بدء المرحلة الأولى من اتفاق وقف الإبادة.. وخلاف حول قوائم الأسرى
عاد مئات الآلاف من أهالى قطاع غزة سيرًا على الأقدام أمس، فى طوفان بشرى من جنوب القطاع إلى شماله عبر طريق الرشيد الساحلى بالمركبات بعد انسحاب الاحتلال من محور نتساريم جنوب مدينة غزة، بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ. وأعربوا عن فخرهم للدور المصرى البطولى الذى حافظ على القضية الفلسطينية من التصفية عبر مخططات التهجير الصهيونية الأمريكية.
أكد عضو المكتب السياسى لحركة «حماس»، عزت الرشق، أن مشاهد عودة جموع النازحين إلى بيوتِهم فى مدينة غزة رغم الدمار وانعدام مقوّمات الحياة دليل فشل كل مخططات التهجير بالقصف والتدمير والتجويع والإرهاب.
وأوضح «الرشق» أن عودة أهالى غزة والشمال رسالة واضحة للاحتلال وداعميه، بفشل محاولات إخلاء مدينة غزّة، وإقامة مستوطنات للمستوطنين والمتطرفين فيها.
وأعرب القيادى فى «حماس» عن اعتقاده بأن عودة النازحين «انتصار وإيذان بالعودة الكبرى لكل اللاجئين والنازحين إلى بيوتهم وقراهم التى هجروا منها». وشدد على أن أرض غزة لأهلها، ولا مكانَ فيها للغزاة مهما بلغت التضحيات.
وأكد مكتب إعلام الأسرى التابع لحركة «حماس» أنه لم يتم التوصل حتى ظهر أمس الجمعة، إلى اتفاق رسمى بشأن قوائم الأسرى ضمن صفقة التبادل. وأشار المكتب إلى أنه فى حال تم التوصل إلى اتفاق نهائى، سيتم نشر القوائم الرسمية عبر منصات مكتب إعلام الأسرى.
وتناولت وسائل إعلام إسرائيلية عدة قوائم تتضمن أسماء أسرى، سيتم الإفراج عنهم دون تأكيد من قبل وفد المفاوضات بحركة حماس.
وشدد مكتب إعلام الأسرى على أن القوائم المتداولة عن الأسرى المعتزم الإفراج عنهم فى إطار صفقة التبادل، هى قوائم غير دقيقة، يروج لها الاحتلال بهدف الضغط والتشويش على مجريات التفاوض.
وكشفت مصادر مقربة عن جلسات جديدة بشأن الأسرى ستعقد فى وقت لاحق، فيما تصر حماس على الالتزام بالقائمة التى تم الاستقرار عليها أمس. وأشارت إلى أن المبعوث الأمريكى ستيف ويتكوف وعد الوسطاء بالضغط على إسرائيل؛ للإفراج عن كبار الأسرى، وتراجع عن ذلك بعد لقاء رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وأن القائمة التى أرسلتها إسرائيل ضمت أسماء اعترضت عليها خلال المفاوضات وخلت من أسماء أخرى كان عليها اتفاق.
ويشمل الاتفاق، المُوقّع فى شرم الشيخ، إطلاق سراح 250 من أسرى المؤبدات و1700 من الأسرى الفلسطينيين الذين اعتقلوا منذ السابع من أكتوبر، بالإضافة إلى الإفراج عن الأطفال والنساء جميعًا، ما يمثل خطوة كبيرة نحو تخفيف المعاناة الإنسانية داخل القطاع.
وقال المبعوث الأمريكى ستيف ويتكوف أمس، إن الاحتلال أكمل المرحلة الأولى من الانسحاب من غزة. وأضاف أن المهلة التى تستمر 72 ساعة لإطلاق سراح المحتجزين فى غزة، بدأت.
وزعم «نتنياهو» فى كلمة متلفزة أن قواته نجحت فى الوقوف أمام حركة «حماس» وإعادة المحتجزين الإسرائيليين، مضيفًا أن المرحلة المقبلة من خطة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى غزة هى نزع سلاح الحركة، وذلك بالتزامن مع إعلان دخول وقف النار حيز التنفيذ فى غزة، تمهيداً للإفراج عن المحتجزين.
وأضاف أن قوات الاحتلال ستبقى فى غزة لضمان نزع سلاح القطاع وتجريد حماس من أسلحتها فى المراحل اللاحقة من خطة ترامب. وقال: «إذا تحقق ذلك بالطريقة السهلة فسيكون ذلك جيداً، وإن لم يتحقق، فسيكون ذلك بالطريقة الصعبة»، على حد تعبيره. وأضاف: «عملت بطريقة مغايرة من خلال الدخول إلى غزة، ومارسنا ضغوطًا سياسية وعسكرية، بقى الجيش فى عمق غزة، وركزنا على تحرير مخطوفينا ونزع سلاح حماس»، على حد وصفه.
وزعم «نتنياهو» أن حركة حماس راوغت فى المفاوضات السابقة، واتهم كل من يقول إنه كانت هناك صفقة على الطاولة سابقًا، بأنه كاذب. وزعم «نتنياهو» الذى واجه اتهامات عدة بعرقلة التوصل إلى صفقة على مدى الأشهر الماضية، أن حماس وافقت على الاتفاق فقط بعد أن أدت خطة ترامب إلى عزلها دولياً بصورة غير مسبوقة.
وذكرت «القناة 12» العبرية أن 3 فرق تضم الآلاف من الجنود الإسرائيليين وكانت جزءاً من عملية «عربات جدعون 2»، ستنسحب من مدينة غزة. وأضافت أنه بالتزامن مع الانسحاب الجزئى تستعد تل أبيب لاستلام المحتجزين الإسرائيليين فى قطاع غزة من الصليب الأحمر، ونقلهم إلى مستشفى رعيم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: قطاع غزة المبعوث الأمريكي حماس حركة حماس وقف الإبادة تهجير الشعب الفلسطينى أهل غزة عضو المكتب السياسي لحركة حماس فى غزة
إقرأ أيضاً:
هل يعكس اتفاق وقف النار تحوّلا إقليميا يحد من نفوذ الاحتلال الإسرائيلي؟
أثار وقف إطلاق النار بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس, مخاوف استراتيجية داخل الأوساط الإسرائيلية، إذ يرى محللون أن تداعياته تتجاوز حدود قطاع غزة وتمسّ توازنات أوسع في المنطقة، خصوصا في ظل المسار التدريجي للتسوية وما يتضمنه من بنود تتعلق بإطلاق سراح الأسرى والترتيبات الأمنية المقبلة.
وأشار تقييم للخبير الإسرائيلي في صنع القرار والمحاضر في كلية "رمات جان" الأكاديمية, كفير تشوفا، إلى أنّ: "الصفقة الناشئة هي نتيجة مزيج من القيود الإقليمية والضغوط الداخلية التي تتحكم في وتيرة التطورات".
وأوضح بأنّ: "حماس من المتوقع أن تُفرج عن جميع الأسرى مقابل وعد بإطار لوقف إطلاق النار وتسوية تدريجية"، لكنه أشار إلى أنّ: "هذه الالتزامات ما زالت غامضة وتعتمد على شروط محددة، وقد جرى تنفيذها حتى قبل الانسحاب الكامل لجيش الاحتلال الإسرائيلي الذي كان يصر عليه في البداية".
وأضاف في تقرير لصحيفة "معاريف" العبرية، أنّ: "الخطوة لا يمكن فصلها عن تحالف إقليمي يضم قطر وتركيا وأحياناً مصر، إذ تدفع قطر وتركيا، اللتان تربطهما صلات واضحة بحركة الإخوان المسلمين، نحو مسار تهدئة منسق لتحسين علاقاتهما مع واشنطن".
وأشار تشوفا إلى أن مصر ليست جزءا أيديولوجياً من هذا المحور، لكنها "ترى في إسرائيل منافساً جيوسياسياً وتسعى لإضعافها، حتى وإن كانت تستفيد من حوافز واشنطن"، مضيفاً أن هذه العلاقة خلقت "لعبة تحالفية" تُحدّد فيها القوى الإقليمية الاتجاه العام، حتى لو جاء ذلك على حساب نفوذ حماس التفاوضي.
وتطرق الخبير إلى البعد الداخلي في موقف حماس، موضحا أنّ: "الحركة تشهد تراجعاً في فائدة ورقة المختطفين"، إذ إن "الضغط العسكري والاستخباراتي المتواصل يقلل من قدرة الحركة على استثمار الورقة التفاوضية، ما يجعلها تميل إلى استنفادها قبل أن تفقد قيمتها".
وأضاف يأنّ: "الضغوط الخارجية من حلفاء حماس، خصوصا قطر وتركيا، تسهم في هذا التوجه، لأن الدولتين تسعيان إلى تحقيق هدوء إقليمي يعزّز مصالحهما المدنية والأمنية أمام الولايات المتحدة"، مشيراً إلى أنّ: "هذا الوضع يفرض على الحركة ما سماه "العقلانية القسرية"، أي اتخاذ الخيار الأنسب ضمن قيود تفرضها قوى أكبر منها".
وأكد تشوفا أنّ: "التداعيات تتجاوز غزة"، موضحا في الوقت نفسه بأنّ: "تركيا تقترب من تطوير تعاون عسكري جديد بعد تجديد وصولها إلى طائرات إف-35، وتعزيز تعاونها الأمني الغربي، وترسيخ وجودها في شمال سوريا"، فيما "تعمل قطر على تعزيز دفاعها الأمريكي وتكريس دورها كوسيط رئيسي، بينما تسعى مصر إلى تأكيد أن تحالفها مع واشنطن مُجدٍ ومثمر".
وحذر الخبير الإسرائيلي من أنّ: "عودة الأسرى تمثل إنجازاً أخلاقياً ووطنياً لإسرائيل، لكنها قد تُخفي مخاطر استراتيجية إذا لم يتم تطبيق نزع السلاح بدقة، لأن إعادة تأهيل المدنيين دون إشراف صارم قد تؤدي إلى إعادة تأهيل التنظيمات نفسها".
وأضاف أن "التحدي الحقيقي لإسرائيل ليس في التعامل مع حماس فقط، بل مع التحالف الإقليمي الذي يعيد تشكيل المشهد من حولها"، مشيرا إلى أنّ: "تركيا تعود إلى الواجهة وتُرسخ وجودها في سوريا، فيما تدفع قطر بمشروع أيديولوجي يُقوّض الغرب ويمول المعسكر الإسلامي"، وهو ما وصفه بأنه المحور الذي سيحدد ملامح الساحة الإقليمية في السنوات المقبلة.
وأكد على أنّ: "أمن إسرائيل يتحقق فقط إذا أحسنت إدارة اللعبة، وانتقلت من سياسة رد الفعل إلى سياسة المبادرة، تجمع بين الردع القوي والدبلوماسية الذكية والتحالفات الإقليمية، بما يرسخ قواعد جديدة تُقلل من احتمالات استمرار العداء تجاهها".