أفراس النهر عاشت في قلب أوروبا قبل 40 ألف عام

أفراس النهر .. تكشف دراسة علمية حديثة عن مفاجأة كبيرة في تاريخ الحياة البرية بأوروبا، إذ أثبتت الحفريات أن أفراس النهر عاشت في وسط القارة حتى قبل نحو 40 ألف عام، أي بعد عشرات الآلاف من السنين مما كان يعتقده العلماء سابقًا.

كان الاعتقاد السائد أن أفراس النهر الشائعة، المعروفة علميًا باسم Hippopotamus amphibius، اختفت من أوروبا الوسطى مع بداية العصر الجليدي قبل نحو 115 ألف عام.

 

وأظهرت نتائج جديدة نُشرت في مجلة Current Biology أن هذه الكائنات الضخمة واصلت الوجود في وادي نهر الراين العلوي بجنوب غرب ألمانيا خلال فترة تراوحت بين 47 ألفًا و31 ألف عام مضت، وهي فترة يُفترض أنها كانت شديدة البرودة على كائنات محبة للحرارة كهذه.

أرشيف مناخي في أعماق الأرض

تكشف الحفريات المكتشفة في رواسب الحصى والرمل بنهر الراين عن أن المنطقة لم تكن متجمدة بالكامل كما تصور العلماء. 

ويصف الباحث ويلفريد روزندال، قائد الفريق الألماني، هذه الاكتشافات بأنها “دليل حيّ على أن العصر الجليدي لم يكن متجانسًا في كل مكان، بل كان أشبه بلوحة فسيفساء مناخية تتباين فيها الظروف من منطقة إلى أخرى”. وتُعد هذه الرواسب، بحسب العلماء، أرشيفًا طبيعيًا فريدًا للمناخ القاري في أوروبا.

جينات تكشف القرابة مع أفراس النهر الإفريقية

يواصل العلماء تحليل الحفريات عبر تقنيات تسلسل الجينوم، وقد أظهرت النتائج أن أفراس النهر الأوروبية في تلك الحقبة تنتمي إلى النوع نفسه الذي يعيش اليوم في إفريقيا جنوب الصحراء.

وكشفت البيانات الجينية عن انخفاض كبير في التنوع الوراثي، ما يشير إلى أن هذه الحيوانات عاشت ضمن مجموعات صغيرة ومعزولة جغرافيًا، وهو ما يجعلها عرضة أكبر للانقراض عند تغيّر المناخ.

التعايش مع الماموث ووحيد القرن الصوفي

تُظهر الأدلة أن أفراس النهر تقاسمت بيئتها مع حيوانات تكيفت مع البرودة مثل الماموث ووحيد القرن الصوفي، في مشهد يبدو غير متوقع لمحبّي الطبيعة. ومع ذلك، أدى التبريد العالمي الذي صاحب أواخر العصر الجليدي إلى تراجع بيئاتها المائية واندثارها نهائيًا من أوروبا الغربية والوسطى.

دعوة لإعادة النظر في التاريخ البيئي

يدعو الباحثون الآن إلى توسيع نطاق الدراسات لتشمل كائنات أخرى محبة للحرارة كانت موجودة في أوروبا خلال تلك الحقبة. ويؤكد الدكتور روزندال أن فهم كيفية تكيف هذه الأنواع مع التغيرات المناخية القديمة سيساعد في التنبؤ بمستقبل الأنواع المهددة حاليًا مع تصاعد آثار الاحتباس الحراري.

بهذه النتائج، لا تُعيد حفريات أفراس النهر رسم خريطة الحياة القديمة فحسب، بل تفتح أيضًا نافذة جديدة على التفاعل المعقد بين المناخ والكائنات الحية في فترات تغيّر الأرض عبر العصور.

المصدر: بوابة الوفد