العتبات الدينية في العراق جمهوريات اقتصادية فوق الدولة
تاريخ النشر: 10th, September 2025 GMT
آخر تحديث: 10 شتنبر 2025 - 10:22 ص بقلم:علي جاسم ياسين في العراق، لم تعد العتبات الدينية مجرد أماكن للزيارة والعبادة، بل تحولت إلى مؤسسات ضخمة تعمل كدول فوق الدولة، تتحكم في موارد مالية هائلة عبر شبكات استثمارية واسعة، بينما يعيش غالبية الشيعة في فقر وحرمان. أحمد الصافي، الوكيل الأول للسيستاني، مثال بارز على هذا التحول.
فقد شغل سابقًا مقعدًا في الجمعية الوطنية العراقية (البرلمان) بعد الاحتلال الأميركي، ثم أصبح الأمين العام للعتبة العباسية في كربلاء. ومع مرور الوقت، تحولت العتبة إلى ما يشبه “جمهورية اقتصادية مستقلة”، عبر ما يُعرف بشبكة الكفيل العالمية. الصافي يظهر أسبوعيًا في خطبة الجمعة، لكن خطابه غالبًا ما يُنتقد لافتقاره إلى المضمون، فيما يتنقل بسيارات فارهة تحمل لوحات خاصة مكتوب عليها “العتبة العباسية” فقط، من دون ذكر اسم كربلاء أو العراق، وهو ما يُقرأ من قبل كثيرين على أنه تهميش متعمد للرمزية الوطنية. من العباسية إلى بقية العتبات الأمر لا يتوقف عند العتبة العباسية وحدها، فالعتبة الحسينية في كربلاء، والعتبة العلوية في النجف، والعتبة الكاظمية في بغداد، وعتبة الإمامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء، جميعها تحولت إلى مؤسسات مالية كبرى. هذه العتبات تمتلك شركات وأسواقًا ومستشفيات ومدارس وجامعة الكفيل، وتعمل بعقلية استثمارية شبه مستقلة عن الدولة، كأن لكل عتبة إمبراطورية اقتصادية خاصة بها. ومن أبرز مشاريع شبكة الكفيل التابعة للعتبة العباسية:
• أسواق الكفيل للمواد الغذائية
• مستشفى الكفيل التخصصي
• جامعة الكفيل
• مدارس الكفيل
• شركة الكفيل للبناء والعقارات
• مشاريع النقل لخدمة الزائرين
• مشاريع زراعية وحيوانية مثل مزارع الدواجن والماشية والتمور هذه المشاريع لا يمكن إنكار حجمها الضخم، لكنها تُدار بعقلية تجارية ربحية، لا علاقة لها بدعم الفقراء أو خدمة المجتمع بشكل مباشر. الفقر باقٍ والاستثمارات تتوسع في الوقت الذي تُدر فيه هذه المشاريع أرباحًا بمليارات الدنانير، يواجه آلاف الشيعة في مدن الجنوب والوسط أوضاعًا مأساوية:
• عائلات تعيش في بيوت من الصفيح لا تقي حرًّا ولا بردًا
• معدلات بطالة مرتفعة بين الشباب
• غياب أي برامج دعم جادة من قبل هذه العتبات التي تراكم الأموال باسم الدين والزيارة، هذا التناقض الصارخ يكشف أن العتبات، بدلًا من أن تكون مصدرًا للعدالة الاجتماعية، أصبحت شركات احتكارية مغلقة. سابقة تاريخية الخوئي وأبناؤه هذا النمط ليس وليد اليوم، فقد مارسه المرجع السابق أبو القاسم الخوئي وأبناؤه من قبل، حين أسسوا “مؤسسة الإمام الخوئي الخيرية” في لندن. وقد فضحهم أخوهم الأكبر عباس الخوئي، كاشفًا حجم الأموال التي خرجت من العراق باسم الدين.كما أن الخوئي نفسه ارتبط بعلاقات وثيقة مع نظام الشاه الإيراني الموالي للغرب، ووقف ضد الثورة الإيرانية، حتى أنه وصف الثوار بالمستحمرين، بينما رد عليه الخميني ونعته بالبهيمة. شبكة المصالح من علاوي إلى الصافي وفي السياق نفسه، يبرز اسم عارف البهاش، الذي كان في وقت سابق مقرّبًا من إياد علاوي، وعمل ضمن ائتلافه السياسي وعضوًا في البرلمان. اليوم، يدير البهاش شركة الكفيل أمنية للاتصالات، ويحظى بدعم مباشر من أحمد الصافي، ما يضعه في قلب شبكة المصالح الاقتصادية والسياسية المرتبطة بالعتبات. الخلاصة ما يحدث في العراق هو أن العتبات الدينية الكبرى، العلوية، الحسينية، الكاظمية، العسكرية، والعباسية، لم تعد مجرد أماكن للعبادة، بل تحولت إلى جمهوريات اقتصادية مستقلة تتحرك خارج سلطة الدولة. الأموال التي تتدفق إليها من التبرعات والخُمس والزكاة لا يعرف أحد حجمها الحقيقي، لكنها بلا شك بمليارات الدولارات.في المقابل، يظل غالبية الشيعة فقراء، محرومين من أبسط حقوقهم، بينما تُدار موارد العتبات كملكية خاصة بيد طبقة ضيقة من رجال الدين ووكلائهم وأبنائهم، بعيدًا عن أي محاسبة أو شفافية.
المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً: