"عندما يلتقي نهر النيل بنهر اليانغتسي".. هكذا تحتفل إدفو بالمولد النبوي
تاريخ النشر: 4th, September 2025 GMT
في مدينة إدفو بمحافظة أسوان، تتحول ساحة الشيخ مصطفى عبد السلام إلى محطة زمنية تعيد أجيالاً إلى الأيام الأولى من الإسلام، حيث يتجسد المولد النبوي الشريف في صورة روحانية وعملية فريدة من نوعها.
ساحة الشيخ مصطفى: منارة للزهد والحكمةتعد ساحة الشيخ مصطفى عبد السلام، منذ عقود طويلة، مقصداً للروحانيين والمحبين، بما تحمله من سكينة خاصة، يُعرف الشيخ مصطفى بأنه الرجل الذي جمع بين الزهد الروحي والحكمة العملية، مما جعله مقصداً للعلماء والصالحين في صعيد مصر.
ورث عنه أبناؤه مسارين مختلفين: الشيخ أبو الحسن الذي آثر الزهد التام، والشيخ عبد السلام الذي بقي قريباً من الناس، جامعاً بين همته الروحية ودوره الاجتماعي، ليظل حاضراً بقوة في حياة الأهالي.
طقوس تعيد أجواء الهجرة النبويةيصف الشيخ عبد الفتاح عبد الغني، أحد أتباع الشيخ مصطفى، أجواء الاحتفالات قائلاً: "حين تدخل إلى الساحة في أيام المولد، يخيل إليك أنك عبرت باباً سحرياً لتجد نفسك في الأيام الأولى من الإسلام"، فالأرض مفروشة بالبسط البسيطة، والأنوار تضيء الوجوه بالخشوع والفرح، هنا يتجمع المريدون وأبناء الطرق الصوفية والأهالي لإحياء ذكرى المولد النبوي بطقوس متوارثة. تختتم الاحتفالات بـ "ختمة ألفية الصلاة على النبي" ثم تلاوة سورة يس، لتنتهي الليلة بموائد عامرة يشارك فيها الجميع.
موكب "الهجرة" في شوارع إدفوأبرز ما يميز الاحتفالات هو انطلاق الموكب من قلب الساحة، يتقدمه جمل مزدان بالهودج الأخضر، ترافقه دفوف صوفية تهز الشوارع بإيقاعها يجوب الموكب المدينة، وتتعالى أصوات الزغاريد والمدائح، ليعيد إلى الأذهان رحلة الهجرة النبوية.
يضيف الشيخ عبد الفتاح: "حين ترى الموكب يجوب البلدة، تشعر أنك تسير مع الصحابة.. .كل شيء هنا يعيدك إلى البدايات"، وقد ساعدت طبيعة إدفو البسيطة على تعزيز هذا الشعور، مما يجعل المكان يبدو وكأنه لوحة حية من زمن الرسول الكريم، حيث الإيمان أنقى والقلوب أصفى.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: محافظة أسوان مدينة إدفو الشیخ مصطفى
إقرأ أيضاً:
في حضرة الصمت
قد تأتي على الإنسان لحظات، يشعر معها بأن لا شيء يتغير، أو يَتَسَرَّبَ إليه اليأس من الوصول إلى ما يُحبه ويتمناه، فيلوذ بـ«حضرة الصمت»، بعيدًا من الصَّخب، أو يَفِرّ إلى آفاق نائية من الانعزال والوحدة.
في تلك اللحظات «النادرة»، يصبح «الصمتُ» لغةً أبلغ من القول، والتأمل في مجريات الحياة أعمق من أي حوار، خصوصًا عندما يُمعن الإنسان النظر في محيطه، وكل ما، ومَن حوله، ليزداد يقينًا بأن للحياة وجهًا آخر، لم يُكشف بعد!
عندما يُطْلِق الإنسان العنان لتأملاته، في كل ما يدور حوله ـ سواء أكان في محيطه القريب أو البعيد ـ قد يجد العَيْش في «حضرة الصمت»، حالة مثالية، بدلًا من إهدار العقل في مآلاتٍ لا جدوى من التفكير فيها، لأنها تصبح حينئذ نوعًا من العبث الممنهج.
أما حين يلتزم الإنسان «الصمت» إزاء ما يدور حوله، فلا يعني ذلك أنه بلا رأيٍ أو بلا إحساسٍ، بل لأنه أدرك أن كثرة الأصوات قد تقتل المعنى، وأن الضجيج يشوِّه الحقيقة، ولا يغير شيئًا، وبالتالي يكون «الصمت» إنصاتًا داخليًّا، ويقظة حادَّة، ومقاومة ناعمة لما يُفْرَض علينا من سطحية وفوضى.
يقينًا، كل إنسان منَّا يعيش مراحل صعبة في حياته، وعليه أن يتحمل مراراتها وقسوتها، بانتظار فرصة أخرى لتجديد الحياة، والابتعاد عن شبح الماضي، بآلامه وإخفاقاته، وأن نُعيد التفكير دائمًا في حياتنا: ماذا فعلنا، وماذا نفعل الآن، وماذا نريد أن نفعل في المستقبل؟
بكل أسف، أشياء كثيرة في حياتنا، تبعث على الأسى والسخرية، في ظل واقع إنسانيّ مأساويّ، يشبه سيناريو أفلام الخيال العلمي، قد لا تُسعف الذاكرة استعادة أول مشهد فيه، قبل الانتهاء من كتابته، أو وضع نهاية له!
وبما أن الحياة التي نعيشها عبارة عن سلسلة من الأحداث الإيجابية والسلبية، تتعاقب وتتلاحق بشكل محير، يصعب فهمها أو تخيلها، فإنه لا يمكننا الربط بين مقدماتها ونتائجها، لأن ذلك أمر لا يمكن إدراكه أو حتى تخيله.
إذن، من الطبيعي أن كل شيء إيجابي يجعلنا نشعر بالسعادة، في حين أننا غالبًا ما نُصاب بالألم والحزن لكل أمر غير مرغوب في حدوثه، رغم أنه قد يبدو ظاهريًا أنه نهاية العالم، لكنه في الحقيقة قد يحمل معاني ودلالاتٍ يصعب فهمها في حينها، ولا نُدرك مدلولاتها إلا بعد فوات الأوان.
أخيرًا.. «جميع الناس يتحدثون، لكن الحكماء فقط هم مَن يعرفون متى يصمتون»، كما يقول «أرسطو»، وبالتالي ليس كل ساكتٍ غافلًا، وليس كل متكلمٍ واعيًا، فثمة أرواحٌ تتقن الإصغاء، وتلتقط في «حضرة الصمت» قطوف الحكمة، ما لا تقدر الكلمات على توصيله، خصوصًا عندما نواجه قوالب الحياة المتكررة، التي تُعيد تكرار البؤس!
فصل الخطاب:
يقول «الإمام عليّ»: «الصمت حكمة لمن عقل، والقول فضولٌ لمن جهل».
[email protected]