إبراهيم شعبان يكتب: الجوع.. سلاح نتنياهو لإذلال الفلسطينيين وكسر إرادتهم
تاريخ النشر: 23rd, July 2025 GMT
في مشهد دامٍ ستسجله ذاكرة التاريخ كوصمة عار، يستخدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سلاح التجويع الجماعي ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، في محاولة لكسر إرادتهم بعد أكثر من 20 شهرًا من الحرب المستمرة. وبدلاً من الاعتراف بفشل جيشه في هزيمة المقاومة، اختار نتنياهو سياسة "الطعام مقابل الاستسلام"، في ظل صمت عربي ودولي مخزٍ.
وبحسب تقارير إعلامية، ولاخراج المنظمات الدولية من القطاع، تعاون نتنياهو مع إدارة ترامب لإطلاق ما سُمّي بـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، والتي تقدم وجبات طعام محدودة لسكان القطاع، على أن تُمنع في أوقات أخرى، في إطار خطة إذلال واضحة تستهدف تركيع الشعب الفلسطيني.
ورغم الإدانات الدولية للجريمة الماثلة أمام الجميع، فإن التحرك على الأرض شبه معدوم، ما عزز من تمادي الاحتلال الإسرائيلي في استخدام الجوع كسلاح عقابي. حيث يعاني نحو مليوني فلسطيني في قطاع غزة من نقص حاد في الغذاء والدواء، وسط حصار مشدد منذ مارس 2025، عقب انهيار محادثات وقف إطلاق النار.
ومع وضوح الجريمة، فإن الانقسام الفلسطيني الداخلي بين حركتي حماس وفتح، وفشل القيادات في توحيد صفوفهم أو مخاطبة العالم بصوت واحد، ساهم في تفاقم الكارثة. فالكل مشغول بسياسة البقاء، حتى وإن مات الشعب الفلسطيني جوعًا.
وعلى الجانب الآخر، تقف الدول العربية عاجزة، لا تمارس أي ضغط حقيقي على الولايات المتحدة أو إسرائيل، رغم امتلاكها أوراقًا اقتصادية وسياسية مؤثرة، وكأنها ماتت أو غير موجودة، أو ان ما يحدث في غزة ليس على مرمى حجر من الجميع.
المشهد في غزة بات أكثر فظاعة مع صدور بيانات رسمية من منظمات دولية تؤكد أن الجوع أودى بحياة أكثر من 1000 فلسطيني منذ مايو الماضي، بينهم أطفال وأطباء وعاملون في فرق الإغاثة.
وكشفت وكالة "الأونروا" أن طواقمها تعاني من الإغماء بسبب الإرهاق والجوع، في وقت تشير فيه بيانات برنامج الغذاء العالمي إلى أن ثلث سكان القطاع يحرمون من الطعام لأيام متتالية، فيما يعيش ربع السكان في أوضاع تشبه المجاعة.
وأكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أن أكثر من 70 ألف طفل في غزة يعانون من سوء تغذية حاد، وتم تشخيص 5000 طفل دون سن الخامسة بهذه الحالة في مايو فقط. فيما أعلنت وزارة الصحة في غزة أن 86 شخصًا قضوا بسبب الجوع خلال أيام، من بينهم 76 طفلًا، وهي أرقام مرشحة للارتفاع في ظل الحصار المستمر.
ووصف المفوض العام لـ"الأونروا"، فيليب لازاريني، الوضع بقوله: إن غزة "تحولت إلى جحيم على الأرض"، في ظل عجز العالم عن تأمين دخول المساعدات الغذائية والطبية. بينما تؤكد أطباء بلا حدود أنها تسجل "أعلى معدل من حالات سوء التغذية منذ بداية الحرب".
وفي ظل استمرار الحصار الإسرائيلي ومنع الشاحنات الغذائية، ارتفعت حصيلة ضحايا الجوع في صفوف منتظري المساعدات إلى أكثر من 1,021 قتيلاً و6,500 مصابًا، بحسب وكالة "وفا". الفلسطينية.
ورغم الكارثة الإنسانية، يواصل نتنياهو تمسكه بخيار الحرب، معلنًا أن "الحرب لن تتوقف إلا باستسلام كامل من حماس". وذهب أبعد من ذلك في تأكيده أنه "قد يُسمح لحماس بالمغادرة من غزة فقط بعد نزع سلاحها بالكامل".، ما يعني استمرار حرب الإبادة والقتل جوعا.
وفي هذا السياق، كشفت شبكة "سي إن إن" أن واشنطن حذرت حماس من أنها "شارفت على فقدان صبرها"، مطالبة بردّ سريع على مقترح هدنة يتضمن صفقة تبادل أسرى ووقف إطلاق نار لمدة 60 يوماً. إلا أن مصادر مطلعة أكدت أن العقبة الأساسية ليست في حماس، بل في رفض دولة الاحتلال إسرائيل، تقديم خرائط انسحاب واضحة، وهو ما تطالب به المقاومة لضمان سلامة أي اتفاق.
وفي ظل المراوحة والمؤامرة واستنفار الجميع، لتأمين مكاسبهم واستمرارهم، تسابق الكارثة الزمن.. أطفال يموتون جوعًا، والمجتمع الدولي يكتفي بالتحذيرات، بينما تتواصل الحرب بلا هوادة، وبلا محاسبة، في جريمة العصر بامتياز.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: ذاكرة التاريخ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قطاع غزة أکثر من فی غزة
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي يكتب أكثر في 2026 لكن الصحافة البشرية لا تفقد قيمتها
قالت الصحفية ديفي ألبا، محررة الشؤون التقنية في مؤسسة بلومبيرغ إن المحتوى المكتوب بواسطة الذكاء الاصطناعي سيغمر الإنترنت، وسيتفوق على ما ينتجه البشر في عام 2026، لكن قوة الصحافة ستبقى في ما لا يمكن للآلة فعله، مثل العمل الميداني، والتحقق، ووضع السياق الصحيح، والمساءلة، مؤكدة أن هذه الجوانب ستصبح أثمن كلما زاد صخب المحتوى الآلي.
وضمن سلسلة مقالات خصصها موقع "نيمان لاب" لاستكشاف مستقبل الصحافة في 2026، بيّنت ألبا أن القلق الذي ظل يحاصر المؤسسات الإخبارية منذ سنوات هو تقلص مدى انتباه الجمهور، محذرة من أن العام المقبل سيشهد تفاقما لهذه المشكلة مع المحتوى الهائل الذي ينتجه الذكاء الاصطناعي.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تحذيرات من أجندة خفية للذكاء الاصطناعي بغرف الأخبارlist 2 of 2ما المحتوى الإخباري الرابح والخاسر أمام الذكاء الاصطناعي؟end of listوأضافت "قد يستهلك الذكاء الاصطناعي المياه والكهرباء والمال من أجل العمل، لكنه لن يكلف المستخدمين شيئا تقريبا لإنتاج محتوى لا نهائي"، مشيرة إلى أن العمل البشري يتراجع بشكل متزايد مع ارتفاع موجة المحتوى الذي تولده الآلات.
“It’s a story about volume, value, and what journalism becomes when “content” grows functionally infinite.”https://t.co/lnl35b9fQk pic.twitter.com/bwejni37In
— Nieman Lab (@NiemanLab) December 11, 2025
المحتوى البشري نادروتخلص الكاتبة إلى أن المحتوى الذي يكتبه البشر سيمسي نادرا على الإنترنت، لكن ذلك وحده لا يكفي لإنقاذ الصحافة، فحتى يكون المحتوى قيما، يجب أن يميزه الناس ويؤمنون بأنه يستحق البحث عنه والاعتماد عليه.
وشددت ألبا على أن التهديد الذي ينتظرنا ليس مجرد تفوق الذكاء الاصطناعي علينا في الكتابة، محذرة من أن فيضان النصوص التي تنتجها الآلات سيقضي على كل شيء ما لم تتمكن المؤسسات الإخبارية والمبدعون المستقلون من إبراز قيمة التقارير الإخبارية البشرية.
يمكن للذكاء الاصطناعي تلخيص نتائج جهودنا الصحفية، لكنه لا يستطيع طرح الأسئلة الصحيحة أو جمع البيانات أو مواجهة المصادر
بواسطة ديفي ألبا - محررة الشؤون التقنية في صحيفة بلومبيرغ
جوهر الصحافةوأكدت أن جوهر الصحافة هو وعد بأن شخصا ما ذهب بالفعل إلى العالم وتحقق من أمر معين، ووضعه في سياقه، وطرح أسئلة، وواجه محررا وجمهورا ناقدا، لافتة إلى أن هذه المهام البشرية تزداد قيمتها مع امتلاء الويب بمواد حشو صنعتها الآلات ولا يمكن تمييز قيمتها.
إعلانوتطرقت الكاتبة إلى تجربتها، حيث قامت وفريقها خلال العام الجاري وحده بمراجعة أكثر من ألفي مقطع فيديو على يوتيوب لرسم خريطة تُظهر كيف يقوم أشهر مقدمي البودكاست في الولايات المتحدة بدفع ملايين الشباب إلى اليمين السياسي، كما حلل الفريق نحو ألف حلقة و188 معلنا ليبين كيف تعتمد برامج البودكاست السياسية الشهيرة على قضايا الهوية لجذب مزيد من المتابعين وزيادة نفوذها.
وخلصت إلى القول "يمكن للذكاء الاصطناعي تلخيص نتائجنا بعد وقوعها، لكنه لا يستطيع طرح الأسئلة الصحيحة أو جمع البيانات أو مواجهة المصادر".
وأكدت ألبا على أن قيمة الصحافة لم تكن يوما في كمية الإنتاج بل في دقته، إذ يمكن للآلات التنبؤ وإعادة المزج وإعادة التوليد، لكن البشر وحدهم هم من يمكنهم إعداد التقارير.
وزادت بأن الصحافة يمكن أن تزدهر إذا أظهرت قصة بعد قصة، فما لا تستطيع الآلة أن تفعله، هو الشجاعة للنظر مباشرة إلى العالم، والحكمة لتفسيره، والاستعداد للوقوف وراء كل كلمة.
وختمت بالقول "هذه قيمة تستحق الدفاع عنها، لأنه لا يوجد خوارزمية يمكنها إعادة إنشائها، ولا يمكن لأي قدر من النصوص الآلية أن تحل محلها".