قال الكاتب الإسرائيلي البارز بن درور يميني في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت إن الإدارة الأميركية نجحت بفرض إملاءاتها على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في إدارة الحرب على غزة، مؤكدا أن القرارات المصيرية في الأسابيع الأخيرة لم تُتخذ في القدس، بل في واشنطن، وأن إسرائيل تحولت فعليا إلى "جمهورية موز" خاضعة لإرادة البيت الأبيض.

انهيار الشروط الإسرائيلية

وقال يميني إن ما جرى خلال الأسابيع الماضية -وعلى رأسه وقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى- لم يكن ليحدث من دون الضغط الأميركي المباشر، بل نتيجة "تدخّل قسري وإملاء واضح" من الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صحيفة أميركية: سباق عالمي لتطوير تقنيات جديدة لمواجهة المسيّراتlist 2 of 2باحث بريطاني: لهذه الأسباب فشلت إسرائيل في هزيمة حماسend of list

وأوضح أن المبعوثين الأميركيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر حضرا شخصيا اجتماع الحكومة الإسرائيلية للإشراف على اتخاذ القرارات وضمان ألا تحدث "مفاجآت"، مشيرا إلى أن أغلبية الإسرائيليين أيدوا هذه الخطوات، لكن ذلك لا يغير حقيقة أن القرارات الحاسمة لم تُصنع في إسرائيل.

وفي سبيل تأكيد رأيه، ذكّر الكاتب بأن مكتب رئيس الحكومة كان قد أعلن في 14 أغسطس/آب الماضي 5 مبادئ أساسية لإنهاء الحرب تمثلت في:

نزع سلاح حركة حماس بالكامل. استعادة جميع الأسرى، أحياء وأمواتا. نزع سلاح قطاع غزة وضمان عدم تهريب السلاح إليه. فرض سيطرة أمنية إسرائيلية كاملة على القطاع. إقامة إدارة مدنية بديلة بدون مشاركة حماس ولا السلطة الفلسطينية.

لكن -بحسب يميني- لم يتحقق كثير من هذه الشروط حتى الآن، فلم تُنزع أسلحة حماس، ولم ينفذ وعد السيطرة الأمنية، كما بات من الواضح أن السلطة الفلسطينية ستكون شريكا في إدارة القطاع، وهو ما كان نتنياهو يرفضه تماما.

اضطرار تحت وطأة الإملاءات

ويرى الكاتب أن نتنياهو لم يكن ينوي التراجع عن الشروط التي أعلنها بنفسه، لكنه اضطر إلى ذلك تحت وطأة الإملاءات الأميركية.

وقال إن الشروط التي حددها رئيس الحكومة لو تمسك بها كانت ستعني استمرار الحرب لأشهر طويلة وسقوط مئات القتلى من الجنود، وربما مقتل جميع الأسرى.

إعلان

لكن نتنياهو ورغم اقتناعه بضرورة "حرب بلا نهاية" اضطر إلى توقيع اتفاق وقف النار الذي يتضمن في بنده الـ19 اعترافا بحق الفلسطينيين في تقرير المصير وإقامة دولة مستقلة.

ويضيف يميني أن هذا التراجع لم يكن تعبيرا عن قناعة، بل نتيجة ضغط مباشر من واشنطن التي "أوقفت نتنياهو وأجبرته على الطاعة"، على حد وصفه.

ويشير إلى أن ويتكوف وكوشنر قالا في مقابلة مع برنامج "60 دقيقة" الأميركي إنهما شعرا بعد الهجوم في الدوحة بأنهما "خُدعا"، وأن "الإسرائيليين يفقدون السيطرة"، لكن الكاتب يرد بأن المشكلة ليست في "الإسرائيليين"، بل في نتنياهو تحديدا "الذي فقد السيطرة وسلمها للأميركيين".

سابقة خطيرة

ويقر الكاتب بأن الإكراه الأميركي قد يكون نافعا على المدى القصير لأنه يتماشى مع توصيات القيادة الأمنية ومع رغبات أغلبية الجمهور الإسرائيلي، لكنه يحذر في المقابل من أن هذا النهج يكرس سابقة خطيرة، إذ يجعل إسرائيل رهينة لضغوط خارجية قد تتعارض لاحقا مع مصالحها القومية.

وأوضح يميني أن التسوية المفروضة أدت إلى تعزيز مكانة قطر وتركيا اللتين تشتركان مع واشنطن في مصالح اقتصادية وأمنية واسعة، لكنه وصفهما بأنهما "دولتا الإخوان المسلمين".

وأشار إلى أن قطر ما زالت تستثمر أموالا طائلة في حملات تشويه إسرائيل داخل الجامعات الأميركية وفي مشاريع دعائية وصلت حتى إلى مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلي نفسه.

وأضاف أن هذه التطورات قد تؤدي إلى سابقة تجبر فيها الولايات المتحدة إسرائيل على خطوات لا تصب في مصلحتها مستقبلا.

جمهورية موز

ويرى الكاتب أن جوهر المشكلة لا يكمن في وجود ضغوط من الولايات المتحدة أو من دول صديقة، بل في خضوع نتنياهو الكامل لهذه الضغوط وتغليبه مصالحه السياسية على المصالح الوطنية.

وقال إن رئيس الحكومة خلق "تناقضا كاملا بين الشروط التي أعلنها لإنهاء الحرب وبين ما جرى فعلا"، مشددا على أن "الانصياع التام للإكراه الأميركي جعل إسرائيل تبدو كجمهورية موز".

ويخلص يميني إلى أن نتنياهو فشل في أن يتصرف من منطلق المصلحة الوطنية الخالصة، وأنه بقبوله الإملاءات الخارجية أسس سابقة قد تعيد إنتاج حالة الخضوع نفسها في المستقبل حتى عندما تكون نتائجها كارثية على إسرائيل.

ويختم بأن الرئيس الأميركي ترامب ظهر في اللحظة الأخيرة كـ"طوق نجاة" لنتنياهو، لكن "جوهر الأزمة ما زال قائما"، فـ"من جعل إسرائيل جمهورية موز حين كان ذلك في مصلحتها فتح الباب لأن تعامل كجمهورية موز حتى عندما يكون ذلك ضد مصلحتها".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات رئیس الحکومة جمهوریة موز إلى أن

إقرأ أيضاً:

باحث سياسي: نتنياهو يدرك ضعف موقفه الانتخابي ويسعى لإبقاء إسرائيل في حالة حرب

أكد جهاد حرب  مدير مركز ثبات للبحوث، أن الاتهامات التي يواجهها بنيامين نتنياهو قد تزيد من الضغوط الداخلية ضده، لكنها لا تتضمن اعترافًا بالذنب، كما يظهر في الطلب الذي قدمه، والذي يرافقه رفض صريح للاعتزال السياسي.

نتنياهو يماطل وواشنطن تصمت .. هل بدأت مرحلة تكريس حدود جديدة داخل غزة؟|خبير يجيبواشنطن تمنح نتنياهو مساحة للمماطلة.. ملامح المرحلة المقبلة في خطة ترامب للمنطقةخبير إسرائيلي يكشف: ترامب قادر على إجبار «نتنياهو» على التهدئة في الشرق الأوسط |فيديوضياء رشوان: حكومة نتنياهو ترى المرحلة الثانية من اتفاق غزة كلها خسائر

وأوضح، خلال مداخلة على قناة القاهرة الإخبارية، أن هذا الموقف يثير غضبًا واسعًا لدى سياسيين وشرائح داخل المجتمع لدى دولة الاحتلال الإسرائيلي، في ظل نقاش قانوني تُجريه الرئاسة الإسرائيلية والدوائر الفنية حول طلب العفو.

وأشار حرب إلى أن الإجراءات القانونية الجارية، سواء المحاكمة أو الحديث عن العفو، لا يتوقع أن تؤثر على قرارات نتنياهو أو قدرته على إدارة الحكومة، نظرًا لامتلاكه ائتلافًا حكوميًا قويًا يضم 68 مقعدًا في الكنيست، موضحًا، أنّ هذا الائتلاف يمكّنه من تمرير ما يشاء من تشريعات واتخاذ قرارات على مستوى السياسات العامة.

وأوضح حرب أن نتنياهو يدرك ضعفه الانتخابي حال إجراء انتخابات جديدة، وفق ما تظهره استطلاعات الرأي التي لا تمنحه فرصة حصول على أغلبية مريحة داخل الكنيست، لذلك يسعى إلى تحقيق هدفين رئيسيين: الحفاظ على تماسك الائتلاف الحكومي رغم تناقضاته، والإبقاء على دولة الاحتلال الإسرائيلي في حالة حرب، سواء في غزة أو لبنان أو سوريا أو حتى مع إيران.

واختتم جهاد حرب أن نتنياهو يتبع سياسة الهروب إلى الأمام من أجل الحفاظ على بقائه في الحكم، رغم تراجع مكانته الشعبية، مؤكدًا أن أي انتخابات قادمة قد تشهد تضررًا أكبر في موقعه السياسي داخل دولة الاحتلال.

طباعة شارك غزة قطاع غزة نتنياهو الاحتلال فلسطين

مقالات مشابهة

  • رئيس جمهورية اليمن الأسبق يكشف تفاصيل مشروع فندق عدن وخيارات التطوير الاقتصادي في الجنوب
  • نتنياهو يحذر الحريديم من إسقاط الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة.. سيكون خطأ
  • القيادة تهنئ رئيس جمهورية كينيا بذكرى استقلال بلاده
  • تقرير إسرائيلي: نتنياهو يخطط لزيارة القاهرة ولقاء السيسي
  • رسالة غير مسبوقة من نتنياهو إلى إسرائيل
  • معاريف تفضح نتنياهو.. رئيس حكومة الاحتلال يتعمد إفشال خطة ترامب للسلام في غزة
  • رجل أعمال إسرائيلي يهدد بكشف أسرار خطيرة إذا مُنح نتنياهو عفوا
  • إعلام إسرائيلي نقلا عن مسؤول: لقاء نتنياهو وترامب المرتقب سيحدد موقف إسرائيل من التصعيد في لبنان
  • خبير استراتيجي: “نتنياهو” يحاول إبقاء إسرائيل في حالة حرب
  • باحث سياسي: نتنياهو يدرك ضعف موقفه الانتخابي ويسعى لإبقاء إسرائيل في حالة حرب