قطر وتركيا.. شراكة استراتيجية وعلاقات تاريخية متميزة
تاريخ النشر: 21st, October 2025 GMT
ترتبط دولة قطر والجمهورية التركية الشقيقة بعلاقات تاريخية متميزة، تزداد مع الوقت قوة ومتانة، وشراكة استراتيجية متنامية.
وفي إطار تعزيز هذه العلاقات والشراكة، وحرص كلا البلدين على التنسيق تجاه مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، بدأ فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية الشقيقة زيارة رسمية لدولة قطر.
وسيستقبل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، أخاه فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان في الديوان الأميري، لبحث العلاقات بين البلدين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية، بالإضافة إلى استعراض أبرز القضايا الإقليمية والدولية الراهنة ذات الاهتمام المشترك.
وتكتسب زيارة فخامة الرئيس التركي للدوحة، أهمية خاصة نظرا للظروف والتحديات التي تمر بها المنطقة العربية، كما تعكس في الوقت ذاته عزم البلدين وحرص قيادتيهما المشترك على العمل والسعي بكل السبل من أجل تعزيز العلاقات الثنائية بما يخدم مصالح البلدين وشعبيهما الشقيقين في كافة المجالات.
وسيترأس سمو أمير البلاد المفدى مع فخامة الرئيس التركي، خلال الزيارة، اجتماع اللجنة الاستراتيجية العليا القطرية - التركية في دورتها الحادية عشرة، وهي أهم آلية ثنائية رفيعة المستوى بين الدولتين، حيث تم منذ تأسيس اللجنة عام 2014 توقيع أكثر من مائة وعشر اتفاقيات ومذكرات تفاهم لدعم وتطوير علاقات التعاون بين البلدين في مختلف القطاعات.
ومن المؤكد أن انعقاد اللجنة الاستراتيجية العليا التركية - القطرية بالدوحة، سيساهم بشكل كبير في الارتقاء بعلاقات التعاون بين البلدين ويفتح آفاقا جديدة للتعاون بينهما في العديد من المجالات، و ترسيخ المكتسبات المحققة، ومراجعة الاتفاقيات الموقعة، ومناقشة أي بنود أو قضايا عالقة بين الطرفين.
وقد شكلت اجتماعات اللجنة على مدار السنوات العشر الماضية عاملا مهما ودافعا قويا لتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، واستمرار التنسيق الاستراتيجي المشترك، وذلك بفضل الدعم الكبير الذي تلقاه اللجنة من لدن حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، وأخيه فخامة رئيس الجمهورية التركية.
وقد كانت اللجنة عقدت اجتماعها العاشر في أنقرة في نوفمبر الماضي، برئاسة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وأخيه فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية الشقيقة.
ووفق بيان مشترك، جاءت نتائج الاجتماع معبرة عن الإرادة السياسية لقيادتي البلدين وحرصهما على تعميق علاقات التعاون والشراكة الاستراتيجية في كل المجالات، بما يلبي تطلعات البلدين وشعبيهما الشقيقين.
وأضاف البيان أن الدورة العاشرة للجنة التي عقدت في روح من التعاون والأخوة، عكست مجددا الروابط التاريخية القوية والعلاقات المتميزة والتفاهم المشترك بين البلدين، فضلا عن الرغبة المشتركة في تعزيز الشراكة بينهما في مختلف المجالات.
وقد أشاد الجانبان بنجاح اللجنة الاستراتيجية العليا وبمساهمتها في تعزيز العلاقات الاستثنائية بين البلدين، واستعرضت اللجنة التقدم المحرز في مجالات التعاون المشار إليها في وثائق نتائج الدورة التاسعة، وأعربت عن ارتياحها لمستوى التعاون القائم، وأعرب الجانبان عن ارتياحهما لتوقيع أكثر من 100 وثيقة تعاون في إطار الدورات التسع السابقة.
وبخصوص التجارة، والتمويل، والاستثمار والطاقة، أوضح البيان أنه مع الأخذ في الاعتبار إمكانات اقتصادي البلدين والتأكيد على الهدف المشترك المتمثل في الوصول إلى حجم تبادل تجاري يبلغ 5 مليارات دولار أمريكي في المستقبل القريب، اتفق الجانبان على استكشاف فرص جديدة لتوسيع وتنويع العلاقات التجارية والاقتصادية بينهما، وأكدا أيضا رغبتهما في تعزيز التعاون في مجال الاقتصاد والتمويل القائم في الشراكات بين القطاعين العام والخاص وتبادل الخبرات بين المؤسسات ومجتمعات الأعمال التجارية بما يتماشى مع مذكرة التفاهم بشأن التعاون بين وزارة المالية في دولة قطر ووزارة الخزانة والمالية في الجمهورية التركية.
وأعرب الجانبان عن ارتياحهما لعقد الدورة الأولى لاجتماع لجنة التعاون الاقتصادي والتجاري القطرية التركية في إسطنبول في 8 فبراير 2024، واتفقا على متابعة القرارات والأنشطة الواردة في البروتوكول الموقع، وعلى دخول اتفاقية الشراكة التجارية والاقتصادية حيز التنفيذ في أقرب وقت ممكن، والتي سوف تسهم في تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية والاستثمارية بين قطر وتركيا.
وتربط بين قطر وتركيا علاقات استراتيجية قوية، تطورت عبر التاريخ منذ تأسيسها عام 1973 حتى الآن. وقد احتفل البلدان في يوليو عام 2023 بالذكرى الـ 50 لتأسيس هذه العلاقات، التي تحولت من علاقات عادية إلى علاقات استراتيجية خلال السنوات الأخيرة، وشملت العديد من المجالات المختلفة، كما أظهر البلدان دائما تضامنا قويا في فترة الأزمات، وذلك بفضل التقارب بين قادتي وشعبي البلدين.
ولا تبنى العلاقات بين الدوحة وأنقرة، فقط على أسس تجارية أو اقتصادية أو استثمارية بحتة، بل هناك توافق بين البلدين في العديد من الملفات السياسية في المحيطين الإقليمي والدولي، خاصة تجاه ما يحدث في قطاع غزة، وهي سياسة ومواقف تتوافق مع موقف دولة قطر الثابت تجاه ما يتعرض له الشعب الفلسطيني الشقيق في القطاع، وينطبق الأمر نفسه على العديد من القضايا الإقليمية والدولية والملفات الساخنة في مختلف أنحاء العالم.
وتمثل علاقات البلدين نموذجا يحتذى في العلاقات بين الدول، وهو ما يتضح من خلال الزيارات المتبادلة على مستوى القادة، وأصحاب السعادة الوزراء، والمسؤولين في مختلف القطاعات، واللجان المتعددة للتعاون الاقتصادي والتجاري والمالي، والمنتديات والمعارض المشتركة.
ويبرهن نمو حجم التبادل التجاري بين البلدين على تطور العلاقات الثنائية بينهما، لا سيما في ظل وجود خطوط ملاحية مباشرة، وعدد من الاتفاقيات الموقعة بينهما، مع وفرة في الاستثمارات المتبادلة، حيث تعتبر تركيا وجهة استثمارية مميزة للقطريين، كما تعتبر قطر من أكبر المستثمرين الأجانب في تركيا، حيث يدير جهاز قطر للاستثمار عددا من المشاريع الضخمة هناك، كما يعمل في السوق القطري العديد من الشركات التركية في قطاعات متنوعة.
وسجل القطاع الخاص القطري في السنوات الأخيرة حضورا مشهودا في عدد من المجالات الاستثمارية التركية كالعقارات والمقاولات والسياحة والتصنيع والإعلام والتمويل والصحة، كما شهدت الفترة الأخيرة اتجاه الاستثمارات القطرية إلى مجال الموانئ، والقطاع التكنولوجي.
وتمتلك قطر أسهما في العديد من الشركات التركية، من أبرزها شركة BMC المصنعة للمحركات والدبابات، حيث تمتلك قطر 49.9% من أسهم الشركة، كما تمتلك استثمارات في العديد من الشركات والمشاريع التركية، وعلى رأسها مشروع قناة إسطنبول المخطط تنفيذه خلال السنوات المقبلة.
وتستضيف غرفة قطر العديد من الوفود التجارية التركية التي تزور البلاد بشكل منتظم، وهناك تواصل دائم بين القطاع الخاص في البلدين، حيث يتم استعراض ومتابعة علاقات التعاون التجاري بين البلدين، ومناخ الاستثمار، وأهم القطاعات التي يمكن لرجال الأعمال من الجانبين الاستثمار فيها.
وفي فبراير الماضي عقد في أسطنبول الاجتماع الوزاري الأول للجنة المالية والاقتصادية المشتركة بين دولة قطر والجمهورية التركية، ترأس الاجتماع عن الجانب القطري سعادة السيد علي بن أحمد الكواري وزير المالية، وعن الجانب التركي سعادة السيد محمد شيمشك وزير الخزانة والمالية، وضم عددا من كبار مسؤولي الجهات الحكومية والخاصة في البلدين.
واستعرضت اللجنة في اجتماعها مجموعة من المقترحات والتصورات لتعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين، وتبادلت وجهات النظر حول المشاريع الاقتصادية والفرص التجارية القطرية - التركية، والزيارات المتبادلة للوفود الاقتصادية لتعزيز العلاقات الثنائية في المجالات المالية والاقتصادية، كما جرى استعراض الخبرات الاقتصادية وأهمية الاستفادة من تجارب البلدين في الإصلاحات التي تسهم في تنويع الاقتصادين الوطنيين.
وهناك تعاون بين البلدين في المجال الثقافي، حيث تم افتتاح المركز الثقافي التركي "يونس إمره" في الدوحة عام 2015 لتعزيز العلاقات الثقافية بين البلدين، وفي العام 2018 أبرمت اتفاقية بين البلدين تشمل تبادل الوثائق التاريخية والمصادر العلمية وتبادل الخبرات الثقافية، كما أبرمت اتفاقية أخرى عام 2021 بين "مكتبة قطر الوطنية" و"مكتبة الأمة" التركية في المجالات العلمية والتقنية والثقافية، كما تم افتتاح أول مدرسة تركية في قطر عام 2016، وهناك حوالي 10 جامعات تركية مدرجة على قائمة وزارة التعليم والتعليم العالي، وهناك تعاون بين البلدين في مجال المنح والبعثات الدراسية.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: أخبار مقالات الكتاب فيديوهات الأكثر مشاهدة أمیر البلاد المفدى الجمهوریة الترکیة العلاقات الثنائیة علاقات التعاون تعزیز العلاقات بین البلدین فی فخامة الرئیس فی العدید من الترکیة فی دولة قطر فی مختلف فی تعزیز
إقرأ أيضاً:
سفير تايلاند: تعاون متنامٍ مع مصر وزيارة الأميرة تؤكد عمق العلاقات بين البلدين
أكد سفير تايلاند بالقاهرة ثيناوات سيريكول في حديث خاص للإذاعة المصرية ضمن برنامج "عالم المعرفة" بالبرنامج الأوروبي، أن العلاقات بين مصر وتايلاند تشهد تطورًا ملحوظًا وقائمة على التاريخ والاحترام المتبادل، مشيرًا إلى أن بلاده تثمّن الجهود الكبيرة التي تبذلها القيادة المصرية لتعزيز البنية التحتية ودعم الاستثمار والسياحة.
وأوضح السفير أن الأميرة ابنة الملك التايلاندي زارت مصر ممثلة لبلادها في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير، حيث التقت بالرئيس عبد الفتاح السيسي ونقلت له تحيات والدها الملك، مؤكدًا أنها استمتعت بالمشاركة في هذا الحدث العالمي. وأضاف أن الأميرة تمتلك شغفًا خاصًا بالحضارة المصرية، وهذه هي زيارتها الرابعة للقاهرة.
وأشار السفير إلى أن تايلاند تقدر حجم العمل الذي قامت به الدولة المصرية في بناء هذا الصرح الحضاري الكبير، إلى جانب مشروعات تطوير البنية التحتية التي من شأنها جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وتنشيط القطاع السياحي.
وكشف عن أن شركة فندقية تايلاندية ستبدأ قريبًا في إنشاء وافتتاح فنادق جديدة في مصر، فضلًا عن وجود شركة تايلاندية أخرى تعمل في مجال المنسوجات داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
كما أوضح أن حجم التجارة بين البلدين يبلغ نحو 700 مليون دولار سنويًا، معربًا عن أمله في زيادة حجم التبادل التجاري خلال السنوات المقبلة، مؤكدًا أن السوق المصري يمتلك فرصًا واسعة وجاذبة لرجال الأعمال التايلانديين، خاصة في مجالات الطاقة النظيفة والخضراء.
وفي سياق التعاون الثقافي والديني، أكد السفير أن ما يقرب من 3 آلاف طالب تايلاندي يدرسون في جامعة الأزهر، وينقلون مبادئ الإسلام الوسطي إلى بلادهم، لاسيما أن 10% من سكان تايلاند من المسلمين.
وأشار إلى أن زيارة شيخ الأزهر لتايلاند العام الماضي، وزيارة مفتي الجمهورية هذا العام، تعكس متانة العلاقات الروحية والفكرية بين البلدين. وأضاف أن هؤلاء الطلاب يعودون إلى بلادهم كسفراء لمصر وثقافتها.
وتناول السفير ملامح بلاده، موضحًا أن تايلاند التي يسكنها نحو 70 مليون نسمة تمثل بوابة اقتصادية مهمة بين الشرق والغرب، وتعد محطة محورية للتجارة الدولية، كما تتمتع بقطاع طبي متقدم، وتحقق معدلات نمو مرتفعة في التصدير بمجالات التكنولوجيا وصناعة السيارات والزراعة. ويعد القطاع السياحي ركيزة أساسية في اقتصادها، حيث يمثل 16% من الدخل القومي، وتستقبل البلاد أكثر من 30 مليون سائح سنويًا بفضل طبيعتها وجوها وشعبها المعروف بالسماحة.
واختتم السفير حديثه بالتأكيد على أنه في عامه الأول بالقاهرة يسعى إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، معربًا عن تفاؤله بمستقبل مشرق للتعاون المصري–التايلاندي.
كما أعرب عن أمله في تبادل زيارات رسمية رفيعة المستوى قريبًا، مستذكرًا بفخر زيارة ملك تايلاند إلى مصر عام 1897 وإقامته بقصر عابدين، وكذلك زيارة الملك الحالي لمصر قبل 33 عامًا عندما كان وليًا للعهد.