صحيفة الاتحاد:
2025-10-25@06:27:04 GMT

متحف العين.. من ماضينا العريق نستلهم المستقبل

تاريخ النشر: 25th, October 2025 GMT

بقلم: معالي محمد خليفة المبارك

تُعد منطقة العين واحتنا النابضة بالحياة، والتي تمتد حكايتها عبر العصور، مُجسدة بالإنجازات التي ابتكرها الإنسان الإماراتي الذي أبدع في استخدام نظام الري بالأفلاج، لمواجهة ندرة المياه وبث الحياة في الصحراء التي باتت اليوم شاهدة على ازدهار المنطقة عُمرانياً وحضارياً. ولا يزال هذا النظام يُمثل إرثنا المُتناقل بين الأجيال الذي نحميه ونشاركه مع العالم.

 
واليوم، ومن خلال إعادة افتتاح متحف العين، ندعو جميع أفراد المجتمع المحلي والزوار للاحتفاء بإرث ورؤية الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي أسس المتحف عام 1969، أي قبل عامين من قيام اتحاد دولتنا، لإيمانه بأهمية التراث، ودوره المحوري كركيزة أساسية في بناء مستقبلنا. 
يعكس إنجازنا اليوم رؤية قيادتنا الرشيدة بالحفاظ على تراثنا الثقافي بشقيه المادي والمعنوي، وضمان استدامته وإتاحته أمام الجميع محلياً وعالمياً من أجل مشاركتهم ماضينا العريق، وتسليط الضوء على مشهدنا الثقافي المتطور والمتكيف مع المتغيرات العالمية، مُستمداً من أصالة ماضيه هذا المستقبل المزدهر. وعبر صالات عرضه ومُقتنياته، يُتيح متحف العين لزواره فرصة الاطلاع على البنية التحتية التي جعلت الاستقرار ممكناً، والأدوات والحرف التي أسهمت في نهضة المجتمعات، وتلاقي الأفكار وابتكار السلع. كما يوفر لزواره نافذة على حقيقة عالمية مفادها أنّ الحضارات تزدهر عندما تعامِل بيئتها وثقافتها كهبة مشتركة ومُتبادلة تُثري حياة الجميع. 
تحمل مؤسساتنا الثقافية قصصاً عالمية وتبادلاً معرفياً عبر الحدود. تُلهم وتُعلم وتربط تراثنا بالعالم، هكذا يتحول الحفظ إلى مشاركة، عندما يصبح ماضينا قصة حيّة ملموسة يمكن للجميع تجربتها. 
إعادة افتتاح متحف العين تُذكّرنا بتحمل مسؤوليات حيوية عدة. أولاً، الحفاظ على تراثنا. في عصر تتسارع فيه التغيرات وتتصاعد التحديات المناخية، تعلّمنا الأفلاج الاستدامة القائمة على المعرفة المحلية ورعاية المجتمع بروح مسؤولة. ولذلك، فإن حماية المواقع الأثرية، وصون العادات والتراث غير المادي، وتوثيق التراث، تصب جميعها في نفس الاتجاه، وتأتي في إطار المسؤولية الملقاة على عاتقنا جميعاً، وتعبيراً عن التزام مُوحد تجاه ثقافتنا وهويتنا. 
ثانياً، التعليم بشغف. يجب أن يكون التراث متاحاً، وجاذباً، وذا صلة بحياتهم اليومية. لهذا، سنواصل الاستثمار في البحث، والبيانات المفتوحة، وبرامج التعلم، والأدوات التفسيرية التي تدعو كل طالب ومعلم وعائلة للمشاركة والتفاعل. تؤمن أبوظبي بأنّ الثقافة ركيزة أساسية للاقتصاد الإبداعي والتنمية المستدامة في خدمة المجتمع المحلي والعالمي. المتاحف هي فصول دراسية مفتوحة، ومقتنياتها هي مكتبات مُستخلصة من التجارب الإنسانية. 
ثالثاً، عقد المزيد من الشراكات الاستراتيجية. إنّ الشراكات مع المتاحف الرائدة، والجامعات، والجهات العاملة في مجال حفظ التراث، والشبكات الثقافية، هي ما يحافظ على تدفق الأفكار والخبرات. الثقافة لا تتقلص من خلال المشاركة، بل تتضاعف قيمتها وتتسع آفاقها عندما تجد قصصنا المحلية صدى في المحادثات العالمية. 
أخيراً، الإلهام بثقة. لا تُشكل إعادة افتتاح متحف العين محطة تاريخيّة تحتفي بالماضي فقط، بل هي منصة مفتوحة على ما يحمله المستقبل من فرص وأعمال جديدة وإبداعات ثقافية في مختلف المجالات، وانتماء مُستدام أصيل يُعزز ثقافتنا ويُبرز هويتنا. ما يُفرحنا اليوم وفي الغد، عندما يقف طفل في منطقة العين أمام قطعة أثرية مستخرجة من أرضنا ويسأل، «كيف عاش أسلافنا هنا؟»، نأمل أن تلهمه الإجابة لطرح سؤال آخر مليء بالطموح والثقة، «كيف يُمكنني الإسهام في أن نعيش هنا معاً غداً؟». ودوماً ما تُذكرنا الثقافة أنّها ليست مجرد انعكاس للماضي العريق، بل هي إرث إنساني حي ومُستدام. 
لطالما ألهمت أبوظبي العالم بحكايتها عبر العصور وإنجازاتها الكبيرة، وسطرت قيم العطاء والتفاني، بدءاً من أفلاجها وصولاً إلى المنطقة الثقافية في السعديات التي تعد أحد أكبر تجمعات المؤسسات الثقافية في العالم. وبهذا، رسمت أبوظبي مساراً واضح المعالم يستشرف المستقبل، مُتخذة من المعرفة سبيلاً إلى القدرة والإمكانية لتحقيق المستحيل. واليوم، مع إعادة افتتاح متحف العين، يصبح ذلك المسار أكثر وضوحاً. 
دعونا نسير فيه بتواضع وشغف بما ورثناه من أجدادنا، وبثقة مليئة بالإبداع والابتكار بينما نواصل المسيرة، وبكل فخر بما سنشاركه مع العالم، مُستلهمين معاً من إرثنا العريق في مسيرتنا نحو مستقبل أكثر ازدهاراً.

رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي

أخبار ذات صلة «ليالي الشعر» يزيّن مهرجان العين للكتاب 2025 جلسة فلسفية في بحر الثقافة

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: محمد خليفة المبارك أبوظبي الإمارات دائرة الثقافة والسياحة متحف العين العين

إقرأ أيضاً:

مدبولي: ندعم دور وزارة الثقافة المحوري لتعزيز الهوية الثقافية المصرية

أكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي دعم دور وزارة الثقافة المحوري في تعزيز الهوية الثقافية المصرية، عبر تنظيم وإطلاق العديد من الأنشطة والفعاليات والمُبادرات، بما لها من دَورٍ تنويري وأثرٍ ثقافي إيجابي على الداخل المَحلي، وعلى صُورة مِصرَ في عُيون الخارج.

جاء ذلك خلال استعراض الدكتور مصطفى مدبولي، تقريرًا من الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، حول أبرز الأنشطة والفعاليات التي نفذتها قطاعات الوزارة خلال الفترة الأخيرة.

وأشار وزير الثقافة إلى أن الفترة الماضية شهدت فتح باب التقدم لجوائز الدولة التشجيعية لعام 2026 في مجالات الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية والعلوم القانونية والاقتصادية، بالإضافة إلى الإعلان عن شروط جائزة الدولة للمُبدع الصغير في دورتها السادسة لعام 2026، والتي تحظى برعاية كريمة من السيدة الفاضلة انتصار السيسي، قرينة السيد رئيس الجمهورية.

وأكد الوزير أنه استكمالًا لجهود الدولة المصرية في تكريس مسار السلام، وعقب توقيع اتفاق قمة شرم الشيخ للسلام التي ترأسها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، تم الإعلان عن إطلاق قافلة من "مسرح المواجهة والتجوال" إلى مدينة رفح، خلال أكتوبر الجاري، تحت شعار "بالفن والثقافة نزرع الأمل من أجل أطفال غزة"، لتقديم عددٍ من الأنشطة والخدمات الثقافية والفنية، تستهدف رفع الروح المعنوية لأطفال غزة من أقرب نقطة متاحة في الوقت الراهن، لتكون رسالة دعم ومُساندة لهم، وتتضمن القافلة في مرحلتها الأولى توزيع عشرة آلاف كتاب، وتنظيم معارض وورش فنية، وعروض مسرحية ومسرح عرائس.

ولفت الدكتور أحمد فؤاد هنو إلى أن وزارة الثقافة أطلقت بالتزامن مع احتفالات وزارة الثقافة بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة، أكثر من 500 فعالية فنية وثقافية، في جميع المحافظات، للاحتفاء بذكرى هذا الانتصار المشرف، تضمنت حفلات غنائية، ومعارض كتب، وندوات توثيقية مع أبطال الحرب، وجلسات فكرية تستعيد بطولات أكتوبر في الذاكرة الوطنية، في مقدمتها الاحتفال بالذكرى الثانية والخمسين لانتصارات السادس من أكتوبر بمشاركة نجوم الغناء العربي بدار الأوبرا المصرية وسط حضورٍ جماهيري كبير، كما تم تخصيص "حائط البطولات" في عددٍ كبير من مواقعها الثقافية، لاسيما عربات المترو والقطار السريع، من أجل عرض مرئي لصور بعض شهداء القوات المسلحة وقادة المعركة الراحلين، ممن سطروا بدمائهم صفحة مشرفة في تاريخ مصر.

كما تطرق التقرير إلى جانبٍ من أعمال اللجنة الاستشارية العليا لمعرض القاهرة الدولي للكتاب في ضوء تكثيف استعداداتها لتنظيم الدورة الـ 57 من المعرض، المقرر انعقادها تحت رعاية السيد عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، خلال الفترة من 21 يناير حتى 3 فبراير 2026، بمركز مصر للمعارض والمؤتمرات الدولية بالتجمع الخامس، وهو الحدث الثقافي الأبرز في المنطقة العربية، والذي يسهم في تعزيز مكانة مصر الثقافية عربياً ودوليًا.

وأشار الوزير إلى جُهود الهيئة العامة لقصور الثقافة في تقديم أنشطة ثقافية وفنية بمستشفى 57357 ضمن نشاط "أوتوبيس الفن الجميل"، في إطار تقديم الدعم النفسي للأطفال بالمستشفى، بالإضافة إلى مواصلة فعاليات المسرح المتنقل بالمحافظات، من محافظة المنيا، في إطار استراتيجية الوزارة للوصول بالخدمات الثقافية والفنية إلى المناطق الأكثر احتياجاً للخدمة الثقافية، كما تم خلال شهر أكتوبر الجاري افتتاح الدورة الثامنة لمعرض دمنهور للكتاب، وكذا افتتاح الدورة الرابعة من معرض الأقصر للكتاب، ذلك بالإضافة إلى الإعلان عن أن الاحتفال بثورة الثلاثين من يونيو القادم سيُقام من واحة الثقافة بمدينة السادس من أكتوبر، التابعة لدار الأوبرا المصرية.

وأوضح وزير الثقافة أن أنشطة قطاعات وزارة الثقافة خلال الفترة الأخيرة تضمنت أيضاً تنظيم الملتقى الثقافي الثالث والعشرين لشباب المُحافظات الحدودية، في إطار مشروع "أهل مصر" الذي يستهدف تعزيز قيم الانتماء لدى أبناء المحافظات الحدودية، واكتشاف ودعم الموهوبين، كما تم افتتاح الدورة الجديدة من مهرجان القاهرة للعرائس وتكريم رواد فن العرائس ومبدعيه تقديراً لجهودهم في تعزيز هذا الفن العريق، إلى جانب إطلاق الهيئة العامة لقصور الثقافة فعاليات الورشة التدريبية "دعم وتمكين أصحاب الهمم"، للعاملين والمتعاملين مع ذوي الهمم بهدف رفع الوعي بقضايا الاحتياجات الخاصة، إلى جانب إعلان المركز القومي لثقافة الطفل التابع للمجلس الأعلى للثقافة، عن الدورة الـ 36 من مسابقة الطفل الموهوب في المجال الأدبي (القصة - المقال - الشعر - المسرح)، وتهدف إلى اكتشاف المواهب الأدبية لدى الأطفال.

ولفت الدكتور أحمد فؤاد هنو إلى أن الفترة الماضية شهدت كذلك الكشف عن أسماء الفائزين في المسابقة الكبرى لشباب المعماريين، بالتعاون مع شعبة العمارة بنقابة المهندسين، وتستهدف دور شباب المعماريين في تطوير مراكز الإبداع وتعزيز دورها الثقافي، كما افتتح الوزير قصر ثقافة حلوان التابع للهيئة العامة لقصور الثقافة، بعد الانتهاء من أعمال تطويره ورفع كفاءته، والذي يخدم عددًا كبيرًا من أهالي المنطقة، كما تم عقد احتفالية فنية كبرى بمناسبة مرور 37 عامًا على افتتاح دار الأوبرا المصرية، شملت إطلالة على كل الفنون الجادة التي تختص بها الأوبرا.

وأوضح الوزير أن الهيئة العامة لقصور الثقافة نفذت عدة أنشطة ضمن فعاليات النسخة الخامسة من دوري المكتبات، تحت عنوان "القيم الإيجابية والجذور الثقافية"، بعددٍ من المواقع الثقافية بمحافظة الغربية، حيث سبق تقديم 4 نسخ من "دوري المكتبات"، الأولى تحت عنوان "التغيرات المناخية والبيئية"، والثانية بعنوان "النيل شريان الحياة"، وجاءت النسخة الثالثة بعنوان "جوهر الهوية والمجتمعات الحدودية"، ثم الرابعة بعنوان "تراث البوادي كنوز بلادي".

اقرأ أيضاًمدبولي يلتقي محافظ البنك المركزي ويتابع مستجدات حصيلة الاحتياطي من النقد الأجنبي

مدبولي: جهود مصر وقطر الحثيثة ساهمت في إنهاء الصراع بغزة

مدبولي: أي تصورٍ بإمكانية المساس بحقوق مصر المائية هو محض وهمٍ لدى أصحابه

مقالات مشابهة

  • “متحف العين” يعرض 1800 قطعة أثرية وتاريخية تمتد من 300 ألف عام حتى اليوم
  • متحف المستقبل يُنظّم “أسبوع مستقبل المدن” 10 نوفمبر
  • «متحف العين» يعرض 1800 قطعة أثرية وتاريخية تمتد من 300 ألف عام حتى اليوم
  • ندوات علمية متخصصة حول الفنون الشعبية بين الذاكرة الثقافية وآفاق المستقبل
  • مهرجان الإسماعيلية .. ندوات علمية متخصصة حول الفنون الشعبية بين الذاكرة الثقافية وآفاق المستقبل
  • هزاع بن زايد يشهد حفل إعادة افتتاح متحف العين بعد عملية الترميم والتطوير
  • هزاع بن زايد: إعادة افتتاح متحف العين تأتي تحقيقاً لرؤية رئيس الدولة
  • ناقشا تعزيز الشراكة الثقافية.. وزير الثقافة يلتقي نظيرته الفرنسية
  • مدبولي: ندعم دور وزارة الثقافة المحوري لتعزيز الهوية الثقافية المصرية