لجريدة عمان:
2025-12-12@23:16:08 GMT

الحزن عندما «ترتقي» أرواح بريئة نحو السماء !

تاريخ النشر: 8th, August 2025 GMT

حنيفة بنت سالم السلامية - 

للمرة المليون، حوادث الطرق، وما تسببه من حزن لا يعادله حزن آخر، وخسارة كبيرة لن تعوض حتى وإن صنعنا بأنفسنا ما صنعنا، فالآهات ما هي إلا زفرات في وجه الواقع، تخرج من وجع كامن في أعماق النفس إلى فضاء الدنيا.

إذن كيف نتعامل نفسيا مع فقدان الأحبة؟ طريقة التعامل ليست قرارا داخليا أو أمرا سهلا كما يدعي البعض؛ لأن بعض الجراح لا تلتئم بسرعة بل تظل مفتوحة تنزف حتى مع مرور الوقت، لكن ربما الصبر والتحمل هما من يعينان البعض على تجاوز المحنة الصعبة.

أما «نزيف الأرواح على الطرقات» فقد أصبحت حالة يومية لن تنتهي أبدا، هكذا اقتنع الجميع بعدما عادوا من دفن زهور الحياة في مقبرة الموتى، رجعوا متأسفين على حالة أجساد مهشمة، وبقايا أعضاء بشرية كانت متناثرة وقت وقوع حوادث الموت هذا الصباح، كل هذه الأحداث المؤسفة وغيرها من الأوجاع الخانقة ستظل تطارد من تبقى على وجه الحياة، يستذكر الباقون بأن هذه الحوادث المأساوية تخطف سنويا أعدادا هائلة من البشر.

وفي كل مرة نذكر بعضنا البعض، ماذا يعني أن تكون سببا في حدوث كارثة إنسانية وخسارة عظيمة في الأرواح؟ المصيبة أن الكثير من المتسببين في الحادثة يموتون مع الضحايا، ولن نستطيع أن نسألهم لماذا فعلتم ذلك؟ لكن نسأل أنفسنا الآن -كما يسأل البعض السؤال نفسه- ما ذنب أولئك الأبرياء الذين لم يكن لهم ذنب سوى أنهم كانوا على موعد مع الموت في التوقيت نفسه والمكان المحدد واللحظة الحاسمة التي تخرج عليهم تلك المركبة المسرعة لـ«تبيدهم» من على وجه الحياة وتقذف بهم في حفر الموتى؟! أي حزن هذا الذي يربض على قلوبنا كأبناء أو أهل أو أقرباء ونحن نودع أشخاصا نعرفهم، قد يخنقنا ملايين العبرات ونجهش في البكاء لكن ليس لدينا أي «وسيلة أخرى» للتنفيس عن أنفسنا المتعبة.

من العجيب أن نعلم بأن هناك أبحاثا عملية ودراسات أعلنت أن «الدموع التي تخرج من عيوننا ليست كلها سواء، بل إن لكل حالة شعورية دموعا فريدة من نوعها تطلق معها أنواعا مختلفة من السموم التي يحتاج الجسد إلى أن يتخلص منها، فتختلف دموع الحزن عن دموع الندم وغيرها».

ومع ذلك فهذه الدموع قد تكون انفجارا نفسيا يخفف عن قلوبنا حدة الشعور بالفقد، هذه الحوادث المميتة في كل مرة تجعل من قلوبنا منفطرة بالألم والشعور بحجم المأساة التي تخلفها وراءها.

بعض الذين رحلوا عن دنيانا لم نودعهم كما يليق بهم، لكن قلوبنا وصلت إلى حيث ذهبوا، مهما كان الوجع ثقيلا والصدمة كبيرة، إلا أن رحمة الله بهم أكبر من أي شيء في هذا الوجود.

ولكن، إلى متى سيظل التراخي والاستهتار بأرواح الآخرين سهلا على البعض؟ إذا كنا لا نريد أن نعيش في أمان واطمئنان، فعلينا أن لا نحرم الآخرين من فرص الحياة التي يريدونها.. ترفقوا بأنفسكم وبالآخرين.

حالة التهور الجنونية التي تصيب بعض السائقين على الطرقات نقطة يجب الوقوف عليها كثيرا، ليس للمناقشة فحسب وإنما لإيجاد الردع المناسب لهم، أفعال لا يمكن القبول بها أو السماح بتكرارها، تجاوزات خطرة وسرعات جنونية في أماكن لم تكن يوما ساحة للسباق من أجل الموت، وإنما هو طريق نحو السعادة.

لن نخص حادثة معينة لنتحدث عنها، فنزيف الأرواح على الطرقات في موسم معين يجعلنا نتنبه له بشدة، ليس معقولا أبدا ما يحدث في طريق يمتد لنحو أكثر من ألف كيلومتر ليصل السائق إلى وجهته في ساعات قليلة، من أجل تلك الفكرة المجنون تجده يتخطى كل الآمنين السائرين في طرقاتهم طامحين لقضاء وقت جميل.

هذا الجنون يحول كل الأشياء إلى سواد قاتم وإلى مأتم تنصب لها خيام العزاء، فلا تسر أحدا ولا تأتي إلا بالفقد والألم، فلماذا كل هذا التهافت والسرعات؟ لقد أمرنا ديننا الحنيف بحفظ الأرواح من الهلاك، أمرنا الإسلام أن نخفف الوطء وأن لا ننجرف وراء الأفكار السوداء أو اتباع السلوكيات السيئة التي تضر بحياتنا وحياة الآخرين.

عندما تقع كارثة إنسانية فلا مكان لتبرير ما حدث، ولا فائدة من ذكر المسببات، فمن سقط في الفجاعة لن يعود مرة أخرى إلى الحياة، كل شيء قد انتهى وما تبقى ما هو إلا عبرة لمن لم يعتبر، أطفال وشباب وشيوخ يرتقون إلى السماء في غمضة عين، يقضون نحبهم في حوادث لم يكونوا سببا في حدوثها، فأي وجع هذا الذي نتركه لهم بسبب أننا نريد أن نصل إلى وجهتنا بسرعة! هذا ليس مسوغًا يمكن أن يتسبب في إزهاق أرواح الأبرياء، الحوادث المرورية خلال عقود من الزمن آتت على الكثير من الأرواح، والعجيب أن يرحل المتسبب وغير المتسبب على حد سواء، لا يبقى في المكان إلا آثار الفاجعة وبقايا من هياكل حديدية مدمرة! لقد آلمنا رؤية الأحداث وقصص الموت التي لا تنتهي، قلوبنا أصبحت معارك يومية مع الوجع النفسي أكثر من إصابات المرض العضوي، فما نراه ونسمعه لهو شيء يفوق التحمل، فإلى متى سيظل هذا النزيف على طرقاتنا؟ ومع كل حادثة مؤسفة تتفتح الجراح وتنزف القلوب إلى ما شاء الله، وتصدقنا القول الكاتبة مريم ناجي: «فقدان عزيز تعد من الأحداث التي قد يختبرها المرء في حياته، وقد يختبرها أكثر من مرة.. يغادرنا عزيز فيترك في روحنا ندبة كبيرة».

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

السيطرة على حريق شب في منزل بأسيوط.. ولا خسائر في الأرواح

سيطرت قوات الحماية المدنية بمحافظة أسيوط، اليوم الأربعاء، على حريق اندلع في منزل غير مأهول بالسكان بمنطقة حلقة السمك القبلية، دون وقوع خسائر في الأرواح.

السيطرة على حريق اندلع في منزل

وكان اللواء وائل نصار، مدير أمن أسيوط، قد تلقى إخطارًا من غرفة عمليات النجدة يفيد بورود بلاغ من الأهالي باندلاع الحريق.

وعلى الفور، انتقلت قوات الأمن وضباط المباحث، يرافقهم سيارات الإسعاف ووحدات الإطفاء، إلى موقع الحادث، حيث تمكنت فرق الحماية المدنية من السيطرة على النيران ومنع امتدادها، دون تسجيل أي خسائر بشرية.

مطران أسيوط: المشاركة في الانتخابات حق دستوري.. ونرى ما يحدث بالدول المجاورةرئيس جامعة أسيوط: انتخابات النواب تجسد روح الانتماء والمسؤولية الوطنية

وتم تحرير محضر بالواقعة، وجارٍ استكمال الإجراءات القانونية اللازمة ومباشرة التحقيقات.

طباعة شارك أسيوط قوات الحماية المدنية حريق أمن أسيوط السيطرة على النيران حريق منزل اندلاع حريق

مقالات مشابهة

  • السلامي بعد عبور العراق: تأهل بطعم الحزن.. وإصابة يزن النعيمات تخيم على أفراح الأردن
  • اللهمَّ أَعِنَّا على الصيام والصلاة.. أدعية استقبال شهر رمضان 2026
  • البام يرفض الإستغلال السياسوي لفاجعة فاس
  • وكيلا مجلس النواب والأمين العام للمجلس ينعون النائب أحمد جعفر
  • البرش: نقص الغذاء والأدوية والبرد يحصد أرواح الأطفال في غزة
  • أنت المسؤول عن قراراتك!
  • عندما يفارق راكب الحياة أثناء الرحلة الجوية.. هكذا تتصرف الطواقم
  • بالفيديو.. ياسر مدخلي لـ"ياهلا بالعرفج": مسرح الخشبة هو الحياة الموازية التي نتمناها ونبحث عنها ونصلح فيها ما نعجز عن إصلاحه في الحياة!
  • اللهم اغسل قلوبنا بماء رحمتك.. دعاء نزول المطر | ردده الآن
  • السيطرة على حريق شب في منزل بأسيوط.. ولا خسائر في الأرواح