صحيفة الاتحاد:
2025-12-13@08:49:42 GMT

متحف العين.. من ماضينا العريق نستلهم المستقبل

تاريخ النشر: 25th, October 2025 GMT

بقلم: معالي محمد خليفة المبارك

تُعد منطقة العين واحتنا النابضة بالحياة، والتي تمتد حكايتها عبر العصور، مُجسدة بالإنجازات التي ابتكرها الإنسان الإماراتي الذي أبدع في استخدام نظام الري بالأفلاج، لمواجهة ندرة المياه وبث الحياة في الصحراء التي باتت اليوم شاهدة على ازدهار المنطقة عُمرانياً وحضارياً. ولا يزال هذا النظام يُمثل إرثنا المُتناقل بين الأجيال الذي نحميه ونشاركه مع العالم.

 
واليوم، ومن خلال إعادة افتتاح متحف العين، ندعو جميع أفراد المجتمع المحلي والزوار للاحتفاء بإرث ورؤية الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي أسس المتحف عام 1969، أي قبل عامين من قيام اتحاد دولتنا، لإيمانه بأهمية التراث، ودوره المحوري كركيزة أساسية في بناء مستقبلنا. 
يعكس إنجازنا اليوم رؤية قيادتنا الرشيدة بالحفاظ على تراثنا الثقافي بشقيه المادي والمعنوي، وضمان استدامته وإتاحته أمام الجميع محلياً وعالمياً من أجل مشاركتهم ماضينا العريق، وتسليط الضوء على مشهدنا الثقافي المتطور والمتكيف مع المتغيرات العالمية، مُستمداً من أصالة ماضيه هذا المستقبل المزدهر. وعبر صالات عرضه ومُقتنياته، يُتيح متحف العين لزواره فرصة الاطلاع على البنية التحتية التي جعلت الاستقرار ممكناً، والأدوات والحرف التي أسهمت في نهضة المجتمعات، وتلاقي الأفكار وابتكار السلع. كما يوفر لزواره نافذة على حقيقة عالمية مفادها أنّ الحضارات تزدهر عندما تعامِل بيئتها وثقافتها كهبة مشتركة ومُتبادلة تُثري حياة الجميع. 
تحمل مؤسساتنا الثقافية قصصاً عالمية وتبادلاً معرفياً عبر الحدود. تُلهم وتُعلم وتربط تراثنا بالعالم، هكذا يتحول الحفظ إلى مشاركة، عندما يصبح ماضينا قصة حيّة ملموسة يمكن للجميع تجربتها. 
إعادة افتتاح متحف العين تُذكّرنا بتحمل مسؤوليات حيوية عدة. أولاً، الحفاظ على تراثنا. في عصر تتسارع فيه التغيرات وتتصاعد التحديات المناخية، تعلّمنا الأفلاج الاستدامة القائمة على المعرفة المحلية ورعاية المجتمع بروح مسؤولة. ولذلك، فإن حماية المواقع الأثرية، وصون العادات والتراث غير المادي، وتوثيق التراث، تصب جميعها في نفس الاتجاه، وتأتي في إطار المسؤولية الملقاة على عاتقنا جميعاً، وتعبيراً عن التزام مُوحد تجاه ثقافتنا وهويتنا. 
ثانياً، التعليم بشغف. يجب أن يكون التراث متاحاً، وجاذباً، وذا صلة بحياتهم اليومية. لهذا، سنواصل الاستثمار في البحث، والبيانات المفتوحة، وبرامج التعلم، والأدوات التفسيرية التي تدعو كل طالب ومعلم وعائلة للمشاركة والتفاعل. تؤمن أبوظبي بأنّ الثقافة ركيزة أساسية للاقتصاد الإبداعي والتنمية المستدامة في خدمة المجتمع المحلي والعالمي. المتاحف هي فصول دراسية مفتوحة، ومقتنياتها هي مكتبات مُستخلصة من التجارب الإنسانية. 
ثالثاً، عقد المزيد من الشراكات الاستراتيجية. إنّ الشراكات مع المتاحف الرائدة، والجامعات، والجهات العاملة في مجال حفظ التراث، والشبكات الثقافية، هي ما يحافظ على تدفق الأفكار والخبرات. الثقافة لا تتقلص من خلال المشاركة، بل تتضاعف قيمتها وتتسع آفاقها عندما تجد قصصنا المحلية صدى في المحادثات العالمية. 
أخيراً، الإلهام بثقة. لا تُشكل إعادة افتتاح متحف العين محطة تاريخيّة تحتفي بالماضي فقط، بل هي منصة مفتوحة على ما يحمله المستقبل من فرص وأعمال جديدة وإبداعات ثقافية في مختلف المجالات، وانتماء مُستدام أصيل يُعزز ثقافتنا ويُبرز هويتنا. ما يُفرحنا اليوم وفي الغد، عندما يقف طفل في منطقة العين أمام قطعة أثرية مستخرجة من أرضنا ويسأل، «كيف عاش أسلافنا هنا؟»، نأمل أن تلهمه الإجابة لطرح سؤال آخر مليء بالطموح والثقة، «كيف يُمكنني الإسهام في أن نعيش هنا معاً غداً؟». ودوماً ما تُذكرنا الثقافة أنّها ليست مجرد انعكاس للماضي العريق، بل هي إرث إنساني حي ومُستدام. 
لطالما ألهمت أبوظبي العالم بحكايتها عبر العصور وإنجازاتها الكبيرة، وسطرت قيم العطاء والتفاني، بدءاً من أفلاجها وصولاً إلى المنطقة الثقافية في السعديات التي تعد أحد أكبر تجمعات المؤسسات الثقافية في العالم. وبهذا، رسمت أبوظبي مساراً واضح المعالم يستشرف المستقبل، مُتخذة من المعرفة سبيلاً إلى القدرة والإمكانية لتحقيق المستحيل. واليوم، مع إعادة افتتاح متحف العين، يصبح ذلك المسار أكثر وضوحاً. 
دعونا نسير فيه بتواضع وشغف بما ورثناه من أجدادنا، وبثقة مليئة بالإبداع والابتكار بينما نواصل المسيرة، وبكل فخر بما سنشاركه مع العالم، مُستلهمين معاً من إرثنا العريق في مسيرتنا نحو مستقبل أكثر ازدهاراً.

رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي

أخبار ذات صلة «ليالي الشعر» يزيّن مهرجان العين للكتاب 2025 جلسة فلسفية في بحر الثقافة

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: محمد خليفة المبارك أبوظبي الإمارات دائرة الثقافة والسياحة متحف العين العين

إقرأ أيضاً:

آخرها اللوفر وبريستول.. عمليات سطو هزت متاحف العالم لن يناسها التاريخ

أحدثت السرقة التي طالت متحف اللوفر في باريس صدمة واسعة، بعدما تمكن اللصوص من اقتحام واحد من أشهر المتاحف في العالم خلال دقائق معدودة، وفي تطور مشابه، أعلنت شرطة مقاطعة آيفن أند سومرست في بريطانيا عن سرقة أكثر من 600 قطعة أثرية من متحف الإمبراطورية والكومنولث في بريستول، وذلك بعد أكثر من 75 يوما على وقوع الحادثة.

سرقة أكثر من 600 قطعة أثرية

ووفق السلطات، فإن المسروقات تحمل "قيمة ثقافية كبيرة"، وتشمل أوسمة ومجوهرات وتماثيل برونزية ومصنوعات عاجية وفضية، إلى جانب عينات جيولوجية تمثل قرنين من تاريخ الإمبراطورية البريطانية.

قبل واقعة اللوفر.. سرقة 600 قطعة أثرية من متحف بريطانيتحقيق جديد يكشف هروب لصوص متحف اللوفر قبل ٣٠ ثانية من وصول الشرطةغرق متحف اللوفر وتلف 400 كتاب نادر | تفاصيل صادمةإضراب بمتحف اللوفر بعد سرقة أكتوبر وتضرر 400 وثيقة بمكتبة الآثار المصرية

ورغم الصدى الواسع لهاتين الحادثتين، إلا أن العالم شهد سرقات أكبر أثرا وأكثر جرأة على مدى العقود الماضية.

سرقات هزت المتاحف العالمية

 سرقة متحف إيزابيلا ستيوارت غاردنر – بوسطن (1990) ففى فجر 18 مارس 1990، اقتحم لصان متنكران بزي الشرطة متحف إيزابيلا ستيوارت غاردنر، وقيّدا الحراس قبل أن يسرقا 13 عملاً فنياً لرمبرانت وفيرمير وديغا، بقيمة تجاوزت 500 مليون دولار ورغم مرور أكثر من 30 عاماً، لم يُعثر على أي من تلك الأعمال، لتظل أكبر عملية سرقة فنية في التاريخ الحديث.

اختفاء "الموناليزا" اللوفر (1911)

في 21 أغسطس 1911، اختفت أشهر لوحة في العالم من مكانها في اللوفر وبعد عامين من التحقيق، تبين أن السارق هو موظف إيطالي في المتحف، فينتشينزو بيروجيا، بدافع “الغيرة الوطنية” وأعيدت اللوحة لاحقاً، لكن السرقة أسهمت في تعزيز شهرتها الاستثنائية.

الصرخة لإدفارد مونك مرتان في عقد واحد (1994 و2004)

تعرضت لوحة "الصرخة" للسرقة مرتين الأولى خلال أولمبياد 1994 في النرويج، والثانية في 2004 من متحف مونك في أوسلو
ورغم استعادتها بعد سنوات، إلا أن اللوحة عانت أضراراً جسيمة بسبب الرطوبة والتمزيق.

كنوز الخزانة الخضراء دريسدن (2019)

في واحدة من أعنف السرقات، اقتحم لصوص متحف "الخزانة الخضراء" في دريسدن وسرقوا مجوهرات مرصعة بأكثر من 4000 قطعة ألماس تعود للقرن الثامن عشر، بقيمة تقارب مليار يورو
أعيد جزء بسيط منها، بينما بقيت القطع الأثمن مفقودة حتى الآن.

لندن 2023

فى لنادن كشف المتحف البريطاني عن سرقة 2000 قطعة في عملية وصفها بـ"السرقة الداخلية".

روتردام 2012

كما تم سرقة سبع لوحات لبيكاسو ومونيه وماتيس من متحف كونشتهال.

و تجمع هذه السرقات خيطاً مشتركاً أن الفن ليس مجرد قطع جمالية، بل ثروة ثقافية واقتصادية تستقطب عصابات متخصصة.

فاللصوص اليوم باتوا أكثر تنظيماً وجرأة، ففي حادثة اللوفر الأخيرة، أنجز اللصوص عملية معقدة في أقل من 10 دقائق باستخدام أدوات كهربائية.

طباعة شارك متحف اللوفر بريستول متحف الإمبراطورية والكومنولث المتاحف العالمية تماثيل برونزية 600 قطعة أثرية

مقالات مشابهة

  • منطقة العين تُسجّل نمواً كبيراً في عدد زوّارها خلال النصف الأول
  • آخرها اللوفر وبريستول.. عمليات سطو هزت متاحف العالم لن يناسها التاريخ
  • الجوائز الثقافية الوطنية: منظومة تكرّم المبدعين وتوثّق الحراك الثقافي
  • فؤاد هنو يلتقي سفير اليونان: العلاقات الثقافية بين البلدين نموذج مُلهم للتواصل الحضاري
  • التراث العربي: إدراج الكشري في قائمة اليونسكو خطوة مبهجة تعزز الهوية الثقافية المصرية
  • متحف زايد الوطني يستضيف ندوة «اكتشاف التاريخ وصون التراث»
  • ترميم المعالم الإسلامية.. بلدية الفاتح في إسطنبول تحاول استعادة ذاكرتها الثقافية
  • «الثقافة والسياحة - أبوظبي» تُطلق مشروع «المسارات الثقافية في العين»
  • العين يجهز أوراقه الرابحة لمواجهة النصر في كأس مصرف أبوظبي الإسلامي
  • «الثقافة والسياحة» بأبوظبي تُطلق مشروع «المسارات الثقافية في العين»