عربي21:
2025-08-11@15:14:10 GMT

هل مصر على موعد مع حرية الإعلام؟!

تاريخ النشر: 11th, August 2025 GMT

قالوا: الجمل طلع النخلة، قلنا: هذا هو الجمل وهذه هي النخلة!

فقد فوجئ كثيرون باجتماع أمس، الذي ترأسه رئيس الدولة المصرية، وضم بجانب رئيس الحكومة رؤساء الهيئات الإعلامية الثلاث، وجرى خلاله الحديث عن ضرورة تحول الإعلام المصري إلى إعلام "الرأي والرأي الآخر"، وعودة المبعدين عن الساحة "لظروف مختلفة"، "فلا يجب التنكيل بمن يرتكبون أخطاء".

ورغم ما يكشفه هذا الإعلان عن تحول في الداخل المصري، فإن من لسعته الشوربة لا يُلام إذا نفخ في الزبادي!

فهذا "إعلان" ذكرني بإعلان سابق، هو الدعوة إلى الحوار الوطني، والذي تم بالتنفيذ تفريغه من مضمونه، وتحول بجلساته إلى "مكلمة"، وانتهى الأمر به إلى لا شيء، وكأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا أنيس، ولم يسمر بمكة سامر، فلا توصية واحدة رُفعت، ولا مطلب يتيما أُخذ به. فهل كانت النية منذ البداية أنه طلعة جوية، أم أن أصحاب المصالح هم الذين انتهوا به على هذا النحو، وهم أقوى من رغبة أي رئيس؟ فماذا ربحوا إذا حموا النظام من السقوط، وفقدوا مواقعهم التي حصلوا عليها في أجواء أزمة، وهم الذين جاءوا من الخلف، ولو استمر مبارك لكان حلمهم جميعا في تقاعد مريح؟ ضعف الطالب والمطلوب!

وعلى ذكر الرئيس مبارك، فإن مصريين في الخارج وضعوا تصورا للإصلاح السياسي فيما سُمي بمجموعة المئة، بعيدا عن مظلة الحزب الوطني، وإذ تواصلوا مع أحد قياداته، وبعلم مبارك بذلك، فقد استدعاه لمناقشة الأمر، فلما استمع له وافق على شروطهم، لكن تململا كان من الرجل القوي في الحزب حينذاك كمال الشاذلي؛ من الفكرة التي تصنع نفوذا لأناس خارج دائرة نفوذه، فكان هذا التململ غير الصريح كفيلا بأن يُنهي الفكرة. وعندما سألت: أيهما أقوى، كمال الشاذلي أم مبارك؟ قال القائل: الشاذلي بطبيعة الحال، بحكم كونه في تعامل يومي مع هذا القيادي، وقد يدس له ويفسد عليه دنياه، فهل يلتقي بمبارك كل يوم؟! وبالفعل ماتت الفكرة، وحسنا أنها فشلت، فقد كان رموزها علي عبد العال، أسوأ رئيس برلمان في تاريخ الحياة البرلمانية في مصر!

أزمة الانفتاح المقيَّد

ربما لم يكن ما قيل في هذا الاجتماع مفاجأة لي، فقبل عدة شهور، وبالتحديد في الفترة التي أعقبت الإطاحة باللواء عباس كامل من منصبه مديرا للمخابرات العامة، علمت أن الجنرال أبدى عدم ممانعته في أن يرى رأيا مختلفا في وسائل الإعلام، وأطلق لمقدمي البرامج حرية اختيار الشخصيات لمحاورتها دون العودة لأي جهة، وهي الفترة التي شهدت استضافة عمرو موسى وحسام بدراوي، ثم توقف الأمر عند هذا الحد. وتنبأت بالفشل، وتذكرت تجربة رئيس عربي سابق طلب من أذرعه الإعلامية نقل السلبيات، وقال لهم نصا: انتقدوا، فلم يفعلوا شيئا من هذا، فما الذي يجعلهم يخاطرون بذلك، والنقد لا يتفق مع تركيبتهم الشخصية، وهي أزمة الحاكم عندما يريد حرية تحت إدارته، وأصحاب "الرأي" لا يمكن أن يملأوا فراغ أصحاب "الرأي الآخر"!

أزمة رأس السلطة في مصر أنه يريد انفتاحا مقيَّدا، وهذا مفهوم، وأكثر من ذلك هو ضد طبائع الأشياء، وإلا سأكون أمام دهشتي في مرحلة الطفولة، فقد كان عمري عشر سنوات، والرئيس السادات يقرر الانتقال من تجربة الحزب الواحد إلى التعددية، التي بدأت بالمنابر عام 1976، وقال وهو يخطب إنه يريد معارضة قوية، ويضغط على الحروف لتأكيد جديته فيما يقول. ومبعث دهشتي البريئة: كيف له أن يطلب من معارضيه أن يكونوا أقوياء؟! لكنه الرئيس السادات إذا انطلق خطيبا!

فالأزمة في أن تكون الرغبة في التحول إلى إعلام "الرأي والرأي الآخر" بذات رموز إعلام "الرأي الواحد". وإذا استوعبنا كون المطلوب حرية في الحد الأقصى من التقييد، فإن من كان يخاطبهم بذلك، من رؤساء المؤسسات الإعلامية، المنوط بهم التنفيذ، لم يصلوا إلى هذه المواقع إلا بسبب الاستبداد، واستمراره هو الضامن لاستمرارهم فيها. ومن هنا فسوف يتعاملون مع هذا اللقاء على أنه مجرد رغبة تفتقد للإرادة اللازمة لتنفيذها، أو هي نوع من التفكير بصوت مسموع، قد ينتهي الأمر بعودة توفيق عكاشة، وإبراهيم عيسى، وربما خيري رمضان، ثم تكون هذه هي كل تجليات هذا الاجتماع، ولا أكثر من ذلك!

الرغبة والإرادة

ولا أسلم -مع هذا- بأن لدى الرئيس رغبة جادة فيما قد يفهمه الناس من حديثه عن الاستعانة بكل الكوادر الإعلامية التي ابتعدت عن الساحة لظروف مختلفة، ولا يجب التنكيل بمن يرتكبون أخطاء، وأن يكون الإعلام المصري هو إعلام "الرأي والرأي الآخر"!

فمن الغفلة أن يتصور المرء أننا أمام عبد الناصر والسادات معا، والثاني أصلح أخطاء الأول مع المعارضة، ولا أن يكون السادات ومبارك معا، والأخير حل مشكلات الأول مع المعارضة، وأرسل نقيب الصحفيين للخارج للتفاوض مع الصحفيين المعارضين وتأمين عودتهم لمصر. ومن هنا، فنحن أمام رغبة لن يجد النظام من بين رجاله من يدفع في سبيل تنفيذها، فلئن يسقط الحكم بهم خير لهم من أن يطول عمره بغيرهم. بيد أن المبادرة نوع من التفكير بصوت مسموع، فسوف تنتهي كما انتهى الحوار الوطني.. إلى لا شيء، إلا عودة توفيق، وربما لميس!

إن هذا الكلام الكبير الذي قيل بالأمس، كان يجب أن تسبقه أو تتزامن معه إشارات تؤكد جديته. فكيف يجري الحديث عن الإصلاح الإعلامي، بينما مخرج سابق بالتلفزيون المصري يعيش في الخارج بدون جواز سفر، وبينما صحفيون في السجون لم يُفرج عنهم، وبينما مذيعة تعيش لاجئة في كوريا الجنوبية، بجانب عدم السماح بمواقع وصحف للمعارضة الحقيقية، وليس على طريقة فترة حكم جمال مبارك، عندما أغلقت جريدة "الشعب" وسُجن خمسة من صحفييها، بينما مُنحت جريدة "الدستور" الترخيص القانوني، وصار إبراهيم عيسى هو الممثل الرسمي للمعارضة، وهو مثل الحزام ذو اللونين، وبحسب الاحتياجات؟!

المحرك لهذا الاتجاه هو الشعور بفشل الترسانة الإعلامية في الداخل، وعدم قدرتها على اكتساب ثقة الناس أو مجابهة التحديات ونزع فتيل الغضب، وهذا الصراخ المستمر في الأستوديوهات هو هذا الشعور بالأزمة، وفي خسارة الإقليم في جبهته المهمة، وعدم وجود خطاب سياسي أو إعلامي يشعر المواطن بالاطمئنان على حاضره ومستقبله.

ومع هذا الفشل في البر والبحر، يأتي هذا الخطاب، فيبدو للجائع الذي يحلم بسوق الخبز أن مصر ستشهد تحولا في حرية التعبير، وأن أدوات تقزيم الإعلام هم من يسهرون على المرحلة الجديدة.

ليس تحت القبة شيخ!

x.com/selimazouz1

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه المصرية حرية مصر السيسي حرية اعلام مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة صحافة رياضة صحافة مقالات رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الرأی الآخر مع هذا

إقرأ أيضاً:

الإعلام الحكومي بغزة: المساعدات التي دخلت القطاع لا تكفي إلا 3% فقط

كشف مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إسماعيل الثوابتة عن أن حجم المساعدات الفعلية التي تصل إلى المواطنين في قطاع غزة لا يتجاوز 3% من الاحتياجات اليومية لنحو 2.4 مليون نسمة، بينهم أكثر من مليون طفل فلسطيني، رغم تعهدات الاحتلال الإسرائيلي بفتح المعابر منذ 27 يوليو/تموز الماضي.

وفي تصريحات للجزيرة نت، قال الثوابتة إن مستشفيات غزة ما زالت تسجل وفيات يومية جراء المجاعة ونقص الغذاء، وكان آخرها 5 ضحايا -بينهم طفلان- خلال الـ24 ساعة الماضية، لترتفع حصيلة الضحايا بسبب الجوع وسوء التغذية إلى 217 شهيدا، بينهم 100 طفل، في مشهد يعكس عمق المأساة واستمرار سياسة الحصار والتجويع التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية.

حجم المساعدات الحقيقي

وعن العدد الحقيقي للشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية التي تدخل فعلا قطاع غزة، أشار مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إلى أن 1210 شاحنات مساعدة فقط هي التي دخلت غزة خلال 14 يوما، من أصل 8400 شاحنة مفترضة، أي ما يعادل 14% من الاحتياجات الفعلية.

وأضاف أن معظم هذه الشاحنات تعرضت للنهب والسطو في ظل فوضى أمنية يفتعلها الاحتلال ضمن سياسة ممنهجة لما سماه "هندسة التجويع والفوضى" بهدف كسر إرادة الشعب الفلسطيني.

وأكد الثوابتة أن الاحتلال الإسرائيلي يحاول استخدام هذا الوضع كأداة للضغط السياسي وتصفية القضية الفلسطينية عبر فرض شروطه الميدانية والإنسانية على السكان المحاصرين.

ويشن الاحتلال الإسرائيلي عدوانا متواصلا على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث أدت العمليات العسكرية وسياسات الإغلاق الممنهج إلى انهيار منظومة توزيع المساعدات الإنسانية، وسط تحذيرات متصاعدة من الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية بشأن خطر المجاعة والموت جوعا الذي يتهدد الأطفال والنساء في المناطق المنكوبة.

إنزال جوي بلا قيمة

وتطرق المسؤول الحكومي في غزة إلى آلية توزيع المساعدات عبر إنزالها من الجو، وبيّن أن هذه العمليات لم تعد فقط بلا جدوى، بل أضحت خطيرة على حياة المجوعين.

إعلان

ويفسر ذلك بقوله إنه منذ بدء الحرب تسببت الإنزالات الجوية وحدها في استشهاد 23 فلسطينيا وإصابة 124 آخرين. مبينا أن معظم صناديق المساعدات تسقط في مناطق يسيطر عليها الاحتلال أو في أحياء تم تفريغها قسريا من سكانها، مما يعرّض المدنيين للاستهداف المباشر.

كما أوضح الثوابتة أن "عمليات الإنزال الجوي التي حدثت العام الماضي أدت إلى غرق 13 فلسطينيا بعد سقوط المساعدات في البحر"، مطالبا بوقف هذه الإنزالات الجوية "الدعائية" التي يريد منها الاحتلال تلميع صورته والتغطية على سياساته بمنع دخول الإمدادات الأساسية عبر المعابر البرية.

جرائم متواصلة

ودان مسؤول الإعلام الحكومي في غزة استمرار الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، مجددا دعوات سبق أن أطلقها للأمم المتحدة والدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي للتحرك العاجل والجدي لفتح المعابر وضمان تدفق المساعدات بلا قيود، خاصة الغذاء وحليب الأطفال والأدوية، بالإضافة إلى محاسبة الاحتلال على جرائمه بحق المدنيين الفلسطينيين.

وتؤكد بيانات وزارة الصحة في غزة استمرار نزيف الضحايا، فقد تجاوز عدد الشهداء الفلسطينيين منذ بدء الحرب 61 ألفا، بينهم عشرات الآلاف من الأطفال والنساء، إلى جانب أكثر من 153 ألف جريح، وما يزيد على 10 آلاف مفقود. في حين تحذر الأمم المتحدة من أن 87% من مساحة القطاع باتت إما تحت الاحتلال الإسرائيلي المباشر أو أمرت قوات الاحتلال بإخلائها، مما يضاعف أزمة الغذاء ويعمّق الكارثة الصحية.

ويتوازى كل ذلك مع مخطط بدأه جيش الاحتلال لتوسيع سيطرته على غزة، وذلك بعد أن أقرت الحكومة الإسرائيلية خطة "تدريجية" لاحتلال القطاع بأكمله وتهجير سكانه نحو الجنوب، وقد بدأ بالفعل فرض أوامر إخلاء جديدة بأحياء ومخيمات في شمال القطاع ووسطه وشرقه.

مقالات مشابهة

  • المؤتمر: توجيهات الرئيس السيسي تعكس التزام الدولة بدعم حرية الرأي
  • حرية التعبير وإتاحة المعلومات.. التفاصيل الكاملة للقاء الرئيس السيسي برؤساء الهيئات الإعلامية
  • رئيس الأعلى للإعلام: تأكيد الرئيس على حرية الرأي والتعبير رسالة بالغة الأهمية في الظروف الراهنة
  • “الباب مش مقفول”.. أحمد موسى: الرئيس السيسي تحدث عن الرأي والرأي الآخر.. ويعلم أهمية الإعلام
  • الإعلام الحكومي بغزة: المساعدات التي دخلت القطاع لا تكفي إلا 3% فقط
  • «الأعلى للإعلام» يشكر الرئيس السيسي على دعمه لحرية الرأي والتعبير
  • مصطفى بكري: اجتماع الرئيس السيسي بالقيادات الإعلامية يؤسس لمرحلة جديدة من دعم حرية الرأي
  • انطلاق برنامج تدريبي لتأهيل الكوادر الإعلامية اليمنية في القاهرة
  • رئيس نقابة الصحافة والإعلام يشيد بتوجيهات الرئيس السيسي لتطوير المنظومة الإعلامية