أسقطنا الصنم فصار تمثالًا خفيًا ينخر في جسد الدولة!
تاريخ النشر: 9th, August 2025 GMT
في تجارب الشعوب مع الطغاة كانت النهايات واضحة وحاسمة، مثلًا مبارك أزيح عن الحكم في مصر وسُجن ثم اختفى عن المشهد، لا صوته ولا صوت أسرته عاد له تأثير يُذكر. كذلك زين العابدين بن علي فرّ من تونس ومات في منفى صامت ولم يخلف وراءه سوى الذاكرة، والقذافي انتهى في ليبيا بمشهد دموي ومعه انتهى نظامه بالكامل، لم يعد له بقايا نافذة في الدولة، ولم نر من بعده من يحكم باسمه أو يتحدث بإرثه.
لكن في اليمن، قُتل عفاش وبقيت روحه السياسية السوداء تطوف في مؤسسات الدولة، بل وتمدد إرثه ليتحول إلى منظومة متشعبة تحكم وتناور وتبتلع كل محاولة إصلاح أو تغيير. لم يمت نظام عفاش بموته، بل أعاد إنتاج نفسه من جديد بأوجه متعددة وبأقنعة جديدة، بعضها يحمل شعار الجمهورية وبعضها الديمقراطية وبعضها جلب المحتل والعودة إلى الحكم، وبعضها يتسلل في صمت، وأكثرها وقاحة يدّعي الوطنية وهو يذبحها ويتآمر على الوطن.
لقد بنى عفاش منظومة لا تعتمد على شخصه فقط، بل على شبكة مصالح عميقة، وعلى ثقافة فساد وتواطؤ وتجريف ممنهج للدولة، وبعد مقتله وجدت هذه الشبكة نفسها أكثر حرية في الحركة لأنها لم تعد مقيّدة باسم شخص واحد، بل صارت تشتغل في الظل، من داخل الدولة ومن خلف الستار. لم يتوارث العفافيش حكمه فحسب، بل ورثوا لعنة سياسية وإدارية لا تزال تعيق كل مشروع وطني صادق. من بين كل الطغاة الذين سقطوا كان عفاش الوحيد الذي وُلد نظامه من جديد بعد دفنه، وهذه هي المشكلة.
ولن يُقطع هذا الورم المتجذّر إلا بثلاث خطوات جريئة؛ أولها غربلة شاملة لكل مفاصل الدولة من بقايا الولاء العائلي العفاشي والوظيفي لنظام عفاش عبر لجان وطنية نزيهة تُعيد تعريف الكفاءة والولاء للوطن، وثانيها تفعيل المحاسبة الشفافة عبر أجهزة رقابة مستقلة تُلاحق ملفات الفساد دون استثناء أو محاباة، وثالثها، وهو الأهم، كسر الصمت والمجاملات وإعادة الاعتبار لكل صوت وطني صادق تم إقصاؤه لأنه واجه هذا النظام المتوحش.
فالحل ليس في الشعارات، بل في إعادة بناء الدولة من الداخل دون عفاش ودون أشباحه.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
يوم وطني لدعم غزة.. مبادرة جزائرية للتحفيز على التبرعات الشعبية
نُظّم في الجزائر أمس الثلاثاء يوم وطني لجمع التبرعات لسكان قطاع غزة، بمشاركة واسعة من التجار والحرفيين وأصحاب المهن الحرة وأنصار فريق مولودية الجزائر، استجابةً لمبادرة أطلقتها جمعية البركة بالتنسيق مع الجمعية الوطنية للتجار والقوى المنتجة، تحت شعار "بشرى الصابرين".
ويأتي هذا اليوم التضامني في أعقاب توقيع اتفاقية تعاون الأسبوع الماضي بين الطرفين، تهدف إلى تعزيز الجهود الخيرية وتوسيع نطاق الدعم الشعبي لفلسطين، من خلال تعبئة الفئات المهنية للمساهمة في مشاريع الإغاثة الموجهة نحو القطاع المحاصر من بينها المشاركة في "اليوم الوطني للتبرع".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2حملات شعبية واسعة في مصر لدعم وإغاثة غزةlist 2 of 2مهرجان الطعام في عمّان يتحول إلى منصة دعم إنساني لغزةend of listومنذ مارس/آذار الماضي، تمارس إسرائيل سياسة تجويع ممنهج بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، حيث تغلق المعابر وترفض دخول الإمدادات والمساعدات إلا بكميات شحيحة جدا، مما تسبب بكارثة إنسانية غير مسبوقة.
وقال أحمد ابراهيمي رئيس جمعية البركة والائتلاف العالمي لنصرة القدس وفلسطين إن هذه المبادرة مع التجار والحرفيين والاقتصاديين "جاءت استجابة لنداء أهل غزة الذين يعانون من حصار مطبق والظلم يمنع عنهم الطعام والماء".
ودعا الجزائريين -في فيديو نشرته الجمعية على منصات التواصل الاجتماعي- إلى مواصلة التبرع وتخصيص مداخيلهم لصالح غزة.
وتُعد جمعية البركة من أبرز الجمعيات الخيرية في البلاد، وواحدة من الوجوه الفاعلة في ميدان الإغاثة الإنسانية داخل الجزائر وخارجها، خصوصًا لدعم فلسطين. وقد رسّخت حضورها في المشهد التضامني من خلال مبادرات نوعية، أبرزها الدعم المتواصل لسكان قطاع غزة المحاصر.
ورغم الأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعيشها القطاع الفلسطيني، ما تزال الجمعية تنشط ميدانيًا داخل غزة، عبر شركائها المحليين والدوليين، وتنظيم أيام وطنية لجمع التبرعات بهدف توفير المساعدات الغذائية والطبية والإغاثية.
تعبئة مهنيةوتميّزت هذه المبادرة بخصوصيتها، إذ لم تقتصر على التبرعات الفردية الشعبية، بل اعتمدت على تأطير مهني منظم، شمل التجار والحرفيين وأصحاب المهن الحرة.
إعلانوتحوّلت الفضاءات التجارية وحتى منصات التواصل إلى منصات تعبئة لصالح سكان غزة، أعلن من خلالها عديد التجار تخصيص مداخيلهم يوم الخامس من أغسطس/آب لصالح سكان غزة الذين يواجهون أوضاعًا إنسانية كارثية بفعل الحصار والعدوان الإسرائيلي المتواصل.
وقال سفير جمعية البركة حفيظ دراجي إن "مبادرة تخصيص مداخيل يوم 5 أغسطس لصالح غزة ورغم رمزيتها إلا أنها تحمل معاني كثيرة" مؤكدا أن هذه المبادرة ستتبعها مبادرات أخرى تريد أن تزيد من تضامن الجزائريين أشخاصا ومؤسسات على اختلافها من أجل الوقوف مع غزة.
أنصار المولوديةوفي مشهد لافت، أعلن أنصار (مشجعو) مولودية الجزائر مشاركتهم في هذا اليوم من خلال إلغاء احتفالات ذكرى تأسيس النادي، المقررة في 7 أغسطس/آب الجاري، وتحويل ميزانيتها كاملة لدعم سكان غزة من خلال جمعية البركة.
واعتبر منسقو الحملة من أنصار النادي أن هذه المشاركة تعبّر عن البعد الشعبي الراسخ للقضية الفلسطينية في الوجدان الجزائري، وتضامنًا مع الشعب الفلسطيني في ظل الأوضاع الإنسانية المتدهورة.
وقد تداول أنصار مولودية الجزائر على منصات التواصل الاجتماعي صورًا توثق مشاركتهم في يوم التبرع الذي جرى داخل مقرات جمعية البركة عبر مختلف الولايات. وقد لاقت هذه الصور إشادة واسعة من رواد المنصات الذين ثمّنوا هذه المبادرة باعتبارها تجسيدًا لروح التضامن الشعبي مع غزة.
ويقول مهدي عكنون (أحد مناصري مولودية الجزائر) إن هذه الفكرة التي تبناها الأنصار بمبادرتهم الخاصة تنبع من طبيعة أي مواطن جزائري قبل أن يكون مناصرا اتجاه القضية الفلسطينية.
وبدعم أميركي، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حرب إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 211 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة لمئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين منهم أطفال.