يشهد قطاع غزة منذ أشهر كارثة إنسانية غير مسبوقة، يعيش خلالها أكثر من مليوني إنسان في ظروف أشبه بـ"السجن المفتوح"، تحت حصار مطبق تفرضه سلطات الاحتلال الإسرائيلي. هذا الحصار لم يعد يقتصر على تقييد حركة الأشخاص والبضائع، بل تحول إلى سلاح ممنهج للتجويع، يستهدف المدنيين بشكل مباشر، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني ولكل المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان.



حقيقة غزة سجن مفتوح

الوضع القائم في غزة يرقى من الناحية القانونية والإنسانية إلى توصيف "السجن المفتوح"، حيث يُحرم السكان من حرية التنقل وإدخال الاحتياجات الأساسية من غذاء ودواء وماء. ووفقا لأحكام اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، باعتبار إسرائيل قوة احتلال، فإنها تتحمل المسؤولية الكاملة عن ضمان توفير احتياجات السكان المدنيين وحمايتهم من الأعمال العدائية والحرمان الممنهج.

الوضع القائم في غزة يرقى من الناحية القانونية والإنسانية إلى توصيف "السجن المفتوح"، حيث يُحرم السكان من حرية التنقل وإدخال الاحتياجات الأساسية من غذاء ودواء وماء
إن ما يحدث هو مخالفة صريحة للمواثيق الدولية، حيث يحظر القانون الدولي بشكل قاطع تجويع المدنيين كأداة حرب. فقد نصت المادة (54) من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 الملحق باتفاقيات جنيف على أنه: "يُحظر تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب القتال".

كما اعتبرت المادة 8(2) (ب) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أن "تجويع المدنيين عمدا، بحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم، جريمة حرب".

وباعتبار إسرائيل قوة محتلة وساجنة في آن واحد، فإنها تنتهك التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وخاصة المادة 10 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تلزم باحترام الكرامة الإنسانية.

استخدام التجويع كسلاح سياسي

إن الحصار المفروض على غزة لم يعد أداة عسكرية فقط، بل أصبح وسيلة لتصفية الحسابات السياسية، في خرق لمبدأ عدم جواز المعاقبة الجماعية المنصوص عليه في المادة (33) من اتفاقية جنيف الرابعة، والذي يحظر استهداف المدنيين كعقاب جماعي لأي نزاع سياسي أو عسكري.

المساعدات عبر الإسقاط الجوي.. حل شكلي

المساعدات التي تُلقى جوا على غزة لا تمثل حلا إنسانيا حقيقيا، إذ إن الكميات المسقطة لا تكفي لسد رمق سوى نسبة ضئيلة من السكان، ولا تعالج السبب الجوهري المتمثل في استمرار الحصار. فالحاجة الإنسانية الفعلية تتطلب تدفقا مستمرا ومنظما للمساعدات، بإشراف وضمانات دولية.

ماذا عن مسؤولية المجتمع الدولي؟

التقاعس الدولي في مواجهة هذه الجريمة يضع الأمم المتحدة والدول الأطراف في اتفاقيات جنيف أمام مساءلة قانونية وأخلاقية. فمبدأ الولاية القضائية العالمية يتيح ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب، بما في ذلك جريمة التجويع، أمام المحاكم الوطنية أو الدولية، بغض النظر عن جنسية الجناة أو مكان ارتكاب الجريمة.

إن الوضع في غزة تجاوز حدود الأزمة الإنسانية ليصل إلى جريمة حرب مكتملة الأركان. وعليه، فإن المطلوب:

1- تحرك عاجل أمام مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية.

2- فرض ممرات إنسانية دائمة بإشراف وضمان دولي.

3- محاسبة المسؤولين الإسرائيليين عن انتهاكاتهم الصارخة للقانون الدولي الإنساني.

إن ترك مليوني إنسان في غزة تحت الحصار والتجويع هو وصمة عار على جبين الإنسانية، ويجب أن يكون إنهاء هذه الجريمة أولوية عاجلة للمجتمع الدولي.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء غزة حصار الاحتلال القانون الدولي احتلال غزة حصار القانون الدولي قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة مقالات رياضة رياضة صحافة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی غزة

إقرأ أيضاً:

"حشد": اغتيال خمسة صحفيين في غزة جريمة حرب تستوجب المساءلة الدولية

غزة - صفا

أدانت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد) بأشد العبارات استهداف خيمة الصحفيين أمام بوابة مجمع الشفاء الطبي، ما أدى إلى اغتيال الصحفيين أنس الشريف ومحمد قريقع، وإبراهيم طاهر، ومؤمن عليوة وسائق الطاقم محمد نوفل واصابة عدد اخر من الصحفيين والمواطنين .

وأشارت الهيئة في بيان لها، الإثنين، إلى أن هؤلاء الصحفيين، ولا سيما الصحفي أنس الشريف، كانوا قد تعرضوا في السابق لحملات تحريض وتهديدات مباشرة بالقتل من قبل سلطات الاحتلال، بسبب دورهم في توثيق وفضح جرائم الإبادة الجماعية، والتجويع الممنهج، وسائر الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق المدنيين في قطاع غزة.

وأضافت أنه وباستشهاد هؤلاء، يرتفع عدد الصحفيين الذين قُتلوا خلال حرب الإبادة الجماعية المستمرة إلى 237 صحفيًا وصحفية، ما يؤكد إصرار سلطات الاحتلال على استهداف الشهود ومنع التغطية الإعلامية المستقلة، في محاولة لطمس الحقائق، والتغطية على جرائمها، بما في ذلك جريمة إعادة احتلال قطاع غزة الوشيكة.

وأكدت أن استهداف الصحفيين جريمة حرب وفقًا لأحكام القانون الدولي الإنساني، ولا سيما المادة (79) من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، التي تكفل حماية خاصة للصحفيين أثناء النزاعات المسلحة، كما يشكل انتهاكا جسيما لقرار مجلس الامن القاضي بحماية الصحفيين اثناء النزاعات المسلحة.

وطالبت المجتمع الدولي والأمم المتحدة، بتحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية في وقف الجرائم الإسرائيلية، وتفعيل آليات الحماية الدولية للمدنيين والصحفيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ودعت الدول الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف إلى الوفاء بالتزاماتها، وممارسة ولايتها القضائية لملاحقة مرتكبي هذه الجريمة، باعتبارها جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية.

وحثت المحكمة الجنائية الدولية على تسريع إجراءات التحقيق والملاحقة القضائية بحق المسؤولين السياسيين والعسكريين في دولة الاحتلال، الذين أصدروا الأوامر أو شاركوا في استهداف الصحفيين.

وأكدت على ضرورة توفير حماية دولية عاجلة للصحفيين ووسائل الإعلام في غزة، وتمكينهم من أداء واجبهم المهني في تغطية الأحداث ونقل الحقائق للعالم.

مقالات مشابهة

  • "حشد": اغتيال خمسة صحفيين في غزة جريمة حرب تستوجب المساءلة الدولية
  • د. آية الهنداوي تكتب: جريمة خبز.. حصار البطون قبل المدن
  • الحركة العالمية نحو غزة مبادرة شعبية لكسر الحصار وتعزيز التضامن الدولي
  • اللجنة الوزارية العربية: التهجير القسري جريمة ضد الإنسانية
  • مصر تهاجم مخطط احتلال غزة.. إدانة شديدة واتهام لـ إسرائيل بارتكاب جريمة بحق الإنسانية
  • إسرائيل تمارس البلطجة.. وخبير: جريمة مكتملة الأركان بحق الإنسانية
  • “غزة الإنسانية” مخطط صهيوأمريكي دموي لقتل وتجويع سكان القطاع
  • حماس: التعذيب بالصعق الكهربائي في السجون الصهيونية جريمة حرب تستوجب المحاسبة الدولية
  • قيادي بحماة الوطن: اعتداء المستوطنين على قوافل المساعدات جريمة ضد الإنسانية