الثورة نت:
2025-10-16@02:49:44 GMT

ثورة 14 أكتوبر.. وإسقاط مشروع الجنوب العربي

تاريخ النشر: 15th, October 2025 GMT

 

 

لم تكن ثورة الرابع عشر من أكتوبر عام 1963م حدثًا عابرًا في تاريخ اليمن، بل كانت واحدة من أعظم محطات النضال الوطني في وجه الاستعمار البريطاني الذي جثم على صدر جنوب اليمن أكثر من 129 عامًا، محاولًا بكل وسائله السياسية والعسكرية والثقافية أن يطمس هوية الشعب اليمني، ويفصل جنوبه عن شماله، ويؤسس كيانًا مصطنعًا يخدم مصالحه الاستراتيجية في المنطقة.


قبل اندلاع الثورة، سعت بريطانيا إلى تأسيس كيان بديل عن وجودها المباشر في الجنوب عبر ما سُمّي بـ اتحاد الجنوب العربي، وهو مشروع سياسي استعماري أُعلن عنه عام 1959م، وضمّ مشيخات وسلطنات جنوبية صغيرة كانت تخضع للحماية البريطانية.
الهدف الحقيقي من هذا الاتحاد لم يكن توحيد الجنوب كما رُوِّج، بل نزع الهوية اليمنية من الجزء الجنوبي من اليمن، وكذلك إقامة دويلة تابعة لبريطانيا تُدار من خلف الستار، تكون حاجزًا جغرافيًا وسياسيًا بين اليمن الموحّد وبين البحر العربي والمحيط الهندي، وتضمن استمرار النفوذ البريطاني في عدن بعد خروجها الشكلي من البلاد.
لقد أرادت بريطانيا أن تصنع دولةً وظيفية على غرار ما فعلته في أماكن أخرى من العالم، مثل دويلات الخليج العربي، لتكون دولة لا تمتلك قرارها، وتخدم المصالح الغربية في باب المندب وخليج عدن، وتحول دون وحدة اليمن ونهضته.
لكن وعي الشعب اليمني وإصراره على الحرية أفشلا تلك المخططات، فانطلقت ثورة 14 أكتوبر 1963م من جبال ردفان بقيادة راجح بن غالب لبوزة ورفاقه الأحرار، لتعلن بدء مرحلة الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني.
توسعت رقعة الثورة حتى شملت مختلف مناطق الجنوب، وانتصرت إرادة الشعب في 30 نوفمبر 1967م بطرد آخر جندي بريطاني من عدن، وإسقاط مشروع الجنوب العربي إلى غير رجعة، وإعلان جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية كدولة وطنية مستقلة نابعة من إرادة شعبها، لا من إرادة المستعمر، ثم عُدِّل اسمها إلى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، حتى قيام الوحدة اليمنية بين شطري اليمن في 22 مايو 1990م، وإعلان قيام الجمهورية اليمنية.
لقد كان إسقاط مشروع “الجنوب العربي” انتصارًا للهوية اليمنية، ولحلم الوحدة، ولإرادة الاستقلال الكامل عن التبعية والهيمنة الأجنبية.
وبعد أكثر من نصف قرن على طرد الاستعمار، تعود بعض الأصوات — ممثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي — لتتبنّى مشروع بريطانيا وحلمها القديم “الجنوب العربي”، وإن اختلفت أدواته وشعاراته.
فالمجلس الانتقالي الذي نشأ بدعم وتمويل إماراتي يسعى لتكريس واقع الانقسام، وإعادة رسم حدود ما قبل الوحدة، تحت مبررات سياسية ومناطقية، متجاهلًا أن الانفصال لا يخدم إلا أجندات خارجية، وأنه يعيد إنتاج الاستعمار في صورة “الوصاية الحديثة” عبر القوى الإقليمية والدولية.
اللافت أن القوى التي تدعم هذا المشروع هي ذات القوى التي تُمكّن النفوذ الأجنبي في الموانئ والجزر والممرات المائية، تمامًا، كما كانت تفعل بريطانيا في الماضي، مما يجعل المشروع الانفصالي امتدادًا موضوعيًا لمشروع الاحتلال القديم.
إن التاريخ يقول إن مشروع تقسيم اليمن لا يمكن أن يعيش، لأن جذور الوحدة متأصلة في الأرض والإنسان والتاريخ.
لقد حاول الاستعمار البريطاني نزع الهوية اليمنية عن الجنوب وفصله عن الشمال، وفشل. واليوم تحاول قوى جديدة إعادة المحاولة، وستفشل أيضًا، لأن الشعب اليمني الذي أسقط اتحاد الجنوب العربي، قادر على إسقاط أي مشروع مماثل مهما تغيّر شكله أو مسمّاه.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

ثورة أكتوبر في زمن الاحتلال

 

 

يحتفل أحرار اليمن بالذكرى الـ62 لثورةِ الـ14 من أُكتوبر المجيدة هذا العام بطريقة مختلفة، فذكرى أُكتوبر لم تعد اليوم مُجَـرّد ذكرى عابرةٍ في ظل عودة الاحتلال والتقاء مصالح قوى الاستكبار العالمي في اليمن، بل هي محطة سنوية مهمة لاستلهام الدروس العظيمة التي سطرها أبطال ثورة 14 أُكتوبر.
ولثورة 14 أُكتوبر العديد من الدلالات المهمة؛ فهي تعودُ اليومَ وقوى الغزو والاحتلال تتقاسَـــمُ المحافظات الجنوبية وتنفّذ أجندتها وتنهبُ ثرواتها وتدمّـر مقدراتِها.
فالاحتفاء بثورة تغلّب فيها الشعب اليمنيّ على أعتى مستعمر أجنبي بأسلحة بدائية وإرادَة وطنية صُلبة، لا يكون إلّا بالسير على خطى الشهيد غالب بن راجح لبوزة ورفاقه من أبطال ومناضلي ثورة 14 أُكتوبر الذين انتصروا لوطنهم وأمتهم، وطردوا المستعمر البغيض بعد 129 عامًا من الاحتلال.
فاليمنيون كافّة بحاجة اليوم إلى التوحد والالتحام بالقيادة الثورية التحرّرية التي تحمل مشروع كرامة واستقلال وتسعى لتحرير كُـلّ شبرٍ في هذا الوطن من دنس الاحتلال، ولن يكون ذلك بالالتفاف وراء قيادات اصطنعها الاحتلال الإماراتي والسعوديّ ولا تملك حقًّا في اتِّخاذ القرار أَو الاعتراض على أي إجراءات وقرارات صادرة عن قوى الاحتلال، وُجدت لتطويعِ الجنوب وإخضاعِ أبنائه للمحتلّ العربي الأمريكي المتصهين الجديد، كما أوجد المحتلُّ البريطاني خلال السنوات الأولى لاستعماره الجنوب مشيخاتٍ وسلاطينٍ ومليشياتٍ بعد فشله في اختراق المجتمع الجنوبي وفرض إرادته عليه.
فالمحتلّ الجديد يمضي على خطى الاستعمار البريطاني منذ أكثر من عشر سنوات، ولعل المتتبع لتحَرّكات الإمارات في المحافظات الجنوبية سيجد مشروعها يتشابه مع مشروع الاستعمار البريطاني الذي يهدف إلى ضرب وحدة الصف الاجتماعي وخلق المزيد من الصراعات الداخلية الرامية إلى تفكيك المجتمع من الداخل ليسهل السيطرة عليه وإخضاعه لسيطرة الاحتلال.
فعلى مدى السنوات الماضية، اصطنعت قوى الاحتلال الجديد كياناتٍ محليةً مساندةً لها وأنشأت مليشياتٍ متعددةَ المهام؛ البعض منها مليشيات سلفية عقائدية متطرفة، وأُخرى مليشيات ذات توجّـه وفكر يساري متطرِّف، ومليشياتٌ أُخرى ذات ارتباط وثيقٍ بالمجتمع القبلي بحكم النشأة والثقافة كالنُّخَب المتعددة المسميات.
والملاحظ لتركيبة المليشيات الموالية للإمارات، سيجدها أنشئت على أَسَاس عُنصريّ وعقائديّ متطرّف، ولم يتم إنشاؤها على أُسُسٍ وطنية؛ لأن الاحتلالَ لا يصنعُ سوى العملاء.
اليوم، وبعدَ أكثرَ من عشر سنوات من الاحتلال في المحافظات الجنوبية، تتصاعد مظاهر الانفلات الأمني وعمت الفوضى، وتدهورت الخدمات بمختلف قطاعاتها، وتدهورت الأوضاع المعيشية وتفاقم المِلف الإنساني، وارتفعت أسعار الغذاء والدواء وتراجعت قيمة العملة الوطنية.
والمتتبعُ لخطوات الاحتلال في الجنوب، سيجدها تآمُريةً وتدميريةً تستهدف الأرض والإنسان والاستقرار والسكينة العامة.
ولذلك، فإنَّ الحلَّ الممكنَ مع قوى الاحتلال الجديد أن يمضي أحرار الجنوب على نهج وخطى أبطال ثورة 14 من أُكتوبر في توحيد الصفِّ الاجتماعي وإزالة التباينات والخلافات الناتجة عن الاحتلال، والتوحد في صف المواجهة الشعبيّة الجنوبية لمواجهة الاحتلال الجديد وإسقاط كافة مشاريع ومؤامرات الاحتلال الإماراتي والسعوديّ في المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلّة.

مقالات مشابهة

  • المحضار: ثورة 14 أكتوبر رمز الوحدة اليمنية ونضال الشعب ضد الاحتلال
  • المحضار: ثورة 14 أكتوبر جسّدت واحدية الثورة اليمنية وآمال الشعب في الوحدة والحرية
  • طارق صالح: أبطال ثورة أكتوبر ألهموا اليمنيين طريق الحرية
  • ثورة 14 أكتوبر   .. شرعية شعب انتصرت على امبراطورية
  • محافظ شبوة: ثورة الـ14 من أكتوبر قضت على آمال المحتل البريطاني في إيجاد موطئ قدم له في البحر العربي
  • ثورة أكتوبر في زمن الاحتلال
  • محافظ أبين: ثورة 14 أكتوبر حدث استثنائي غير مجرى التاريخ في جنوب اليمن
  • محافظ شبوة: ثورة 14 أكتوبر قضت على آمال المحتل البريطاني في إيجاد موطئ قدم له في البحر العربي
  • الزُبيدي من الضالع: الجنوب رأس حربة في مواجهة مشروع إيران في اليمن والمنطقة