علي جمعة: الخطر الحقيقي يكمن في التلاعب بالألفاظ لا في انتشار الذنوب فقط
تاريخ النشر: 14th, August 2025 GMT
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف عبر صفحته الرسمية على فيس بوك إن الخطر الحقيقي يكمن في التلاعب بالألفاظ، لا في انتشار الذنوب فحسب؛ فإن الذنوب والمعاصي موجودة في المجتمع الإسلامي منذ العصر الأول، وحتى بين الصحابة رضى الله عنهم، ولم يخلُ عصر منها.
وتابع: وإنما الخطر الأعظم يكمن في التلاعب بالألفاظ، بأن تسمى الذنوب بغير أسمائها، فيُزَيَّن قبحها في عيون الناس، ويدفعهم ذلك إلى الإقدام عليها.
وأشار إلى أن فالتلاعب بالألفاظ له أثر كبير على استحلال الذنوب، كما أنه ينعكس سلبًا على منهج التفكير وإمكانية إدارة الحوارات والمناقشات، إذ يتسبب في خلق حالة من الصراع الفكري والعقائدي.
وضرب مثالا على ذلك وقال: تعري المرأة وإظهارها أجزاء من جسدها. فبينما يسميه الإسلام "كشفًا للعورة" تأثم به المرأة ويحاسبها الله عليه، يسميه دعاة التفلت "جمالًا وجاذبية"، فينشأ في أذهان الناس أن المسلمين يرفضون جمال المرأة وجاذبيتها، فيكرهون الإسلام وعلماءه من غير وعي.
ولفت إلى أن هذا توصيف غير صحيح؛ فإن الإسلام استحب للمرأة أن تتجمل وتظهر جمالها، ولكن في إطار التكليف الشرعي وتشريعه، وفي حدود الحياة الزوجية. والإسلام يهدف بذلك صيانة المرأة، وأنها ليست جمالًا مباحًا لكل أحد، بل تتزين وتتجمل لمن اختارت وأرادت، في إطار العقد الشرعي بينها وبينه. ويشيع بذلك وعيٌ عام يعين على الامتثال للتكاليف الشرعية، مثل تحريم الزنا، والأمر بغض البصر، والنهي عن الخلوة المحرمة.
وبين انه قد ترتب على هذا أن علماء الإسلام كرهوا ما يأتي به بعض التطور الغربي من تغيير لمعاني الألفاظ المتفق عليها، لما فيه من الخطر الحقيقي: أن تسمى الذنوب بغير أسمائها، فيتجمل قبحها في العيون، ويدفع الناس إلى الإقدام عليها، وكم استغلت كلمات مثل "الحرية"، و"الجمال"، و"تحقيق الذات" في خداع المرأة المسلمة، واستمالتها إلى كشف عورتها؛ خدمة لجهات تتكسب من هذا التعري المقيت.
ونوه انه قد أدى هذا التلاعب بالألفاظ إلى أن المرأة التي تكشف عورتها قد تعتقد أن ما تفعله لا يخالف الدين الإسلامي، وأنه لم يأمرها بتغطية جسدها، وهذه المرأة الطيبة -التي وقعت في المعصية بسبب الخلط- تؤمن بأن الدين الإسلامي أمر بكل جميل، وليس من المعقول أن يتعارض الإسلام مع الجمال؛ لكنها تقصد بالجمال كشف عورتها أمام الناس جميعًا.
إن تحريف معنى كلمة "الجمال"، واستخدامها للدلالة على كشف العورة المحرم، أوجد هذا الخلط عند بعض نساء المسلمين. ولو أن الأشياء سميت بأسمائها، لما تولد هذا التصور المقلوب، ولعلم من وقع في المعصية أنه مذنب مخالف لشرع الله، يجب عليه أن يتوب. وهذا ما نريده، أن يعلمه المخالف لشرع الله أنه على ذنب يُخشى عليه، وأن يجعل التوبة إلى الله من أولويات حياته اليومية.
ودعاء فى ختام منشوره قائلا: نسأل الله أن يتوب علينا وعلى جميع المسلمين، وأن يبصّرنا بالحق ويرزقنا اتباعه.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: علي جمعة التلاعب بالألفاظ الذنوب المعاصي المجتمع الإسلامي الصحابة الإسلام التلاعب بالألفاظ
إقرأ أيضاً:
كيف حرم الإسلام الربا؟
حرّم الله -تعالى- الربا؛ لأضراره الجسيمة، سواء في المجتمع، والاقتصاد، أو حتى في الإنتاج، وذلك يعود إلى التأثير في المجتمع؛ إذ إنّ فيه ظلماً للمُقترض؛ لأنّه سيدفع أكثر من المبلغ المُقرض، ممّا يُكوّن العداوة في المجتمع، وقد حُرّم أيضاً؛ كي لا تصبح العلاقات بين الناس مادّية فقط، كما أنّ الربا يمحو معنى القرض الحسن الذي يزيد المحبة، والترابط في المجتمع، ويُعزّز روح التعاون.
الإضرار بالاقتصاد؛ فالفقير يزداد فقراً، والغنيّ يزداد غنىً؛ إذ إنّ الاستثمار يقلّ لانحصار المال في أيدي المُقرِضين، ويحصل التضخّم الاقتصادي. الإضرار بالإنتاجية؛ ففي حالة اقتراض التاجر أو المستورد قرضاً، فإنّه يضطر إلى رفع سعر السلعة؛ ليعوّض الزيادة التي ترتّبت بسبب القرض الربويّ، ممّا يؤدّي إلى الضرر في المجتمع كلّه، وبالتالي يقلّ الإنتاج؛ لقلّة الطلب الناتج عن ارتفاع الأسعار. أنواع الربا ينقسم الربا الى ثلاثة أقسام
هي ربا النسيئة: وهو ربا التأخير؛ وفيه يتمّ الإتفاق على شراء السلعة، واستلامها، مقابل أن يكون الدفع متأخراً، فيدفع أكثر من القيمة مقابل هذا التأخير في الدفع، ولا خلاف في إجماع المسلمين على تحريمه، ويُعَدّ ربا النسيئة الأكثر انتشاراً في بلاد المسلمين. وهناك ربا الفضل: وهو ربا الزيادة؛ وفيه يكون بيع سلعة مقابل السلعة نفسها، مع زيادة على إحداهما دون تأخير، وفي المجلس نفسه. فقد ورد عن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (الذَّهَبُ بالذَّهَبِ، والْفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والْبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ، والتَّمْرُ بالتَّمْرِ، والْمِلْحُ بالمِلْحِ، مِثْلًا بمِثْلٍ، يَدًا بيَدٍ، فمَن زادَ، أوِ اسْتَزادَ، فقَدْ أرْبَى، الآخِذُ والْمُعْطِي فيه سَواءٌ)، فلا يجوز بيع هذه الأصناف بعضها ببعض مع زيادة، ويجب أن يكون البيع والشراء في المجلس نفسه، وقد أجمع الفقهاء على حرمته.
أما ربا القرض: وهو الربا الذي يكون فيه قرض مع منفعة للمقرض، كأن يقرض فلان سلعة على أن يعيد إليه أفضل منها، أو يعيدها نفسها بالإضافة إلى نفع معها، قال -عليه الصلاة والسلام-: (إذا أقرضَ أحدُكُم قرضًا فأُهْديَ إليهِ أو حملَهُ على الدَّابَّةِ فلا يركبْها، ولا يَقبلُهُ، إلَّا أن يَكونَ جرى بينَهُ وبينَهُ قبلَ ذلِكَ). وقد حرّمه عدد من الصحابة، كعمر بن الخطاب، وابنه عبدالله، وعبدالله بن مسعود، وعبدالله بن سلام -رضي الله عنهم جميعاً-، واتّفق العلماء على حرمته.