إطلاق «وثيقة القاهرة» لاستخدام الذكاء الاصطناعى فى الفتوى
تاريخ النشر: 14th, August 2025 GMT
اختتم المؤتمر الدولى العاشر للأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء فى العالم، والذى انعقد يومَى 12 و13 أغسطس 2025م تحت عنوان: «صناعة المفتى الرشيد فى عصر الذكاء الاصطناعى»، برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية فعالياته برسائل مهمة أطلقها المؤتمر، حيث ألقى فضيلةُ الدكتور نظير عياد، مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء فى العالم، البيان الختاميَّ لفعاليات المؤتمر، مؤكدا حرص الدولة المصرية على دعم المؤسسات الدينية ومواكبة التحولات المعاصرة.
وأشار فضيلة المفتى فى كلمته إلى أن المؤتمر شهد مشاركة واسعة من أكثر من ثمانين دولة، بحضور نخبة من المفتين والعلماء والوزراء والخبراء، اجتمعوا لتبادل الرؤى حول تطوير العمل الإفتائى فى ظل التقنيات الحديثة، خاصة الذكاء الاصطناعى.
وأكد فضيلة المفتى، أنَّ الفتوى الرشيدة تُمثل صمامَ أمان للمجتمعات، وأن إعداد المفتى المتقن لأدوات العلم والتقنية لم يعد خيارًا، بل ضرورة ملحَّة، كما بيَّن أن المؤتمر قد تضمن خمس جلسات علمية وأربع ورش تفاعلية ناقشت التأصيل الشرعى والتطبيق العملى لتقنيات الذكاء الاصطناعى فى مجال الإفتاء.
وفى الإطار ذاته أشار فضيلة المفتى إلى أن المشاركين طرحوا نماذج للاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعى ضمن ضوابط منهجية تحافظ على الثوابت الشرعية، موضحًا أن الفعاليات شهدت أيضًا الإعلان عن مشروعات ومبادرات كبرى بمناسبة مرور عشر سنوات على تأسيس الأمانة العامة.
وفى ختام أعمال المؤتمر أعلن فضيلة المفتى مجموعةً من التوصيات الأساسية، حيث أكد المؤتمر: مركزية القضية الفلسطينية واعتبارها قضية العرب والمسلمين جميعًا، وأنَّ نصرة أهلنا فى فلسطين تمثل فريضةً دينيةً ووطنيةً مصيرية لا يجوز التهاون فيها.
ثانيًا: شدِّد المؤتمر على وَحدة الصف الإسلامى، ونبذ الخلافات، والالتفاف حول الثوابت الجامعة، إدراكًا منا للتحديات الكبرى التى تواجه الأمة، والتأكيد المتكرر على أن وحدة الكلمة وصلابة الصف من أهم ضمانات الثبات أمام التحديات.
ثالثًا: دعا المؤتمر المؤسسات الإفتائية والعلمية إلى تبنِّى أعلى معايير الحيطة والدقة فى عصر الفتوى الرقمية، وضرورة ترسيخ ضوابط فقهية وأخلاقية تحكم الفتاوى المنشورة عبر الوسائط الرقمية، نظرًا لسرعة الانتشار والتداول الواسع، ما يجبرنا على مزيد من التدبُّر قبل الإفتاء، فالانتشار الهائل للفتوى ينذر باضطرابات قد نخطئ فى تحكيمها، وإنَّ الأحكام الشرعية التى نُبلِّغها يجب أن تُستنبَط من معين علمى راسخ، حتى لا تتحوَّل الفتوى إلى باب فتنة داخل المجتمعات، لذا فإنه من مسؤوليتنا ترسيخ الضوابط التى تحكم كل فتوى تُنشر عبر وسائل الاتصال الرقمى، لحفظ وحدة مبادئنا وعدم تفتيت مجتمعاتنا.
رابعًا: يؤكد المؤتمر أن المؤسسات الإفتائية الرسمية هى الحصن المنيع لحماية الشرع من الفتاوى المغلوطة، وكذا حماية المجتمعات من الخلل الفكرى مما يزيد من مهمة توحيد جهودها وآليات عملها.
خامسًا: يدعو المؤتمر إلى وضع أُطر أخلاقية صارمة للاستخدام المسئول للذكاء الاصطناعى، مصدرها النموذج المعرفى الإسلامى.
سادسًا: يؤكد المؤتمر أن التطور وتقدُّم العلم أمرٌ إلهيٌّ يجب استثماره فى مصالح الناس.
ثامنًا: نُشدِّد على أهمية التأهيل المزدوج للمفتين شرعيًّا وتقنيًّا، مع إدراج مهارات التعامل مع الذكاء الاصطناعى والوسائط الرقمية ضمن مناهج إعداد المفتين وبرامج تدريبهم.
تاسعًا: أوصى المؤتمر بتعزيز العمل المؤسسى الرقْمى فى دُور وهيئات الإفتاء، من خلال تطوير البنية التحتية الإلكترونية، ودعم إنشاء المنصات الرقمية التفاعلية لإصدار الفتاوى، وتفعيل قواعد بيانات وشبكات الاتصال بين الهيئات الإفتائية عالميًّا لتسهيل التواصل وسرعة الاستجابة.
عاشرًا: طالب المؤتمر بتعميق التعاون بين هيئات الإفتاء ومراكز البحث والمنظمات الدولية، بهدف تبادل الخبرات وإثراء الدراسات المشتركة حول القضايا المستجدة، وإقامة شراكات استراتيجية مع المؤسسات الأكاديمية والتقنية.
حادى عشر: وشدد المؤتمر على مواجهة خطاب الكراهية والتطرف الرقمى بحزم، من خلال تطوير آليات رصد المحتوى المتطرف على منصات التواصل الاجتماعى، وإطلاق مبادرات توعوية لنشر قيم التسامح والاعتدال والعيش الآمن على مستوى العالم.
ثانى عشر: دعم التنوع الثقافى وترسيخ التعايش السلمى، واحترام الخصوصيات المحلية للمجتمعات وترسيخ قيم الحوار بين الأديان والثقافات وجعل الفتوى جسرًا للتواصل بين الشعوب.
ثالث عشر: طالب المؤتمر بتطوير أدوات الذكاء الاصطناعى لخدمة الفتوى المعتدلة، وتشجيع الابتكار فى البرمجيات الإفتائية وتطبيقات الهواتف والمنصات الرقمية.
رابع عشر: كما أوصى المؤتمر بالحث على تشجيع البحث العلمى التطبيقى فى مجال الإفتاء الرقمى.
خامس عشر: إطلاق برامج توعية لتثقيف الجمهور حول مخاطر الاعتماد على الفتاوى غير الموثوقة عبر المنصات المفتوحة وطلب الجواب الشرعى من تطبيقات الذكاء الاصطناعى التى لا تخضع للمراجعة والتقييم، وحث الجمهور على الرجوع إلى المؤسسات المعتمدة.
سادس عشر: إدماج قضايا المناخ فى أولويات المؤسسات الإفتائية وإشراك القيادات الدينية فى معالجة قضايا التغيُّر المناخى.
كما جرى الإعلان عن إطلاق «وثيقة القاهرة حول الذكاء الاصطناعى والإفتاء» التى صاغتها الأمانة العامَّة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، لتكون مرجعًا أخلاقيًّا وشرعيًّا شاملًا على المستوى العالميِّ، لتحديد الضوابط والآليات الكفيلة بضمان إصدار فتاوى رشيدة فى البيئة الرقمية المعاصرة.
وأعلن عن الوثيقة الدكتور محمود عبدالرحمن عضو المكتب الفنى لمفتى الجمهورية،
وأشار د. محمود إلى أن وثيقة القاهرة للذكاء الاصطناعى والإفتاء تطمح إلى تحقيق مجموعةٍ من الأهداف تتمثل فى ضبط استخدامات الذكاء الاصطناعى فى الإفتاء بضوابط شرعية وأخلاقية واضحة.
وطرح الدكتور إبراهيم نجم الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء فى العالم خلال الجلسة الختامية رؤية «دبلوماسية الفتوى» مؤكدا أن الرؤية التى انطلقت عند تأسيس الأمانة العامة قبل عشر سنوات تحققت بفضل الله تعالى، ثم بدعم ومساندة العلماء والمفتين حول العالم، لتصبح مظلة مباركة تجمع مؤسسات وهيئات الإفتاء وتعمل على خدمة الدين وحماية الأوطان واستقرار المجتمعات.
وأوضح الدكتور نجم أنه كان شاهدًا على إنشاء هذه المظلة المباركة منذ بدايتها.
وأشار إلى أن هذا المفهوم استلهم جانبًا من نظرية «القوة الناعمة» فى العلاقات الدولية، التى تركز على التأثير الإيجابى ونشر القيم، بدلًا من اللجوء إلى الصراعات المباشرة وما تسببه من خسائر فادحة، مشيرًا إلى أن الأمانة العامة طورت هذا المفهوم ليصبح ما أطلق عليه «دبلوماسية الفتوى».
وبيَّن أن «دبلوماسية الفتوى» تقوم على منظومة متكاملة من المبادئ، فى مقدمتها إعادة فهم الفتوى باعتبارها رسالة حضارية تخدم السلام والأمن والاستقرار، وتأسيس إطار مرجعى وتأصيل علمى منهجى للعمل الإفتائى، مع إعادة تعريف الإسلام فى الوعى العالمى وتوسيع نطاق الفتوى ليشمل القضايا الإنسانية الكبرى.
واختتم الأمين العام لدُور وهيئات الإفتاء فى العالم كلمته بالتعبير عن ثقته باستمرار هذه الرؤية وتطويرها بقيادة فضيلة الدكتور نظير محمد عياد، مفتى الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، داعيًا الله المُضيَّ قُدمًا فى خدمة رسالتنا المباركة».
وخلال إلقائه كلمة الوفود المشاركة، أعرب فضيلة الشيخ: محمد حسين، مفتى القدس والديار الفلسطينية، عن امتنانه لمواقف مصر الداعمة والثابتة تجاه القضية الفلسطينية، مؤكدًا أن مصر دائمًا هى الظهير المكين لقضايا الأمة العربية، وفى مقدمتها القضية الفلسطينية التى تمثل حجر الزاوية فى وجدان الأمة العربية والإسلامية.
وأشاد الدكتور محمد حسين بالمواقف الثابتة للرئيس عبدالفتاح السيسى، ودعمه المتواصل للشعب الفلسطينى، وحرصه على تحقيق السلام القائم على الحق والعدل.
وأكد مفتى القدس أن القيادة السياسية والشعب الفلسطينى يرون أن مصر تقوم بالدور المحورى دائمًا تجاه القضية الفلسطينية.
واختتم مفتى القدس كلمته بأن مصر كانت -وما زالت- فى خندق الأمة المتقدم فى الدفاع عنها وعن قضاياها وعن شعوبها، مؤكدًا أنه يرفض ويستنكر كل الهجمات المغرضة على مصر بشعبها وقياداتها ومؤسساتها، موضحًا أن مصر اليوم وقبل اليوم تسعى جاهدة لتوحيد الصفوف وخدمة القضية الفلسطينية والوصول بها إلى بر الأمان.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: للمجتمعات
إقرأ أيضاً:
أمين الفتوى: نعمل على توظيف الذكاء الاصطناعي لخدمة الفتوى الصحيحة
قال الدكتور حازم داود، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، إن الذكاء الاصطناعي أصبح واقعًا نعيشه جميعًا، حتى الأطفال والشباب باتوا يتعاملون معه، مشيرًا إلى أنه يحمل فرصًا كبيرة للتيسير وتقديم حلول جديدة، لكنه في الوقت نفسه ينطوي على تحديات ومخاطر قد تؤثر على حياة الإنسان، كما أشار فضيلة المفتي في كلمته، مستشهدًا بما يحدث في غزة.
الدكتور حازم داود: المؤتمر العالمي للإفتاء شهد 97 بحثًا محكمًا تناولت قضايا متعددةوأوضح أمين الفتوى في دار الإفتاء، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الثلاثاء، أن المؤتمر العالمي للإفتاء، المنعقد تحت عنوان "صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي"، يهدف إلى بحث سبل الاستفادة من هذه التقنية في خدمة الفتوى الصحيحة والابتعاد عن الفتاوى المضللة التي قد تُخرج الإنسان عن شرع الله، إضافة إلى وضع آليات لتفادي المخاطر المرتبطة بها.
هل يجوز الصلاة قاعدا للمريض؟.. أمين الإفتاء: تُؤدى على قدر استطاعته
مفتي الجمهورية يلتقي نظيره الجورجي على هامش مؤتمر الإفتاء العالمي
مؤتمر الإفتاء العاشر.. علماء يدعون لإنشاء نموذج عالمي لـ المفتي الرشيد
لمواجهة الفتاوى الشاذة.. مؤتمر الإفتاء العالمي: ضوابط صارمة لتوظيف الذكاء الاصطناعي
وأضاف أمين الفتوى في دار الإفتاء أن المؤتمر شهد تقديم أكثر من 97 بحثًا محكمًا تناولت قضايا متعددة تهم الفرد العادي فيما يتعلق بمحاور المؤتمر، وتهدف إلى رفع الوعي بكيفية التعامل مع الذكاء الاصطناعي والاستفادة منه بالشكل الأمثل.
وأشار أمين الفتوى في دار الإفتاء إلى أن من أبرز مخرجات المؤتمر "وثيقة القاهرة لأخلاقيات التعامل مع الذكاء الاصطناعي"، مؤكدًا أن نتائج المؤتمر ستنعكس على الواقع الإفتائي عالميًا، وهو ما سينعكس بدوره على المتلقي للفتوى.