عربي21:
2025-12-15@05:14:15 GMT

خطوة أولى نحو السلام؟!

تاريخ النشر: 16th, October 2025 GMT

خلفت حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة في سجل التاريخ نحو ربع مليون أو 10% من سكانه ما بين شهيد وجريح، ودمار بلغ 90% من مبانيه، كما تم تفتيت المجتمع، ولم يتم مسح عائلات من السجل المدني فقط، بل نتج عن الحرب آلام نفسية، ثكلى وأيتام، ليس لها حدود. وتخلف دراسي لمدة عامين، أما على الجانب الإسرائيلي، فقد كانت بالطبع الخسائر البشرية أقل كثيرا، فلم يبلغ القتلى نحو ألفي قتيل، أي ما نسبته 3% من عدد الضحايا الفلسطينيين، ومقابل ما لحق غزة من دمار، لم يلحق بالجانب الإسرائيلي دمار يذكر، لكن إسرائيل خسرت على صعيد الهجرة المعاكسة، اكثر من سبعين ألفا، ومقابل التضامن العالمي وجملة الاعترافات الدولية الرسمية بدولة فلسطين، تعرضت إسرائيل لأسوأ مكانة في العالم.



وبالمقارنة مع حروب سابقة، فقد واجهت إسرائيل حربا طويلة الأمد، استمرت عاملين كاملين، بعد أن كانت تخوض حروبا خاطفة، بلغ أقصاها 80 يوما، في حرب 1982، كذلك خاضت الحرب على عدة جبهات وضد عدة دول، بلغ عددها، إضافة إلى فلسطين بالطبع خمس دول شرق أوسطية، هي لبنان، سورية، اليمن، إيران، وقطر، كما أن حربها هذه تعني أنها ما زالت تدور في حلقة مفرغة حول نفسها، بعد ثمانية عقود من إقامتها.

وهذا يؤكد ما ظهر في مؤتمر نيويورك وفي خطابات معظم رؤساء الدول، بأن جذر الأمر يعود إلى عدم تطبيق قرار التقسيم رقم 181 الصادر العام 47، والذي يظهر حاليا على صورة حل الدولتين، وعلى الصعيد السياسي أظهرت هذه الحرب أن إسرائيل بعد التغيرات الداخلية منذ أوسلو، والتي شهدت توغل اليمين ثم اليمين المتطرف، المستند إلى قوة المستوطنين، وبرنامج إسرائيل الكبرى، تسعى إلى إقامة تلك الدولة على حساب ثلاث دول عربية بالكامل، هي فلسطين، الأردن ولبنان، واربع دول عربية أخرى، بما لا يقل عن نصف مساحاتها وهي سورية، العراق، السعودية ومصر.

وهكذا تبين بأن إسرائيل تسعى عبر الحرب إلى فرض خريطة جديدة للشرق الأوسط، تسيطر عليه من خلال توسعها الجغرافي، وهيمنتها العسكرية، بعد تحطيم كل القوى المعادية، أو القوى التي ترى فيها منافسا عسكريا أو اقتصاديا.
بدأت تظهر نتائج الاحتجاج والتظاهر العالمي على شكل تغير في مواقف الدول
لذلك فإنه يمكن القول، إن العام الثاني للحرب، واجهت فيه إسرائيل رغم أنها خاضته بتحديات عسكرية أقل، بعد «تحييد» (حزب الله)، وإخراج جبهة العراق من دائرة الإسناد، وكذلك تحقيق الهدف في سورية بإسقاط نظام الأسد، وقطع الحبل السري البري بين إيران و»حزب الله»، لكنها واجهت تصاعدا متتاليا على الجبهة السياسية، فقد انخرطت كل من مصر وقطر، كل منهما بدوافعها الخاصة، في جبهة التفاوض، لا نقول بديلا عن الطرف الفلسطيني، ولكن كمساند له، كما بدأت تظهر نتائج الاحتجاج والتظاهر العالمي على شكل تغير في مواقف الدول، التي كانت قد تفهمت الرد الإسرائيلي في بداية الحرب.

ورغم أن العام الثاني للحرب قد شهد دخول دونالد ترامب البيت الأبيض، بما منح بنيامين نتنياهو الفرصة لصد الهجوم العالمي، إن كان في المحكمة الدولية أو في مجلس الأمن، إضافة بالطبع للدعم العسكري المتواصل، وإن كان قد ظهر بشكل متقطع، وصل ذروته في المشاركة بقصف إيران، بينما كان قبل ذلك قد وصل أدنى مستوى له بتوقيع اتفاق عدم الاشتباك مع الحوثي اليمني، لكنه اطلق يديه كاملتين في غزة، لأن ترامب يؤمن «بسلام القوة»، أي سحق العدو، وفرض شروطه عليه.

ولم يكتفِ بذلك، بل قدم كامل الانحياز والمشاركة في جبهة التفاوض، وظهر ذلك في مقترحات ستيف ويتكوف الإسرائيلية الجوهر، وفي نهاية الأمر، قام ترامب بمساعدة نتنياهو على مواصلة الحرب مدة تسعة اشهر إضافية، بعد أن كان العالم كله قد انقلب على إسرائيل، وبنتيجة ظهرت في إحدى صورها الفاضحة من خلال استخدام أميركا حق النقض (الفيتو) ست مرات لإحباط مشاريع قرارات لوقف الحرب.

وفي قراءة أولى لنتائج الحرب، يمكن ملاحظة أن إعداد اليمين الإسرائيلي لخطة قيام إسرائيل الكبرى، أي منذ 1996، العام الذي تولى فيه نتنياهو رئاسة الحكومة، بصلاحيات استثنائية ناجمة عن انتخابه كرئيس حكومة مباشرة من الناخبين، قد فشل.

وكان تنفيذ الخطة، قد بدأ بنصب «الفخ» لمشروع أوسلو بقيام الدولة الفلسطينية، انسجاما مع قرار التقسيم وحل الدولتين، وذلك من خلال فرض انتخابات العام 2006، وهو يرجح فوز «حماس»، ثم بتشجيعه على الانقسام بعد ذلك مباشرة، ومن ثم رعايته طوال تلك الأعوام، أي ما بين 2007 ــ 2023، وقد كان واضحا حتى وهو يحارب «حماس» بأنه يرفض عودة السلطة الفلسطينية لإدارة قطاع غزة، وكان تنفيذ برنامج اليمين المتطرف لقيام إسرائيل الكبرى، سيبدأ بتهجير سكان غزة لضمها، ومن ثم ضم الضفة الغربية، بعد تهجير معظم سكانها، حيث سيكون ذلك ممكنا بعد سابقة تهجير سكان غزة.

وبالطبع مع فرض إسرائيل حدودها على كامل ارض فلسطين التاريخية، مع إضافات في لبنان وسورية، والإبقاء على باب توسيع الحدود مفتوحا في ظل حرب إقليمية مع إيران لاحقا، سيكون اليمين اللاهوتي الإسرائيلي صار قريبا جدا، من تحقيق حلمه التاريخي الذي عبر عنه من يجلس رسميا في موقع القيادة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو حين قال، إنه في مهمة تاريخية دينية لإقامة إسرائيل الكبرى، وكان هو ورفاقه في ثلاثي اليمين الفاشي، أي أحزاب «الليكود»، و»العظمة اليهودية» و»الصهيونية الدينية»، قد استمدوا الجرأة مما قاله ترامب في سياق حملته الانتخابية من أن إسرائيل صغيرة جغرافيا، ثم استمد قوة إضافية لمواصلة حرب الإبادة الجماعية في غزة، بعد أن اجبر على صفقة كانون الثاني 2025، بإعلانه عن خطة تهجير سكان غزة لتحويلها إلى «بزنس» شخصي، أي إلى ريفييرا شرق أوسطية كما قال بالنص.

لكن نتائج الحرب ما زالت معلقة، وحتى أن الحرب نفسها يمكن أن تعود مجددا بعد تنفيذ المرحلة الأولى، كما حدث في صفقة كانون الثاني من العام الحالي، لهذا فقط، حرصت مصر على دعوة ترامب لحضور مراسم توقيع الصفقة، مع حضور عربي ودولي، لا يقتصر على الدول الثماني التي اتفق معها ترامب في الشهر الماضي على الخطة التي يستند لها الاتفاق الحالي، خشية ألا يلتزم نتنياهو إلا بصورة الخطة التي قام بتعديلها مع ترامب، وحتى في حال الالتزام بما هو موقع في القاهرة، فإن تنفيذ المراحل التالية بعد مرحلة تبادل المحتجزين بالأسرى ووقف إطلاق النار، وانسحاب للخط الأصفر، وهي مرحلة البحث في نزع السلاح، وفتح المعابر وإدارة القطاع، فضلا عن أنها ستأخذ وقتا، فإنها ستجري في ظل هبوط الهمة والعزيمة الحالية لكل الأطراف، والاهم أنها لا تنطوي على رغبة الطرفين، أي نتنياهو و»حماس» على التقدم، فـ»حماس» حققت الأهم بوقف الحرب، وبالتأكيد ستحاول تجنب ما امكن الخوض في نزع سلاحها وفقدانها نفوذها الذي كان يعتمد عليه، ليس في غزة فقط، بل وفي المنطقة كلها، أما نتنياهو فإن واقع ما بعد المرحلة الأولى يبقيه في محيط قطاع غزة، بل وعلى نسبة تقارب نصف مساحته، وهو بدأ التفكير في تقديم موعد الانتخابات ليصطاد فرصة أن يعاد انتخابه مجددا رئيسا للحكومة الإسرائيلية.

وبالنسبة لإسرائيل فإن متابعة مراحل التنفيذ تعني أنه مقابل نتيجة هزيلة تتمثل فيما تبقى من سلاح خفيف بيد «حماس» تبقي على سيطرتها وبالتالي على الانقسام، وفي ظل عدم إعمار، أي في ظل غزة تثقل كاهل «حماس» والسلطة، أي الخيارات افضل لها، على الأرجح ستفضل إسرائيل بأغلب أحزابها التوقف عند حدود تنفيذ المرحلة الأولى، وهي فعلت هذا دائما في السابق، هنا يمكن الحديث فقط عن قوة المواجهة الإقليمية، التي باتت واضحة للعيان بين إسرائيل من جهة، وكل من مصر والأردن جبهة أولى، والخليج وحتى لبنان وسورية كجبهة ثانية، على فرض مواصلة خطة ترامب، الذي تورط بدوره وقال، إن الخطة تفتح إلى إنهاء صراع تاريخي، ولن تقتصر على غزة، وعلى الأرجح هو يقصد أبراهام، لكن الغريب هو أن إسرائيل باتت اقل حماسا لأبراهام، لأنها لا تريد دفع الثمن، والثمن هو حل الدولتين، أي قيام دولة فلسطين.

وإذا كان حجر الأساس في السلام بالشرق الأوسط، وفق رؤية ترامب، هو توسيع أبراهام ليشمل السعودية ومعها دول شرق أوسطية عربية وإسلامية عديدة، منها اندونيسيا وباكستان، فإن السعودية تشترط قيام دولة فلسطين، ولم تعد تقول هذا كلاما فقط، بل إن رعايتها لمؤتمر نيويورك، مع خطة ماكرون لإصلاح السلطة وفق الاتفاق مع ترامب، فإن الأمور تسير إلى مزيد من فرض الإرادة الإقليمية الدولية على إسرائيل.

الأيام الفلسطينية

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه غزة الحرب حماس خطة ترامب حماس غزة الاحتلال الحرب خطة ترامب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إسرائیل الکبرى أن إسرائیل

إقرأ أيضاً:

فلسطين ترد على السفير الأميركي في إسرائيل: الاستيطان جميعه غير شرعي

شددت الرئاسة الفلسطينية، اليوم السبت، على أن الاستيطان الإسرائيلي جميعه غير شرعي، ومخالف لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي.

جاء ذلك في بيان الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، ردا على سفير الولايات المتحدة لدى تل أبيب مايك هاكابي، بشأن سماح إسرائيل بإنشاء 19 مستوطنة جديدة بالضفة الغربية.

وقال هاكابي، في تدوينة نشرها عبر منصة إكس، لا داعي لأي رد فعل تجاه سماح إسرائيل بإنشاء 19 مستوطنة، هذا ليس ضما ولا إعلانا للسيادة.

وأضاف هاكابي أن إسرائيل أصدرت 35 ترخيصا منذ تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب منصبه في 20 يناير/كانون الثاني 2024، جميعها في المنطقة ج (الفلسطينية الخاضعة للسيطرة الإدارية والأمنية الإسرائيلية) ولا يوجد أي منها في ولاية بنسلفانيا الأميركية ولا يعد ذلك انتهاكا للقانون، بحسب وصفه.

وردّاً على ذلك، قال أبو ردينة، إن الاستيطان جميعه غير شرعي، ومخالف لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، وفق البيان الذي نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).

وأضاف أن تصريحات السفير الأميركي المؤيدة للاستيطان مرفوضة ومدانة، وهي مخالفة للإجماع الدولي في القرار 2334 ضد الاستيطان.

وأردف أبو ردينة، أنه لا يوجد أحد مخوّل بإعطاء الشرعية للاحتلال وسياساته، مطالبا الإدارة الأميركية بضرورة الالتزام بالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية إذا كانت مهتمة بوقف العنف والتصعيد وتحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط.

وأكد أبو ردينة، أن الاعتراف بالحقوق الفلسطينية المشروعة الطريق الوحيدة لتحقيق السلام والأمن للجميع.

خطة سموتريتش

وصادق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينت)، مساء الخميس الماضي، على خطة قدمها وزير المالية بتسلئيل سموتريتش لترخيص 19 مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة، بحسب ما أفادت به القناة 14.

إعلان

ووصفت القناة، الخطوة بأنها "ثورة يقودها سموتريتش، وزلزال في عالم الاستيطان".

وأشارت إلى أنه من المقرر البدء بعملية تخطيط مسرّعة لتنفيذ القرار وفق توجيهات المستوى السياسي.

وتشير "حركة السلام الآن" الإسرائيلية إلى أن نحو 500 ألف مستوطن يقيمون حاليا في مستوطنات الضفة الغربية، إضافة إلى نحو 250 ألفا في مستوطنات مقامة على أراضي القدس الشرقية.

ويُنظر لخطوات إسرائيلية كهذه باعتبارها تمهيدا لمزيد من ضمّ الضفة الغربية، بما يقوّض إمكانية تنفيذ حل الدولتين الذي تنص عليه قرارات الأمم المتحدة.

وتؤكد الأمم المتحدة أن الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانوني، ويقوض إمكانية تنفيذ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية)، وتدعو منذ عقود إلى وقفه دون جدوى.

مقالات مشابهة

  • «القاهرة الإخبارية»: هجوم أوكراني عنيف على القرم يطال مصفاة النفط ومحطات الطاقة
  • اغتيال رائد سعد يضع إسرائيل بين ثلاثة خيارات صعبة
  • زيلينسكي: موقفنا التفاوضي قوي.. وهدفنا سلام عادل لأوكرانيا
  • خبيرة أمن إقليمي: ترامب يواجه مشكلة حقيقية مع إسرائيل الساعية لإضعاف خطة السلام
  • خبيرة: نتنياهو يتجاهل خطة السلام .. وجود قوة دولية يردع انتهاكات إسرائيل
  • خبيرة أمن إقليمي : نتنياهو يتجاهل خطة السلام.. وجود قوة دولية يردع انتهاكات اسرائيل
  • مبعوث ترامب يزور إسرائيل لبحث المرحلة الثانية من خطة إنهاء الحرب في غزة
  • فلسطين ترد على السفير الأميركي في إسرائيل: الاستيطان جميعه غير شرعي
  • السيسي سيلتقي ترامب لبحث تعديل معاهدة السلام مع إسرائيل وطلب تدخل عاجل لحل الخلاف مع إثيوبيا
  • وزير الإعلام المصري الأسبق لـعربي21: الكاميرا يجب أن ترافق البندقية.. والبعض خان فلسطين (شاهد)