أجرى موقع "إنتيريس" الإيطالي حوارا مع كيارا زاكوني، رئيسة بعثة منظمة "كوبي للتعاون الدولي" إلى السودان، تحدثت فيه عن عمق الأزمة التي يعيشها ملايين السودانيين في ظل الحرب الأهلية التي تعصف بالبلاد منذ أبريل/نيسان 2023.

وقالت زاكوني إن السودان يعيش منذ أكثر من عامين ونصف العام صراعا خطِرا للغاية أدى إلى واحدة من أفدح الأزمات الإنسانية في العالم، كما أقرت به الأمم المتحدة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تايمز: السجون الإسرائيلية صقلت قادة حماس الأكثر تأثيرا وصلابةlist 2 of 2معاريف: نتنياهو يبلغ الإدارة الأميركية رفضه أي دور لتركيا في غزةend of list

وأوضحت أن الوضع الميداني يزداد سوءا يوما بعد يوم، حيث نزح حتى الآن 14 مليون سوداني بحثا عن مأوى آمن، بينهم 10 ملايين داخليا، في حين لجأ حوالي 4 ملايين إلى الدول المجاورة مثل تشاد ومصر وجنوب السودان، ويعيش أكثر من 24 مليون إنسان أزمة غذائية بالغة الخطورة.

والفئات الأكثر تضررا، وفقا لإفادة زاكوني، هم النساء والأطفال، حيث يواجهون صعوبات في الحصول على الغذاء والرعاية الطبية، وغالبا ما يكونون أول ضحايا الأمراض المنتشرة.

تفاقم الوضع

وتفاقم الوضع في الأشهر الأخيرة، كما قالت زاكوني، خصوصا في بعض المناطق المحاصرة مثل إقليم دارفور، وبشكل خاص مدينة الفاشر التي اشتد عليها الحصار منذ أبريل/نيسان 2025.

وأشارت إلى أن منظمة كوبي تعمل في السودان منذ عام 2004، أي منذ أكثر من 20 عاما، وبقيت في البلاد بعد اندلاع الصراع، وعززت استجابتها الإنسانية ودعمها للنازحين في ولايات عدة، بما في ذلك ولاية الخرطوم.

وأوضحت أن "كوبي" تقدم خدماتها في مجالات المياه والصرف الصحي والنظافة، وحماية الأطفال، ودعم النساء ضحايا العنف، إضافة إلى ضمان الحصول على الغذاء والمياه الصالحة للشرب.

تتطلع زاكوني إلى الوصول لوقف دائم لإطلاق النار وإنهاء حصار المدن مثل الفاشر، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى جميع مناطق البلاد آخر المنظمات العاملة

وأضافت أن المنظمة تنشط في إقليم دارفور، ولا سيما في مدينة الفاشر المحاصرة، حيث تُعد من آخر المنظمات الإنسانية التي لا تزال تعمل هناك، وتقوم بتوزيع المياه الصالحة للشرب في 18 مخيما للنازحين، وتدعم 3 مستشفيات وعددا من المرافق الصحية الأخرى.

إعلان

وذكرت زاكوني أن أحد المراكز الصحية التي تدعمها "كوبي" تعرض قبل أيام قليلة لهجوم بطائرات مسيّرة، مما أسفر عن مقتل نحو 20 مدنيا، في مشهد يعكس خطورة الوضع، لكن المنظمة مازالت "تواصل العمل بإصرار وشجاعة" على حد تعبيرها.

الوضع في الفاشر

وعن الفاشر قالت إن نحو 200 ألف شخص يعيشون فيها حاليا، وقد تمكن العديد من المدنيين من الفرار، لكن المغادرة باتت شبه مستحيلة حاليا لأن طرق الهروب غير آمنة.

ولفتت الانتباه إلى أن منظمة "كوبي" تتطلع إلى الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار وإنهاء حصار المدن مثل الفاشر، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى جميع مناطق البلاد، مؤكدة أن المنظمة ستواصل تقديم المساعدات للسكان الأكثر تضررا.

وتُعد مدينة الفاشر مركزا أساسيا للعمليات الإنسانية في ولايات دارفور الخمس، وتخضع منذ 10 مايو/أيار 2024 لحصار تفرضه قوات الدعم السريع، وسط تحذيرات دولية من تداعيات كارثية على المدنيين.

وعبّرت زاكوني في الختام عن أملها في أن يواصل المجتمع الدولي تركيز اهتمامه على الأزمة في السودان، وأن يساهم بفاعلية في مسار السلام وحماية المدنيين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات

إقرأ أيضاً:

اليمن.. عقدة الجغرافيا التي قصمت ظهر الهيمنة: تفكيك خيوط المؤامرة الكبرى

 

مثّلت الحرب الشاملة التي شُنّت على اليمن في مارس 2015، التدشين العملي والأخطر لمؤامرة دولية مركبة، حيكت خيوطها بعناية فائقة في الغرف المظلمة بين واشنطن وتل أبيب؛ فالموقع الجيوسياسي لليمن، الحاكم على رئة العالم في باب المندب، جعل منه هدفاً دائماً لأطماع قوى الاستكبار التي ترى في استقلال هذا البلد تهديداً وجودياً لمشاريعها في المنطقة، ولعل المتأمل في مسار الأحداث يدرك بيقين أن ما يجري هو عقاب جماعي لشعب قرر الخروج من عباءة الوصاية.

إن القراءة المتأنية للرؤية الأمريكية والإسرائيلية تجاه اليمن تكشف تحولاً جذرياً في التعامل مع هذا الملف، فمنذ نجاح الثورة الشعبية في الحادي والعشرين من سبتمبر 2014، أدرك العقل الاستراتيجي في البيت الأبيض والكيان الصهيوني أن اليمن قد غادر مربع التبعية التي كرسها “سفراء الدول العشر” لسنوات طويلة، وأن القرار اليمني لم يعد يصاغ في السفارات الأجنبية. لقد كانت تلك اللحظة بمثابة زلزال سياسي دفع بنيامين نتنياهو مبكراً للتحذير من أن سيطرة القوى الثورية الوطنية على باب المندب تشكل خطراً يفوق الخطر النووي، وهو ما يفسر الجنون الهستيري الذي طبع العدوان لاحقاً. وقد تجلت هذه الرؤية بوضوح صارخ في المرحلة الحالية، وتحديداً مع انخراط اليمن في معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”، حيث سقطت الأقنعة تماماً، وانتقلت أمريكا من إدارة الحرب عبر وكلائها الإقليميين إلى المواجهة المباشرة بالأساطيل وحاملات الطائرات، بعد أن أدركت أن أدواتها في المنطقة عجزت عن كبح جماح المارد اليمني الذي بات يهدد شريان الحياة للاقتصاد الصهيوني.

وعند النظر إلى الخارطة العملياتية للمؤامرة، نجد أن العدو اعتمد استراتيجية خبيثة تقوم على تقسيم الجغرافيا اليمنية وظيفياً، والتعامل مع كل جزء بأسلوب مختلف يحقق غاية واحدة هي “التدمير والإنهاك”. ففي المناطق والمحافظات الحرة التي رفضت الخضوع، لجأ التحالف الأمريكي إلى استراتيجية “الخنق والتجويع” كبديل عن الحسم العسكري المستحيل؛ فكان قرار نقل وظائف البنك المركزي في سبتمبر 2016 الضربة الاقتصادية الأخطر التي هدفت لضرب العملة الوطنية وتجفيف السيولة، مترافقة مع حصار مطبق على الموانئ والمطارات، في محاولة بائسة لكسر الإرادة الشعبية عبر لقمة العيش، ومؤخراً محاولة عزل البنوك اليمنية عن النظام المالي العالمي، وهي ورقة ضغط أخيرة تم إحراقها بفضل معادلات الردع الصارمة التي فرضتها صنعاء.

أما في الجانب الآخر من المشهد، وتحديداً في المحافظات الجنوبية والمناطق المحتلة، فتتجلى المؤامرة في أبشع صورها عبر استراتيجية “الفوضى والنهب”، حيث يعمل المحتل على هندسة واقع سياسي وعسكري ممزق يمنع قيام أي دولة قوية؛ فمن عسكرة الجزر الاستراتيجية وتحويل “سقطرى” إلى قاعدة استخباراتية متقدمة للموساد وأبو ظبي، وبناء المدارج العسكرية في جزيرة “ميون” للتحكم بمضيق باب المندب، إلى النهب الممنهج لثروات الشعب من النفط والغاز في شبوة وحضرموت، بينما يكتوي المواطن هناك بنار الغلاء وانعدام الخدمات. إنهم يريدون جنوباً مفككاً تتنازعه الميليشيات المتناحرة، ليبقى مسرحاً مفتوحاً للمطامع الاستعمارية دون أي سيادة وطنية.

وأمام هذا الطوفان من التآمر، لم يقف اليمن مكتوف الأيدي، بل اجترح معجزة الصمود وبناء القوة، مستنداً إلى استراتيجية “الحماية والمواجهة” التي رسمتها القيادة الثورية بحكمة واقتدار. لقد تحول اليمن في زمن قياسي من وضع الدفاع وتلقي الضربات إلى موقع الهجوم وصناعة المعادلات، عبر بناء ترسانة عسكرية رادعة من الصواريخ الباليستية والفرط صوتية والطائرات المسيرة التي وصلت إلى عمق عواصم العدوان، بل وتجاوزتها لتدك “أم الرشراش” وتفرض حصاراً بحرياً تاريخياً على الكيان الصهيوني، مسقطة بذلك هيبة الردع الأمريكية في البحر الأحمر. هذا المسار العسكري وازاه مسار اقتصادي يرفع شعار الاكتفاء الذاتي والتوجه نحو الزراعة لكسر سلاح التجويع، ومسار تحصين الجبهة الداخلية عبر ترسيخ الهوية الإيمانية التي كانت السد المنيع أمام الحرب الناعمة.

خلاصة المشهد، أن اليمن اليوم، وبعد سنوات من العدوان والحصار، لم يعد ذلك “الحديقة الخلفية” لأحد، بل أصبح رقماً صعباً ولاعباً إقليمياً ودولياً يغير موازين القوى، وأن المؤامرة التي أرادت دفن هذا البلد تحت ركام الحرب، هي نفسها التي أحيت فيه روح المجد، ليصبح اليمن اليوم في طليعة محور الجهاد والمقاومة، شاهداً على أن إرادة الشعوب الحرة أقوى من ترسانات الإمبراطوريات.

 

مقالات مشابهة

  • قتل منهم 33 وتشرد الآلاف.. صحفيو السودان يواجهون أوضاعا مأساوية
  • WP: الفاشر تعيش كارثة إنسانية وصمت العالم يفتح الباب لأسوأ مأساة في السودان
  • السيّد: هل تكفي الدولارات القليلة التي تحال على القطاع العام ليومين في لبنان ؟
  • السودان يحصل على اكثر من 600 مليون دولار لتمويل مشروعات جديدة بعد الحرب
  • محلل: ترامب يتبنّى الأزمة في السودان بالتنسيق مع القاهرة والرياض
  • تلغراف: هل يتحرك الغرب ضد الإمارات بعد مجزرة الفاشر؟
  • موقع إيطالي: هل تنافس غواصة ميلدن التركية نظيراتها الأوروبية؟
  • اليمن.. عقدة الجغرافيا التي قصمت ظهر الهيمنة: تفكيك خيوط المؤامرة الكبرى
  • هل أصبحت الفاشر مدينة موت بعد سقوطها في يد الدعم السريع؟
  • حمادة: الحكومة لم تقدّم فلسًا واحدًا لمن فقد منزله من جراء العدوان الإسرائيلي