باحثون يبتكرون بطارية تحاكي جسم الإنسان في إنتاج الطاقة
تاريخ النشر: 18th, October 2025 GMT
يستعين الباحثون بعلم الأحياء لإعادة لتفكير في طرق تخزين الطاقة، ساعين إلى تطوير بدائل آمنة وفعالة واقتصادية للبطاريات التقليدية القائمة على أيونات الليثيوم.
وفي دراسة حديثة، طوّر فريق بقيادة جونغ هوا شون بطارية خلوية تدفقية تعتمد على فيتامين B2 (الريبوفلافين) والغلوكوز (نوع من السكريات البسيطة)، مستوحاة من الطريقة التي يولد بها الجسم الطاقة من الطعام، حيث يعمل الريبوفلافين كوسيط لنقل الإلكترونات بين الأقطاب، بينما يوفر الغلوكوز مصدر الطاقة الطبيعي.
وصرح شون قائلا: يمكن لخلايا تدفق الريبوفلافين والغلوكوز توليد الكهرباء من مصادر طبيعية. وباستخدام مكونات غير سامة ومتاحة طبيعيا، يوفر هذا النظام مسارا واعدا نحو تخزين الطاقة المنزلية بأمان وبأسعار معقولة".
طريقة عمل البطاريةتخزن بطاريات خلايا التدفق الطاقة في إلكتروليتات سائلة تدور بين الأقطاب الكهربائية. وعندما تنتقل الإلكتروليتات بين القطبين الموجب والسالب، تحدث تفاعلات كيميائية تطلق أو تخزن الطاقة.
واستخدم الباحثون الغلوكوز كمصدر للطاقة لكونه متجددا ومستقرا ويتوافر بكثرة، واستبدلوا المعادن المكلفة مثل البلاتين والذهب بالريبوفلافين، لأنه يمكنه أداء الوظيفة نفسها في البطارية بثبات حتى في الظروف القاسية للبطارية، ما يجعل النظام أرخص وأكثر أمانا وأسهل في التصنيع.
صمم الفريق نموذجا أوليا باستخدام أقطاب كربونية، حيث احتوى القطب السالب على الغلوكوز والريبوفلافين النشط، بينما استخدم القطب الموجب إما فيرو سيانيد البوتاسيوم أو الأكسجين. (فيرو سيانيد البوتاسيوم: مركب كيميائي يحتوي على الحديد والبوتاسيوم، ويُستخدم في بعض البطاريات لتسهيل انتقال الإلكترونات وإنتاج الكهرباء، وهو آمن نسبيا عند الاستخدام الطبيعي).
وأظهرت التجارب أن خلية فيرو سيانيد البوتاسيوم حققت كثافة طاقة مماثلة لبطاريات تدفق الفاناديوم التجارية عند درجة حرارة الغرفة، ما يشير إلى قدرة الريبوفلافين على المنافسة مع الأنظمة القائمة على المعادن. (تستخدم بطاريات تدفق الفاناديوم "محاليل سائلة تحتوي على معدن الفاناديوم لتخزين الطاقة"، يمكن إعادة شحنها مرات كثيرة، وهي آمنة ومستقرة، لكنها أكبر وأغلى من بطاريات الليثيوم التقليدية).
أما النسخة القائمة على الأكسجين، فكانت أبطأ في التفاعل لكنها قدمت مسارا أكثر فعالية من حيث التكلفة للإنتاج على نطاق واسع، رغم أن التعرض للضوء قد يؤدي إلى تحلل الريبوفلافين وحدوث تفريغ ذاتي.
يخطط الباحثون لمعالجة حساسية الضوء عبر تعديل تفاعل الريبوفلافين مع الإلكتروليت وتحسين تصميم خلية التدفق.
وقد تمثل هذه التقنية خطوة مهمة نحو تخزين الطاقة المستدامة، إذ يمكن أن توفر بديلا صديقا للبيئة لتشغيل المنازل أو الأجهزة الصغيرة دون الاعتماد على المعادن السامة أو سلاسل التوريد المعقدة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: علم الأحياء تخزين الطاقة أيونات الليثيوم فيتامين B2
إقرأ أيضاً:
علماء يبتكرون فانوسا مغناطيسيا يبدو كائنا نابضا بالحياة
في قفزة جديدة عند حدود الهندسة الحيوية والمواد الذكية، نجح باحثون من جامعة ولاية نورث كارولينا في ابتكار هيكل بوليمري قادر على تغيير شكله بسرعة واستقلالية، وكأنه كائن نابض بالحياة.
البوليمرات هي جزيئات ضخمة تتكون من وحدات صغيرة متكررة، ترتبط معا لتشكل سلاسل طويلة تمنح المادة خواصها الفريدة. وهي الأساس الذي بُني عليه عالم المواد الحديثة، إذ تشمل البلاستيك والمطاط والألياف الصناعية، إلى جانب البوليمرات الطبيعية مثل السليلوز في النباتات، والبروتينات، والحمض النووي في الكائنات الحية.
تمتاز هذه المواد بقدرتها على الجمع بين الخفّة والمرونة والمتانة، كما يمكن تعديل تركيبها الكيميائي لتناسب استخدامات متنوعة في الطب والهندسة والطاقة.
أطلق العلماء اسم "الفانوس المغناطيسي" على هذا الهيكل، وهو مستوحى من الفانوس الصيني التقليدي، لكنه يتحول بين أشكال مختلفة، من كرة إلى كيان دوّار، بلمسة ضغط أو بمجرد تعريضه لمجال مغناطيسي.
هذا الابتكار الذي نُشر مؤخرًا في دورية "نيتشر ماتيريالز" قد يفتح الباب أمام جيل جديد من المواد المورفولوجية القابلة للبرمجة، والتي يمكنها أداء وظائف معقدة دون محركات أو أنظمة إلكترونية.
صفيحة بوليمريةبدأ المشروع بصفيحة بوليمرية رقيقة قطعت على شكل معين يشبه الماسة، ثم شرحت في المنتصف بخطوط متوازية دقيقة، لتكون شرائط مرنة متصلة بشريطين صلبين من الأعلى والأسفل. وعند ربط أطراف هذين الشريطين، ينغلق الشكل تلقائيا في هيئة فانوس ثلاثي الأبعاد يشبه الزخارف الصينية القديمة.
لكن المفاجأة أن هذا الفانوس ثنائي الاستقرار، أي يمكنه البقاء في وضعين مستقرين من تلقاء نفسه.
ويقول الدكتور جيه يين، أستاذ الهندسة الميكانيكية والفضائية والمشرف على الدراسة في تصريح حصلت الجزيرة نت على نسخة منه: "إذا ضغطت على الفانوس من الأعلى، سيتحول ببطء حتى يصل إلى نقطة فجائية ينقلب عندها إلى شكل يشبه "البلبل الدوّار".
إعلانويضيف: "وعندما ترفعه مرة أخرى، يحرر الطاقة التي خزنها أثناء الضغط ويعود إلى شكله الأصلي بسرعة هائلة". هذه الخاصية الميكانيكية تجعل الفانوس أشبه بنابض ذكي يخزن الطاقة المرنة ويطلقها بحركة دقيقة وقابلة للتكرار.
لم يتوقف الفريق عند الشكلين الأساسيين، فعبر دمج الضغط مع الالتواء، أو ثني الشرائح العليا والسفلى بطرق مختلفة، تمكن الباحثون من توليد أكثر من 12 شكلا ثلاثي الأبعاد.
بعض هذه الأشكال يمتلك 4 حالات مستقرة يمكن التبديل بينها حسب اتجاه الضغط أو درجة الالتواء، ما يجعل الهيكل أشبه بنظام حيّ متكامل يمكنه "اختيار" شكل استجابته.
ولتحويل التصميم إلى نظام متفاعل بالكامل، أضاف الفريق طبقة مغناطيسية دقيقة إلى قاعدة الفانوس. بهذا أصبح بالإمكان تحريك الشكل وتغييره عن بُعد باستخدام مجال مغناطيسي خارجي.
أظهر الباحثون في التجارب أن هذه الخاصية يمكن أن تخدم عدة تطبيقات مبتكرة، مثل ممسك مغناطيسي مرن يلتقط الأشياء، ومرشح مياه ذكي يُفتح ويُغلق تحت الماء لتنظيم التدفق، وآلية تمدد ذاتي يمكنها فتح أنبوب أو قناة مسدودة عند الحاجة.
يهدف العلماء كذلك إلى تجميع وحدات متعددة لتشكيل شبكات هندسية ثنائية وثلاثية الأبعاد، يمكن استخدامها في الروبوتات اللينة، أو في هياكل قابلة للطيّ والانفتاح ذاتيا في الفضاء والطائرات، أو حتى في الأجهزة الطبية الدقيقة التي تحتاج إلى التمدد والانكماش داخل الجسم.