قالت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الشرق الأوسط والأدنى، إيمان الطرابلسي، إن هناك ما وصفته بـ "الكوارث الإنسانية الخطيرة" التي تحدث في اليمن وأفغانستان والسودان، مشيرة إلى "انخفاض الدعم الدولي للعمليات الإنسانية في ظل ارتفاع الاحتياجات الفعلية ميدانيا".

وأوضحت، في مقابلة مصورة مع "عربي21"، أن أزمة التمويل التي تواجههم دفعتهم إلى تعليق برنامج (دعم صمود المستشفيات) في أفغانستان بطريقة مؤقتة، مؤكدة أن "هذا البرنامج يهدف للحيلولة دون الانهيار الوشيك لقطاع الصحة، وتخفيف الضغط على السلطات، مما يعطيهم المجال لخلق حلول طويلة المدى".



وأكدت الطرابلسي أن "الشعب الأفغاني تجرّع مرارة 40 عاما من النزاع، ولا يمكننا أن نصف مدى الضرر العميق الذي خلّفه هذا النزاع"، موضحة أن عملياتهم في أفغانستان هي ثاني أكبر عملية للجنة الدولية للصليب الأحمر، و"نحن لا نزال مُلتزمين بتقديم الدعم خلال الأشهر والسنوات المقبلة، خاصة في ظل الاحتياجات الإنسانية الهائلة والمتزايدة".



وذكرت أن "النزاع الدائر في اليمن منذ تسع سنوات خلّف أزمة إنسانية غير مسبوقة في جميع أنحاء البلاد، حيث لا يزال مُصنّفا من بين أكبر الأزمات الإنسانية حول العالم"، منوهة إلى أن "نحو نصف المرافق الصحية في البلاد باتت خارج نطاق الخدمة في حين لا يتوفر لدى العديد من المراكز العاملة سوى قدرات محدودة للغاية".

وأشارت الطرابلسي إلى أن "عمليات اللجنة الدولية حول العالم تعاني من فجوة تمويل خطيرة جعلتنا أمام خيار صعب، وهو مراجعة طريقة تدخلنا لمحاولة مواصلة تقديم خدماتنا بطريقة تتماشى بأقصى حد ممكن مع الاحتياجات الإنسانية الضخمة، فضلا عن اضطررنا لإلغاء مئات الوظائف".

في حين لفتت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الشرق الأوسط، إلى أنهم يواصلون حوارهم مع الجهات المانحة لحشد موارد إضافية تمكننا من مواصلة جميع عملياتنا من جديد.

يُذكر أن سويسرا تحتفظ تقليديا بعلاقات وثيقة مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر -التي تتخذ من جنيف مقرا لها- حيث أسّسها الحائز على جائزة نوبل للسلام السويسري هنري دونان في القرن التاسع عشر.

وسويسرا هي الراعية لاتفاقيات جنيف الأربع. ويرأس اللجنة الدولية للصليب الأحمر تقليديا مواطنون سويسريون، ومنذ شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تولت أول امرأة رئاسة هذه اللجنة، وهي الدبلوماسية السويسرية السابقة، ميريانا سبولياريتش إيغر.

وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":


كيف تنظرون لأبعاد الوضع الإنساني في اليمن في ظل تقليص المساعدات لملايين الأشخاص بسبب نقص التمويل؟

النزاع في اليمن الدائر منذ تسع سنوات خلّف أزمة إنسانية غير مسبوقة في جميع أنحاء البلاد، حيث لا يزال مُصنّفا من بين أكبر الأزمات الإنسانية حول العالم. اليوم حوالي 70% من اليمنيين، أي ما يُمثل قرابة 21.7 مليون شخص، يحتاجون إلى شكل من أشكال المساعدات الإنسانية.

لقد أثّر النزاع في اليمن على كل جوانب الحياة اليومية؛ فأسعار الوقود والغذاء والمواد الأساسية ارتفعت بشكل حاد، والحصول على المياه النظيفة، والرعاية الصحية، والخدمات الأساسية، أصبح صعبا بالنسبة لجزء كبير من السكان. حاليا هناك حوالي 17 مليون، من أصل 30.5 مليون شخص يُمثلون عدد سكان اليمن، لا يستطيعون تأمين حاجيتهم الغذائية من بينهم حولي 2.21 مليون طفل يعانون من سوء التغذية.

كما أن اليمن هي واحدة من بين أكثر البلدان معاناة من شح المياه في العالم؛ إذ تؤثر أزمة المياه في اليمن على الملايين يوميا. يلجأ يوميا أكثر من 15.3 مليون شخص إلى طرق مكلّفة ومستهلكة للوقت في سبيل الحصول على ما يكفيهم من المياه وخدمات؛ حيث أن 30% من السكان فقط بمقدورهم الاستفادة من شبكة المياه العامة، نظرا لتضرر الشبكة من مخلفات النزاع سواء بطريقة مباشرة من الدمار المادي الذي ألحق بها، أو بطريقة غير مباشرة كعدم القدرة على توفير الصيانة اللازمة في العديد من المناطق.

ويساهم انعدام فرص الحصول على المياه الصالحة للشرب، وقلة عمليات معالجة مياه الصرف الصحي، في تفشي الأمراض التي تُهدّد الصحة العامة، بما في ذلك الكوليرا والإسهال المائي الحاد الذي بدأ ينتشر في تشرين الأول/ أكتوبر 2016 في بلد يفتقر فيه ما يقرب من 20 مليون شخص إلى إمكانية الحصول على الرعاية الصحية الأساسية.

لقد أنهكت سنوات النزاع النظام الصحي في البلاد بشدة؛ إذ باتت حوالي نصف المرافق الصحية في البلاد خارج نطاق الخدمة في حين لا يتوفر لدى العديد من المراكز العاملة سوى قدرات محدودة للغاية.

حاليا، هناك 51% فقط من المرافق الصحية هي صالحة للاستغلال، ويتم إجراء أقل من 50% من حالات الولادة تحت إشراف عاملين ذوي كفاءة في القطاع الصحي، بالإضافة إلى أن وجود الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة خطرا جسيما على الناس في جميع أنحاء اليمن، وتفيد التقارير بوجود ما يزيد عن مليون لغم أرضي وذخيرة غير منفجرة متناثرة في جميع أنحاء البلاد، ما يؤدي إلى مقتل وإصابة مدنيين بشكل يومي .

وما أبرز تدخلات اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن؟

تظل أولويتنا في اليمن، وأولوية شركائنا بالحركة الدولية للصليب والهلال الأحمر، هي مساعدة ضحايا النزاع وتعزيز الدعم للنظم الأساسية الهشة؛ فنحن في اللجنة نولي اهتماما خاصا بدعم القطاع الصحي، والمياه، والمشاريع الصغيرة والمدرة للدخل، وتقديم الدعم لمراكز الأطراف الاصطناعية وإعادة التأهيل البدني في مختلف أرجاء البلد.

كما نعمل على تحسين وصول اليمنيين إلى مصادر الغذاء من خلال توزيع المواد الغذائية والإيوائية للذين تضرروا من النزاع المسلح، وخصوصا النازحين والنساء. لكن تبقى الاحتياجات الإنسانية في اليمن ضخمة جدا وتمس كل قطاعات الاحتياجات الأساسية، ولا يمكن للجنة الدولية وشركائها إلا تغطية جزء منها.

يعمل فريقنا في الميدان بشكل متواصل على تلبية الاحتياجات الإنسانية الهائلة بقدر الإمكان عبر توفير الطعام والمعدات المنزلية الأساسية، خلال السنة الماضية انتفع أكثر من 1643880 شخصا من مساعدات الإغاثة، بما في ذلك الغذاء والمنح النقدية غير المشروطة والمستلزمات المنزلية الأساسية والمساعدات بالمنتجات الزراعية والحيوانية.

كما جرى دعم 9 شبكات مياه بأعمال الصيانة وقطع الغيار والأدوات لضمان الحصول على المياه الصالحة للشرب؛ فنحن ندعم علاج عشرات الآلاف من جرحى الحرب كل عام ونقدم الخدمات لما يقرب من 50 ألف شخص من ذوي الإعاقة. تدعم اللجنة الدولية في اليمن 5 مراكز للتأهيل الحركي في محافظات صنعاء، وتعز، وصعدة، وعدن، وحضرموت بالمعدات، وتقديم حوافز الموظفين، والدعم الفني، والمواد الخام والمكونات، وآلات تصنيع الأطراف الاصطناعية، والأجهزة الساندة. ففي عام واحد، قدمت هذه المراكز الخمسة المدعومة من اللجنة الدولية حوالي 90 ألف خدمة بما في ذلك 47 ألف جهاز مساعد.

كما تدعم اللجنة الدولية في اليمن 83 من مراكز الرعاية الصحية الأولية والمستشفيات في جميع أنحاء البلاد بالأدوية والمعدات الطبية والحوافز للعاملين الصحيين، وبشكل أكثر تحديدا في المحافظات التي يعصف بها العنف المستمر.

هذا بالإضافة إلى أنشطة الحماية كتحسين ظروف السجناء. في الفترة من 14 إلى 16 نيسان/ أبريل 2023 نجحت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تيسير عمليات الإفراج المتزامن عن قرابة 900 مُحتجز على صلة بالنزاع في اليمن، في لحظة تحمل معها الفرح والأمل في منطقة مزقها العنف.

وخلال عملية الإفراج عن المحتجزين التي استمرت ثلاثة أيام، عملت فرق اللجنة الدولية على ضمان العودة الآمنة للمحتجزين المُفرج عنهم لعائلاتهم وأحبائهم. وجرت العمليات التي يسرتها اللجنة الدولية. عملية الإفراج عن المحتجزين تُمثل بارقة أمل للملايين؛ إذ أنها لا تؤثر على المحتجزين وعائلاتهم فحسب، بل تحمل معها الأمل في مستقبل أفضل لليمن، بلا عودة إلى العنف. ولا بد من دعم أي فرصة تتيح للسكان المنهكين التقاط أنفاسهم، ومن بينها عمليات الإفراج عن المحتجزين كهذه. لكن لن ينهي معاناة اليمنيين في نهاية المطاف سوى حل سياسي.

ما تفاصيل الوضع الإنساني في السودان حاليا؟

الوضع الإنساني الحالي مُقلق جدا، ونسق العمليات الإنسانية وقدرة الاستجابة لا تتماشى مع الاحتياجات الفعلية للسكان؛ نظرا لضخامتها. لكى نعطيكم فكرة عن حجم التحدي الذي يواجه الفاعلون الإنسانيون ينبغي معرفة أن عدد السكان الذين يحتاجون لشكل من أشكال الإغاثة والخدمات الإنسانية ارتفع من 15.8 مليون في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 إلى 24.7 مليون في أيار/ مايو 2023.

والقتال الدائر على امتداد الأشهر الخمسة الماضية أثّر على كل القطاعات الحيوية، ويحد بشكل كبير قدرة السكان على الحصول على أبسط الخدمات كالمياه والكهرباء والصحة، فضلا عن الخسائر البشرية الكبيرة بطبيعة الحال، وهذا يعود إلى أن الأعمال القتالية تدور داخل مناطق عمرانية، وبالتالي هذا يكثف من الضرر الذى يلحق بالبنية التحتية الأساسية كالطرقات ومحطات المياه والمستشفيات .

تدهور الوضعية الإنسانية يمس قدرة السكان على تأمين كل الاحتياجات الأساسية، ولكن الانهيار الوشيك لقطاع الصحة هو من بين أكثر السيناريوهات خطورة حاليا. والإحصاءات تشير إلى أن أقل من 20% من المنشآت الصحية في الخرطوم تواصل تقديم خدماتها، وأن أغلبية المنشآت الصحية حول السودان هي حاليا خارج إطار الخدمة، نظرا لعدة عوامل متضافرة كعدم توفر الأدوية والمعدات، وانقطاع المياه والكهرباء، وعدم توفر الموارد البشرية اللازمة. وضعية الذين يعانون من أمراض مزمنة أو خطيرة هو أمر حرج للغاية؛ وعلى سبيل المثال: معظم مراكز التصفية لمرضى الكلى في دارفور متوقفة عن العمل جراء عدم قدرة المنشآت على توفير البنزين لتشغيل مولدات الكهرباء.

بالطبع تواصل العنف يحد بشكل كبير قدرة كل فاعلي الإغاثة علي التدخل بالشكل المراد تحقيقه. عدم توفر الكوادر الطبية والشبه طبية بالشكل الكافي هو كذلك من بين أهم تحديات القطاع في الوقت الراهن بما أن الأطباء والممرضين والمسعفين غير قادرين على الالتحاق بأماكن عملهم خوفا على أمنهم. أما عن الأقلية من بين الكوادر التي لا تزال قادرة على الالتحاق بمؤسساتهم فهم يعملون في ظروف شبه مستحيلة لمحاولة توفير جزء طفيف مما يحتاجه السكان.

أشير إلى أن الأوضاع الإنسانية في السودان كانت بالفعل متدهورة حتى من قبل بداية النزاع القائم بسبب التغييرات التي شهدتها السودان وبعض الدول المجاورة على امتداد سنوات وأزمات سابقة عاشها السودان وبعض الدول المجاورة، مما خلّق بالفعل احتياجات إنسانية ضخمة، وأزمة نزوح داخلي تُقدر بحوالي 3.7 مليون نازح داخل السودان، بالإضافة إلى أكثر من مليون لاجئ من دول مجاورة عاشت صراعات مؤخرا كإثيوبيا. هذا يعني أن جزءا كبيرا من السكان كانوا بالفعل يعيشون حالة من الهشاشة مما يجعلهم أقل قدرة على تحمل التحديات الإضافية التي تفرضها الأزمة الحالية خاصة.

ما الذي قدّمه الصليب الأحمر منذ بداية الأزمة؟

الاستجابة بشكل كاف تتجاوز ما يمكن أن يقدمه الصليب الأحمر الدولي وشركائه، ولكننا نعمل على تقديم دعم ذو قيمة إضافية: تركيز اللجنة الدولية حاليا هو مواصلة دعم قطاع الصحة الذي هو شبه منهار الآن، ولكن احتياجات القطاع كبيرة جدا، ولا يمكننا سوى تغطية جزء منها، خاصة في ظل تواصل عدم توفر الضمانات الأمنية اللازمة لتتمكن فرقنا من تكثيف التدخل الميداني، وتوزيع مواد الإغاثة المنقذة للحياة، والقيام بعملنا بشكل آمن. فنقدم الدعم لمستشفيات داخل الخرطوم ودارفور بالشراكة مع الهلال الأحمر السوداني ووكلاء وزارة الصحة، وهذا يعتبر تحسنا نوعيا، لكنه يبقى غير كافٍ، وهناك ضرورة قصوى اليوم أن يلتزم كل الأطراف بواجباتهم القانونية لاسيما تلك المتعلقة بحماية حياة ومصالح المدنيين وحماية الحيز المُخصص للعمل الإنساني والإغاثي.

كما نعمل على دعم قدرة السكان على تأمين احتياجاتهم من المياه الآمنة وخدمات التطهير. الوضع هو جد متأزم؛ إذ أن عدد المحتاجين لمياه آمنة ارتفع من 11 مليون في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 إلى قرابة 15 مليون حاليا، وهذا يُشكّل خطرا على الصحة العامة، وبالتالي عبئا أكبر على قطاع الصحة الشبه منهار.

هذا بالإضافة الى أن فرقنا تباشر ميدانيا أنشطة الحماية؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر، نجحت فرقنا في إجلاء 300 طفلا و72 مقدم رعاية من دار أيتام في الخرطوم نحو واد مدني بعد استعار المعارك في المنطقة، وأعمار الأطفال الذين تم إجلائهم تراوحت بين شهر واحد و15 عاما، ويعاني البعض منهم من صعوبات صحية ولكنهم حُرموا لأسابيع من الحصول على  الرعاية الصحية بسبب تصاعد وتيرة العنف.

لو تحدثينا عن التوجيهات التي يقدمها الصليب الأحمر في ظل استمرار الأزمة السودانية؟

تصاعد وتيرة العنف لها أن تحد من طريقة تدخلنا في بعض السياقات التي تتأجج فيها وتيرة الأعمال العدائية، حيث أن هدفنا هو مساعدة المجموعات السكانية المتضررة في أسرع وقت ممكن، ولكن فرقنا -تماما مثل بقية الفاعلين الإنسانيين- بحاجة ماسة إلى العمل بأمان، وبالتالي فمن الضروري الحصول على الضمانات من قِبل كل الأطراف المنخرطة، وأن يلتزموا باحترامها.

نأمل أن تتوصل الأطراف المتنازعة إلى حل ينهي دوامة العنف؛ فالنزاع هو أصل الأزمة الإنسانية، وبالتالي فإن حل تلك الأزمة يتطلب أولا حل النزاع، وهذا يتجاوز ما يمكن أن يقدمه الفاعلون الإنسانيون. نحن نؤكد أن أطراف النزاع تظل مُطالبة بالالتزام بالقانون الدولي الإنساني وضمان حماية حياة ومصالح المدنيين بما في ذلك منحهم إمكانية الإجلاء الآمن، وضرورة ضمان المعاملة الإنسانية والكريمة للمحتجزين.



كما نشدّد على أهمية حماية الحيز المخصص للعمل الإنساني، كي نتمكن من أداء عملنا بأمان؛ فهذا الأمر مسألة حياة أو موت بالنسبة للكثيرين. أولوياتنا هي مواصلة تقديم المساعدة للمتضررين مع ضمان حماية فرقنا، خاصة أن الوضع الأمني المتأزم يحد كثيرا من قدرتنا على التدخل والحركة بشكل أكبر.

وسرعة تدهور الأزمة الإنسانية تعطى مؤشرات أن السكان سوف يحتاجون المزيد من الدعم ولفترات طويلة، وهنا يأتي الدور الأساسي الذي تلعبه الأطراف المانحة. من المهم اليوم أن يتواصل ويكثف هذا الدعم؛ إذ أن من غير ذلك لن نتمكن من القيام بدورنا بالشكل الذي نريده وبالشكل الذي يحتاجه الملايين. عمليتنا في السودان عانت من نقص التمويل لسنوات عديدة، ولكن استمرار ذلك في ظل ما يفرضه الوضع الراهن يعني نتائج كارثية ومأساوية للسكان.

في سياق آخر، ما ملابسات قراركم بوقف تمويل 25 مستشفى في أفغانستان؟ وما خطورة ذلك برأيكم؟

لقد تجرّع شعب أفغانستان مرارة 40 عاما من النزاع. ولا يمكننا أن نصف مدى الضرر العميق الذي خلّفته أربعة عقود من عدم الاستقرار بأمة، بما في ذلك اقتصادها، وهو أحد الأسباب التي تجعل الكثير من الناس بحاجة ماسة لشكل من أشكال المساعدات الإنسانية.

لقد دأبت اللجنة الدولية على تقديم خدماتها إلى الشعب الأفغاني على مدار أكثر من ثلاثة عقود، وعملياتنا في أفغانستان هي ثاني أكبر عملية للجنة الدولية. نحن لا نزال مُلتزمين بتقديم الدعم خلال الأشهر والسنوات المقبلة. من المؤكد أن الاحتياجات الإنسانية هائلة، وهي في تزايد مستمر، ولذلك نحن نواصل تدخلنا داخل أفغانستان لدعم الاستجابة لاحتياجات السكان الملحة.

تعاني أفغانستان من نظام صحي ينوء بعبئه بالفعل، ويُشكّل دعم الرعاية الصحية في المرافق جزءا كبيرا من عملنا الإنساني في البلاد، جنبا إلى جنب مع الهلال الأحمر الأفغاني. وعلى خلفية التغييرات التي حصلت في أفغانستان عام 2021 بعثنا برنامج "دعم صمود المستشفيات" الذي كان هدفه الحيلولة دون الانهيار الوشيك لقطاع الصحة، وتخفيف الضغط على السلطات، مما يعطيهم المجال لخلق حلول طويلة المدى.

هذه المبادرة كانت من بين أنجح برامجنا لدعم قطاع الصحة في أفغانستان؛ إذ ساعدت، وعلى امتداد السنتين الماضيتين، في دفع رواتب ما يقارب 10.600 طبيب وطبيبه وممرض وممرضه وموظفين 33 منشأة صحية حول البلاد. كما ساعد البرنامج في توفير المواد الطبية والأدوية وسيارات الإسعاف والغداء للمرضى ومصاريف الكهرباء، مما مكّن الملايين من تلقي الدعم الصحي .

فجوة التمويل الخطيرة التي تعاني منها عمليات اللجنة الدولية حول العالم جعلتنا أمام خيار صعب، وهو مراجعة طريقة تدخلنا لمحاولة مواصلة تقديم خدماتنا بطريقة تتماشى بأقصى حد ممكن مع الاحتياجات الإنسانية الضخمة، فضلا عن اضطررنا لإلغاء مئات الوظائف. هذا الأمر دفعنا إلى تعليق برنامج "دعم صمود المستشفيات" في أفغانستان بطريقة مؤقتة، ونحن نواصل حوارنا مع الجهات المانحة لحشد موارد إضافية تمكننا من مواصلة البرنامج مرة أخرى. وحقيقة، هناك انخفاض في الدعم الدولي للعمليات الإنسانية في ظل ارتفاع الاحتياجات الفعلية ميدانيا.

من المهم اليوم أن لا ينسى العالم حالة السكان الحرجة من جراء معاناتهم من آثار الحرب والعنف. ما يقرب من نصف السكان (18.4 مليون) بحاجة إلى الحماية والمساعدة الإنسانية، حيث يواجه 30% من الأفغان حالة خطيرة من انعدام الأمن الغذائي، في حين تتزايد مخاوف اللجنة الدولية من إثقال كاهل الهياكل الأساسية للرعاية الصحية في جميع أنحاء البلاد.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مقابلات اليمن المساعدات الصليب الأحمر اليمن افغانستان مساعدات الصليب الأحمر مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اللجنة الدولیة للصلیب الأحمر فی الاحتیاجات الإنسانیة فی جمیع أنحاء البلاد الرعایة الصحیة الصلیب الأحمر الإنسانیة فی فی أفغانستان الحصول على حول العالم بما فی ذلک الصحیة فی ملیون شخص فی البلاد عدم توفر فی الیمن أکثر من وهذا ی إلى أن فی حین من بین

إقرأ أيضاً:

جنوب السودان تحيي اليوم الدولي لحفظة السلام وسط استمرار التوترات ونداءات ملحة لإنهاء النزاع

أحيت UNMISS اليوم الدولي لحفظة السلام في جنوب السودان وسط توترات مستمرة. وكُرّم 18 ألف حافظ للسلام، بينما تستمر الاحتفالات يعاني 9.3 مليون شخص من أزمة إنسانية. اعلان

أقامت بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان (UNMISS) الثلاثاء مراسم رسمية لإحياء الذكرى السنوية ليوم الدولي لحفظة السلام، الذي يوافق 29 من شهر مايو من كل عام.

الحفل الذي أُقيم في العاصمة جوبا، شهد مشاركة ممثلين عن الحكومة وقيادة البعثة الأممية، وتأتي في ظل تفاقم الوضع السياسي والأمني في البلاد، مما يثير مخاوف من عودة البلاد إلى دوامة العنف.

وخلال الحدث، برزت الكلمة المؤثرة التي ألقتها الطالبة ألول موكنيم وور (10 أعوام)، والتي نادت فيها القادة المحليين والمجتمع الدولي بإنهاء النزاع المستمر، مؤكدة أن للأطفال حقًا في مستقبل آمن وأفضل.

وجسّدت كلمتها شعار الحدث لهذا العام: "السلام يبدأ منّي"، والذي يركز على أهمية المسؤولية الفردية في تعزيز السلام.

من جانبه، أكد نائب وزير الخارجية والتعاون الدولي في جنوب السودان، أكوي بونا مالوال، أن الشعار يتناسب مع الظروف الحالية التي تمر بها البلاد، مشيرًا إلى أن التبني الجدي لفكرة "السلام يبدأ منّي" قد يكون مفتاحًا لتحقيق الاستقرار.

Relatedواشنطن ترحل 8 مدانين بارتكاب جرائم إلى وجهة غير معلومة وتقارير تتحدث عن جنوب السوداناعتقال رياك مشار يهدد السلام في جنوب السودان وتحذيرات دولية من تجدد الصراعمبعوث الأمم المتحدة يحذر: الوضع "المزري" في جنوب السودان ينذر بتجدد الحرب الأهلية

كما تم خلال الحفل تكريم أكثر من 18 ألف حافظ للسلام من العسكريين والمدنيين العاملين في البعثة الأممية تحت ظروف عمل صعبة، وتم تنكيس الأعلام ووضع إكليل من الزهور تخليدًا لذكرى من فقدوا حياتهم أثناء تأديتهم لمهامهم.

وقال قوانغ كونغ، نائب الممثل الخاص للأمين العام في جنوب السودان: إن "التضحيات التي قدموها لن تُنسى، وإن إرثهم يلهمنا لمواصلة الجهود من أجل تحقيق السلام".

وتستمر الاشتباكات المسلحة والصراعات بين المجتمعات المحلية في عدد من المناطق، بينما يواجه تنفيذ اتفاق السلام توقفًا واضحًا، في وقت تحتاج فيه نحو 9.3 مليون شخص إلى المساعدات الإنسانية، وسط نقص كبير في التمويل.

وأوضح اللواء موهان سابرامانيان، قائد قوات البعثة، أن العلم الأممي الموجود أمام مقر القوات سيظل رمزًا للتضحيات التي قدّمها حفظة السلام، مؤكدًا أن مهمتهم مستمرة رغم التحديات.

وافتُتح قبل بدء الحفل نصب تذكاري جديد لتكريم أفراد القوات النظامية الذين يعملون على حماية المدنيين ومنع العنف، وقد اختتم حفظة السلام الحدث بتوجيه رسالة شكر للسكان على دعمهم المستمر، ووعدوا بأنهم سيبقون إلى جانبهم حتى تحقيق السلام المستدام.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • جنوب السودان تحيي اليوم الدولي لحفظة السلام وسط استمرار التوترات ونداءات ملحة لإنهاء النزاع
  • الصليب الأحمر يتلقى 400 ألف طلب للبحث عن أشخاص مفقودين في أوكرانيا
  • وزارة الزراعة تبحث مع الصليب الأحمر تحديات إنتاج القمح
  • اللجنة الدولية للصليب الأحمر: حجم الدمار في غزة لن يقربنا من السلام أو الاستقرار
  • اللجنة الدولية للصليب الأحمر: ندعو بشكل عاجل إلى احترام وحماية المدنيين في غزة
  • اتفاقية بين الصليب الأحمر والهجرة الدولية لدعم الأسر المنفصلة بسبب النزاع أو الهجرة
  • مصر: اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمة الدولية للهجرة تتعاونان لدعم العائلات التي تواجه الانفصال
  • موسى: قانون الصليب الأحمر سينطلق من اتفاقيات جنيف ويحفظ الاستقلالية
  • العدو الصهيوني يطلق النار على مستشفى الصليب الأحمر في خان يونس
  • ختام الورشة التدريبية في القانون الدولي الإنساني بمدينة بورتسودان