نشر صندوق النقد الدولي تقرير مفصلا، اليوم الأربعاء، يتناول فيه التغيرات المناخية وأثرها على تفاقم الصراعات وتزايد حدة الفقر في العالم في بعض الدول المتضررة بالنزاعات.

وسلط التقرير، الذي نُشر على الموقع الرسمي لصندوق النقد الدولي، الضوء على بعض الإحصاءات الهامة، حيث أشار إلى أن نحو واحدة من كل خمسة بلدان في العالم تعتبر، بلدان هشة ومتضررة من النزاعات، وأن هذه البلدان تأوي مجتمعة ما يقرب من مليار شخص ونحو 43% من فقراء العالم.

وباستخدام نهج مبتكر، توصل التقرير إلى أن أوجه الهشاشة الكامنة في تلك البلدان؛ والمتمثلة في: الهشاشة المناخية، وجود صراعات، والاعتماد المتزايد على الزراعة المطرية، وكلها أمور تؤثر على بعضها البعض، مما يؤدي إلى تفاقم التأثير السلبي على الأشخاص والاقتصادات.

وأشار التقرير إلى أن البلدان الهشة والمتضررة من النزاعات سوف تعاني بشكل متزايد من آثار التغير المناخي؛ لأسباب منها: موقعها الجغرافي واعتمادها على الزراعة. فمنذ عام 1980، تواجه تلك البلدان ظواهر مناخية متطرفة مدمرة بمعدل سنة واحدة من كل أربع سنوات، مع وجود وقت قليل لديها للتعافي بشكل كامل قبل وقوع كارثة جديدة. كما تواجه هذا البلدان بالفعل درجات حرارة أكثر ارتفاعا من البلدان الأخرى، كما ستكون أكثر عرضة للحرارة الشديدة في المستقبل.

وتشير التوقعات إلى أن تغير المناخ سيؤدي إلى إطالة الفترات التي ترتفع فيها درجات الحرارة بشكل ملحوظ، الأمر الذي يعرض صحة الإنسان للخطر. وبحلول الأعوام 2040-2059، ستواجه هذه البلدان درجات حرارة مرتفعة تتخطى الـ35 درجة مئوية لمدة 61 يوما في السنة، وذلك مقارنة بـ 15 يوما فقط من أيام الحرارة المرتفعة التي تواجهها الدول الأخرى في ظل سيناريو الانبعاثات المرتفعة.

وسوف يؤثر تغير المناخ أيضا على البلدان الهشة والمتضررة بالنزاعات بسبب الاعتماد المفرط على القطاعات التي تعتمد على المناخ؛ لاسيما الزراعة، فضلا عن هشاشة البنية التحتية الحضرية؛ بسبب دفع السكان إلى مناطق عُرضة للفيضانات والانهيارات الأرضية، ناهيك عن الوصول المحدود إلى مياه الشرب الآمنة والصرف الصحي.

كما حذر التقرير من أن خسائر الناتج المحلي الإجمالي في البلدان الهئة والناجمة عن الصدمات هي أكثر حدة واستمرارية مقارنة بغيرها من البلدان، حيث من المقدر أن تصل الخسائر التراكمية في الناتج المحلي الإجمالي على المدى القريب بنحو 4% في تلك البلدان بعد مرور ثلاث سنوات من حدوث حدث مناخي متطرف ومدمر، وذلك بالمقارنة بنحو 1% في بلدان أخرى.

وعلى المدى الطويل، تبين أن ظروف الجفاف المتفاقمة لها تأثير أكبر وأكثر استمرارا في المناطق الهشة والمتضررة بالنزاعات مقارنة بالمناطق غير الهشة، مما يعني أن الدخل في تلك البلدان سوف يتراجع أكثر فأكثر عن البلدان الأخرى، كما من شأن تفاقم ظروف الجفاف في البلدان الهشة أن يؤدي إلى خفض نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي كل عام بمقدار 0.2% في حال تطبيق سيناريو الانبعاثات المنخفضة، و0.4% في ظل سيناريو الانبعاثات المرتفعة. وبحلول عام 2060، سيكون نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في البلدان الهشة أقل بنسبة 5% بموجب سيناريو الانبعاثات المرتفعة مقارنة بسيناريو الانبعاثات المنخفضة.

كما من شأن الجفاف أن يؤدي إلى زيادة الجوع في المناطق الهشة عن مستوياته المرتفعة بالفعل. وتبين أن إنتاج الأغذية في البلدان المتأثرة بالنزاعات أكثر حساسية لظروف الجفاف على المدى الطويل بمرتين مقارنة بالبلدان غير المتأثرة بالنزاعات. ويرتبط تدهور ظروف المناخ أيضا بالضغط المتصاعد والمستمر على التضخم في البلدان الهشة، حيث يمثل الغذاء حصة كبيرة من استهلاك هذه الدول.

وبالنظر إلى المستقبل، فإن انخفاض إنتاج الأغذية وارتفاع الأسعار في ظل سيناريو الانبعاثات المرتفعة من شأنه أن يدفع أكثر من 50 مليون شخص إلى الجوع بحلول عام 2060.

ومن اللافت للنظر أيضا أن ما يقرب من 95% من اللاجئين، و86% من النازحين داخليا، و20% من المهاجرين على مستوى العالم قد نشأوا في البلدان الهشة والمتضررة بالنزاعات، فعلى الرغم من أن النزوح القسري والهجرة لهما عدد من دوافعهما المعقدة، إلا أن تغير المناخ يشكل عاملا متزايد الأهمية، ضمن تلك الدوافع.

وخلص التقرير إلى تبيان كيف تؤدي مصادر الهشاشة المختلفة لدى البلدان الهشة والمتضررة من النزاعات؛ بما في ذلك هشاشة التأثر بالتغيرات المناخية والتضرر من النزاعات والاعتماد بشكل رئيسي على الزراعة في إنتاج الأغذية، على تضاعف تأثير الصدمات المناخية وتزايد معدلات الفقر.

وأخيرا نوه التقرير إلى أن صندوق النقد الدولي يعمل على تكثيف دعمه للبلدان الهشة والمتضررة بالنزاعات في التعامل مع التحديات المناخية من خلال تقديم المشورة المصممة بعناية بشأن السياسات والتمويل وتنمية القدرات. كما يقدم صندوق النقد الدولي المساعدة الفنية والتدريب التي من شأنها أن تساعد البلدان المتضررة من النزاعات والصراعات على تحسين المهارات لديها المتعلقة بالمناخ وإدارة المخاطر بشكل أفضل.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: صندوق النقد الدولي التغيرات المناخية الفقر الناتج المحلی الإجمالی صندوق النقد الدولی التقریر إلى تلک البلدان تغیر المناخ من النزاعات یؤدی إلى إلى أن

إقرأ أيضاً:

صندوق النقد يكمل المراجعة الخامسة لبرنامج إقراض مصر

قال صندوق النقد الدولي -أمس الثلاثاء- إن مصر تحرز تقدما نحو استقرار الاقتصاد الكلي، لكن لا يزال يتعين عليها تبسيط إجراءاتها الضريبية والجمركية وتوسيع قاعدتها الضريبية.

وزار فريق من صندوق النقد مصر بين 6-18 مايو/أيار الجاري، في إطار مراجعته الخامسة لاتفاق الدعم المالي البالغ قيمته 8 مليارات دولار والموقع في مارس/آذار 2024.

تقدم ملموس

وقالت رئيسة بعثة الصندوق إلى مصر فلادكوفا هولار إن "مصر أحرزت تقدما ملموسا نحو استقرار الاقتصاد الكلي".

وأضافت -في بيان- أنه "من المتوقع أن يستمر النمو في التحسن، وقد رفعنا توقعاتنا للسنة المالية 2024-2025 إلى 3.8%، في ضوء النتائج التي فاقت التوقعات في النصف الأول من العام".

وأشارت إلى أن حصة الاستثمار الخاص من إجمالي الاستثمار ارتفعت من 38.5% في النصف الأول من السنة المالية 2023-2024 إلى ما يقارب 60% خلال الفترة نفسها من السنة المالية 2024-2025، وارتفع التضخم قليلا إلى 13.9% في أبريل/نيسان الماضي، لكنه لا يزال في اتجاه نزولي.

وتوقع استطلاع أجرته رويترز لآراء 17 محللا الشهر الماضي نموا بنسبة 3.8% في السنة المالية 2024-2025 التي بدأت في يوليو/تموز.

وأعلن البنك المركزي المصري -الأسبوع الماضي- أن الاقتصاد نما 4.3% في الربع من أكتوبر/تشرين الأول إلى ديسمبر/كانون الأول، وتوقع أن ينمو 5% من يناير/كانون الثاني إلى مارس/آذار.

إعلان

وأفاد بيان صندوق النقد بأن تحسين الإشراف والرقابة على مشروعات البنية التحتية الكبيرة في القطاع العام يُسهم في احتواء ضغط الطلب.

وقال إن السلطات تعمل على تحديث الإجراءات الضريبية والجمركية وتبسيط الإعفاءات.

وأضاف: "بدأت هذه الإصلاحات تحقق نتائج إيجابية. وإلى جانب هذه الجهود، تنبغي مواصلة تعبئة الإيرادات المحلية، لا سيما من خلال توسيع القاعدة الضريبية وتبسيط الإعفاءات الضريبية".

صندوق النقد الدولي دعا مصر إلى تبسيط إجراءاتها الضريبية والجمركية وتوسيع قاعدتها الضريبية (رويترز) "إصلاحات أعمق"

وحسب البيان، فإنه "مع استقرار الاقتصاد الكلي الجاري حاليًا، من الضروري أن تُجري مصر إصلاحات أعمق لإطلاق العنان لإمكانات النمو في البلاد، وخلق وظائف عالية الجودة لأعداد متزايدة من السكان، والحدّ بشكل مستدام من مواطن الضعف، وزيادة قدرة الاقتصاد على مواجهة الصدمات".

وأضاف "لتحقيق هذه الأهداف، ينبغي أن يكون تقليص دور القطاع العام في الاقتصاد بشكل حاسم، وتوفير فرص متكافئة لجميع الأطراف الاقتصادية، من الأولويات الرئيسية للسياسات. وسيلعب تطبيق سياسة ملكية الدولة وبرنامج تخارج الاستثمارات في القطاعات -التي التزمت الدولة بتقليص وجودها فيها- دورًا حاسمًا في تعزيز قدرة القطاع الخاص على المساهمة بشكل أفضل في النمو الاقتصادي في مصر. واستكمالًا لذلك، لا بد من مواصلة الجهود لتحسين بيئة الأعمال".

وأقر الصندوق مراجعته الرابعة للبرنامج في مارس/آذار، مما أتاح صرف دفعة بقيمة 1.2 مليار دولار.

مقالات مشابهة

  • جابر عقد اجتماعا مع ريغو وليما تحضيرا لجلسة التفاوض الأولى مع صندوق النقد الدولي
  • تغير المناخ يُضاعف أيام الحر الشديد في ألمانيا خلال عام واحد
  • «صندوق الوطن» ينظم لقاءً تعريفياً ببرنامج «جسور الدولي»
  • 500 مليون دولار من صندوق النقد الدولي لأوكرانيا
  • صندوق النقد الدولي يقدم دفعة مالية لأوكرانيا
  • رئيس اللجنة المالية يمتدح سياسة البنك المركزي المالية وهي فاشلة في تقرير صندوق النقد الدولي
  • صندوق النقد يضغط على لبنان لتسريع خطواته
  • صندوق النقد يكمل المراجعة الخامسة لبرنامج إقراض مصر
  • نحو 8 ملايين نازح في أفريقيا بسبب تغير المناخ عام 2024
  • حققت تقدمًا كبيرًا.. صندوق النقد الدولي يرفع توقعات النمو لمصر إلى 3.8%.. ونواب: تؤكد أن الإصلاح الاقتصادي يسير بخطى ثابتة.. وهذه الجهات لا تجامل أحدا