بارقة أمل للعائلات المكتظة بالخيام.. شاحنة مياه تصل غزة وسط تحذيرات من تفاقم الكارثة الإنسانية
تاريخ النشر: 13th, August 2025 GMT
وسط حرارة الصيف القاسية وتدهور الظروف المعيشية، اصطفت عشرات العائلات في مدينة غزة بانتظار شاحنة محمّلة بمياه شرب نقية، في مشهد يجسّد عمق الأزمة الإنسانية التي يواجهها سكان القطاع منذ أشهر. اعلان
يقطن آلاف الفلسطينيين في خيام مكتظة قرب الشاطئ، بعد أن شردتهم العمليات العسكرية الإسرائيلية التي اندلعت عقب هجوم 7 أكتوبر 2023.
بحسب وزارة الصحة في غزة، أسفرت الحرب عن مقتل أكثر من 61,400 فلسطيني، نصفهم تقريبًا من النساء والأطفال، في حين لم توضح الوزارة عدد المقاتلين ضمن هذه الحصيلة. كما تسببت العمليات العسكرية في تدمير مساحات واسعة من القطاع، وتشريد معظم سكانه، ودفعه نحو حافة المجاعة.
في ظل هذه الأوضاع، أصبحت شاحنات المياه التي تصل بين الحين والآخر تمثل شريان حياة حقيقي لآلاف الأسر، لكنها تبقى حلًا مؤقتًا أمام أزمة إنسانية مرشحة للتفاقم ما لم يتم التوصل إلى تسوية توقف نزيف الحرب.
غزة تواجه كارثة مائية تهدد حياة الملايينيعيش أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة على حافة العطش، مع تدهور غير مسبوق للبنية التحتية جراء الحرب الإسرائيلية المستمرة. وتشير دراسات متخصصة إلى أن 97% من المياه في القطاع غير صالحة للشرب، بسبب الاعتماد على حوض جوفي مالح ومُلوث، وتعطل معظم محطات التحلية نتيجة القصف المباشر أو نفاد الوقود.
تحذيرات بيئية وصحية من انفجار وبائيوفي يوليو الماضي دقت سلطة جودة البيئة الفلسطينية ناقوس الخطر، في غزة، مؤكدة أن 95% من سكان القطاع معرضون مباشرة للإصابة بأمراض مميتة، تشمل الكوليرا والتهاب الكبد الوبائي والإسهال المزمن، إلى جانب أمراض معوية أخرى بدأت بالانتشار بالفعل. وأشارت إلى أن قصف خطوط الصرف الصحي أدى إلى تسربات خطيرة تختلط بمصادر المياه القليلة المتبقية، ما يهدد بكارثة صحية وبيئية يصعب احتواؤها.
وفي ذات السياق أبلغت المرافق الصحية المنهكة في القطاع عن ارتفاع حاد في حالات الإصابة بالطفيليات المعوية، وعلى رأسها "الجيارديا" و"الأميبا"، وهي أمراض يربطها الأطباء مباشرة بتلوث المياه واختلاطها بمياه الصرف الصحي.
كشف تقرير للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وسلطة المياه أن حصة الفرد اليومية من المياه انخفضت من 84.6 لترًا قبل الحرب إلى ما بين 3 و15 لترًا فقط اليوم. هذه الكميات القليلة غير مستقرة وتعتمد على توفر الوقود لتشغيل الآبار ومحطات التحلية، فيما لا تتجاوز الإمدادات الحالية 10-20% من مستويات ما قبل الحرب.
مشاهد مأساوية: من مياه البحر إلى التحلية البدائيةمع تعطل 95% من محطات التحلية الدولية، أصبح الحصول على المياه رحلة شاقة تتطلب الوقوف في طوابير لساعات للحصول على 20 لترًا فقط كل أسبوعين. ودفع العجز آلاف السكان إلى استخدام مياه البحر للاستحمام والغسيل، أو محاولة تحليتها بطرق بدائية عبر التبخير على الحطب، في مساعٍ غالبًا ما تبوء بالفشل.
اليونيسف: نظام المياه في غزة دُمّر بنسبة تصل إلى 70%في تقرير صدر مايو/أيار الماضي، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) إن ما بين 65 و70% من شبكة المياه في غزة قد دُمرت بالكامل، مما جعل ضخ المياه عبر الشبكات القديمة أمرًا مستحيلًا، ووضعت حياة ملايين السكان على المحك.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: إسرائيل غزة بنيامين نتنياهو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إيران دونالد ترامب إسرائيل غزة بنيامين نتنياهو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إيران دونالد ترامب أزمة إنسانية حصار غزة المساعدات الإنسانية ـ إغاثة مياه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل غزة بنيامين نتنياهو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إيران دونالد ترامب فلسطين حركة حماس الاتحاد الأوروبي فرنسا فلاديمير بوتين قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
المدن التي دمرتها الحروب حول العالم.. غزة في المقدمة
مع انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من مدينة غزة، انكشف حجم الدمار الذي لحق بأحيائها، إذ حولت الصواريخ والعربات المفخخة معظم المناطق إلى كومة من الركام. منذ إعلان الاحتلال الإسرائيلي احتلال المدينة في 11 آب/أغسطس الماضي، تكثفت عمليات التدمير لتشمل أحياء المدينة الشمالية وجنوبها، مستنسخة نموذج الدمار الشامل الذي طاول محافظات شمال غزة ورفح، ليعكس خطة ممنهجة لاستنزاف البنية التحتية وإفقاد السكان القدرة على العودة إلى حياتهم الطبيعية.
مع بدء وقف إطلاق النار ظهر الجمعة، سار آلاف المواطنين الذين أجبروا على النزوح إلى وسط وجنوب القطاع سيرا على الأقدام عائدين إلى مناطق سكناهم، في مشهد يعكس حجم المعاناة والصعوبات التي يواجهها السكان بعد عامين من العمليات العسكرية المستمرة.
وتشير تقديرات السلطات المحلية في غزة إلى أن نحو 90% من البنية التحتية في القطاع دُمرت بالكامل، بما يشمل الطرق، شبكات الصرف الصحي، المباني السكنية، المستشفيات، والمرافق الحيوية كافة.
وبحسب تقديرات أولية، تُقدر الخسائر المباشرة للحرب بنحو 70 مليار دولار، وهو رقم ضخم يعكس حجم الدمار الكبير الذي خلفته العمليات العسكرية المتواصلة على مدار عامين كاملين.
اقتصاد غزة، الذي دُمر بشكل شبه كامل، شهد أكبر انكماش منذ جيل بحسب البنك الدولي، مع توقف شبه كامل في الأنشطة الاقتصادية، ما عمق الأزمة الإنسانية. ويشير تحليل لمركز الأقمار الصناعية التابع للأمم المتحدة إلى تدمير أو تضرر نحو 193 ألف مبنى في القطاع.
أما القطاع الصحي، فقد تعرض لتدمير واسع، إذ تعمل 14 مستشفى من أصل 36 بشكل جزئي فقط، بينما تواجه غزة موجة جوع حاد يعاني منها نحو 514 ألف شخص، وفق نظام التصنيف المتكامل للأمن الغذائي.
أما إعادة إعمار القطاع، فتقدر تكلفتها بنحو 52 مليار دولار وفق مدير مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع، غير أن التحدي الأكبر يكمن في الوقت الطويل الذي تحتاجه هذه العملية في ظل انهيار البنية التحتية وتراجع الاقتصاد، ما يعني أن قطاع غزة سيحتاج لسنوات قبل أن يبدأ بالتعافي الكامل.
عرض هذا المنشور على Instagram تمت مشاركة منشور بواسطة Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
عرض هذا المنشور على Instagram تمت مشاركة منشور بواسطة Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
غزة في سياق عالمي للدمار الحضري
تاريخيا، لم تعد غزة وحدها نموذجا للدمار الشامل الذي تتعرض له المدن أثناء الحروب. فقد شهد العالم عشرات المدن التي دمرتها الحروب، لتكون عبرة لما يمكن أن تلحقه النزاعات المسلحة من خسائر بشرية ومادية.
هيروشيما ونجازاكي ــ اليابان:
في 6 آب/أغسطس 1945، ألقت الولايات المتحدة قنبلة ذرية على هيروشيما، ما أسفر عن مصرع 80 ألف شخص على الفور، ووصل العدد إلى نحو 166 ألف بنهاية العام نتيجة الإصابات والإشعاعات. دُمرت نحو 70% من الأبنية، بما في ذلك مرافق عسكرية وصناعية حيوية.
ولم تبدأ عمليات إعادة البناء إلا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث أنشأت السلطات "حديقة السلام التذكارية" عام 1954 تخليدًا للحدث. وبعد ثلاثة أيام، ألقيت قنبلة ذرية أخرى على مدينة ناجازاكي، ما أسفر عن مقتل 80 ألف شخص، قبل إعلان استسلام اليابان رسميًا.
روتردام ــ هولندا:
في 14 أيار/مايو 1940، ألقت القوات الجوية الألمانية نحو 1300 قنبلة على روتردام، ما أسفر عن مصرع 900 شخص وتدمير معظم مركز المدينة. ولم تكتف الحكومة الألمانية بالتهديد بتفجير مدينة أوتريخت، بل دفع هذا الهجوم الحكومة الهولندية إلى إعلان الاستسلام. واستُغلت فرصة إعادة البناء لتقوية البنية التحتية، وبحلول عام 1950 استعادت روتردام شهرتها كأحد أسرع موانئ العالم في تحميل وتنزيل الحمولات.
جورنيكا ــ إسبانيا:
في نيسان/أبريل 1937، تعرضت جورنيكا في إقليم الباسك لقصف جوي عنيف من القوات الألمانية والإيطالية لمساندة القوميين الإسبان أثناء الحرب الأهلية، ما أودى بحياة 400 مدني. أصبح اسم المدينة مرادفًا للرعب، وصور الفنان بيكاسو الدمار في لوحة فنية شهيرة تحمل اسمها. وفي الذكرى السبعين، أعلن رئيس إقليم الباسك جورنيكا "عاصمة السلام في العالم".
درسدن وكوفنتري وبرلين وكولون ــ أوروبا:
وتعرضت درسدن الألمانية لقصف من قوات الحلفاء بين 13 و15 شباط/فبراير 1945، ما أسفر عن مقتل 25 ألف شخص. أما كوفنتري البريطانية، فتعرضت لسلسلة هجمات جوية ألمانية في تشرين الثاني/نوفمبر 1940، ألحقت أضرارا بالغة بالبنية التحتية وتهدمت كاتدرائيتها.
وفي روسيا، تحولت ستالينجراد إلى أطلال خلال المعركة الفاصلة ضد قوات المحور، ما أسفر عن مقتل نحو مليوني شخص، قبل أن يتم تغيير اسم المدينة إلى "فولجوجراد" لاحقا، ونصب تمثال ضخم لتخليد ذكرى المعركة. ودمرت برلين نصف منازلها خلال الهجمات الجوية بين 1943 و1944، فيما تعرضت كولون لأكثر من 34 ألف قنبلة خلال 262 غارة، لتوصف بعد الحرب بأنها "أكبر مجموعة حطام في العالم".
هوي ــ فيتنام:
وشهدت مدينة هوي في الساحل الشرقي لفيتنام أعنف مراحل الحرب في عام 1968، عندما باغتت القوات الفيتنامية الشمالية القوات الأمريكية وحلفاءها، وأدى القتال إلى مقتل آلاف المدنيين. وتعمل السلطات الفيتنامية حاليًا على إعادة ترميم المناطق الأثرية والتاريخية بالمدينة.
لندن ــ بريطانيا:
وتعرضت لندن للهجوم 71 مرة من القوات الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية لمحاولة إضعاف الروح المعنوية والبنية الدفاعية، بما في ذلك قصف مستمر لمدة 57 ليلة متواصلة في عام 1940، ما أسفر عن تدمير مليون منزل ومقتل 20 ألف شخص. لكن صمود معالم مثل كاتدرائية "سانت بول" شكل رمزا للمقاومة والثبات.
وتوضح هذه التجارب العالمية أن الدمار الشامل لا يطال المباني فقط، بل يمتد إلى النسيج الاجتماعي والاقتصادي للمدن، ويترك آثارا طويلة المدى على السكان المدنيين. تعيش غزة اليوم مأساة مشابهة، حيث تتكشف كل يوم تفاصيل جديدة من التهجير الجماعي، التدمير الشامل للبنية التحتية، وانهيار الاقتصاد المحلي. ومع ذلك، يبقى الأمل مرتبطًا بإعادة الإعمار، وحماية المدنيين، وتعزيز الجهود الإنسانية، لتجنب كارثة طويلة الأمد قد تمتد لأجيال.