ترامب يعزز موطئ قدم لأميركا في مناجم الكونغو مقابل صفقة سلام
تاريخ النشر: 23rd, July 2025 GMT
قالت وكالة بلومبيرغ إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تتحرك تحركا متسارعا لترسيخ موطئ قدم إستراتيجي في قطاع التعدين داخل جمهورية الكونغو الديمقراطية، في مقابل دور الوساطة الذي لعبته واشنطن لإنجاز اتفاق سلام بين كينشاسا وكيغالي الشهر الماضي.
ويأتي هذا التوجه الأميركي ضمن سياسة أوسع تهدف إلى تقليص الاعتماد على الصين في تأمين الإمدادات الحيوية من المعادن الإستراتيجية، مثل الليثيوم والكوبالت والنحاس، وهي مواد أساسية في الصناعات المستقبلية كالبطاريات الكهربائية والتقنيات المتقدمة.
وصرّح الرئيس ترامب، حسب ما نقلته بلومبيرغ في تقريرها، بأن بلاده "ستحصل على كثير من حقوق المعادن" في الكونغو، مشيرًا إلى أن الاتفاق السياسي الذي كان برعاية الولايات المتحدة قد يكون بوابة لاستثمارات أميركية موسعة في قطاع التعدين، لطالما هيمنت عليه الشركات الصينية لعقود.
"كوبولد ميتالز" وتحالفات أميركية جديدةوفي خطوة تعكس هذا التحول، أعلنت شركة "كوبولد ميتالز" -وهي شركة أميركية ناشئة مدعومة من المليارديرين جيف بيزوس وبيل غيتس– عن توقيع اتفاق مع الحكومة الكونغولية لتأكيد اهتمامها بتطوير أحد أكبر مكامن الليثيوم الصلب في العالم، المعروف باسم مشروع مانونو.
ووفقًا لوكالة بلومبيرغ، فإن هذه الخطوة تأتي رغم أن المشروع لا يزال عالقًا في نزاع قانوني دولي، إذ تتهم شركة "إيه في زي مينيرالز" الأسترالية حكومة الكونغو بإلغاء ترخيصها بطريقة غير قانونية، مما دفعها إلى اللجوء للتحكيم الدولي.
وفي سياق موازٍ، كشفت الصحيفة عن أن تحالفًا أميركيًا يتألف من مستثمرين ذوي خلفيات عسكرية واستخباراتية سابقة يتصدر السباق لعقد صفقة استحواذ على شركة "شيمَف" للموارد، وهي شركة ناشطة في إنتاج النحاس والكوبالت، ويقع مقرها قرب مدينة لوبومباشي.
وتعد هذه الصفقة ذات أهمية إستراتيجية لواشنطن، في وقت تحاول فيه إبعاد النفوذ الصيني، خاصة أن شركة "نورينكو" الصينية كانت قد سعت سابقًا للاستحواذ على "شيمف"، لكن الصفقة تعطّلت بسبب اعتراض شركة التعدين الوطنية الكونغولية.
إعلان معادن حيوية وساحة صراع جيوسياسيوحسب تقرير بلومبيرغ، تُعدّ الكونغو:
ثاني أكبر منتج للنحاس في العالم أكبر مصدر عالمي للكوبالت، وهو عنصر أساسي في البطاريات القابلة لإعادة الشحن.ولهذا، باتت الدولة الأفريقية مركزًا للتنافس الجيوسياسي بين واشنطن وبكين، خاصة في ظل توجه أميركا لتأمين سلاسل التوريد بعيدًا عن الاعتماد المفرط على الصين.
ويقول التقرير إن اهتمام واشنطن بتأمين هذه الموارد لا يقتصر على الجانب الاقتصادي، بل يرتبط كذلك بضرورات الأمن القومي الأميركي.
غير أن طريق هذه الاستثمارات ليس مفروشًا بالورود، إذ إن اتفاق السلام بين الكونغو ورواندا، الذي وُقّع في واشنطن برعاية أميركية، لا يزال في مراحله الأولى، والتنفيذ على الأرض يواجه تحديات كبيرة في المناطق الشرقية المضطربة، وفق بلومبيرغ.
كما أن المشاريع الاستثمارية تواجه عراقيل قانونية وتنظيمية داخلية، إضافة إلى قلق من تغيّر المواقف الحكومية أو ضغط الجهات الفاعلة المحلية.
وأشارت بلومبيرغ إلى أن دعم ترامب العلني للاستثمار في قطاع المعادن الكونغولي أعطى دفعة قوية للمستثمرين الأميركيين الذين طالما تجنبوا الدخول في هذه السوق الحساسة.
ومع ذلك، يحذر التقرير من أن أي تأخير في تنفيذ الصفقات، أو تصاعد النزاعات القانونية، قد يُفقد الولايات المتحدة الزخم السياسي والاستثماري الذي تحاول بناءه، رغم كل الحماسة الظاهرة في خطاب الإدارة الأميركية.
وختمت بلومبيرغ تقريرها بالتأكيد أن نجاح هذه التحركات مرهون بقدرة واشنطن على تجاوز العراقيل القانونية والمؤسساتية، وكسب ثقة السلطات الكونغولية، وسط تنافس محتدم مع القوى الأخرى، وعلى رأسها الصين.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
إلباييس: صفقة مصممة لإرضاء الجميع إلا الفلسطينيين
نشرت صحيفة "إلباييس" الإسبانية مقال رأي للكاتب لويس باسيتس، تناول فيه اتفاق وقف إطلاق النار المفروض في غزة، والذي اعتبره "سلاما إمبراطوريا" يخدم مصالح الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإسرائيل، ويتجاهل بشكل كامل صوت الفلسطينيين، ويؤسس لتوازن هش قد لا يصمد طويلا.
ويستهل الكاتب مقاله مؤكدا أنه لا يمكن لأي عاقل أن يعارض وقف الحرب وانبثاق الحياة مجددا من تحت الأنقاض، حتى وإن كان السلام قد فُرض بالقوة وفقا لمصالح "الإمبراطور".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كاتبة تركية: إسرائيل يجب أن تُحاسب وتلقي سلاحها وليس حماسlist 2 of 2طبيب أطفال في غزة: لن أترك مرضاي مهما حدثend of listويضيف أن ما جرى لم يكن حربا بالمعنى الدقيق للكلمة، بل مجزرة هائلة بحق المدنيين، وهو ما تعكسه أرقام القتلى وحجم الدمار.
ويشكك الكاتب في قدرة إسرائيل على تحقيق نصر سياسي لأن ذلك لا يتحقق بمجرد وقف الحرب، بل عندما يكون هناك توازن جديد يخفف من أسباب الصراع ويعمل على تجاوزها، ويفتح الطريق لإعادة الإعمار والمصالحة والعدالة.
قانون الأقوى
ووصف باسيتس خطة وقف إطلاق النار والسلام التي عرضها ترامب بأنها "أغرب اتفاق سلام" في العصر الحالي.
ويرى أن هذه الخطة لن تكبح جماح إسرائيل لأنها لا تتضمن أي جداول زمنية محددة أو ضمانات أو التزامات في ظل غياب الشرعية الدولية والأمم المتحدة، وفي ظل الأحادية التي يرعاها قانون الأقوى السائد، وقسوة الصفقات الكبرى بين مختلف الحكومات وإدارة ترامب.
ويضيف الكاتب أن القيم الإمبراطورية القائمة على القوة والمال لا تزال قائمة كمحرك لسياسات ترامب، رغم تخليه عن مشروعه لتهجير الفلسطينيين لإقامة "ريفييرا الشرق الأوسط" في غزة.
ويتابع قائلا إن صوت الفلسطينيين كان غائبا تماما عن مفاوضات السلام الإمبراطوري، كما غاب صوت السلطة الفلسطينية الفاقدة للمصداقية، رغم أنها المؤسسة الوحيدة التي تتمتع ببعض الشرعية.
ربما تزداد سوءاويرى الكاتب أيضا أن وقف إطلاق النار سيكون هشا لأن نتنياهو يمكنه خرقه متى شاء بعد إطلاق سراح الرهائن وبمجرد أن يغفل الرئيس الأميركي عن مراقبته، مضيفا أن الصفقة برمتها قد لا تصمد لأنها صُممت لإرضاء الجميع ما عدا الفلسطينيين.
إعلانويتوقع الكاتب أن يكون تطبيق الخطة التي يشوبها الكثير من الغموض بطيئا ومتعثرا، مع عدم وجود أي إشارة إلى الضفة الغربية التي يتصاعد فيها التوتر، مما يعني أن الأوضاع قد لا تتغير نحو الأفضل، بل ربما تزداد سوءا بعد أن تتحسن بشكل عابر.
وحسب رأيه، فإن ما يحدث حاليا أشبه بالعودة إلى عام 1948، أو إلى فترة الانتداب البريطاني، وربما تكون النكبة الحالية أسوأ من الماضية وأكبر حجما وأكثر دموية، بلا أرض للفلسطينيين، وخارج إطار الأمم المتحدة هذه المرة.
لويس باسيتس: التوازن الإقليمي الجديد الذي يسعى سلام ترامب إلى فرضه بالقوة لن يقضي على القضية الفلسطينية مسار غير العنفورغم ذلك، يعتقد الكاتب أن التوازن الإقليمي الجديد الذي يسعى سلام ترامب إلى فرضه بالقوة لن يقضي على القضية الفلسطينية، خاصة مع موجة الاعتراف الدولي والزخم الأخلاقي الذي اكتسبته في مواجهة إسرائيل المعزولة والمنهارة أخلاقيا بسبب انتهاكاتها العسكرية.
ويختم بأن الوضع الراهن يفتح طريقا للدبلوماسية والسياسة رغم كل ما يشوب هذا المسار من غموض، لأنه ليس هناك خيار آخر لتجنب أخطاء الماضي، وعلى رأسها خطأ المراهنة على العنف لحل النزاعات وتحقيق المطالب المشروعة.