بينما ظل كوكب المريخ لسنوات محور الاهتمام في البحث عن الحياة خارج الأرض، يبدو أن المنافس الحقيقي له قد ظهر أخيرًا، فقد أعلن علماء الفضاء أن قمر زحل الجليدي إنسيلادوس يمتلك جميع المقومات الضرورية لاحتضان أشكال من الحياة، بعد اكتشاف جزيئات عضوية جديدة ومعقدة تنبع من أعماق سطحه المتجمد.

الخبر الذي نُشر في ورقة علمية حديثة، يُعدّ من أكثر التطورات إثارة في أبحاث الفضاء خلال العقد الأخير، إذ يؤكد العلماء أن ما توصلوا إليه من بيانات حول الجزيئات العضوية المنبعثة من القمر يشير إلى وجود نظام بيئي كيميائي ديناميكي، يُشبه إلى حد كبير ما يُوجد في المحيطات الأرضية التي تزخر بالحياة.

وقال الدكتور يورن هيلبرت من وكالة الفضاء الأوروبية في تصريح لصحيفة الغارديان: “لدينا الآن جميع العناصر اللازمة لإنسيلادوس لإيواء الحياة”، وأضاف أن البيانات الجديدة توضح أن القمر لا يحتوي فقط على الماء، بل على تفاعلات كيميائية معقدة قد تمثل بيئة مثالية لنشوء الكائنات الحية الدقيقة.

ويُعتبر إنسيلادوس من أكثر الأجرام السماوية إثارة في المجموعة الشمسية، إذ يغلفه جليد ناصع البياض يخفي تحته محيطًا مالحًا يمتد على عمق نحو 30 ميلًا، يُعتقد أنه يغطي القمر بأكمله، وكانت مهمة كاسيني التابعة لوكالة ناسا قد كشفت منذ سنوات أن أعمدة ضخمة من بخار الماء والجليد تنفجر من قطب القمر الجنوبي إلى الفضاء، بارتفاع يصل إلى نحو 6000 ميل، ما جعل العلماء يدرسون مكوناتها عن قرب بحثًا عن أدلة للحياة.

وتُعدّ الدراسة الجديدة التي استندت إلى بيانات جمعتها كاسيني أثناء تحليقها المباشر قرب تلك الأعمدة أكثر دقة من التحاليل السابقة، التي كانت تعتمد على عينات غير مباشرة مأخوذة من حلقة زحل "هـ"، المكوّنة أساسًا من جزيئات ناتجة عن هذه النفثات الجليدية. الجديد هذه المرة هو أن الجسيمات التي تم تحليلها كانت "حديثة التكوّن"، أي لم تتعرض لتغييرات ناتجة عن الإشعاع أو العوامل الفضائية.

ويوضح الباحث الرئيسي في الدراسة الدكتور نذير خواجة من جامعة برلين الحرة أن هذه الحبيبات الجليدية لم يتجاوز عمرها دقائق قليلة عندما جُمعت بياناتها، ما يعني أن العلماء تمكنوا من تحليل عينات نقية ومباشرة من باطن القمر، وأضاف في حديثه لصحيفة الجارديان: "كلما زاد تعقيد المركبات العضوية، زادت إمكانية وجود بيئة صالحة للحياة، وإنسيلادوس يزداد تعقيدًا كل يوم".

وجاء في نص الدراسة المنشورة أن اكتشاف هذه المواد العضوية مباشرة في أعمدة الماء الجليدي "يستبعد أن تكون التجوية الفضائية هي السبب في تكوينها"، في إشارة إلى العمليات الإشعاعية التي قد تغيّر تركيب الجزيئات مع مرور الوقت، وأضاف الباحثون أن العينات كانت "طازجة وغير معدلة، ما يدل على أن هذه المركبات نجت من عبورها للمحيط الداخلي وصعودها عبر الأعمدة الجليدية إلى الفضاء".

هذا الاكتشاف يعزز فرضية أن قمر إنسيلادوس يمتلك بيئة نشطة تحت سطحه، تجمع بين الماء السائل والطاقة الكيميائية والعناصر العضوية، وهي المقومات الثلاثة التي يعتبرها العلماء ضرورية للحياة كما نعرفها، ومع أن الدراسة لا تقدم دليلاً قاطعًا على وجود كائنات حية فعلًا، إلا أنها ترفع من احتمالات أن يكون القمر أحد أكثر الأماكن في النظام الشمسي قابلية للحياة بعد الأرض.

ويعتقد العلماء أن محيط إنسيلادوس الداخلي قد يحتوي على تفاعلات كيميائية مماثلة لتلك التي تحدث قرب الفتحات الحرارية في أعماق محيطات الأرض، حيث تعيش كائنات ميكروبية في بيئات مظلمة وغنية بالكبريت والميثان، هذه الفرضية تعني أن الحياة قد تنشأ في أماكن بعيدة عن ضوء الشمس، إذا توافرت الظروف الكيميائية المناسبة.

وبينما يتأهب العلماء لإطلاق بعثات فضائية مستقبلية إلى إنسيلادوس، من بينها مقترح لمهمة أوروبية جديدة لاستكشاف محيطاته، يرى كثيرون أن هذا القمر الصغير قد يحمل إجابات كبرى حول أصل الحياة في الكون.

ومع هذا الكشف، يبدو أن المريخ لم يعد وحده في دائرة الضوء، فثمة عالم جليدي بعيد يدور حول زحل قد يكون الجار الجديد المحتمل للحياة خارج كوكبنا الأزرق.

المصدر: بوابة الوفد

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تمنع طفلا من رام الله من تلقي علاج منقذ للحياة

رفضت السلطات الإسرائيلية السماح لطفل يبلغ من العمر خمس سنوات، ويعاني من مرض السرطان، بالسفر من رام الله لتلقي علاج منقذ للحياة في مستشفى "تل هاشومير"، بحجة أن عنوانه مسجل في غزة .

وقد قدم التماس نيابة عن عائلة الطفل إلى محكمة المركزية في القدس ، مشيرين إلى أن القرار يشكل انتهاكا صارخا للقوانين الدولية والمحلية المتعلقة بحقوق الإنسان والرعاية الصحية.

وأفادت منظمة "غيشا-مسلك" في التماسها أن عائلة الطفل انتقلت إلى رام الله عام 2022 لتلقي العلاج الطبي، الذي أصبح غير فعال حاليا، ويحتاج الطفل بشكل عاجل إلى عملية زرع نخاع عظمي لا تتوفر في الضفة الغربية أو قطاع غزة.

وأوضح المحامون أوسنات ليفشيتس، وسيغي بن آري، ومحمد عوض من منظمة "غيشا-مسلك" أن قرار السلطات الإسرائيلية بمنع طفل يبلغ من العمر خمس سنوات من تلقي هذا العلاج المنقذ للحياة بسبب عنوان سكنه يشكل انتهاكا صارخا لالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني، وقانون حقوق الإنسان، بالإضافة إلى قواعد القانون الإسرائيلي.

وادعت الدولة في ردها للمحكمة أن الطفل يمكنه محاولة الانتقال إلى دولة ثالثة لتلقي العلاج عبر معبر اللنبي، أو اللجوء إلى المنظمات الدولية بموجب إجراءات الإجلاء الطبي لسكان غزة.

ويعد هذا القرار استثناء عن الحالات السابقة، حيث لم يعد الطفل يقيم في غزة، بل في رام الله منذ عام 2022 لتلقي العلاج الطبي الذي لم يعد فعالا، وهو الآن بحاجة عاجلة إلى عملية زرع نخاع عظمي غير متوفرة في الضفة الغربية أو غزة.

وأوضحت والدة الطفل أن حالة ابنها تتدهور باستمرار، وأنه في خطر الموت، مشيرة إلى أن والده توفي قبل عامين بالمرض نفسه، وأن الطفل لا يستطيع المشي ويعاني من ضعف شديد في جهازه المناعي، رغم تناول الأدوية لعلاج النوبات وضغط الدم.

وأكدت أن مستشفى تل هاشومير مستعد لاستقباله فور وصوله، وأن سياسة الدولة التي تسمح للمرضى بمغادرة غزة إلى دول ثالثة فقط لا تعفي إسرائيل من التزاماتها بتوفير الرعاية الطبية لسكان القطاع المدنيين، خاصة في ظل غياب بدائل للعلاج.

وقدمت خمس منظمات حقوقية الشهر الماضي التماسا إلى المحكمة العليا تطالب فيه إسرائيل باستئناف عملية إجلاء المرضى من قطاع غزة إلى مستشفيات الضفة الغربية والقدس الشرقية، وهي الإجراءات التي كانت متبعة قبل السابع من أكتوبر.

ومع ذلك، تبرز الحالة الحالية كاستثناء، حيث لم يعد الطفل المعني يقيم في غزة بل في رام الله، ما يجعل رفض إتمام علاجه في المستشفى المتخصص قضية إنسانية وحقوقية أكثر تعقيدا.

وأشار الالتماس إلى أن نحو 16,500 شخص في غزة، معظمهم من الأطفال وكبار السن والنساء، يواجهون خطر الموت بسبب انقطاع الرعاية الطبية، محملا إسرائيل مسؤولية حماية الأرواح ضمن القانون الإسرائيلي والدولي ومنع وقوع المزيد من الخسائر البشرية في القطاع.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين الإحصاء: ارتفاع عدد رخص البناء خلال الربع الثالث 2025 الاحتلال يقتحم حي الشيخ جراح بالقدس ويفرض مخالفات على المركبات وفاة رضيعة بخان يونس نتيجة البرد القارس الأكثر قراءة إسرائيل تحكم بالسّجن المؤبّد على الأسير هايل ضيف الله الرئاسة الفلسطينية ترحب بالبيان الختامي لمجلس دول التعاون الخليجي مدير الشفاء بغزة يحذر من نقص حاد في التجهيزات الطبية للجرحى مذكرة طلب اعتقال ضد أولمرت وليفني لارتكابهما جرائم حرب في غزة عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • سباق نحو ثروة السماء.. من يملك كنوز القمر في عصر التعدين الفضائي؟
  • الإمارات تعلن نجاح إطلاق القمر الاصطناعي العربي 813
  • الطمأنينة.. المعنى الحقيقي للحياة
  • اكتب اسمك على القمر.. ناسا تفتح التسجيل المجاني لمرافقة مهمة أرتميس II| إيه الحكاية؟
  • اتفاقية تمويل جديدة تعزز آمال إنعاش قطاع التعليم في اليمن
  • خالد حنفي: 500 مليار دولار حجم مشروعات إعادة الإعمار التي تستهدفها مبادرة عربية - يونانية جديدة
  • «محمد بن راشد للفضاء» يعلن نجاح سلسلة جديدة من الاختبارات على المستكشف راشد 2
  • إسرائيل تمنع طفلا من رام الله من تلقي علاج منقذ للحياة
  • بالفيديو.. ياسر مدخلي لـ"ياهلا بالعرفج": مسرح الخشبة هو الحياة الموازية التي نتمناها ونبحث عنها ونصلح فيها ما نعجز عن إصلاحه في الحياة!
  • معلومات جديدة… هذا ما كشف عن العظام التي عثر عليها في محيط بركة دير سريان