الولايات المتحدة والسعودية تُفشلان اتفاقية خفض انبعاثات الشحن العالمية
تاريخ النشر: 21st, October 2025 GMT
في تطور مثير أعاد ملف المناخ العالمي إلى الواجهة، فشلت المفاوضات الدولية الهادفة لإقرار اتفاقية تاريخية لخفض انبعاثات قطاع الشحن البحري، بعدما نجحت كل من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية في تعطيل تمرير الاتفاق خلال الاجتماعات الأخيرة التي عُقدت في لندن، بمشاركة ممثلين من أكثر من 100 دولة حول العالم.
ووفقًا لتقرير صادر عن هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، كانت هذه الاتفاقية ستُعد الأولى من نوعها في التاريخ، إذ تهدف إلى تحويل قطاع الشحن العالمي إلى أول قطاع صناعي يعتمد إرشادات دولية ملزمة لتقليل انبعاثات الكربون، من خلال ما أطلق عليه ضريبة الكربون العالمية، إلا أن الخطة واجهت معارضة شديدة من واشنطن والرياض، ما أدى إلى إفشال التصويت عليها في اللحظات الأخيرة.
وتشير المصادر إلى أن الحكومة الأمريكية مارست ضغوطًا مكثفة على عدد من الدول للتصويت ضد الاتفاق، مهددة بفرض رسوم جمركية إضافية على الدول غير المتوافقة مع موقفها، بالإضافة إلى التلويح بعقوبات أخرى تشمل منع بعض السفن من دخول الموانئ الأمريكية وفرض قيود على منح التأشيرات.
واعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاتفاق خدعة بيئية عالمية جديدة تهدف، على حد وصفه، إلى إضعاف الاقتصاد الأمريكي عبر فرض ضرائب خفية باسم البيئة.
أما المملكة العربية السعودية، فقد تبنّت خطة بديلة لإفشال التصويت، عبر اقتراح تأجيل المفاوضات لمدة عام إضافي، وهو ما تم تمريره بأغلبية ضئيلة بفضل دعم كل من الولايات المتحدة وروسيا.
ورغم أن القرار من الناحية الفنية لا يُلغي الاتفاق، فإنه يجمّده فعليًا ويفرض إعادة التفاوض على الجداول الزمنية والأهداف البيئية من جديد، ما يُفقد المفاوضات زخمها الذي استمر لعقد كامل.
وصرح وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو عقب التصويت بأن النتيجة تمثل انتصارًا كبيرًا للرئيس ترامب، معتبرًا أن الولايات المتحدة لن تسمح بفرض سياسات مناخية تقوّض مصالحها التجارية، أما في المقابل، فقد أعربت منظمات بيئية واقتصادية عن استيائها من القرار، معتبرة أنه يبدد فرصة تاريخية لتنظيم واحد من أكثر القطاعات تلويثًا في العالم.
وقال توماس كازاكوس، الأمين العام للغرفة الدولية للشحن البحري، إن القطاع يشعر بخيبة أمل كبيرة بسبب فشل الدول الأعضاء في الاتفاق على مسار واضح للمضي قدمًا، مضيفًا أن الشركات كانت بحاجة ماسة إلى معايير عالمية ثابتة لتوجيه استثماراتها في التقنيات النظيفة، وأضاف أن غياب الوضوح يُربك خطط الشركات ويُعرقل الجهود الرامية لتقليل الانبعاثات.
وتأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه مستويات ثاني أكسيد الكربون حول العالم ارتفاعًا قياسيًا، حيث سجل عام 2024 أعلى معدل انبعاثات منذ بدء التسجيلات الحديثة. وكان من المفترض أن تُجبر الاتفاقية المقترحة مالكي السفن على التحول إلى وقود أنظف وأكثر استدامة بدءًا من عام 2028، مع فرض غرامات على من يخالف المعايير الجديدة.
ويُعد قطاع الشحن البحري مسؤولًا عن نحو 3% من إجمالي انبعاثات الكربون العالمية، إلا أن تقارير الهيئة الدولية للطاقة تتوقع ارتفاع هذه النسبة إلى ما بين 10% و50% بحلول عام 2050 إذا استمر غياب التنظيم الصارم. وتُعد السفن التجارية من أكبر مصادر الانبعاثات التي يصعب السيطرة عليها، نظرًا لاعتمادها الكبير على الوقود الثقيل منخفض الكفاءة.
وبينما يُتوقع أن تجتمع الدول مجددًا في أبريل المقبل لإعادة مناقشة خطة الاتفاق، يرى مراقبون أن فرص تمريره باتت ضعيفة للغاية، خصوصًا بعد الانقسام الحاد الذي أظهرته جلسات التصويت الأخيرة، ما يعني أن العالم سيضطر إلى بدء مفاوضات جديدة من الصفر وسط أجواء من التوتر بين الدول الصناعية والدول النامية.
بهذا الفشل، يتأجل حلم كان من شأنه أن يجعل من قطاع الشحن نموذجًا في التحول البيئي، ويُظهر أن الخلافات السياسية لا تزال حجر عثرة أمام أي تقدم ملموس في مواجهة التغير المناخي، حتى حين يتفق الجميع على خطورة الأزمة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الولایات المتحدة قطاع الشحن الشحن ا
إقرأ أيضاً:
الإمارات تشارك في «منتدى ممرات الشحن الخضراء» بشنغهاي
شنغهاي (الاتحاد)
شاركت دولة الإمارات، ممثلةً في وزارة الطاقة والبنية التحتية، في منتدى ممرات الشحن الخضراء الذي عُقد في مدينة شنغهاي بجمهورية الصين الشعبية، والذي يُعدّ منصة عالمية لتعزيز التعاون الدولي في قطاع الشحن البحري الأخضر، بمشاركة نخبة من الوزراء والمسؤولين وقادة الصناعة البحرية من مختلف دول العالم.
وألقت المهندسة حصة آل مالك، مستشارة الوزير لشؤون النقل البحري في وزارة الطاقة والبنية التحتية، كلمة دولة الإمارات خلال المنتدى، وأكدت فيها عمق العلاقات الاستراتيجية بين دولة الإمارات وجمهورية الصين الشعبية، مشيرة إلى أن حجم التجارة غير النفطية بين البلدين تجاوز 90 مليار دولار في عام 2024، مع تطلع الجانبين إلى مضاعفة هذا الرقم بحلول عام 2030 في ظل التعاون المتنامي في جميع المجالات وخاصة الطاقة، واللوجستيات.
وأوضحت أن الإمارات تُعد أكبر حاضنة للأعمال الصينية في العالم العربي، إذ تحتضن أكثر من 16,5 ألف رخصة تجارية مملوكة لمستثمرين صينيين، وتعتبر الشريك التجاري الأكبر للصين في المنطقة في مجال السلع غير النفطية، حيث يعاد تصدير المنتجات الصينية عبر الموانئ الإماراتية إلى أكثر من 400 مدينة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأشارت آل مالك إلى أن التحول نحو صناعة شحن أكثر استدامة أصبح ضرورة لا مفرّ منها، مؤكدة أن نهج دولة الإمارات يقوم على خطوات عملية ومدروسة من خلال تهيئة المحفزات والبيئة التشريعية المناسبة لدعم هذا التحول العالمي. واستعرضت تجربة دولة الإمارات في استضافة الفعالية الموازية لليوم البحري العالمي 2025 التي عُقدت تحت شعار«محيطنا.. التزامنا.. فرصتنا»، موضحة أن الفعالية حققت نجاحاً كبيراً من خلال مناقشة قضايا محورية مثل إزالة الكربون من القطاع البحري، والحد من التلوث البلاستيكي، وحماية التنوع البيولوجي البحري، وبناء القدرات، مؤكدة أن مخرجاتها سيكون لها أثر إقليمي ودولي واسع في دعم مسار الشحن الأخضر.
ونوهت إلى أن المستقبل سيكون من نصيب الدول التي تتعاون لتحقيق أهداف مشتركة، داعيةً إلى توحيد الجهود الدولية لدفع التحول نحو قطاع بحري أخضر يسهم في ازدهار الاقتصادات وتعزيز استدامة المجتمعات البحرية حول العالم.