جنوب أفريقيا ترفض تقرير حقوق الإنسان الأميركي وتصفه بـالمتحيز
تاريخ النشر: 14th, August 2025 GMT
رفضت حكومة جنوب أفريقيا بشدة ما ورد في تقرير وزارة الخارجية الأميركية لعام 2024 بشأن أوضاع حقوق الإنسان، ووصفت الوثيقة بأنها "متحيزة، وغير دقيقة، وتفتقر إلى المصداقية"، في تصعيد جديد للتوتر بين البلدين، على خلفية ما اعتبرته واشنطن "انتهاكات ممنهجة ضد الأقليات العرقية" في الدولة الأفريقية.
اتهامات وتصعيد دبلوماسيوكان التقرير الأميركي، الذي صدر بعد أشهر من التأجيل، قد اتهم حكومة جنوب أفريقيا باتخاذ "خطوات مقلقة نحو مصادرة أراضي الأفريكانرز"، مشيرا إلى "تصاعد الانتهاكات بحق الأقليات العرقية".
كما رصد التقرير ما سماه "تدهورا ملحوظا" في الوضع الحقوقي مقارنة بتقرير العام الماضي، الذي لم يسجل تغييرات جوهرية.
وفي خطوة أثارت جدلا واسعا، وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب هذا العام أمرا تنفيذيا يدعو إلى إعادة توطين الأفريكانرز في الولايات المتحدة، واصفا إياهم بأنهم "ضحايا لعنف ممنهج ضد ملاك الأراضي من الأقليات".
وقد اعتبرت حكومة جنوب أفريقيا هذه التصريحات "ترديدا لادعاءات اليمين المتطرف".
وفي بيان رسمي شديد اللهجة، قالت حكومة جنوب أفريقيا إن التقرير الأميركي "يعكس ازدواجية في المعايير"، مضيفة "من المفارقة أن تصدر هذه الاتهامات من دولة انسحبت من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ولم تعد ترى نفسها خاضعة لنظام المراجعة الدولية، ثم تدّعي إصدار تقارير موضوعية دون أي آلية للتدقيق أو الحوار".
وأضاف البيان أن التقرير "يفتقر إلى المنهجية، ويعتمد على مصادر غير موثوقة، ويخدم أجندات سياسية لا علاقة لها بحقوق الإنسان".
يأتي هذا التصعيد في سياق إعادة هيكلة داخل وزارة الخارجية الأميركية، شملت إقالة مئات الموظفين من مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل، وهو الجهة المسؤولة عن إعداد التقرير السنوي.
إعلانكما أدخلت الإدارة الأميركية تصنيفات جديدة مثل "الحياة" و"الحرية" و"أمن الفرد"، في إطار ما وصفه مسؤولون بأنه "تحسين لقابلية القراءة"، بينما اعتبره منتقدون "تسييسا للوثيقة".
وكان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو قد نشر مقالا في أبريل/نيسان الماضي اتهم فيه المكتب بأنه "منصة لنشطاء يساريين"، متعهدا بإعادة توجيه عمله نحو "القيم الغربية".
واجه التقرير الأميركي انتقادات من منظمات حقوقية وخبراء سابقين في الوزارة، الذين اعتبروا أن الوثيقة "تتجاهل الانتهاكات التي ترتكبها دول حليفة لواشنطن"، مثل إسرائيل والسلفادور، بينما تصعّد لهجتها تجاه دول تختلف معها سياسيا، مثل جنوب أفريقيا والبرازيل.
وقال جوش بول، المسؤول السابق في الخارجية ومدير منظمة "سياسة جديدة"، إن التقرير "أقرب إلى دعاية سوفياتية منه إلى وثيقة صادرة عن نظام ديمقراطي"، مضيفا أن "الحقائق تم تهميشها لصالح أجندات سياسية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات حريات حکومة جنوب أفریقیا الخارجیة الأمیرکی
إقرأ أيضاً:
صحفيو جنوب أفريقيا يرفعون صوتهم من أجل غزة وينعون شهداء الحقيقة
كيب تاون – في مشهد يعكس عمق التضامن الإنساني والمهني، تجمع مئات الصحفيين والإعلاميين الجنوب أفريقيين، اليوم الأربعاء، على الدرجات الحجرية لكاتدرائية سانت جورج العريقة في قلب مدينة كيب تاون، في الوقفة الأسبوعية الـ96 على التوالي تضامنا مع الصحفيين الفلسطينيين في قطاع غزة، الذين يواجهون أعلى معدل قتل للصحفيين في التاريخ المعاصر.
وجاءت وقفة هذا الأسبوع في أعقاب اغتيال 6 صحفيين في قطاع غزة يوم الأحد الماضي، هم مراسلا الجزيرة أنس الشريف ومحمد قريقع والمصوران إبراهيم ظاهر ومحمد نوفل والصحفيان مؤمن عليوة ومحمد الخالدي.
وحمل الصحفيون المشاركون في الوقفة صور الشهيد أنس الشريف ولافتات تقول إن "قتل الصحافة هو قتل الحقيقة"، كما طالبوا بوقف حرب الإبادة والتجويع الإسرائيلية في غزة فورا.
وعقب الوقفة، تجمع المشاركون داخل الكنيسة في جلسة للتأمل والصلاة، حيث تحدث 3 صحفيين عن معاناة زملائهم في غزة والحاجة الماسة لحماية الصحفيين.
وقال البروفيسور يوسف تشيكتيا، منسق حملة التضامن مع فلسطين في كيب تاون: "يملؤنا الغضب من القتل المتعمد لأنس الشريف وزملائه في العمل هذا الأسبوع".
وأضاف تشيكتيا، وهو جنوب أفريقي ينشط في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية "هذه كنيسة ديزموند توتو، كاتدرائية سانت جورج في كيب تاون. هنا قال وهنا منقوش: إذا كنت صامتا في وجه القمع، فأنت متواطئ. إذا كنت صامتا في وجه الإبادة الجماعية، فأنت متواطئ".
تأتي هذه الوقفة في ظل أرقام صادمة تكشف عن حجم الهجمة الإسرائيلية المنهجية ضد الإعلام والصحفيين في فلسطين.
فوفقا لأحدث الإحصائيات الموثقة من منظمة "صحفيون ضد الفصل العنصري" ولجنة حماية الصحفيين الدولية، فإن إسرائيل قتلت 272 صحفيا وإعلاميا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، في هجمة غير مسبوقة على حرية الصحافة في التاريخ المعاصر.
إعلانوهذا الرقم الضخم يعني أن حوالي 13 صحفيا يقتلون شهريا في غزة، وفقا للمعدل المحسوب على مدار 22 شهرا من الحرب الإسرائيلية المستمرة على القطاع.
وللمقارنة، فإن عدد الصحفيين الذين استشهدوا في غزة خلال أقل من عامين يفوق بكثير عدد الصحفيين الذين قُتلوا في صراعات تاريخية كبرى مجتمعة، بما في ذلك الحربين العالميتين الأولى والثانية، والحرب الأهلية الأميركية، وحرب كوريا، وحرب فيتنام، وحرب أفغانستان، وحروب يوغوسلافيا السابقة، والحرب في أوكرانيا.
ولم يكن اختيار كاتدرائية سانت جورج مكانا لهذه الوقفة التضامنية عشوائيا، فهذا المبنى القوطي الشاهق، الذي يعد أقدم كاتدرائية في جنوب أفريقيا، يحمل تاريخا عريقا في مقاومة الظلم والدفاع عن حقوق الإنسان.
فقد لعبت الكاتدرائية دورا محوريا في مقاومة نظام الفصل العنصري، وشهدت على مر العقود تجمعات وفعاليات تضامنية مع القضايا العادلة حول العالم.
ومنذ بداية الحرب على غزة، شهدت الكاتدرائية فعاليات متنوعة للتضامن مع فلسطين، بما في ذلك إضراب عن الطعام للمطالبة بوقف إطلاق نار دائم، وحفلات موسيقية لجمع التبرعات لفلسطين، وتجمعات متعددة الأديان من أجل فلسطين.
التواطؤ الإعلاميوشدد البروفيسور تشيكتيا على أن "الإعلام في جنوب أفريقيا وفي جميع أنحاء العالم، بالتأكيد متواطئ فيما يحدث". مؤكدا أنهم يريدون "فضح هذا التواطؤ من خلال التعبير عن الغضب ضد ما يحدث في فلسطين".
وأوضح أن "الإعلام أحيانا يكون متواطئا وأحيانا يتم اسكات صوت الحقيقة، لأن إسرائيل لا تريد أن تظهر القصة، وتعتقد أن الهسبارا (آلة الدعاية الإسرائيلية) ستسكت القصة الحقيقية، وتوقف سرد الحقيقة".
ويضيف: "لهذا السبب نحن هنا لنؤكد أن الصحافة ليست جريمة، وأنه يجب ممارسة الصحافة دون خوف، ويجب أن تُروى القصة، وأن على الإعلام السائد وجميع القنوات الأوروبية والأميركية، أن يتوقفوا عن كونهم خداما للدعاية الإسرائيلية".
من جانبها، قالت الصحفية رئيسة بانثر ممثلة منظمة "صحفيون ضد الفصل العنصري" إن "الصحفيين في فلسطين يُقتلون ولا يتحرك أحد لإيقاف ذلك. لهذا، أعتقد أننا بحاجة إلى تكثيف جهودنا كصحفيين في المجتمع العالمي للتحدث ضد هذا القتل غير العادل والإبادة الجماعية التي تحدث هناك".
وتشير بانثر إلى أن "الأمر الأكثر أهمية في السياق الجنوب أفريقي هو أن الصحفيين يجب أن يتوقفوا عن الذهاب في رحلات دعائية إلى إسرائيل".
وتؤكد أنهم يحتاجون إلى تحرك أكثر تنظيما إزاء ما يجري في فلسطين وفي غزة، مؤكدة أن قتل الصحفيين جريمة حرب ومن الجنون أن الحكومات لا تفعل أي شيء لوقف هذا، بما في ذلك الحكومة الجنوب أفريقية".
ودعا مدير مؤسسة "وقف الواقفين" الدكتور امتياز سليمان إلى رفع الحصار عن غزة وفتح المعابر "ليس فقط من أجل الأغذية والأدوية والوقود، ولكن أيضا للصحفيين حتى يتمكنوا من تقديم تقارير عما يحدث في غزة حاليا".
إعلانوتعد مؤسسة "وقف الواقفين" (Gift of the Givers) من أبرز المنظمات الإنسانية التي تقدم المساعدة المباشرة لسكان قطاع غزة، وهي تعمل منذ أكثر من 32 عاما في 45 دولة.
وتمنع إسرائيل مراسلي وسائل الإعلام العالمية من دخول غزة بحرية منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، مما يجعل الصحفيين المحليين "من بين آخر المراسلين القادرين على إخبار العالم بما يحدث في غزة" كما أشارت المنظمات الإعلامية الجنوب أفريقية.
وكانت 3 منظمات إعلامية رئيسية في جنوب أفريقيا قد أصدرت بيانا مشتركا للتضامن مع الصحفيين في غزة في 23 يوليو/تموز الماضي.
وأعربت المنظمات الثلاث وهي منتدى المحررين الوطني الجنوب أفريقي (SANEF)، وحملة حرية التعبير (CFE)، وحملة الأخلاقيات الرقمية (CODE) عن قلقها العميق إزاء الوضع الكارثي في غزة، وأشارت إلى التحذير العاجل من جانب وكالة الصحافة الفرنسية التي قالت إن صحفييها الباقين في غزة أنهكهم الجوع ولم يعودوا قادرين على العمل و"قد يموتون إذا لم يحدث تدخل فوري".
الصحفيون في المقدمة
وبينما تواصل الوقفات الأسبوعية في كاتدرائية سانت جورج إرسال رسالتها إلى العالم، يتطلع المنظمون والمشاركون إلى فعالية أكبر يوم الأحد المقبل حيث يجري التخطيط لمسيرة كبرى تنطلق من منارة كيب تاون وتصل إلى جناح منطقة السي بوينت، في خطوة تهدف إلى تسليط الضوء بشكل أكبر على معاناة الصحفيين في غزة.
وتكمن الأهمية الخاصة لهذه المسيرة في أن الصحفيين سيقودونها ويوجهون رسالتها، لإبراز دورهم كقادة في النضال من أجل حرية الإعلام وحماية زملائهم في غزة.
وتعد جنوب أفريقيا من أبرز المعارضين للحرب الإسرائيلية على غزة، وقادت جهودا دولية لمحاسبة إسرائيل على أفعالها.
ورفعت جنوب أفريقيا في ديسمبر/كانون الأول 2023 دعوى قضائية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، متهمة إياها بارتكاب جريمة إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة. ولاحقا، أعلنت 14 دولة نيتها الانضمام إلى الدعوى الجنوب أفريقية.