كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أن إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انتهاء الحرب في غزة، قبل استكمال تفاصيل الاتفاق، شكّل خطوة دبلوماسية غير مسبوقة قلبت قواعد اللعبة التقليدية رأسا على عقب، وأجبرت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على القبول بالتسوية.

ووفقا للتقارير كان الضغط المباشر الذي مارسه الرئيس ترامب على نتنياهو إلى جانب دور القاهرة الحاسم التي مارست ضغوطا على حماس بمشاركة الدوحة وتركيا.


وأوضحت الصحيفة أن ترامب اختار نهجا معاكسا للمألوف؛ فبدلاً من انتظار اكتمال المفاوضات خلف الكواليس، أعلن "النصر" أولاً، مما وضع الأطراف كافة أمام الأمر الواقع ودفعهم لاستكمال التفاصيل بسرعة لجعل الإعلان حقيقة قائمة.


وذكرت المصادر أن المفاوضات التي استضافتها مدينة شرم الشيخ كانت قد وصلت إلى مرحلة متقدمة حين قرر ترامب إعلان الاتفاق، رغم بقاء بعض النقاط العالقة، مثل خطوط انسحاب القوات الإسرائيلية وقوائم الأسرى الفلسطينيين الذين سيُفرج عنهم مقابل الرهائن الإسرائيليين.


وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس الأمريكي شكر فريقه المقرب، المبعوث الخاص ستيف ويتكوف، ووزير الخارجية ماركو روبيو، وصهره جاريد كوشنر، على دورهم في الوصول إلى هذه المرحلة، فيما أكدت مصادر دبلوماسية أن الإعلان المفاجئ خلق "زخمًا لا يمكن تجاهله" أجبر نتنياهو على التحرك.


ونقلت الصحيفة عن آرون ديفيد ميلر، الوسيط الأمريكي السابق في الشرق الأوسط، قوله إن "ترامب هو الرئيس الأمريكي الوحيد الذي نجح في إجبار رئيس وزراء إسرائيلي على قبول اقتراح سلام أمريكي"، مشيرًا إلى أن هذا النهج ولّد شعورًا عامًا بضرورة عدم تفويت الفرصة.


كما علّق السفير الأمريكي الأسبق لدى إسرائيل ومصر دانيال كورتزر متسائلًا: "من يريد أن يكون الطرف الذي يمنع ترامب من الوقوف على منصة الكنيست ليعلن استحقاقه لجائزة نوبل للسلام؟".


وبيّنت الصحيفة أن ترامب اعتمد على ما وصفه بـ"نهج صانعي الصفقات"، مفضّلًا شخصيات مثل ويتكوف وكوشنر على الدبلوماسيين التقليديين، في مقاربة تشبه صفقات العقارات الكبرى: طرح عرض، ثم انتظار قبول الطرف الآخر تحت الضغط.


وأضافت أن إعلان ترامب عن خطة من 20 بندًا تتضمن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، جاء بعد شهور من الجمود، وأن استجابة حماس المبدئية دفعت الرئيس الأمريكي إلى المضي قدمًا، تاركًا نتنياهو في "زاوية ضيقة" لا مفر منها.


ورغم أن المرحلة الأولى من الاتفاق  وتشمل التهدئة وتبادل الأسرى تمت بهذا الأسلوب، إلا أن الصحيفة توقعت أن تكون المراحل التالية أكثر تعقيدًا، خصوصًا تلك المتعلقة بنزع سلاح حماس ونشر قوات دولية في غزة.


وختمت وول ستريت جورنال بأن نهج ترامب "غير التقليدي" أثبت فعاليته في تحريك عملية السلام المتوقفة منذ سنوات، مشيرة إلى أن الجرأة في الإعلان قد تصبح أداة ضغط دبلوماسية جديدة في التعامل مع الأزمات الدولية.

طباعة شارك وول ستريت جورنال الأمريكية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب غزة بنيامين نتنياهو

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: وول ستريت جورنال الأمريكية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب غزة بنيامين نتنياهو وول ستریت جورنال الرئیس الأمریکی

إقرأ أيضاً:

اتفاق غزة التاريخي| انسحاب إسرائيلي وهدنة شاملة برعاية مصرية.. شرم الشيخ تعيد صوت السلام

بعد حربٍ دامت أكثر من عامين، تسببت في مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين وتشريد مئات الآلاف من السكان، يلوح في الأفق بصيص أمل نحو السلام، عقب الإعلان عن اتفاقٍ لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، بوساطة مصرية وقطرية وأمريكية، وبمباركة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
ويعدّ الاتفاق، الذي يجري التصديق عليه رسميًا من الحكومة الإسرائيلية مساء الخميس، نقطة تحوّل فارقة في مسار الصراع، إذ يفتح الباب أمام مرحلة جديدة عنوانها "الهدوء مقابل الانسحاب والتبادل الإنساني".

بدء الانسحاب الإسرائيلي خلال 24 ساعة

بحسب ما نقلته صحيفة تايمز أوف إسرائيل، أفاد مسؤولون في الجيش الإسرائيلي بأن القوات ستبدأ الانسحاب من قطاع غزة خلال 24 ساعة من تصديق الحكومة على اتفاق وقف إطلاق النار.
وسيتم إعادة انتشار الجيش عند خطوط محددة مسبقًا، تضمن بقاء السيطرة الإسرائيلية على نحو 53% من أراضي القطاع، معظمها في المناطق غير الحضرية. ويُنتظر أن تكتمل هذه العملية خلال يوم واحد فقط من الإعلان الرسمي، ما يُعدّ مؤشرًا على جدية الطرفين في تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق.

تبادل الأسرى والرهائن خلال 72 ساعة

تنص المرحلة التالية من الاتفاق على أن تبدأ حركة حماس، خلال 72 ساعة من الانسحاب الإسرائيلي، بإطلاق سراح 48 رهينة تحتجزهم، على أن يتم تسليم 20 منهم في الدفعة الأولى إلى ممثلي الصليب الأحمر، الذين سيتولون نقلهم إلى القوات الإسرائيلية المنتظرة داخل غزة.
ورغم ذلك، لم تفصح إسرائيل حتى الآن عن قائمة الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم، فيما أكدت هيئة السجون الإسرائيلية أنها لم تتلقَ الأسماء بعد.

استبعاد البرغوثي والسنوار من الصفقة

أكدت متحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية أن القيادي البارز في حركة فتح، مروان البرغوثي، لن يكون ضمن قائمة المفرج عنهم.
كما أشارت مصادر إسرائيلية إلى أن جثتي يحيى السنوار، زعيم حماس السابق، وشقيقه محمد، اللذين قُتلا في مايو الماضي، لن تكونا مشمولتين في صفقة التبادل.
ويبدو أن تل أبيب تسعى من خلال ذلك إلى إرسال رسالة مفادها أنها لن تُفرج عن شخصيات ذات رمزية سياسية قد تُعيد لحماس زخمها الشعبي في الضفة الغربية.

حماس تشترط الانسحاب أولاً

من جانبها، أكدت حركة حماس أن بدء تنفيذ صفقة التبادل مرهون بانسحاب القوات الإسرائيلية من المدن الرئيسية في غزة، وعلى رأسها غزة ورفح وخان يونس.
وقالت الحركة في بيانها إن "تبادل الأسرى والرهائن لن يبدأ إلا بعد وقف النار الكامل والانسحاب من المدن المكتظة"، مشيرة إلى أن إسرائيل وافقت على إطلاق سراح نحو 250 أسيرًا محكومًا بالمؤبد بموجب هذا الاتفاق.

كما نص الاتفاق على فتح خمسة معابر رئيسية لإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى القطاع، مع تقديم ضمانات من الولايات المتحدة والوسطاء بعدم عودة إسرائيل إلى العمليات العسكرية بعد تنفيذ الاتفاق.

شرم الشيخ.. عاصمة السلام من جديد

وفي الوقت الذي تستعد فيه الحكومة الإسرائيلية للتصويت على بنود الاتفاق، تواصلت المشاورات النهائية في مدينة شرم الشيخ المصرية، بحضور ممثلي قطر ومصر والولايات المتحدة، لمناقشة الترتيبات الميدانية والإنسانية قبل دخول الاتفاق حيز التنفيذ.
ويأتي اختيار شرم الشيخ، مدينة السلام، ليعيد إلى الأذهان سلسلة من الاتفاقات التاريخية التي وُقّعت على أرض مصر، ما يعزز دور القاهرة كوسيط إقليمي موثوق وقوة دبلوماسية قادرة على تحقيق اختراقات حقيقية في النزاعات المستعصية.

 الدور المصري.. دبلوماسية اليد الممدودة



أكد الخبير الاستراتيجي اللواء نبيل السيد أن اللقاء الذي جمع الرئيس عبد الفتاح السيسي مع المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، وجاريد كوشنر مستشار الرئيس دونالد ترامب، يمثل نقطة تحول في مسار الأزمة، مشيرًا إلى أن مصر استطاعت أن تعيد تثبيت موقعها كـ"مفتاح رئيسي للسلام في الشرق الأوسط".

مصر وسياسة اليد الممدودة

أوضح اللواء نبيل السيد أن الجهود المصرية لم تتوقف عند حدود الوساطة التقليدية، بل تجاوزتها إلى صياغة اتفاق شامل يضمن وقف إطلاق النار، والإفراج عن الأسرى، وبدء خطوات ميدانية لانسحاب القوات الإسرائيلية من بعض مناطق القطاع.
وأشار إلى أن التحرك المصري جاء من منطلق مسؤولية تاريخية وإنسانية تجاه الشعب الفلسطيني، مع الحفاظ على توازن العلاقات مع الولايات المتحدة وجميع الأطراف المعنية.

شرم الشيخ.. منصة القرار الإقليمي

وأشار الخبير الاستراتيجي إلى أن اختيار شرم الشيخ لتوقيع الاتفاق يعكس رمزية خاصة، فهي مدينة السلام التي احتضنت على مدار عقود مفاوضات مفصلية، مؤكداً أن استضافة القاهرة لهذه المفاوضات "تؤكد ثقة العالم في حياد مصر وقدرتها على تحقيق ما عجزت عنه أطراف كثيرة".

الصفقة الإنسانية الأهم

ولفت اللواء نبيل السيد إلى أن صفقة تبادل الأسرى تشكل خطوة إنسانية كبرى، تعكس رغبة حقيقية في إنهاء الحرب وفتح أفق سياسي جديد. وقال إن الإفراج عن آلاف الأسرى الفلسطينيين مقابل المحتجزين الإسرائيليين يبرهن على أن "الدبلوماسية المصرية قادرة على الجمع بين البعد الإنساني والسياسي في آن واحد".

ترامب يبحث عن نصر دبلوماسي.. والسيسي يوازن المعادلة

وأوضح اللواء نبيل السيد أن الرئيس ترامب يسعى لتحقيق اختراق دبلوماسي يعيد له حضورًا دوليًا، في حين تحافظ مصر على استقلال قرارها وتستخدم نفوذها لتحقيق سلام مستدام، قائلاً: "ترامب يبحث عن لحظة مجد، بينما السيسي يكتب فصلًا جديدًا في تاريخ الدبلوماسية المصرية."

من القاهرة يبدأ السلام

اختتم اللواء نبيل السيد تحليله بالتأكيد أن وقف الحرب في غزة إنجاز مصري بامتياز، وأن القاهرة أثبتت مجددًا أنها "الضامن الحقيقي للاستقرار في المنطقة"، مشيرًا إلى أن دعوة الرئيس السيسي لنظيره الأمريكي لحضور توقيع الاتفاق في القاهرة ستكون لحظة رمزية تعيد لمصر مكانتها كقلب السياسة العربية ومركز القرار الإقليمي.
 

يُجمع المحللون على أن وقف الحرب في غزة يمثل إنجازًا مصريًا بامتياز، وأن القاهرة أثبتت مجددًا أنها اللاعب الأكثر قدرة على ضبط إيقاع المنطقة.
ويختم اللواء نبيل السيد تحليله قائلاً: "من القاهرة يبدأ السلام، ومصر ستظل القلب النابض للسياسة العربية ومفتاح الاستقرار في الشرق الأوسط".

وبينما تتجه الأنظار إلى شرم الشيخ لمتابعة توقيع الاتفاق رسميًا، يترقب العالم لحظة جديدة قد تُعيد رسم خريطة الشرق الأوسط، عنوانها الأمل بعد الألم، والسلام بعد سنواتٍ من الدم والدمار.

طباعة شارك ترامب السيسي الشعب الفلسطيني دونالد ترامب عبد الفتاح السيسي الحرب غزة

مقالات مشابهة

  • وول ستريت جورنال: الفصائل الفلسطينية مستعدة للإفراج عن الرهائن اليوم
  • وول ستريت جورنال تتحدث عن بصمات كوشنر على خطة سلام غزة
  • صيحات استهجان لحظة ذكر ويتكوف نتنياهو وديرمر في ميدان الرهائن
  • الرئيس الأمريكي: قادة حماس أقوياء وأذكياء ومفاوضون بارعون
  • لقطة تكشف ما كتبه روبيو لترامب بورقة قبل اتفاق غزة (شاهد)
  • اتفاق غزة التاريخي| انسحاب إسرائيلي وهدنة شاملة برعاية مصرية.. شرم الشيخ تعيد صوت السلام
  • كاتب: جهود المملكة أثمرت بتغيير موقف الرئيس الأمريكي ودفع نتنياهو للموافقة على خطة غزة
  • وثيقة تكشف محاور اتفاق إنهاء الحرب وتبادل الأسرى في القطاع
  • الرئيس الأمريكي: ربما يجب طرد إسبانيا من الناتو