بولسونارو بين المرض والمحاكمة .. أزمة صحية وقضائية تجبره على مغادرة مقر غقامته الجبرية
تاريخ النشر: 17th, August 2025 GMT
غادر الرئيس البرازيلي السابق جاير بولسونارو، السبت، مقر إقامته الجبرية بشكل مؤقت بعد موافقة قضائية سمحت له بقضاء ما بين ست إلى ثماني ساعات في مستشفى بالعاصمة برازيليا، لإجراء فحوصات طبية عاجلة.
وبحسب أطباء مستشفى "دي إف ستار"، فقد أُدخل بولسونارو لإجراء فحوصات شاملة عقب معاناته من حمى وسعال شديدين، إضافة إلى أعراض ارتجاع معدي مريئي مزمن.
الجارديان: مقاهي نيويورك تدفع ثمن رسوم ترامب على البرازيل
كيف تعاملت أمريكا مع وضع الرئيس السابق للبرازيل تحت الإقامة الجبرية
ويعاني بولسونارو منذ سنوات من مشكلات صحية متكررة مرتبطة بحادثة الطعن التي تعرض لها خلال حملته الانتخابية عام 2018، والتي تركت آثارًا مزمنة على جهازه الهضمي. وقد خضع لعدة عمليات جراحية منذ ذلك الوقت، آخرها في أبريل الماضي لمعالجة انسداد معوي، في سلسلة من التدخلات الطبية التي أثرت على نشاطه السياسي والاجتماعي.
وفي الوقت ذاته، يواجه الرئيس البرازيلي السابق محاكمة أمام المحكمة العليا، على خلفية اتهامه بمحاولة البقاء في السلطة بعد خسارته انتخابات 2022 أمام الرئيس الحالي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا. ومن المقرر أن تصدر هيئة قضائية مكونة من خمسة قضاة أحكامها في خمس قضايا مرفوعة ضده خلال الفترة الممتدة من 2 إلى 12 سبتمبر المقبل، وسط ترقب واسع للرأي العام البرازيلي.
ويرى مراقبون أن الحالة الصحية لبولسونارو قد تؤثر على سير محاكمته، إذ قد يلجأ فريق دفاعه إلى استخدام الملف الطبي كوسيلة لطلب تأجيل أو تخفيف بعض الإجراءات القضائية. غير أن خبراء قانونيين يؤكدون أن المحكمة العليا حريصة على الفصل بين المسار الطبي والمسار القضائي، وأنها لن تسمح باستخدام حالته الصحية كذريعة لعرقلة المحاكمة.
وفي السياق السياسي، يعتبر خصوم بولسونارو أن تكرار أزماته الصحية يعكس تراجع قدرته على العودة إلى المشهد العام بقوة، بينما يرى أنصاره أن الرجل ما زال رمزًا قويًا للمعارضة رغم الضغوط القضائية والإعلامية. وتبقى الأسابيع المقبلة حاسمة في تحديد ما إذا كان بإمكانه تجاوز هذه التحديات الصحية والقانونية معًا، أو أن مسيرته السياسية ستدخل مرحلة أفول تدريجية.
ويجمع محللون على أن مستقبل بولسونارو لا يتوقف على المحاكم وحدها، بل على قدرته الصحية والنفسية في مواجهة واحدة من أكثر الأزمات تعقيدًا في مسيرته منذ خروجه من السلطة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الرئيس البرازيلي برازيليا انسداد معوي بولسونارو
إقرأ أيضاً:
فلسفة التأمين الصحى فاشلة "2"
مازال الحديث مستمرا حول التأمين الصحي الذى يواجه بسببه المرضى شتى ألوان العذاب، على يد القائمين على هذه المنظومة.
إن النظام الحالي للتأمين الصحى رغم الجهود المبذولة بشأنه، يعاني من قصور جوهري نابع من فلسفته القائمة على رد الفعل وليس على الاستباقية والوقاية، وهو ما يتطلب تحولا جذريا في الفكر الذي يحكمه، من نموذج علاجي بحت إلى نموذج وقائي شامل يضع صحة المواطن على رأس أولوياته قبل وقوع المرض، وهو تحول لا يمثل رفاهية بل ضرورة حتمية لتحقيق الاستدامة المالية والاجتماعية للنظام وضمان توفير رعاية صحية لائقة للجميع. فالفلسفة الحالية التي تركز بشكل أساسي على تغطية تكاليف العلاج بعد حدوث المرض، تضع عبئا ماليا هائلا على كاهل الدولة والمواطنين على حد سواء. فالمرضى لا يلجأون إلى النظام الصحي إلا في حالات متأخرة، مما يزيد من تكلفة العلاج ويقلل من فرص الشفاء الكامل، في حين أن التركيز على الوقاية كان من شأنه أن يمنع أو يقلل من انتشار العديد من الأمراض المزمنة والمعدية التي تستنزف الميزانيات وتؤثر على الإنتاجية العامة. هذا النهج السلبي يغفل حقيقة أن الاستثمار في الصحة العامة، من خلال حملات التوعية، والفحوصات الدورية، وتوفير التطعيمات، يعد استثمارا يعود بالنفع الاقتصادي والاجتماعي على المدى الطويل، إذ أن المجتمع السليم هو مجتمع منتج قادر على تحقيق التنمية. ولتحقيق هذا التحول، يجب أن تتغير فلسفة التأمين الصحي لتشمل ثلاثة أبعاد رئيسية وهى الوقاية، وذلك عبر إدماج برامج الفحص المبكر للأمراض غير المعدية مثل السكر والضغط والسرطان ضمن الخدمات الأساسية للتأمين، وتوفير حوافز للمواطنين للمشاركة في هذه البرامج، بالإضافة إلى تنظيم حملات توعية مستمرة حول أنماط الحياة الصحية. وكذلك لا يجب أن يقتصر التأمين على فئات معينة من المجتمع، بل يجب أن يمتد ليشمل جميع المواطنين، بغض النظر عن وضعهم الاجتماعي أو قدرتهم المالية، مع مراعاة العدالة في توزيع الموارد الصحية بين المناطق الحضرية والريفية، وتوفير خدمات متكاملة لا تقتصر على العلاج الطبي بل تشمل الصحة النفسية والاجتماعية. وهذا يتطلب إعادة هيكلة نظام التمويل ليصبح أكثر كفاءة وشفافية، مع تطبيق نظام تسعير عادل للخدمات الطبية يشجع على المنافسة ويضمن جودة الرعاية، ووضع آليات للحد من الهدر وسوء استخدام الموارد، بالإضافة إلى استكشاف مصادر تمويل جديدة ومبتكرة مثل الضرائب على المنتجات غير الصحية مثل التبغ والمشروبات السكرية، وتوجيه عائداتها مباشرة لدعم نظام التأمين الصحي. إن تبني هذه الفلسفة الجديدة لن يقتصر أثره على تحسين المؤشرات الصحية للمواطنين فحسب، بل سيعزز من قدرة الاقتصاد المصري على النمو والازدهار، فالمجتمع السليم هو أساس التنمية المستدامة، والتحول من علاج المرض إلى الاستثمار في الصحة هو خطوة حتمية نحو بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.