قالت مجلة إيكونوميست البريطانية إن العراق يشهد فترة ازدهار سكاني، إذ ارتفع عدد السكان بنحو 20 مليون نسمة منذ الغزو الأميركي عام 2003، ليتجاوز التعداد الإجمالي 46 مليون نسمة.

وأضافت أن بغداد تعيش "طفرة معمارية مفاجئة"، حيث تنتشر الرافعات في سمائها وتُبنى الجسور والمستشفيات والمدارس بوتيرة سريعة، في مؤشر على استقرار أمني غير مسبوق منذ سنوات الحرب والدمار.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2واشنطن بوست: أسوأ موجة جفاف منذ عقود تهدد تعافي سورياlist 2 of 2مقال في إندبندنت: هل هذه أخطر طفلة في العالم؟end of list

وأشار التقرير إلى أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني تعهد خلال حوار مع إيكونوميست بتحسين الخدمات والبنية التحتية.

ومنذ توليه المنصب عام 2022 تم بناء 20 جسرا في بغداد، وافتتحت الحكومة 4 مستشفيات جديدة على الأقل، بما في ذلك أول مركز متخصص لعلاج السرطان في العراق، كما تم بناء أو إعادة بناء أكثر من 1700 مدرسة، مع خطط لافتتاح 4 فنادق كبرى، حسب التقرير.

إصلاحات وازدهار

وأضافت المجلة أن هذا التوسع لم يكن ليحدث لولا تراجع مستوى العنف وتحسن الأوضاع الأمنية، مما ساهم في زيادة التعداد السكاني.

ولفتت أيضا إلى الإصلاحات المصرفية التي سهّلت الحصول على التمويل، وتسخير عائدات الإيرادات النفطية لتحسين وضع البلاد، بعد أن كانت الأموال تتسرب للخارج.

وذكر التقرير أن السوداني يتعامل مع مشاريع إعادة الإعمار كما لو كان "مهندسا ميدانيا أكثر من كونه سياسيا"، حيث يشرف شخصيا على اللجان الاستثمارية ويجري زيارات مفاجئة لمواقع البناء، مما عجّل في تسريع إجراءات الموافقة على المشاريع الكبرى.

مطار الموصل الدولي أُعيد بناؤه بعد 8 أعوام من هزيمة تنظيم الدولة (الفرنسية)

وأكدت المجلة أن الإصلاحات تتجاوز العاصمة وطالت أيضا القطاعات الخدمية، فمكاتب الجوازات باتت تُصدر الوثائق خلال 45 دقيقة فقط.

وأشار التقرير إلى أن العائدات الجمركية ارتفعت بشكل ملحوظ من 690 مليون دولار عام 2023 إلى أكثر من 2.3 مليار دولار هذا العام بفضل التحول الرقمي.

إعلان

وأضاف أن رواتب موظفي الحكومة لم تعد تُدفع نقدا، وأن الحصول على الخدمات الحكومية يتطلب الآن استخدام البطاقة المصرفية، التي أصبحت ضرورية بعد أن كان لا يمتلكها أحد تقريبا قبل 5 سنوات.

عقبات أمام النمو

بيد أن المجلة أشارت إلى أن السوداني تجنب مواجهة الفصائل المسلحة الشيعية، وفضل دمجها اقتصاديا باستخدام العقود الحكومية، معتبرا أن إشغالها بالاستثمار قد يحد من انخراطها في العنف، وفق ما نقله حليف له.

ولفتت إيكونوميست إلى أن "الفصائل العراقية الموالية لإيران" -على حد تعبيرها- تجنبت التدخل في حرب الـ12 يوما مع إسرائيل، وهو ما اعتبره بعض المراقبين دليلا على نجاح سياسة السوداني.

البنك المركزي العراقي خاضع لمراقبة مالية مشددة من الولايات المتحدة (الجزيرة-أرشيف)

لكن آخرين، حسب التقرير، رأوا أن هذه السياسة منحت الفصائل المسلحة غطاء لزيادة ثرواتها وتعزيز نفوذها على الدولة، ويذكر المنتقدون حادثة حصلت في يوليو/تموز، حين اقتحم مقاتلو كتائب حزب الله في العراق وزارة الزراعة لحماية مسؤول متهم بالفساد، دون عقاب أو مساءلة.

وأضافت المجلة أن سجل السوداني يعاني من ثغرات أخرى، إذ لم ينجح في تقليص مجال الخدمات الإدارية المتضخم الذي يضم أكثر من 10 ملايين موظف حكومي، كما فشل في إصلاح قطاع الطاقة بسبب نفوذ الفصائل.

وحسب المجلة، ستكون الانتخابات المقبلة في نوفمبر/تشرين الثاني حاسمة، إذ يسعى السوداني لولاية ثانية لإكمال مشاريعه، لكن بقاءه مرهون بمواقف الإطار التنسيقي الشيعي منه.

وخلصت إيكونوميست إلى أن الفساد لا يزال مستشريا في مؤسسات الدولة، وأن التحديات كثيرة، ولكن مع ذلك فإن إمكانات العراق تبقى هائلة، إذ يزداد تعدادها السكاني بما يقارب المليون سنويا، مما يوفر قوة شعبية هائلة لإعادة إعمار البلاد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات ترجمات أکثر من إلى أن

إقرأ أيضاً:

الأردن بين التحديات والتحولات: قراءة في كتاب “Jordan: Politics in an Accidental Crucible”

#سواليف

#الأردن بين #التحديات و #التحولات: قراءة في كتاب “Jordan: Politics in an Accidental Crucible”

بقلم : ا د محمد تركي بني سلامة
وصلتني اليوم عبر البريد الإلكتروني رسالة من الباحث الامريكي الكبير المختص بشؤون الشرق الاوسط ،ومنها الأردن، شين يوم، أستاذ العلوم السياسية في جامعة تمبل (Temple University) وزميل مركز “الديمقراطية في العالم العربي الآن” (DAWN)، يخبرني فيها عن صدور كتابه الجديد بعنوان “Jordan: Politics in an Accidental Crucible” عن دار جامعة أكسفورد العريقة. يأتي هذا العمل ليقدّم رؤية تحليلية متعمقة حول التجربة الأردنية في إدارة الدولة والمجتمع، وسط بيئة إقليمية مضطربة وتحولات متسارعة.

ينطلق المؤلف من فرضية محورية مفادها أن الأردن لم يختر موقعه في صميم أزمات المنطقة، بل وجد نفسه، كما يشير العنوان، في “بوتقة عرضية” تتفاعل فيها الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. يستخدم يوم لغة أكاديمية رصينة لكنها مبسطة، ليوصل خلاصة أكثر من عقدين من البحث الميداني والمقابلات والتحليل السياسي، بهدف رسم صورة متكاملة للسياسات الأردنية الداخلية والخارجية.

مقالات ذات صلة الكاتبة نور عويدات توقع روايتها ” مئة وسبعة ” في مركز اربد الثقافي. 2025/10/06

يتناول الكتاب بإسهاب ملفات الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي، مشيرًا إلى أن الأردن حقق خطوات مهمة في بعض المراحل، لكنه ما زال يواجه معوقات بنيوية تعيق استدامة الإصلاح. كما يناقش المؤلف الاقتصاد الأردني بوصفه ساحة لا تقل سخونة عن السياسة، إذ تتقاطع فيها المساعدات الخارجية، وضغوط الديون، وتحديات البطالة والفقر. أما في البعد الخارجي، فيحلّل يوم دور الأردن في التعامل مع الأزمات الإقليمية الكبرى، من القضية الفلسطينية إلى الحروب في سوريا والعراق، مؤكدًا أن المملكة ظلت – رغم محدودية مواردها – فاعلًا متزنًا يسعى إلى حماية استقراره عبر سياسات خارجية حذرة ومرنة في آن واحد.

أبرز ما يلفت في هذا العمل هو تحرّره من الصور النمطية التي لطالما أحاطت بالأردن في الكتابات الغربية، مثل كليشة “واحة الاستقرار” أو “الدولة الواقفة على حافة الانهيار”. يسعى المؤلف إلى تجاوز هذه الثنائيات، مقدّمًا تحليلًا موضوعيًا يعترف بنجاحات الدولة الأردنية في الصمود، دون أن يغفل عن رصد مواطن الضعف ومصادر التهديد المحتملة. يمتاز أسلوب شون يوم بالجمع بين الصرامة الأكاديمية والوضوح السردي، مما يجعل الكتاب مناسبًا لكل من يريد فهم تعقيدات التجربة الأردنية بلغة علمية خالية من الخطابة أو المبالغة.

يُعدّ هذا الكتاب مرجعًا لا غنى عنه لكل من يهتم بدراسة الأردن أو سياسات الشرق الأوسط. فهو يقدم قراءة نقدية معمّقة، لكنها منصفة، لمسار الدولة الأردنية في مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين. وسيجد فيه طلاب العلوم السياسية والعلاقات الدولية مادة علمية ثرية توازن بين التحليل النظري والدراسة الواقعية، كما يمكن أن يشكّل دليلًا عمليًا لصناع القرار والسياسيين لفهم الديناميات الداخلية التي تحكم سلوك الأردن في محيطه الإقليمي والدولي.

في ظل الاضطرابات التي تعصف بالمنطقة، يبقى الأردن نموذجًا فريدًا في التوازن السياسي والاجتماعي، وكتاب “Jordan: Politics in an Accidental Crucible” يقدّم شهادة أكاديمية صادقة على هذا التفرد. إنه عمل يستحق القراءة بتمعّن من كل من يسعى إلى فهم كيف تنجو الدول الصغيرة من العواصف الكبرى، وكيف تبقى على قيد الأمل وسط الأزمات.

أما عن المؤلف، فالدكتور شين يوم يعد أحد أبرز الباحثين الأمريكيين المتخصصين في شؤون الشرق الأوسط، وخصوصًا التحول الديمقراطي في الدول العربية. حاز شهرة أكاديمية واسعة بفضل أعماله حول الاستبداد المرن والتحولات السياسية في العالم العربي. ومن خلال هذا الكتاب يوظّف يوم خبرته البحثية الطويلة لتقديم رؤية شاملة ومتفائلة بحذر حول مستقبل الأردن في ظل التحولات الراهنة.

مقالات مشابهة

  • السوداني:الإصلاح المالي من أولويات برنامجي الحكومي
  • الخطة المالية الشاملة أداة حاسمة لمستقبل أكثر وضوحا واستقرارا
  • نائب:السوداني أغرق العراق بالديون التي وصلت إلى (122) مليار دولار
  • الأردن بين التحديات والتحولات: قراءة في كتاب “Jordan: Politics in an Accidental Crucible”
  • السوداني أم المالكي.. ام بديل جديد؟ معركة الإطار تُعِيدُ شبح الشلل إلى بغداد
  • حزب الدعوة: لاسيادة ولاكرامة للعراق في ظل حكومة السوداني
  • مصدر سياسي:السوداني وافق على التطبيع مع إسرائيل
  • السوداني يفتتح مجسرات الطلائع في بغداد
  • الهجرة الدولية تدعو بغداد وأربيل إلى أحترام كرامة الإنسان العراقي
  • نائب:لا سيادة ولا ماء ولا كهرباء ولا خدمات في ظل حكومة السوداني