التلة الفرنسية.. مستوطنة بنيت على أنقاض بلدة لفتا المقدسية
تاريخ النشر: 11th, August 2025 GMT
"التلة الفرنسية" مستوطنة إسرائيلية من أولى المستوطنات التي أنشئت في مدينة القدس على أنقاض الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل بعد نكسة عام 1967. في البداية كانت عبارة عن حي يهودي صغير ثم تحولت إلى مستوطنة بعد استقطابها عشرات الآلاف من المستوطنين.
وبسبب وقوعها شرق مدينة القدس المحتلة وقربها من مقر الجامعة العبرية، توليها إسرائيل أهمية كبيرة، وتعمل كل ما بوسعها للاستيلاء على المزيد من أراضي المقدسيين لضمها إليها.
في بداية تأسيسها أطلقت إسرائيل على المستوطنة اسم "جفعات شابيرا"، نسبة إلى موشيه شابيرا، أحد قادة الحركة الصهيونية ووزير الداخلية الإسرائيلي السابق، لكن ما لبثت أن غيرت اسمها إلى "التلة الفرنسية" بعد اعتراض السكان على الاسم.
واختلفت الروايات الإسرائيلية في سبب إطلاق اسم التلة الفرنسية على المستوطنة.
ففريق يقول إن الاسم جاء تخليدا لذكرى الكابتن الفرنسي دوغلاس فرينش، الذي أقام معسكرا على جبل المشارف في فترة الانتداب البريطاني.
في حين تقول الرواية الثانية إن ذلك يعود إلى أن الأراضي التي أقيمت عليها المستوطنة كانت تتبع لكنيسة سانتا آنا الفرنسية بالقدس، وتبرعت بها لإقامة بئر مياه للسكان.
أقيمت مستوطنة التلة الفرنسية على جزء من أراضي قرية لفتا العربية المدمرة شمال شرق مدينة القدس، وتحدها من الشمال عدد من القرى الفلسطينية التي توسعت المستوطنة على حسابها، ومنها قرية العيساوية ومخيم شعفاط.
وتتربع مستوطنة التلة الفرنسية على تلة يبلغ ارتفاعها 838 مترا، وهي أعلى مكان في شمال مدينة القدس.
وتقع تحديدا على طريق القدس-رام الله، ما بين مستوطنة عناتوت والجامعة العبرية، شرقي جبل المشارف.
ويقع "تقاطع التلة الفرنسية" على الحدود الشمالية الغربية للمستوطنة، وهو من أهم التقاطعات التي تخدم المستوطنين في القدس، إذ يربط العديد من المستوطنات والبلدات الواقعة شمال القدس ومركز المدينة والطريق السريع رقم 1.
في الجهة الجنوبية الغربية للمستوطنة يوجد موقع خدمات مساحته حوالي 94 دونما (الدونم يعادل ألف متر مربع)، يقدم الخدمات لسكانها وسكان المستوطنات المحيطة بها.
المساحة والسكانبلغت مساحة المستوطنة عام 2022 حوالي 718 دونما، في حين بلغت مساحة مسطح البناء فيها حوالي 504 دونمات، وهي تتوسع باطراد على حساب أراضي الفلسطينيين في قرية العيساوية ومخيم شعفاط.
إعلانبلغ عدد سكان هذه المستوطنة عام 2013 حوالي 6770 مستوطنا، وفي عام 2014 حوالي 6876 مستوطنا، وفي عام 2021 وصل حوالي 8826 مستوطنا.
وبسبب قربها من الجامعة العبرية في جبل المشارف، فإن نسبة كبيرة من طلبة الجامعة وأعضاء هيئة التدريس يعيشون في المستوطنة.
تقول الاكتشافات الأثرية إن أول ظهور للحياة البشرية في أراضي قرية لفتا التي أقيمت عليها المستوطنة يعود إلى قرون عدة قبل الميلاد، إذ تم العثور على بقايا حجرية تعود للعصر الحجري.
كما عثر على بقايا حصن يعود إلى العصر الحديدي، إضافة إلى أدوات تعود للعصر البرونزي، وآثار أخرى يعود تاريخها إلى عهد الفينيقيين.
وقبل نكسة 1967 كان يقطن قرية لفتا المئات من الفلسطينيين، كما كان على أراضيها موقع عسكري للجيش الأردني.
استولت القوات الإسرائيلية المدرعة مع لواء المظليين على البلدة في يونيو/حزيران 1967 بعد معارك شرسة مع السكان والجيش الأردني، الذي نصب مدافعه أعلى التلة.
بعد النكسة وافقت بلدية الاحتلال الإسرائيلي في القدس على خطة لإنشاء حي يهودي مكان ما تبقى من أراضي قرية لفتا المهجرة تحت اسم "جفعات شابيرا"، وذلك بمبادرة من جمعية المهاجرين الأميركيين والكنديين في إسرائيل.
وأقيمت هذه المستوطنة باعتبارها ضاحية سكنية داخل حدود بلدية الاحتلال في مدينة القدس، في إطار ما يسمى "القدس الكبرى"، وذلك بهدف استكمال حلقة الطوق حول المدينة.
وقتها قال رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك ليفي إشكول، إن هذا الحي يعد "أول تجمع حضري مخطط في القدس الحديثة".
لاحقا تغير اسم الحي اليهودي إلى مستوطنة "التلة الفرنسية"، وتوسعت فيما بعد على أجزاء من مخيم شعفاط وبلدة العيساوية.
مخططات استيطانيةدشنت إسرائيل العديد من المخططات الاستيطانية التي تهدف لخدمة مستوطنة التلة الفرنسية، وكان أبرزها عام 1975، إذ تم بناء ما مجموعه حوالي 2500 وحدة سكنية، إلى جانب مبان خدمية.
وفي عام 2006 أقامت بلدية الاحتلال بالقدس مشروع "قرية الطلاب" الاستيطاني، وأشرفت عليه شركة "أفريقيا إسرائيل".
وفي عام 2016، أقرت إسرائيل مشروعا ضخما لاجتذاب المزيد من المستوطنين وإحداث تغيير ديمغرافي في العديد من مستوطنات مدينة القدس، بما فيها مستوطنة التلة الفرنسية، وشملت الخطة بناء وحدات سكنية وأبراج وصلت إلى 30 طابقا ومتاجر وفنادق.
وفي عام 2021 أعلن الاحتلال الإسرائيلي -تحت شعار "تطوير مدينة القدس"- شق 4 أنفاق تهويدية أسفل المستوطنة لربط مستوطنات مقامة في غور الأردن ومعاليه أدوميم غربي المدينة، ومنها إلى مدينة تل أبيب عبر الطريق الالتفافي 443.
وحفرت الأنفاق الأربعة تحت الأرض بطول إجمالي يبلغ حوالي 4.4 كيلومترات وعمق حوالي 40 مترا.
بعدها بعام أقرت بلدية الاحتلال في القدس 5 مشاريع استيطانية في مستوطنة التلة الفرنسية، أبرزها بناء 1500 وحدة استيطانية تضم العديد من الأبراج ومباني خدمات.
وفي يناير/كانون الثاني 2022، صادقت بلدية الاحتلال على مخطط لمضاعفة مساحة مستشفى هداسا الواقع في المستوطنة 5 مرات على أرض مساحتها 111 دونما، وقضت الخطة بإقامة برج من 15 طابقا و7 مبان جديدة ومهبط طائرات مروحية.
وقعت في مستوطنة التلة الفرنسية العديد من العمليات الفدائية التي نفذتها المقاومة الفلسطينية، فضلا عن قصفها من الفصائل في قطاع غزة.
إعلانوفيما يلي أبرز عمليات المقاومة الفلسطينية في مستوطنة التلة الفرنسية:
27 مارس/آذار 2001أصيب 28 مستوطنا بجروح نتيجة عملية تفجيرية في حافلة، وأعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مسؤوليتها عن العملية.
4 نوفمبر/تشرين الثاني 2001قتل مستوطنان وجرح 45 في عملية إطلاق نار نفذها حاتم الشويكي من سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي.
19 يونيو/حزيران 2002قتل 7 مستوطنين وأصيب نحو 50 بجراح في عملية تفجير فدائية قرب محطة للحافلات في المستوطنة، وتبنتها كتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح).
22 سبتمبر/أيلول 2004قتل مستوطنان وجرح 33 في عملية تفجير فدائية في محطة حافلات المستوطنة.
منتصف أبريل/ نيسان 2015قتل مستوطن وأصيب آخر بجراح في عملية دعس في مستوطنة التلة الفرنسية، نفذها الفلسطيني خالد قطينة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات بلدیة الاحتلال مدینة القدس العدید من فی القدس فی عملیة وفی عام
إقرأ أيضاً:
عملية اختطاف في قلب باريس.. السلطات الفرنسية تطارد مسؤولاً سابقاً في السفارة الجزائرية
أصدرت السلطات الفرنسية مذكرة توقيف دولية بحق مسؤول كبير سابق في السفارة الجزائرية بباريس، وذلك على خلفية التحقيق في قضية اختطاف واحتجاز المعارض الجزائري أمير بوخرص عام 2024، وفق مصدر قريب من الملف.
وجاءت المذكرة بحق المدعو “س.س” الجزائري البالغ من العمر 37 عاماً، المتهم بخطف واحتجاز بوخرص في إطار شبكة إرهابية وعصابة إجرامية، وقد طلبت النيابة العامة لمكافحة الإرهاب إصدار المذكرة بناءً على “شكوك جدية” في ارتكابه هذه الجرائم.
وخطف المعارض وأحد المؤثرين المعروفين على تيك توك، أمير بوخرص الملقب بـ”أمير دي زد”، في 29 أبريل 2024 في منطقة فال-دو-مارن شمال باريس، قبل أن يتم الإفراج عنه في الأول من مايو 2024، وتتجه التحقيقات إلى تورط مسؤول كبير سابق في السفارة الجزائرية، والذي يُرجح أنه كان يحمل غطاء دبلوماسياً بصفته السكرتير الأول للسفارة.
من جهته، اعتبر محامي بوخرص، إريك بلوفييه، أن هذه الخطوة “مهمة لمنع إفلات عملاء جزائريين متورطين في عمليات خطف معارضين من العقاب”، مشيراً إلى أن المتهم المحتمل لم يتم توقيفه وربما غادر فرنسا مستغلاً حصانته الدبلوماسية.
ويواجه في الملف نفسه سبعة أشخاص على الأقل، بينهم موظف قنصلي جزائري، يُشتبه في تنفيذهم الخطف لقاء أجر دون دوافع سياسية.
ويُذكر أن أمير بوخرص، الذي يعيش في فرنسا منذ 2016 وحصل على اللجوء السياسي عام 2023، يعد من أبرز المعارضين لنظام الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وقد أصدرت الجزائر مذكرات توقيف دولية ضده متهمة إياه بالاحتيال وارتكاب جرائم إرهابية، فيما رفض القضاء الفرنسي تسليمه في 2022.
ويأتي هذا التطور القضائي في ظل توتر مستمر بين فرنسا والجزائر منذ صيف 2024، ما يضيف أبعاداً جديدة للأزمة بين البلدين.