سواليف:
2025-10-24@18:44:14 GMT

من حكم الانتداب إلى وصاية ترامب

تاريخ النشر: 24th, October 2025 GMT

بسم الله الرحمن الرحيم

من #حكم_الانتداب إلى #وصاية_ترامب

دوسلدورف/أحمد سليمان العُمري

في مأساة تختزل دموية الحرب الإسرائيلية في غزّة، شهدت واشنطن في 29 سبتمبر/أيلول 2025 لقاءً مصيرياً، جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث أُعلن عن خطة السلام المكونة من 21 نقطة؛ دخلت حيّز التنفيذ 10 اكتوبر/تشرين الأول.

هذا الإعلان يشكّل محاولة جذرية لإعادة صياغة المشهد السياسي في غّزة تحت غطاء أمريكي، في وقت يعتري الخطة غموض بنودها والضمانات المفقودة المرتبطة بتنفيذها.

مقالات ذات صلة الطاقة الشمسية… ذهب الصحراء الجديد 2025/10/24

عودة الاستعمار بأقنعة جديدة

تكشف الخطة عن تشكيل «مجلس السلام» الذي يقوده دونالد ترامب ويضم شخصيات دولية أبرزها «توني بلير»، وهو اختيار يحمل دلالات عميقة، فبلير هو تجسيد حي لمشاريع التدخّل الغربي الدموي في الشرق الأوسط؛ من العراق إلى فلسطين.

اختيار «بلير» يشير إلى نية إحياء نموذج الوصاية الاستعمارية ويلغي الإرادة الفلسطينية.

قرار ترامب بتعيين الأخير لإدارة قطاع غزّة يمثّل انتهاكاً صارخاً للشرعية الدولية، فهو قرار أحادي لم يُعرض على مجلس الأمن ولم ينل موافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة. هذا النموذج يُذكّر بنظام الانتداب إبّان الحقبة الاستعمارية. والأخطر أن الإدارة التكنوقراطية التي سيرأسها «بلير» تمثّل التتويج للاستراتيجية الإسرائيلية الرامية إلى فصل القطاع عن الضفة الغربية، مما يُقوّض أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية مستقلّة.

هذا النهج يعيد إنتاج نفس العقلية الاستعمارية التي اعتبرت الشعوب غير قادرة على إدارة شؤونها.

الوساطة الدولية

رغم أهمية الوساطة القطرية – المصرية – التركية، إلّا أنها تبقى محكومة بمعادلات الهيمنة الأمريكية، التي تتحرّك في فضاء تضبعه الحسابات الأمريكية-الإسرائيلية، وتغيير نقاط خطة ترامب إسرائيليا بعد يوم واحد بموافقة ترامب، دون الرجوع إلى الشركاء العرب والمسلمين، فضلا عن شن جيش الاحتلال الإسرائيلي الأحد 19 اكتوبر/تشرين الأول، غارات جوية مكثّفة على مناطق متفرّقة من القطاع، في أكبر خرق للإتفاق، والذي شكّل إخفاقا وتهميشا للجهود الدبلوماسية للدول المشاركة.

وقد كشفت صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية حقيقة خطة ترامب، ووصفتها بـ «الساذجة والخبيثة، وفيها دجل صريح»، مؤكّدة أن الضغط الأمريكي على نتنياهو «هراء» لإيهام الدول العربية بتوازن المقترح الأمريكي.

ويكشف تحليلٌ أعمق عن وجود هيئة إسرائيلية سرية تُدعى «مكتب إدارة ما بعد الحرب»، تعمل على إعداد بنود الخطة، مما يؤكّد أن ما يُسوَّق له «مبادرة سلام أمريكية» هي في الواقع مخطط إسرائيلي يُقدَّم بغلاف أمريكي.

الردود والتفاعلات

في قراءة للمشهد الدبلوماسي المصاحب للإعلان، يُلاحظ أن ترحيب الدول العربية والإسلامية التي حضرت «خطة ترامب»، الذي يعكس تحولاً في الاستراتيجية الدبلوماسية العربية والإسلامية.

لكن هذا الترحيب لا يخلو من مفارقات، خاصة عندما يقترن بتصريح نتنياهو الذي يحاول تصوير الأمر كأن «العالم العربي والإسلامي يضغط على حماس لقبول الشروط الإسرائيلية». هذه القراءة التبسيطية تخفي تعقيدات الموقف الإقليمي وتنوع التوجهات بين الدول العربية. وهنا تبرز مخاوف جدية من أن تكون هذه الخطة فخاً يستهدف إنهاء القضية الفلسطينية، حيث تفتقر إلى أي ضمانات حقيقية تمنع إسرائيل من استئناف حرب الإبادة الجماعية بعد أن استعادت أسراها وتقريباً جميع الجثامين.

كما أن دخول القوة المسماة بـ «قوة الاستقرار الدولية» إلى غزّة والتي تقود تشكيلها الولايات المتحدة، ستكون أداة غير رسمية بيد الحكومة الإسرائيلية. وتضم القوة نحو 200 عنصراً أمريكياً، بمشاركة ضباط من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، ودعم من دول عربية مثل مصر وقطر والإمارات وتركيا، كما تجري مناقشات لانضمام باكستان وإندونيسيا وأستراليا وكندا وماليزيا.

معالم البديل المقبول

في تحليل البديل الحقيقي، نجد أن أي حل دائم يجب أن ينطلق من معادلة مختلفة تماماً، حيث تكون السيادة الفلسطينية هي الأساس لا الهدف. فالمشكلة الجوهرية في كل الخطط أنها تتعامل مع الحقوق الفلسطينية كتنازلات يمكن منحها أو منعها، وليس كأسس غير قابلة للتصرّف.

لا يمكن اختزال الإبادة الجماعية بالقطاع في معاناة إنسانية تتطلّب إغاثة عاجلة، فذلك يشكّل تغييباً متعمداً للسبب الجذري للعدوان الإسرائيلي، كما أن أي تسوية دائمة يجب أن تقوم على قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، مع ضمانات دولية حقيقية لتنفيذها.

سلام على وقع القذائف

في الختام، تظهر الخطة الجديدة كمحاولة لفرض واقع جديد عبر دبلوماسية القوى، متجاهلة الدرس الأساسي من تاريخ الاحتلال: أن السلام الحقيقي لا يُفرض من الخارج، ولا يمكن أن يبنى على أنقاض العدالة.

إن السلام الحقيقي ينبع من إرادة الشعوب واحترام حقوقها، وليس بالأسلحة الفتاكة؛ تُدار من قاعات المؤتمرات الفاخرة. والمفارقة المأساوية التي تجسّد جوهر الأزمة تكمن في أن مؤتمر السلام الذي انعقد في واشنطن، وبعده في شرم الشيخ، كانت خلاله الطائرات الحربية الإسرائيلية تواصل قصفها على غزّة.

ويكفي للتعبير عن فداحة الكارثة أن إسرائيل، وإن فشلت في تحقيق التطهير العرقي الكامل لغزّة، فإنها دمرتها تدميراً شاملاً، وكان ينبغي أن تُجبر على دفع تعويضات عن الدمار اللإإنساني الذي تسببت فيه، بدلاً من الدول النفطية العربية التي اقترحها ترامب.

إن الشعب الفلسطيني هو صاحب الحق والبقاء، وبرغم كل المعاناة أثبت عبر التاريخ أنه قادر للذود عن نفسه رغم إعراض العالم عنه، وأن إرادة الحياة لديه ستبقى هي الأقوى من كل محاولات الإخضاع والإقصاء.

Ahmad.omari11@yahoo.de

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: وصاية ترامب

إقرأ أيضاً:

خطة أوروبية جديدة بأوكرانيا وترامب لا يريد لقاء غير مجد مع بوتين

كشفت مصادر مطلعة أن دولا أوروبية تعد خطة لوقف القتال في أوكرانيا، وفي حين أوضح الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه لا يريد لقاء غير مجد مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين تسلّم البيت الأبيض بيانا خاصا من موسكو بشأن شروط التسوية.

وقد كشفت مصادر لوكالة بلومبيرغ عن خطة أوروبية أوكرانية تهدف إلى إنهاء الحرب على خطوط القتال الحالية، ردا على مطالبات موسكو لكييف بالتخلي عن أراض مقابل اتفاق سلام.

وتتضمن الخطة الأوروبية 12 نقطة لإنهاء الحرب "على خطوط القتال الحالية".

وقالت المصادر إن الخطة تمنح أوكرانيا ضمانات أمنية وأموالا لإصلاح أضرار الحرب، وسبيلا للانضمام السريع إلى الاتحاد الأوروبي.

وأوضحت المصادر أن الخطة الأوروبية الأوكرانية تأتي ردا على مطالب بوتين المتجددة للولايات المتحدة بأن تتنازل كييف عن أراض مقابل اتفاق سلام.

وذكرت أن الخطة تقترح ترؤس ترامب مجلس سلام للإشراف على تطبيقها.

وبينت المصادر أن الخطة تقضي برفع العقوبات المفروضة على روسيا تدريجيا، ولكنها تربط إعادة نحو 300 مليار دولار من الأموال الروسية المجمدة بموافقة موسكو على المساهمة في إعادة إعمار أوكرانيا.

إلى أجل غير مسمى

وفي السياق ذاته، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي التفاوض على اتفاقية دفاعية مع الشركاء الأوروبيين ضمن ضمانات أمنية طويلة الأمد.

من جانبه، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الثلاثاء إنه أرجأ إلى أجل غير مسمى اجتماعا كان مقررا أن يعقده مع نظيره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في بودابست خلال أسبوعين، مبررا التأجيل بعدم رغبته في إضاعة الوقت عبر إجراء مباحثات بلا جدوى.

وقال ترامب للصحفيين في البيت الأبيض لدى سؤاله عن سبب تأجيل اللقاء "لا أريد عقد اجتماع فارغ"، مضيفا "لا أريد إضاعة الوقت، لذا سأرى ما سيحدث".

وحاء في تصريحات ترامب "توصلنا إلى صفقات سلام عظيمة ورائعة واتفاقيات قوية باستثناء هذه، وقد قلت للبلدين: تراجعا من خطوط التماس والمعركة وعودا إلى دياركما وخذا بعض الوقت، فهما يقتلان بعضهما البعض ويخسران ما بين 5 إلى 7 آلاف جندي أسبوعيا، لذا سنرى ما سيحدث، لم نتخذ قرارا بعد ذلك".

إعلان

وكان الرئيسان الأميركي والروسي يخططان للقاء في بودابست لمناقشة إنهاء الحرب بأوكرانيا.

كما ألغى وزيرا الخارجية الأميركي ماركو روبيو والروسي سيرغي لافروف اجتماعا كان مقررا بينهما للتحضير لقمة بودابست التي كانت محور محادثة أجرياها أول أمس الاثنين.

وكان الكرملين أعلن في وقت سابق أمس الثلاثاء أنه لا يوجد موعد "محدد" لعقد لقاء جديد بين ترامب وبوتين.

وبدا ترامب محبطا بشكل متزايد من بوتين في الأشهر الأخيرة رغم ما وصفها بالعلاقة الشخصية الجيدة بينهما.

بيان خاص من موسكو

وقال مسؤولان أميركيان ومصدر مطلع إن روسيا جددت شروطها السابقة لإبرام اتفاق سلام مع أوكرانيا، وذلك في بيان خاص أُرسل إلى الولايات المتحدة مطلع الأسبوع تحت اسم "الوثيقة غير الرسمية".

وأضاف أحد المسؤولين الأميركيين أن البيان أعاد التأكيد على مطلب روسيا بالسيطرة على منطقة دونباس الأوكرانية بالكامل، وهو موقف يتعارض فعليا مع موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحالي المتمثل في تجميد خطوط المواجهة في مواقعها الحالية.

وقال أحد المسؤولين إن روسيا أكدت أيضا موقفها السابق بعدم نشر قوات تابعة لحلف شمال الأطلسي (ناتو) في أوكرانيا ضمن أي اتفاق سلام.

وفي السياق ذاته، اتهم الكرملين أوروبا بتحريض كييف على مواصلة القتال.

مقالات مشابهة

  • تعرف على الدول العربية التي رفض مصادقة الكنيست على ضم الضفة و فرض السيادة الإسرائيلية عليها
  • غزة والسلام على طريقة ترامب!
  • مصر ترفض عودة الانتداب البريطانى لقطاع غزة
  • صحيفة تكشف: خطة لتقسيم غزة إلى منطقتين بين إسرائيل وحماس
  • الرئيس عباس: ملتزمون بجميع التعهدات التي قطعناها من أجل الإصلاح
  • الحكومة الإسرائيلية: لا تزال 13 جثة محتجزة في غزة
  • قلق أمني في إسرائيل من استعجال ترامب في إنجاز خطة غزة
  • صحيفة أمريكية: خطة ترامب بغزة ستفشل في غياب مخطط لدولة فلسطينية
  • خطة أوروبية جديدة بأوكرانيا وترامب لا يريد لقاء غير مجد مع بوتين