لجريدة عمان:
2025-08-01@17:02:09 GMT

المصالح لا تبنى على القيم

تاريخ النشر: 30th, May 2025 GMT

تذهب الفكرة فـي هذه المناقشة أكثر إلى المصلحة الجاذبة للمنفعة التي لا بد أن تتحقق، وليست إلى دفع الضرر، أو إلى تبادل المنفعة مع الآخر، سواءً بسواء. كما أن الفكرة تتجه أيضًا إلى تلك المصالح التي ليس من الضروري أن تسلك الطرق السليمة المؤدية إلى تحققها أو عدمه، كما أنه ليس من اللازم أن تكون مُعلنة أمام الجميع، بحيث لا تثير شكوكًا، ولا تصطدم بحدٍّ، ومن هنا يأتي تغييب أثر القيم فـي تبادلاتها بين الأطراف.

والمسألة هنا ليست مرتبطة بالبعد السياسي المحض، فهذا أمر مفروغ منه منذ زمن بعيد؛ إذ غالبًا ما تُفرغ المصالح السياسية من القيم، ويكون الكاسب فـيها رابحًا بامتياز، والخاسر فـيها خاسرًا بامتياز، حيث لا منطقة رمادية بين طرفـي المعادلة. ولذلك، فإن المتمرسين فـي هذا المجال ــ أي البعد السياسي ــ يدركون أبعاده الخفـية وتجاذباته، ولهذا تخصّص الأنظمة السياسية مفاوضين محنّكين على دراية بدهاليز السياسة وخفاياها عند إرسال وفود التفاوض.

ولأن مسألة «المصالح» ترتبط بالجزء والكل كمفهوم، فـيبدو أن السلوكيات التي يتبادلها الناس فـيما بينهم تتبنى الفكرة ذاتها ــ إلى حد بعيد ــ وهي تحييد القيم جانبًا عندما يتعلّق الأمر بتعاملٍ بين طرفـين، سواءً أكانا أفرادًا أم مجموعات. ويعود ذلك إلى أن القيم بطبيعتها ضابطة وحاكمة، وليس من اليسير تجاوز أحكامها وضوابطها فـي أي علاقة تفاعلية، حتى على مستوى القول؛ فكيف إذا كان الأمر متعلقًا بالفعل الذي يُتوخى منه مقابل مادّي، صغيرًا كان أو كبيرًا؟

وهنا تكمن الصعوبة فـي تجاوز القيم ضمن المصالح الراشدة، الهادفة إلى تحقيق منفعة متبادلة بين طرفـي العلاقة، سواء كانوا أفرادًا أو جماعات. أما إذا تنحّت المصلحة العامة جانبًا وتصدّرتها المصلحة الخاصة، فهذا هو ما يشير إليه عنوان المقال: «المصالح لا تُبنى على القيم».

ومشكلة القيم ــ إن جاز أن تُعدّ مشكلة ــ أنها لا تتيح لمن يؤمن بها مجالًا واسعًا للمناورة مع الآخر؛ فالصدق، على سبيل المثال، إما أن تكون صادقًا على امتداد الخطين الأفقي والرأسي، أو لا تكون. أما الجمع بين الصدق والكذب فـي آنٍ واحد، فلن يكون متاحًا ــ وفق مفهوم ازدواجية المعايير ــ إلا لمن يعاني من اضطراب نفسي؛ أما الإنسان السوي مكتمل النضج فلن يقع فـي مثل هذا المأزق إطلاقًا.

وكذلك الأمر مع قيمة الأمانة، لا يمكن للمرء أن يجمع بين الأمانة فـي موقف، والخيانة فـي آخر. وينسحب هذا الحكم على الكرم، وعلى التضحية، وعلى سائر القيم العليا. ولذلك، فكثيرًا ما يفشل متبنو القيم فـي الاستحواذ على الحصة الكبرى من المصالح المادية على وجه الخصوص، دون أن يدفعوا ثمنًا مقابلًا للحصول على إحدى تلك المصالح المتعارف عليها ضمن مجموعات النفوذ، وقد يكون هذا الثمن باهظًا، يدفعونه على مضض.

وهل توجد مجموعات متخصصة للمصالح فقط؟ أقول: نعم، فبين مجموعات الأفراد فئاتٌ تُجيد اقتناص المصالح دون أن تُعرض نفسها لخسارة تُذكر، فهي كاسبة على طول خط التفاعل مع الآخر. ولذلك، فإن هذا النمط من العلاقات لا يؤمن بشيء من التوازي، أو توازن الكفف للموازين؛ فهي إما رابحة، أو لا تكون. ولأن منطق الربح هو السائد فـي منظومة علاقاتهم، فإنهم لا يترددون فـي انتهاج كل السبل المؤدية إلى المنفعة، بغضّ النظر عن مدى صلاحية تلك الطرق أو عدالة إتاحتها للجميع، أو كونها حكرًا على فئات دون أخرى.

يبقى الإنسان مخلوقًا ضعيفًا، تحيط به تجاذبات كثيرة، وتضغط عليه الحاجة التي يسعى إلى تحقيقها. ولهذا، كثيرًا ما يقع فـي مأزق القيم الضابطة، فإما أن يضحّي بها ليحقق كثيرًا مما يرجوه، أو أن ينتصر لها ويفقد الكثير.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

أثرياء نيويورك يحشدون قوتهم بحملة أي شخص لكن ليس ممداني لمنعه من الفوز

قالت صحيفة نيويورك تايمز إن جماعات مصالح مالية أعلنت عن حملة تحمل اسم "أي شخص لكن ليس ممداني"، مكونة من خمس مجموعات تأمل بجمع ملايين الدولارات لهزيمة المرشح الديمقراطي زهران ممداني.

وتضم المجموعة رجال أعمال كبار في مجال العقارات وممولين اتفقوا على إنشاء مجموعة العمل السياسي هذه بهدف هزيمته.

لكن أفراد الحملة يختلفون حول الوجهة ومن يدعمون لهزيمة ممداني، وقال بعض المنظمين إن حملتهم لن تنجح إلا في حال خروج العمدة الحالي إريك أدامز أو الحاكم السابق لنيويورك أندرو كومو. وفي عالم العقارات، حيث الود مفقود بين حيتان الصناعة، يبدو أن المقاولين والممولين متفقون على أمر واحد، وهو: يجب إخراج ممداني من السباق وهزيمته.

وكتب مارتي بيرغر، الرئيس التنفيذي لشركة "إنفينيت غلوبال ريال إستيت بارتنرز"، في إحدى رسالتين إلكترونيتين أُرسلتا قبل الاجتماع: "هدفنا هو أي شخص ولكن ليس ممداني".

واقترح بيرغر أن يبدأ هو وأقرانه بتخصيص 25 ألف دولار أمريكي للجنة عمل سياسي جديدة، وهي "نيويوركيون من أجل مستقبل أفضل"، أو لدعم مجموعات أخرى.

وأشار إلى حملات إعلانية محتملة لمهاجمة ممداني، وخطط إنفاق لدعم منافسين محددين وجهود أخرى لتسجيل آلاف الناخبين الذين عادة ما يغيبون عن التصويت يوم الانتخابات.



وقالت الصحيفة إنه وبعد شهر من فوز ممداني في الانتخابات التمهيدية، الذي أذهل نخبة رجال الأعمال في نيويورك، بدأ قادتها في ضخ أموال طائلة من الخارج في محاولة لوقف الرجل الذي يخشون أن تفسد سياساته الاشتراكية مناخ الأعمال في المدينة. لكن مع بقاء أقل من 100 يوم، ما زالوا يبحثون جاهدين عن خطة موحدة قابلة للنجاح.

وانضم في يوم الاثنين أصحاب شركات مبنى سيغرام وهادسون ياردز إلى الدعوة لإنشاء لجنة عمل سياسي كبرى مناهضة لممداني، بينما دعا قادة لجنة عمل سياسي كبرى أخرى المتبرعين إلى حملة لجمع التبرعات بقيمة 1000 دولار للشخص الواحد، والمقرر عقدها يوم الخميس، وكتبت بيتسي مكوغي، نائبة الحاكم السابقة، على الدعوة: "محاربة ممداني مكلفة، لكن السماح له بالفوز سيكلفك أكثر".

وقالت الصحيفة إن هناك بالفعل ما لا يقل عن خمس مجموعات تتنافس على حشد عشرات الملايين من الدولارات، لكل منها قادتها وأهدافها الخاصة.

وأشارت إلى أن هناك مجموعات أخرى في مراحل مختلفة من التأسيس، بما في ذلك حملة لتسجيل وتعبئة الناخبين المناهضين لممداني، والتي يرجح أن تديرها ليزا بلاو، المستثمرة المتزوجة من الرئيس التنفيذي لشركة "ريليتد كومبانيز"، مطورة مشروع هدسون ياردز. وتشمل مجموعات أخرى حلفاء جمهوريين للرئيس دونالد ترامب.

وقالت الصحيفة إنه من غير الواضح بعد ما إذا كانت القوى المناهضة لممداني قادرة على إيجاد طريق ناجح، خاصة وأن المعارضة منقسمة بين عدة مرشحين أكثر اعتدالا: مثل آدامز، والحاكم السابق أندرو م. كومو، وكيرتس سليوا، المرشح الجمهوري، وجيم والدن، المحامي.

وتوقعت دورا بيكيك، المتحدثة باسم حملة ممداني، أن يفشل المانحون، الذين وصفتهم بـ"أثرياء حملة لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" الذين أنفقوا الملايين في محاولة هزيمة زهران في الانتخابات التمهيدية، مرة ثانية. وقالت: "سكان نيويورك مستعدون لطي صفحة الفساد المستمر والصفقات السرية".

مقالات مشابهة

  • إبراهيم شقلاوي يكتب: الرباعية الدولية .. صراع المصالح يبدد فرص الحل..!
  • دمشق تشكل لجنة تحقيق في أحداث السويداء
  • حينما تكـــون فـــي قــائمــة الأرشــــيف !
  • الشورى يدعو في جنيف إلى تفعيل دور البرلمانات في صون القيم الإنسانية
  • وهران: حجز أكثر من 1 كلغ كوكايين وتوقيف تاجري مخدرات صلبة
  • الرباعية تحتاج إلى رباعية !!!
  • عبدالله آل حامد: نموذج إعلامي جديد يُعلي القيم الإنسانية
  • أثرياء نيويورك يحشدون قوتهم بحملة أي شخص لكن ليس ممداني لمنعه من الفوز
  • ضياء رشوان: موقف مصر لا تحكمه المصالح المؤقتة بل يرتكز على ثوابت راسخة
  • استئناف العمل في مديريات المصالح العقارية بدءاً من الأحد المقبل