13 يوليو، 2025

بغداد/المسلة: تمضي العواصف الرملية والترابية بلا استئذان، متجاوزة الحدود والخرائط والسياسات، فيما تتزايد آثارها يوماً بعد آخر على 330 مليون إنسان في أكثر من 150 دولة، وفق تقرير حديث للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية.

وتبدو العاصفة الترابية، في ظاهرها، مسألة طبيعية مألوفة في البيئات الصحراوية، غير أن تحوّلها إلى “تحدٍّ عالمي” كما وصفته الجمعية العامة للأمم المتحدة، يكشف عمق الأزمة المركبة، التي تتجاوز المناخ إلى بنية الاقتصاد، وصحة المجتمعات، واستقرار الدول.

وتقرّ الأمم المتحدة بأن السنوات الأخيرة شهدت تصاعداً لافتاً في وتيرة العواصف وحدّتها، معيدةً السبب إلى ثلاثية معروفة: تغيّر المناخ، وتدهور الأراضي، والممارسات غير المستدامة. وهي ثلاثية تُترجم، سياسياً، إلى خلل في إدارة الموارد، وغياب للرؤى البيئية في السياسات الوطنية، وضعف الإرادة في تنفيذ التعهدات الدولية.

ويبدو واضحاً من تصريحات مسؤولي المنظمة، وعلى رأسهم ممثلة الأرصاد الجوية، أن حجم الكارثة لم يعد محصوراً في الجغرافيا العربية أو الأفريقية، بل أصبح عابراً للقارات. فالغبار المحمول من صحاري شمال أفريقيا والشرق الأوسط، والذي يشكّل 80% من الغبار العالمي، لا يتوقف عند شطآن المتوسط، بل يعبر المحيطات إلى أوروبا والأميركتين.

وتكشف التصريحات عن أرقام مفزعة: 7 ملايين وفاة مبكرة سنوياً بسبب الجزيئات المحمولة في الهواء، وخسائر سنوية بـ150 مليار دولار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وحدها، وفق رولا دشتي، وكيلة الأمين العام. وهذه الأرقام تضعنا أمام ظاهرة ليست مناخية فقط، بل قضية أمن إنساني وتنمية مستدامة وهجرة مستقبلية.

ويعد العراق نموذجاً صارخاً لوجه العاصفة، إذ سجّل عام 2023 أكثر من 158 يوماً من العواصف الترابية، بحسب لجنة الصحة والبيئة في البرلمان، فيما تتكبد الدولة خسائر يومية تقارب مليون دولار، وفق مرصد “العراق الأخضر”. ومع أن الحكومة العراقية أطلقت مبادرات مثل زراعة مليون شجرة، إلا أن تنفيذها لا يزال متعثراً، وسط غياب التنسيق والاستدامة.

وتؤكد الأمم المتحدة أن الحلول موجودة: الزراعة الذكية، التوعية المجتمعية، إعادة التشجير، لكن الأهم من كل ذلك هو ما وصفته دشتي بـ”العزيمة الجماعية والتمويل”.

وتبدو الدعوة العراقية لتفعيل التحالف الأممي لمكافحة العواصف الرملية والترابية أشبه بنداء استغاثة سياسي، في مواجهة ظاهرة تهدد الأمن البيئي، وتُعيق أهداف التنمية المستدامة في دول الجنوب العالمي.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

مختصون يكشفون لـ "اليوم" أهم حلول مواجهة العواصف الترابية

أكد عدد من الأكاديميين السعوديين لـ "اليوم" أن مواجهة العواصف الترابية وما تسببه من أضرار بيئية وصحية واقتصادية يتطلب تدخلات استراتيجية مستدامة، أبرزها تعزيز التشجير، وإعادة تأهيل الأراضي المتدهورة، وزيادة الوعي البيئي على المستويين المؤسسي والمجتمعي.
وأشاروا إلى أن الأثر الكبير لهذه الظواهر المناخية على جودة الهواء والصحة العامة وسلامة الممتلكات يستوجب التحرك العاجل من مختلف الجهات، مشيدين في الوقت ذاته بجهود المملكة ضمن رؤية 2030 ومبادرة "السعودية الخضراء”.التصدي للعواصف الترابيةوأوضح الدكتور أحمد صمان، الأستاذ المشارك في قسم العلوم البيئية بجامعة الملك عبدالعزيز، أن من أبرز الحلول البيئية للتصدي للعواصف الترابية إنشاء مصدات رياح طبيعية عبر التشجير، مؤكدًا أن الأشجار تُعد حاجزًا فعالًا يحد من حركة الرمال ويمنع الغبار من الوصول إلى المناطق السكنية والزراعية.
أخبار متعلقة الذكور 62.1% والإناث 37.9%.. عدد سكان المملكة يتجاوز 35 مليونًارياح وأتربة.. "الأرصاد" يكشف عن توقعات طقس المملكة اليوم الأحدرياح وأتربة على أجزاء من عدة مناطق.. توقعات طقس المملكة اليوموأضاف أن "الحزام الأخضر” حول المدن والطرق يمكن أن يكون خط الدفاع الأول أمام العواصف الغبارية، كما يسهم في تحسين جودة الهواء وتقليل معدلات التلوث.
وأشار الدكتور صمان إلى أهمية إعادة تأهيل الأراضي المتدهورة ومكافحة التصحر، مؤكدًا أن زراعة نباتات مقاومة للجفاف في المناطق الصحراوية تساعد على تثبيت التربة وتقليل تعرّضها لرياح قوية، مما يساهم في الحد من تفاقم ظاهرة الغبار.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } الدكتور أحمد صمان، الأستاذ المشارك في قسم العلوم البيئية بجامعة الملك عبدالعزيز - اليومقضايا التغير المناخيوشدد على ضرورة الحد من الرعي الجائر والاحتطاب، واعتماد أساليب الزراعة المستدامة التي تضمن الحفاظ على التربة ورفع كفاءة الإنتاج الزراعي وتعزيز الأمن الغذائي.
وأكد الدكتور صمان على أن تعزيز التعليم البيئي والوعي المجتمعي يمثلان أحد المرتكزات الجوهرية لمكافحة آثار العواصف الترابية، مشيرًا إلى أهمية إدماج قضايا التغير المناخي والتصحر في المناهج الدراسية، إلى جانب إطلاق حملات توعوية وتنظيم ندوات علمية لتسليط الضوء على سبل الوقاية والحلول.
ولفت إلى أن العواصف الترابية تحمل جزيئات دقيقة خطيرة مثل (PM10 وPM2.5) تبقى عالقة في الهواء وتؤدي إلى انخفاض جودة الهواء، تهيج الجهاز التنفسي، إضعاف التمثيل الضوئي للنباتات، وتهيج العينين والبشرة.جودة الحياةوقالت الدكتورة مريم صالح الغامدي، أستاذ مساعد علم البيئة الحيوانية بجامعة جدة، إن الغبار يؤثر بشكل مباشر على جودة الحياة اليومية.
وذلك من خلال تقليل مدى الرؤية الأفقية وزيادة الحوادث المرورية، إضافة إلى مشكلات صحية مزمنة، لا سيما في الجهاز التنفسي.
وأضافت: "الغبار لا يهدد فقط صحة الإنسان، بل يؤثر أيضًا على سلامة الممتلكات وجودة الأبنية والبنية التحتية، لذلك فإن البحث عن حلول عملية لتقليل هذه الآثار يعد من أهم أهداف تحسين جودة الحياة”.
وأكدت الغامدي أن من الحلول المهمة التي يجب تعزيزها: ( التشجير داخل المدن وخارجها ومنع الرعي الجائر وتقنيات الاستمطار الاصطناعي واستخدام الحواجز ذات الطلاء الخاص لمنع انتقال الغبار لمسافات طويلة).
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } الدكتورة مريم صالح الغامدي - اليومرصد ذرات الغبار الدقيقةوأشادت الغامدي بما تحقق ضمن رؤية المملكة 2030 ومبادرة "السعودية الخضراء”، حيث تم رفع الوعي البيئي والتوسع في التشجير، ما أدى إلى تراجع ملموس في نسب الغبار المرصودة داخل المدن خلال العام الماضي.
وأضافت أن من الحلول التقنية المهمة استخدام أجهزة رصد ذرات الغبار الدقيقة (خصوصًا PM2.5) في الأماكن العامة والمغلقة، لمتابعة جودة الهواء والتحكم في مستويات التلوث، وبالتالي تقليل الإصابة بالأمراض التنفسية.
وختمت الغامدي بالتأكيد على أهمية دور الفرد في تقليل التعرض للغبار، من خلال:( استخدام عوازل النوافذ والأبواب وتركيب فلاتر لتنقية الهواء داخل المنازل وزراعة نباتات منزلية قادرة على امتصاص الغبار وتنقية الأجواء).

مقالات مشابهة

  • مختصون يكشفون لـ "اليوم" أهم حلول مواجهة العواصف الترابية
  • الأمم المتحدة تحذر من تزايد حدة عواصف الغبار خصوصا بالعراق
  • الأمم المتحدة تؤشر تصاعداً ملحوظاً بحدة العواصف الرملية والترابية في العراق
  • داخل المنزل وخارجه.. نصائح مهمة للحماية من العواصف الترابية
  • الأمم المتحدة: دخول الوقود إلى قطاع غزة لأول مرة منذ 130 يوما
  • الأمم المتحدة تعلن إدخال أول شحنة وقود لغزة منذ 130 يوما
  • الأمم المتحدة : إدخال الوقود إلى غزة لأول مرة منذ 130 يوما
  • الأمم المتحدة: إدخال أول شحنة وقود إلى غزة منذ 130 يوما
  • العالمية للأرصاد الجوية: العواصف الرملية تلحق أضراراً متزايدة بالصحة والاقتصاد