قالت وكالة بلومبيرغ إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تتحرك تحركا متسارعا لترسيخ موطئ قدم إستراتيجي في قطاع التعدين داخل جمهورية الكونغو الديمقراطية، في مقابل دور الوساطة الذي لعبته واشنطن لإنجاز اتفاق سلام بين كينشاسا وكيغالي الشهر الماضي.

ويأتي هذا التوجه الأميركي ضمن سياسة أوسع تهدف إلى تقليص الاعتماد على الصين في تأمين الإمدادات الحيوية من المعادن الإستراتيجية، مثل الليثيوم والكوبالت والنحاس، وهي مواد أساسية في الصناعات المستقبلية كالبطاريات الكهربائية والتقنيات المتقدمة.

وصرّح الرئيس ترامب، حسب ما نقلته بلومبيرغ في تقريرها، بأن بلاده "ستحصل على كثير من حقوق المعادن" في الكونغو، مشيرًا إلى أن الاتفاق السياسي الذي كان برعاية الولايات المتحدة قد يكون بوابة لاستثمارات أميركية موسعة في قطاع التعدين، لطالما هيمنت عليه الشركات الصينية لعقود.

"كوبولد ميتالز" وتحالفات أميركية جديدة

وفي خطوة تعكس هذا التحول، أعلنت شركة "كوبولد ميتالز" -وهي شركة أميركية ناشئة مدعومة من المليارديرين جيف بيزوس وبيل غيتس– عن توقيع اتفاق مع الحكومة الكونغولية لتأكيد اهتمامها بتطوير أحد أكبر مكامن الليثيوم الصلب في العالم، المعروف باسم مشروع مانونو.

ووفقًا لوكالة بلومبيرغ، فإن هذه الخطوة تأتي رغم أن المشروع لا يزال عالقًا في نزاع قانوني دولي، إذ تتهم شركة "إيه في زي مينيرالز" الأسترالية حكومة الكونغو بإلغاء ترخيصها بطريقة غير قانونية، مما دفعها إلى اللجوء للتحكيم الدولي.

وفي سياق موازٍ، كشفت الصحيفة عن أن تحالفًا أميركيًا يتألف من مستثمرين ذوي خلفيات عسكرية واستخباراتية سابقة يتصدر السباق لعقد صفقة استحواذ على شركة "شيمَف" للموارد، وهي شركة ناشطة في إنتاج النحاس والكوبالت، ويقع مقرها قرب مدينة لوبومباشي.

وتعد هذه الصفقة ذات أهمية إستراتيجية لواشنطن، في وقت تحاول فيه إبعاد النفوذ الصيني، خاصة أن شركة "نورينكو" الصينية كانت قد سعت سابقًا للاستحواذ على "شيمف"، لكن الصفقة تعطّلت بسبب اعتراض شركة التعدين الوطنية الكونغولية.

إعلان معادن حيوية وساحة صراع جيوسياسي

وحسب تقرير بلومبيرغ، تُعدّ الكونغو:

ثاني أكبر منتج للنحاس في العالم أكبر مصدر عالمي للكوبالت، وهو عنصر أساسي في البطاريات القابلة لإعادة الشحن.

ولهذا، باتت الدولة الأفريقية مركزًا للتنافس الجيوسياسي بين واشنطن وبكين، خاصة في ظل توجه أميركا لتأمين سلاسل التوريد بعيدًا عن الاعتماد المفرط على الصين.

ويقول التقرير إن اهتمام واشنطن بتأمين هذه الموارد لا يقتصر على الجانب الاقتصادي، بل يرتبط كذلك بضرورات الأمن القومي الأميركي.

غير أن طريق هذه الاستثمارات ليس مفروشًا بالورود، إذ إن اتفاق السلام بين الكونغو ورواندا، الذي وُقّع في واشنطن برعاية أميركية، لا يزال في مراحله الأولى، والتنفيذ على الأرض يواجه تحديات كبيرة في المناطق الشرقية المضطربة، وفق بلومبيرغ.

كما أن المشاريع الاستثمارية تواجه عراقيل قانونية وتنظيمية داخلية، إضافة إلى قلق من تغيّر المواقف الحكومية أو ضغط الجهات الفاعلة المحلية.

وأشارت بلومبيرغ إلى أن دعم ترامب العلني للاستثمار في قطاع المعادن الكونغولي أعطى دفعة قوية للمستثمرين الأميركيين الذين طالما تجنبوا الدخول في هذه السوق الحساسة.

ومع ذلك، يحذر التقرير من أن أي تأخير في تنفيذ الصفقات، أو تصاعد النزاعات القانونية، قد يُفقد الولايات المتحدة الزخم السياسي والاستثماري الذي تحاول بناءه، رغم كل الحماسة الظاهرة في خطاب الإدارة الأميركية.

وختمت بلومبيرغ تقريرها بالتأكيد أن نجاح هذه التحركات مرهون بقدرة واشنطن على تجاوز العراقيل القانونية والمؤسساتية، وكسب ثقة السلطات الكونغولية، وسط تنافس محتدم مع القوى الأخرى، وعلى رأسها الصين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات

إقرأ أيضاً:

نائبة أميركية تستقيل من الكونغرس بعد خلافها مع ترامب بشأن ملفات إبستين

أعلنت النائبة اليمينية الأميركية مارغوري تايلور غرين أمس الجمعة أنها ستستقيل من الكونغرس، بعد أسبوع من سحب الرئيس دونالد ترامب دعمه لها.

وقالت النائبة الجمهورية، التي تعد من الشخصيات المؤثرة في أوساط اليمين المتطرف، في مقطع فيديو نشر على الإنترنت، إنها "كانت دائما مهانة في واشنطن العاصمة ولم تتأقلم أبدا".

وأضافت أنها لا تريد أن يتحمل أنصارها وأسرتها "انتخابات تمهيدية مؤذية ومليئة بالكراهية ضدي من قبل الرئيس الذي ناضلنا جميعا من أجله"، مشيرة إلى أنه "من المرجح أن يخسر الجمهوريون انتخابات نصف المدة".

وقالت النائبة التي انتخبت عام 2020 عن ولاية جورجيا، "سأستقيل من منصبي وآخر يوم عمل لي سيكون في الخامس من يناير/كانون الثاني 2026".

وكانت غرين من الشخصيات البارزة في حركة ترامب "لنجعل أميركا عظيمة مجددا" (ماغا)، لكن الرئيس أعلن في السابع من نوفمبر/تشرين الثاني سحب دعمه لها، وأتبع إعلانه بسلسلة منشورات على منصته "تروث سوشيال" هاجم فيها غرين ووصفها بأنها "خفيفة" وحتى "خائنة" للحزب الجمهوري.

وقالت الحليفة السياسية السابقة لترامب في وقت لاحق إنها تعرضت لموجة تهديدات.

وقالت "إن الدفاع عن النساء الأميركيات اللواتي اغتصبن في سن 14 وتعرضن للاتجار بهن والاستغلال من قبل رجال أثرياء وذوي نفوذ، لا ينبغي أن يؤدي إلى وصفي بالخائنة وتهديدي من قبل رئيس الولايات المتحدة الذي ناضلت من أجله".

وتعد استقالة غرين الصادمة الإشارة الأكثر وضوحا حتى الآن إلى الانقسام المتزايد داخل حركة "ماغا"، وفي ظل انتصارات انتخابية قوية حققها الديمقراطيون هذا الشهر.

وانقسمت الحركة بشكل خاص بسبب تراجع ترامب عن موقفه بشأن قضية جيفري إبستين المدان بارتكاب جرائم جنسية، والذي يُزعم أن شبكة اتصالاته شملت العديد من شخصيات النخبة الأميركية.

إعلان

والأربعاء الماضي وقع ترامب على مشروع قانون ينص على الكشف العلني عن جميع الملفات المتعلقة بالملياردير جيفري إبستين، الذي عثر عليه ميتا في السجن أثناء محاكمته بتهمة إدارة شبكة دعارة تضم فتيات قاصرات.

وفي ذات اليوم أعلن وزير الخزانة الأميركي الأسبق لاري سامرز استقالته من مجلس إدارة شركة أوبن إيه آي بعدما نشر الكونغرس رسائل إلكترونية كشفت عن اتصالات وثيقة بينه وبين إبستين.

مقالات مشابهة

  • محادثات أميركية أوكرانية في سويسرا لإنهاء الحرب
  • واشنطن تضغط على زيلينسكي للموافقة على اتفاق سلام مع روسيا
  • سلام في ذكرى معوض: كان شهيد الاستقلال والطائف الذي لم يطُبّق إلا باستنسابيّة بعد اغتياله
  • نائبة أميركية تستقيل من الكونغرس بعد خلافها مع ترامب بشأن ملفات إبستين
  • نائبة أميركية تعلن استقالتها من الكونغرس
  • المستشار الألماني: مكالمة سرية مع ترامب عن صفقة لإنهاء حرب أوكرانيا
  • ما تلك إلا نماذج..!!
  • تبادل جثث بين أوكرانيا وروسيا وأوروبا ترفض خطة سلام أميركية
  • وثيقة مسربة: واشنطن تقترح تخلي كييف عن دونباس وتقليص الجيش مقابل ضمانات أمنية واسعة
  • صحف أميركية: 5 أسئلة تكشف تفاصيل الخطة الأميركية للسلام بأوكرانيا