أثارت الغارات الإسرائيلية المكثفة التي شنها جيش الاحتلال يوم الأحد الماضي في مناطق متفرقة بقطاع غزة، وأسفرت عن عشرات الشهداء والإصابات، مخاوف من إمكانية انهيار اتفاق وقف إطلاق النار وعودة شبح الحرب إلى القطاع، الذي تعرض لحرب إبادة استمرت لعامين.

ورأى مراقبون أن حجم القصف الإسرائيلي يتجاوز مزاعم "الرد على ما حدث في رفح"، والتي لا تزال تخضع لسيطرة كاملة من جيش الاحتلال، خصوصا في ظل مسارعة حركة حماس لتأكيد التزامها باتفاق وقف إطلاق النار، وتوجه مسؤولين أمريكيين إلى المنطقة لتثبيت الاتفاق.



وأوضح المحلل السياسي إبراهيم المدهون أن عودة الغارات الإسرائيلية المكثفة إلى قطاع غزة يوم الأحد الماضي، تندرج في سياق محاولات الاحتلال لإفشال اتفاق وقف إطلاق النار، معتقدا أن "المقاومة الفلسطينية معنية بتثبيت الاتفاق".

معادلة اشتباك
وأضاف المدهون لـ"عربي21" أنّ "المقاومة تريد حماية شعبها من حرب الإبادة التي قام بها الاحتلال على مدار عامين، ولم يكن هناك أي قدرة إقليمية أو دولية لإيقافها"، مشددا على أن ما يقوم به الاحتلال عمليات قتل وليست قتال.

ورأى أن الغارات الإسرائيلية الأخيرة تهدف إلى محاولة الاحتلال تثبيت معادلة اشتباك جديدة، تسمح له بالقصف والقتل والتدمير وإبقاءه في قطاع غزة، لكن المقاومة لن تقبل بهذه المعادلة، رغم حرصها على تجنيب الشعب الفلسطيني عودة الإبادة.



ولفت إلى أن وصول وفد رسمي من حركة حماس إلى القاهرة، يأتي في إطار السعي لتحرك الوسطاء، لإلزام الاحتلال باتفاق وقف إطلاق النار، والإيفاء بتعهداتهم لإنهاء الحرب وعدم عودتها إلى غزة.

 وفي قراءته لإمكانية عودة الحرب، استبعد الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة هذا السيناريو، قائلا: "كل المؤشرات والتقديرات تؤكد أن خطة ترامب تسعى لإنهاء الحرب وليس الاكتفاء بتنفيذ المرحلة الأولى من الخطة".

"الجهد الكبير"
وذكر عفيفة في حديث لـ"عربي21" أنّ "الجهد الكبير الدولي والإقليمي جاء من أجل إنهاء الحرب، وحتى في الجانب الإسرائيلي نتنياهو يمرر للجمهور الإسرائيلي ولناخبيه أن ما حققه إنجاز، وبالتالي فإن هذا الإنجاز من المفترض أن لا ينقلب عليه بنفسه".

وأشار إلى أنّ "ترامب يحتفي بشكل غير مسبوق بهذا الإنجاز الكبير، ويأتي من البيت الأبيض إلى المنطقة وهو منتشي بهذا الإنجاز، ومن غير المعقول الحديث عن إنجاز كبير وبعد المرحلة الأولى ينقلب عليه".

ولفت إلى أن "الاحتفالية الكبيرة والتظاهرة السياسية في شرم الشيخ أكدت على ضرورة وقف إطلاق النار في غزة، وكل هذه المعطيات تؤكد أن هناك مسار حقيقي من أجل إنهاء الحرب وليس فقط الاكتفاء بالمرحلة الأولى من خطة ترامب".



ووفق ما أوردته صحيفة "نيويورك تايمز"، فإنّ البيت الأبيض يعمل على الحفاظ على استقرار اتفاق السلام في غزة، مع تزايد المخاوف من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد يفكك الاتفاق الذي توسطت فيه الإدارة الأمريكية.

سبل الحفاظ على الاتفاق
وفي هذا الصدد، ذكرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية أن مبعوثي الرئيس الأمريكي ستيف ويتكوف وجاريد كاشنر، ناقشا مع مسؤولين عسكريين إسرائيليين سبل الحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وتنفيذ المرحلة الثانية منه.

ولفتت الصحيفة إلى أن الاجتماع الذي عقد بمقر وزارة الجيش الإسرائيلي، جمع المبعوثين الأمريكيين، برئيس شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" شلومي بيندر، ورئيس شعبة التخطيط في الجيش إيال هارئيل، وبحثوا مسائل استخباراتية والقرارات المتعلقة باليوم التالي في غزة.

ونقلت الصحيفة عن مصادر أمنية إسرائيلية لم تسمها، أنّ الوفد الأمريكي حرص خلال الاجتماع على "سد الثغرات" استعدادا للمرحلة الثانية من الاتفاق، والتي تشمل إدخال قوة أجنبية ونزع سلاح الفصائل الفلسطينية.

من جانبها، نقلت صحيفة "التايمز" عن مسؤولين كبار أن ويتكوف وكوشنر يُدركان أن الوضع "حساس للغاية"، وأن الاتفاق الذي توسطا فيه قد ينهار، لذلك فإن هدفهما الآن هو تحقيق الاستقرار في المنطقة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وإعادة جثث الأسرى الإسرائيليين.



وأشارت الصحيفة إلى أن ويتكوف وكوشنر يتناولان أيضا قضايا ظلت مفتوحة في الاتفاق الأصلي، مثل إنشاء قوة استقرار بقيادة مصرية، والبدء في عملية نزع سلاح حركة حماس، والتي لم يُحدد لها جدول زمني بعد، وهو ما أكده ترامب الذي قال الأحد الماضي، إنه "لا يوجد جدول زمني قطعي" لنزع سلاح حماس.

تهديدات لا تتوقف
وشدد ترامب على أن تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، يعتمد على تطور الأوضاع الميدانية والسياسية خلال المرحلة المقبلة، لكنه لم يتوقف عن تهديد حركة حماس إذا لم تلتزم بالاتفاق، وتوعد بأنه قد يأمر بشن هجوم جديد في المنطقة.

وتابع ترامب في تصريحات أدلى بها الاثنين: "إذا اضطررنا لذلك، فسيتم القضاء عليهم، وهم يعلمون ذلك"، محذرا من أنه إذا استمر العنف في غزة، "فسنتدخل ونعالج الوضع، وسيحدث ذلك بسرعة كبيرة وبعنف شديد"، وفق مزاعمه.

وفي 10 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس والاحتلال الإسرائيلي حيز التنفيذ، استنادا لخطة ترامب التي تقوم إلى جانب إنهاء الحرب، على انسحاب متدرج لجيش الاحتلال الإسرائيلي، وإطلاق متبادل للأسرى، ودخول فوري للمساعدات إلى القطاع.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الاحتلال غزة حماس الاتفاق حماس غزة الاحتلال الاتفاق حرب الابادة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اتفاق وقف إطلاق النار الغارات الإسرائیلیة حرکة حماس فی غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

"مركز الدراسات": بعد حرب غزة انهيار السردية الإسرائيلية وصعود الرواية الفلسطينية على المسرح العالمي

غزة - صفا

أصدر المركز الفلسطيني للدراسات السياسية ورقة تحليلية بعنوان: "الكيان الإسرائيلي بعد حرب غزة: انهيار السردية الاستراتيجية وصعود الرواية الفلسطينية". 

وتناولت الورقة قراءة معمقة للمشهد بعد حرب غزة التي امتدت بين 2023 و2025، مع التركيز على مرحلة وقف إطلاق النار في أكتوبر 2025 وما ترتب عليها من تبادل الأسرى، والتحولات الرمزية التي أعادت تشكيل إدراك العالم للصراع الفلسطيني–الإسرائيلي.

وأشارت الورقة إلى مفارقة أساسية: بينما نجحت حكومة الاحتلال في انتزاع ترتيبات أمنية محدودة، مثل الرقابة على محور صلاح الدين ومعابر غزة وآليات الإعمار، إلا أنها فقدت السردية التي بنت شرعيتها على مدار عقود. فقد تحول الاحتلال من "دولة ضحية" إلى كيان يُنظر إليه كقوة استيطانية متجاوزة للحدود الأخلاقية، فيما ارتفعت الرواية الفلسطينية في الأبعاد الرمزية والقانونية والإعلامية، لترسيخ صورة المقاومة المنظمة والصمود الوطني أمام العالم.

وبيّنت الورقة ثلاث مؤشرات رئيسية لانهيار السردية الإسرائيلية:
1.    الانكشاف البصري للفظائع: صور المجازر في غزة، شهادات الشهود، والتقارير المصورة عن الناجين أسقطت الهيمنة الإسرائيلية على الرواية الأخلاقية أمام الرأي العام الدولي.
2.    مشاهد تسليم الأسرى والاحتشاد الشعبي: أظهرت المقاومة كقوة منضبطة وفاعلة، عكس المشهد الرمزي الذي حاولت إسرائيل ترويجه.
3.    اهتزاز الثقة الداخلية: الاعترافات الإسرائيلية بخسائر كبيرة وظهور تمرد جنود الاحتياط والضغط الشعبي أدى إلى تآكل شرعية الجيش والمؤسسات الأمنية.

كما تضمنت الورقة توصيات عملية واستراتيجية قابلة للتنفيذ، أبرزها:
•    توحيد السردية الفلسطينية الرسمية عبر غرفة تنسيق سياسية وإعلامية تشمل الفصائل وممثلي الشتات الفلسطيني.
•    تدويل ملفات جرائم الحرب عبر المحاكم الدولية، لاستثمار الزخم الأخلاقي العالمي ضد الاحتلال.
•    الاستثمار في الإعلام الميداني والشهود البصريين، وتحويل أرشيف الحرب إلى حملات رقمية ووثائقية مدروسة.
•    إنشاء مرصد دائم لمتابعة السرديات الدولية والإسرائيلية وتقديم تحليل مهني لصناع القرار والصحفيين.
•    تعزيز الخطاب الإنساني الذكي الذي يعرض غزة كرمز للنجاة والكرامة وليس مجرد ضحية.

وأكد المركز أن مرحلة ما بعد الحرب ليست مجرد استراحة بين جولات القتال، بل هي منعطف وجودي للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء، حيث تصبح قوة المعنى والسردية الفاعلة أداة أساسية لتحديد موقع كل طرف في الوعي الدولي.

وشدد على أن الرواية الفلسطينية اليوم تمتلك قوة التأثير الرمزي والسياسي، وتشكل نقطة انطلاق لبناء شرعية مستدامة، تجعل فلسطين قادرة على مواجهة محاولات الاحتلال لفرض معادلات أمنية وسياسية على المدى الطويل.

كما وأكد في هذه الورقة على ضرورة الاستثمار في السردية والفعل الإعلامي الاستراتيجي، باعتبارهما خط الدفاع الأول عن الحقوق الوطنية، والأداة الأبرز لترسيخ موقف فلسطين على المستويين الإقليمي والدولي.

مقالات مشابهة

  • صحة غزة: حصيلة الإبادة الإسرائيلية بلغت 68 ألفا و216 شهيدا
  • مصادر إسرائيلية: زيارة ويتكوف تؤكد أن اتفاق غزة لا يزال ساريا وملزمًا لجميع الأطراف
  • رغم الغارات الإسرائيلية.. ترامب: وقف إطلاق النار في غزة ما زال قائما
  • تقارير إعلامية: وفد من حماس يصل القاهرة لمتابعة تنفيذ وقف إطلاق النار
  • رغم وقف إطلاق النار.. الاحتلال يستهدف جنوب غزة ويزعم ضرب أنفاق لحماس «فيديو»
  • العدو يخرق الاتفاق بعشرات الغارات
  • اتفاق غزة يهتزّ.. والولايات المتحدة تتحرك لمنع انهيار التفاهم
  • واشنطن تعمل على منع انهيار اتفاق غزة وضمان استمرار وقف إطلاق النار
  • "مركز الدراسات": بعد حرب غزة انهيار السردية الإسرائيلية وصعود الرواية الفلسطينية على المسرح العالمي