سربرنيتسا، التي أبيد فيها أكثر من 8 آلاف مسلم بوسني على يد القوات الصربية، يتجدد القلق الدولي بشأن استقرار البوسنة والهرسك، الدولة الصغيرة والمقسمة عرقيا، والتي لا تزال أسيرة اتفاق دايتون الذي أوقف الحرب دون أن ينهي الانقسام.
وقال تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز إن ميلوراد دوديك، زعيم صرب البوسنة، يمثل اليوم التهديد الأكبر لوحدة البلاد، إذ يسعى بصراحة لتقويض مؤسسات الدولة المركزية بدعم رمزي من موسكو، التي تراه جزءا مهما من محور مؤيد لروسيا على هامش أوروبا.
وأعد التقرير مارتون دوناي، مراسل جنوب شرق أوروبا، وأليك راسل، محرر الشؤون الدولية في صحيفة فايننشال تايمز.
عامل انقساموأوضح التقرير أن اتفاق دايتون، الذي أنهى الحرب الأهلية بين 1992 و1995، أنشأ دولة معقدة مكونة من كيانين: فدرالية البوسنة والهرسك التي يهيمن عليها المسلمون والكروات، وجمهورية صرب البوسنة (صربسكا) التي يهيمن عليها الصرب، ولكن هذا النظام -وإن أوقف الحرب- ترك الدولة مشرذمة وضعيفة، عرضة للانقسام والانهيار.
وأضاف التقرير أن دوديك، الذي كان يُنظر إليه في السابق كمعتدل، تحوّل تدريجيا إلى زعيم قومي متشدد، ويهدد اليوم بإجراء استفتاء في صربسكا -الكيان الذي يديره- تمهيدا لانفصال فعلي.
كما يرفض دوديك، حسب التقرير، سلطة المحكمة الدستورية والممثل الدولي علنا، ويتحرك دائما بمحاذاة رجال أمن مسلحين، ويرى التقرير أن ذلك ينذر بمواجهة مفتوحة مع حكومة البوسنة والهرسك المركزية.
وفي المقابل، يُلاحظ التقرير غياب رد موحد من أوروبا، فقد عرقلت المجر أي تحرك جماعي ضد دوديك، رغم أن بعض الدول كالمملكة المتحدة فرضت عليه عقوبات.
ويستخدم دوديك وقادة آخرون ذكرى سربرنيتسا -كما أشار التقرير- في خطاباتهم لتغذية خطاب إنكار المجازر، مدعين أن الصرب هم الضحية الفعلية للتاريخ الحديث.
إعلانوعبرت ألماسة صاليحوفيتش، التي فقدت شقيقها عبد الله في المجزرة وتعمل الآن في مركز سربرنيتسا التذكاري، عن قلقها من تنامي هذا الخطاب القومي، ومن قدرة السياسيين على تضليل الناس وتسخير مصائب الماضي لخلق الأزمات.
وفي بانيا لوكا، عاصمة الكيان الصربي، تبدو مظاهر التأثر بالخطاب الروسي واضحة، فهناك مقهى يحمل اسم "بوتين"، وتتزين واجهاته بصور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويجمع هذا الخطاب بين القومية الصربية والهوية السلافية الأرثوذكسية هو ما يسعى دوديك إلى ترسيخه.
وقال ملادن إيفانيتش، أحد أبرز وجوه المعارضة الصربية في البوسنة والهرسك، إن أفضل أمل للبلاد يتمثل في مقترح تدعمه فرنسا، يقوم على عضوية أوروبية من مستويين، تتيح لدول البلقان الانضمام التدريجي لبعض التزامات الاتحاد ومزاياه.
ولكنه أضاف أن "أوروبا تكذب علينا، فهي تقول لنا إن الباب مفتوح، ولكن الحقيقة أن هذا غير واقعي على المدى القريب".
وتعليقا على أزمة النظام السياسي الحالي، قالت الأستاذة في العلوم السياسية بجامعة سراييفو، نجمة دزانانوفيتش، إن اتفاق دايتون -رغم عيوبه- حافظ على السلام، مضيفة أنه "حتى دوديك يدرك أن بعض الأمور يجب ألا تتكرر".
ولكنها حذرت من أن صمته الحالي لا يعني اعتدالا، مؤكدة أن الوضع يقترب من تقسيم البوسنة والهرسك، خاصة "وأن مؤسسات الدولة المركزية لا وجود لها في جمهورية صربسكا".
ويأمل بعض المسؤولين الأوروبيين أن تحل شخصيات أكثر اعتدالا محل دوديك، ولكن مع مطالبة زعماء الكروات البوسنيين بمزيد من الحكم الذاتي أيضا، بات اتفاق دايتون هشا إلى حد كبير، وفق التقرير.
أما جيل ما بعد الحرب في العاصمة سراييفو، فيشعر بالإحباط من الشلل السياسي للحكومة والفساد المنتشر في البلاد، حسب التقرير.
وفي هذا السياق، قالت غوردانا ميلادينوفيتش، منسقة منظمة لمكافحة الفساد، للصحيفة إن "الفساد متغلغل في نسيج المجتمع وبات جزءا من الثقافة العامة، ويزيد غياب العدالة الجنائية الوضع سوءا، فكلما زادت جرائمك سهل عليك الإفلات منها، وكثيرون يدخلون السياسة لتحقيق مكاسب شخصية، مما يقوض جهود الإصلاح".
ويرى الأكاديمي الكرواتي فرانيو توبتش -بجانب ميلادينوفيتش- أن الحل هو إنهاء الكيانات المنفصلة والعودة إلى الدولة المركزية، إذ إن "الكيانات كانت ضرورية لوقف الحرب، ولكنها تمنع الدولة الآن من العمل، وباتت البلاد بحاجة إلى دايتون جديد".
ورغم تصريحات مبعوث السلام الدولي كريستيان شميت بأن الأزمة "خطيرة لكنها قابلة للحل"، فإن التقرير خلص إلى أن أغلب البوسنيين باتوا يعتقدون أن المجتمع الدولي لن يتدخل بشكل حاسم، وأن دوديك سيواصل التقدم نحو الانفصال بدعم روسيا وتواطؤ من قادة آخرين.
ومع مغادرة آلاف الشباب البلاد بسبب الفساد وبلوغه مستويات غير مسبوقة، تبدو آمال الاستقرار بعيدة المنال ما لم يتم التحرك قبل فوات الأوان، حسب التقرير.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات البوسنة والهرسک
إقرأ أيضاً:
رئيس فلكية جدة: اقتراب المذنب "سوان" من الأرض فرصة مثالية للرصد والتصوير
يشهد النصف الثاني من شهر أكتوبر الجاري حدثًا فلكيًا مميزًا يتمثل في اقتراب المذنب C/2025 R2 (سوان) من كوكب الأرض، حيث يصل إلى أقرب نقطة في مداره يوم الأحد 19 أكتوبر 2025، على مسافة تُقدّر بنحو 0.26 وحدة فلكية، أي ما يعادل تقريبًا 39 مليون كيلومتر من الأرض.
وأوضح رئيس الجمعية الفلكية بجدة المهندس ماجد أبو زاهرة أن هذه المسافة آمنة تمامًا ولا تشكل أي خطر على كوكبنا، مشيرًا إلى أن ما سيشهده سكان الأرض هو عرض سماوي جميل يمكن متابعته بسهولة من مختلف مناطق المملكة والعالم العربي.الوقت المثالي لرصد المذنبقال أبو زاهرة: "إن أفضل وقت لرصد المذنب سوان سيكون بعد غروب الشمس مباشرة باتجاه الأفق الجنوبي الغربي، حيث يظهر المذنب منخفضًا فوق الأفق".
أخبار متعلقة أول ديسمبر.. ”المسح الصناعي“ شرط لدخول القائمة الإلزامية الحكومية - عاجل"رئيس الشورى" يرأس وفد المملكة في اجتماعات الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدوليوأضاف أن: "الراغبين في مشاهدته عليهم اختيار موقع مفتوح وواضح الأفق بعيدًا عن الأبنية والأشجار والتلوث الضوئي للحصول على أفضل رؤية ممكنة".
وأشار إلى أن الحسابات الفلكية تشير إلى زيادة تدريجية في سطوع المذنب خلال النصف الثاني من أكتوبر، ليصل – في أفضل الأحوال – إلى القدر الرابع أو الخامس، ما يعني إمكانية رؤيته بالعين المجرّدة من المواقع المظلمة أو باستخدام المناظير الصغيرة من داخل المدن.
كما أوصى أبو زاهرة بمتابعة المذنب خلال الأيام التي تسبق وتلي يوم الاقتراب، إذ قد يزداد نشاطه بعد مروره بالحضيض الشمسي، وربما يمتد ذيله الغباري لمسافة كبيرة يمكن رصدها بوضوح في الصور الفلكية.
وأضاف أن الفترة المثالية للرصد تمتد بين 30 و60 دقيقة بعد غروب الشمس قبل أن يغيب المذنب مع الأفق الجنوبي الغربي.نصائح لأفضل تصويروفيما يتعلق بالتصوير، نصح رئيس الجمعية الفلكية المصورين الفلكيين باستخدام عدسة واسعة تتراوح بين 35 و85 ملم مع تثبيت الكاميرا على حامل ثلاثي، والتقاط تعريضات طويلة تتراوح بين 10 و20 ثانية لتسجيل ذيل المذنب.
وبيّن أن ليلة 19 أكتوبر ستكون فرصة مثالية للتصوير، إذ سيكون القمر تحت الأفق بعد غروب الشمس، مما يوفر سماءً مظلمة تسمح بالتقاط صور أوضح للمذنب دون تأثير من ضوء القمر.تفسير لون المذنبات الأخضرولفت أبو زاهرة إلى أن المذنبات تتميز عادة بلونها الأخضر المميز، موضحًا أن سوان ليس استثناءً، إذ يُتوقع أن يظهر بلون أخضر جميل في الصور الفلكية.
ويرجع هذا اللون – بحسب أبو زاهرة – إلى وجود جزيئات ثنائي الكربون والسيانوجين في الغلاف الغازي للمذنب، والتي تتفاعل مع الأشعة فوق البنفسجية القادمة من الشمس فتنتج إشعاعات خضراء.
غير أن هذا اللون – كما أشار – قد لا يكون مرئيًا بالعين المجردة، ويظهر عادة بوضوح أكبر عبر التلسكوبات أو الصور الفوتوغرافية طويلة التعريض.
من المتوقع أن يكون المذنب سوان مرئيًا من السعودية وبقية الدول العربية بعد غروب الشمس، منخفضًا فوق الأفق الجنوبي الغربي.
ومع أن سطوعه سيكون معتدلًا، إلا أن رؤيته بالعين المجردة قد تكون صعبة من المناطق الحضرية، بينما يمكن مشاهدته بوضوح أكبر باستخدام المناظير والتلسكوبات الصغيرة من المواقع البعيدة عن أضواء المدن.المذنب لا يشكل أي تهديد للأرضونصح أبو زاهرة المهتمين بالرصد باستخدام تطبيقات فلكية مثل Stellarium لتحديد موقع المذنب بدقة حسب التاريخ والموقع الجغرافي، خصوصًا عند التخطيط لجلسات الرصد أو التصوير.
وطمأن رئيس الجمعية الفلكية الجميع بأن المذنب سوان لن يشكل أي تهديد للأرض، إذ سيمر على مسافة آمنة جدًا تبلغ نحو 39 مليون كيلومتر، وهي مسافة لا تؤثر على الغلاف الجوي أو الجاذبية الأرضية أو حالة الطقس.
وقال إن: "كل ما يحمله المذنب هو فرصة لمشاهدة عرض سماوي رائع يعكس جمال الكون دون أي تأثير سلبي على كوكبنا".
اختتم المهندس ماجد أبو زاهرة حديثه بالتأكيد على أن المذنبات تبقى أجسامًا متقلبة وغير متوقعة، فقد يخفت سطوعها أو يزداد فجأة نتيجة تغيّرات في نشاط سطحها الجليدي، ما يجعل متابعتها دائمًا تجربة مثيرة وغامضة في الوقت نفسه.
وقال: “مهما كانت نتيجة ظهور المذنب سوان، فإن اقترابه هذا الشهر يمثل فرصة نادرة لمتابعة مشهد سماوي بديع يذكرنا بجمال الكون وتجدده الدائم.”
اجتماع تنسيقي لمناقشة تطوير منظومة الدواء بالمستشفيات الجامعية بقنا