الأمن الغذائي.. الأزمة التي تحاصر العالم
تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT
من المفارقات الكبرى التي نعيشها في عصرنا الحالي أن يصل التقدم التكنولوجي إلى ذروته الكبرى، في وقت يعاني فيه العالم من انعدام الأمن الغذائي!
وتمثل هذه الأزمة المتصاعدة، المدفوعة بمجموعة من العوامل بما في ذلك تغيُّر المناخ، والنمو السكاني، والصراعات الجيوسياسية، تحديا هائلا يتطلب اتخاذ إجراءات فورية وتعاونية على نطاق عالمي.
إن الأمن الغذائي، وهو الشرط الذي يحصل فيه جميع الأفراد على أغذية آمنة ومغذية تلبي احتياجاتهم وتفضيلاتهم الغذائية لحياة نشطة وصحية، ليس مضمونًا على الإطلاق. لقد أدت الاضطرابات الناجمة عن تغيُّر المناخ في النُظم الزراعية إلى أنماط مناخية غير منتظمة، وفترات جفاف طويلة الأمد، وعدم القدرة على التنبؤ بإنتاجية المحاصيل. وفي الوقت نفسه، يستمر عدد سكان العالم في الارتفاع، ومن المتوقع أن يصل إلى ما يقرب من 10 مليارات نسمة بحلول عام 2050. وتؤدي هذه القضايا المعقدة إلى إجهاد شبكات إنتاج وتوزيع الغذاء الهشة بالفعل.
إن تداعيات انعدام الأمن الغذائي واسعة النطاق ومتعددة الأبعاد. ويعاني الملايين في العالم من سوء التغذية والجوع، خاصة في البلدان النامية، مما يؤدي إلى توقف النمو، وضعف النمو المعرفي، وضعف أجهزة المناعة. وتتسع الفوارق الاجتماعية والاقتصادية حيث يكافح السكان الضعفاء من أجل توفير سبل العيش الأساسية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لندرة الغذاء أن تثير الكثير من الاضطرابات وتؤدي إلى تفاقم الصراعات مع اشتداد المنافسة على الموارد.
ولمواجهة هذا الخطر الجسيم، يجب على الدول اعتماد نهج متعدد الأوجه يعالج التحديات المباشرة والأسباب الكامنة وراء انعدام الأمن الغذائي. أولا وقبل كل شيء، يعد الاستثمار في الممارسات الزراعية المستدامة أمرا بالغ الأهمية، ويتعين على الحكومات تحفيز ودعم المزارعين لتبنّي تقنيات قادرة على الصمود في وجه تغيّر المناخ، مثل تنويع المحاصيل، والري الفعال، والزراعة في المحميات، ومن الممكن أيضا أن يؤدي البحث في أصناف المحاصيل المقاومة للجفاف ودمج تقنيات الزراعة الدقيقة إلى تعزيز الإنتاجية، ويمكن للتقنيات الحديثة بما في ذلك الذكاء الاصطناعي أن تكون أحد المعينات في هذا الجانب.
لكن لا بد من التأكيد على أهمية التعاون الدولي. غالبا ما تؤدي الصراعات الجيوسياسية إلى تعطيل سلاسل الإمدادات الغذائية، مما يؤدي إلى نقص الغذاء وارتفاع الأسعار كما هو حاصل الآن نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية. يجب أن تعطي الجهود الدبلوماسية الأولوية لحل النزاعات وحماية البنية الأساسية الحيوية مثل طرق النقل ومراكز التوزيع. يمكن للمبادرات التعاونية أن تحمي من النقص من خلال تسهيل تبادل فائض الإنتاج بين الدول.
ومن المهم بالقدر نفسه الحد من هدر الطعام، وهذا الجانب أساسي في ديننا الإسلامي كما في بقية الأديان الأخرى. إن جزءا كبيرا من الأغذية المنتجة عالميا لا تصل أبدا إلى أطباق المستهلكين، ما يهدر موارد قيّمة، ويؤدي إلى تفاقم ندرتها. وينبغي للبلدان أن تنفذ سياسات لتعزيز كفاءة توزيع الغذاء وتخزينه واستهلاكه، ويمكن لحملات التوعية العامة تثقيف المواطنين حول الاستهلاك المسؤول والأضرار البيئية الناجمة عن النفايات.
وفي هذا السياق، يؤدي التعليم دورا محوريا في مكافحة انعدام الأمن الغذائي، فتزويد الأفراد بالمعرفة حول النُظم الغذائية المتوازنة، وممارسات الطهي المستدامة، وأهمية النُظم الغذائية يُمكن أن يمكِّن المجتمعات من اتخاذ خيارات مستنيرة. ومن خلال تعزيز ثقافة احترام الغذاء ومصادره، تستطيع المجتمعات الحد من الاستهلاك الزائد وتخفيف الضغط على الموارد.
إن شبح انعدام الأمن الغذائي يشكل تهديدا عالميا خطيرا يتطلب اتخاذ إجراءات فورية ومتضافرة. وبينما تتصارع البلدان مع التحديات التي يفرضها تغيّر المناخ، والنمو السكاني، والحروب، فإن تبنّي ممارسات زراعية مستدامة، وتعزيز التعاون الدولي، ومعالجة هدر الغذاء، تشكل خطوات أساسية نحو ضمان مستقبل أكثر أمنا. ومن خلال إعطاء الأولوية لهذه التدابير، يمكن للعالم أن يتحرك نحو غد أكثر إنصافا وتغذية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: انعدام الأمن الغذائی ر المناخ
إقرأ أيضاً:
مُحافظ “الأمن الغذائي” يتفقد الصوامع التخزينية وشركات المطاحن بمنطقة مكة المكرمة
في إطار الاستعدادات الجارية لموسم حج 1446هـ، زار محافظ الهيئة العامة للأمن الغذائي المهندس أحمد بن عبدالعزيز الفارس فرعي الشركة الوطنية لإمدادات الحبوب “سابل” بمحافظتي جدة والجموم بمنطقة مكة المكرمة، للوقوف على الاستعدادات والجاهزية لتوفير احتياجات شركات مطاحن إنتاج الدقيق من القمح.
وجرى خلال الزيارة استعراض الخطط التشغيلية المعتمدة لموسم الحج، وحجم مخزونات القمح، والاستعدادات لتزويد شركات المطاحن بكامل احتياجاتهم من القمح فور استلام الطلب.
وأفاد الرئيس التنفيذي لشركة “سابل” المهندس عبدالرحمن العويس بأنه ضمن الخطط التشغيلية لموسمي رمضان والحج من كل عام يتم تدعيم ورفع مخزون القمح بالفرعين؛ لتلبية أي طلبات إضافية من شركات المطاحن.
وأوضح المهندس الفارس أن الإنتاج اليومي للمطاحن بفروع “جدة والجموم والمدينة المنورة” يغطي حاجة الاستهلاك كاملة، إضافة إلى بناء مخزونات احتياطية من القمح والدقيق على مستوى فروع شركة “سابل” وشركات المطاحن بمنطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة، تبلغ أكثر من “600 ألف طن قمح”، و”935” ألف كيس دقيق وزن 45 كجم، جاهزة للضخ عند الحاجة، إضافة إلى مخزونات احتياطية من القمح بمناطق المملكة الأخرى، تبلغ أكثر من “1,2” مليون طن.
وحث معاليه الجميع على تكريس الجهود ومضاعفتها لرفع مستوى الجاهزية لخدمة ضيوف الرحمن، مؤكدًا أهمية الدور الذي تقوم به الشركة الوطنية لإمدادات الحبوب “سابل”، وشركات المطاحن بالمملكة لتوفير سلعتي القمح والدقيق الحيوية لحجاج بيت الله الحرام.